الكويت: البنى والأزمات الداخلية، والإشكاليات الحدودية، والتحديات المستقبلية

 


المحور الأول: البنى والأزمات الاجتماعية

 

أ-التركيبة الاجتماعية وفق الجنسية (كويتيون وغير كويتيين):

تتشكّل الكويت من عدّة بنى اجتماعية متداخلة ومتفاعلة مع بعضها، فعلى مستوى الجنسية، يمكن تقسيم سكان الكويت إلى فئات ثلاث: الكويتيون، البدون، الوافدون. حيث شكّل مجمل سكان الكويت عام 2016، قرابة 4330308 نسمة، لم تتجاوز نسبة الكويتيين منهم 31%، وبتعداد قارب 1321593 نسمة.

ويبلغ تعداد البدون قرابة 100 ألف نسمة، أي بحدود 2.3% من مجمل السكان، أو بحدود 7.5% من مجمل الكويتيين. وتعتبر قضية البدون إحدى الأزمات العالقة منذ نشأة الدولة، حين حُجِبت الجنسية عن شرائح من القبائل والبدو الرحل، نتيجة عدم وجودهم في الدولة إبّان الإحصاء، أو نتيجة اعتبارات سياسية أخرى. حيث يُحرَم هؤلاء من مجمل الحقوق السياسية التي يتمتع بها المواطن، ومن غالبية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي يتمتع بها المواطن والمقيم على حدّ سواء، رغم أنّ غالبية البدون هم من أبناء القبائل، ولهم أنسباء كويتيون. وفيما نادى عدد من المثقفين الكويتيين إلى منح هذه الفئة المواطَنة الكاملة، لموازنة اختلال التركيبة السكانية في البلاد، وتعزيز سوق العمل المحلي بعمالة وطنية (غير وافدة)، فإنّ الملف ما زال عالقاً، وغالباً لأسباب سياسية تتعلق بالتوازنات القبلية، وخصوصاً أنّ الكويت قد منحت الجنسية لمئات الآلاف، منهم عرب وفرس وغيرهم، ما أثار قضية فساد أخرى في البلاد، فيما حُجِبت الجنسية عن هذه الفئة (البدون).

وقد تطوّرت قضية البدون بصورة طبيعية من جراء تحوّل فئة من الناس ومن القبائل وغيرها، من القادمين إلى الكويت ممن انقطعت صلتهم بالوطن، سواء أكان هذا الوطن في العراق بشكل أساسي أو في السعودية أو في إيران. في الحصيلة برزت قضية البدون بوصفهم فئة لا تحمل أية جنسية، بينما لديها أقرباء من حملة الجنسية الكويتية. ففي عام 1986 توقفت الكويت عن اعتبار البدون جزءً من الإحصاء، الأمر الذي أدّى إلى بداية انتشار التخوّف والتذمّر من الوضع الجديد في صفوفهم. وقد صدرت علاوة على ذلك، إجراءات تمنعهم من حقوق التعليم والعلاج كبقية الكويتيين. إلا أن الضرر الأكبر الذي مسّ هذه الشريحة كان غزو العراق للكويت عام 1990، فمنذ ذلك الوقت، وبخاصة عند التحرير، وبعد خروج عشرات الآلاف من البدون، وضعت الكويت إجراءات مشدّدة عليهم، مؤكِّدة أنّ لديهم جوازات سفر أخرى من دول أخرى، وعليهم أن يخرجوا لتسوية أوضاعهم (1).

ويوصف الكويتيون بأنّهم أكبر الأقليات في الكويت، إذ طالما شكّلت نسبتهم قرابة ثلث السكان، ولم تتجاوزها بشكل ملحوظ إلا في فترات محدودة (خاصّة بعد الغزو ومرحلة التحرير وإعادة الإعمار-تسعينيات القرن العشرين، بسبب عزوف الوافدين عن العمل والإقامة في الكويت).

أي أنّ العلاقة بين نسبة الوافدين والكويتيين، ترتبط بشكل وثيق بالوضع الاقتصادي العام لدولة الكويت، الذي يرتبط بدوره بأسعار النفط في الأسواق الدولية. ففي حين تكون تلك الأسعار مرتفعة وعوائدها المالية كذلك، تشهد الكويت مرحلة نشاط اقتصادي داخلي واسع، يتطلّب عمالة إضافية، تُخفِّض من نسبة الكويتيين، إلا أنّها تبقى عمالة مؤقتة، لا يمكن لها البقاء مدى الحياة (كما في حالات الهجرة والتجنيس)، عدا عن أنّها غالباً لا تندمج بالبيئة الثقافية الكويتية (ما ساعد على المحافظة على الثقافة الكويتية في مجملها). وتحافظ هذه العمالة على خصوصيتها، وإن كانت تؤثر بدورها في الثقافة الكويتية وتتأثر بها.

حيث شهدت الكويت خلال الفترة 2002-2011، معدّل نمو سكاني عام بلغ 5.8%، ففي حين سجّل الكويتيون معدل نمو طبيعي (ولادات) مرتفع بلغ 3.4%، فإنّ المعدل المرتفع للغاية لدى غير الكويتيين والذي بلغ 7.2% هو ناتج عن الزيادة الطبيعية من جهة (الولادات)، والزيادة في استقدام العمالة من جهة ثانية (الطفرة النفطية الثانية).

شكل رقم (1)


إلا أنّ انخفاض نسبة الكويتيين إلى عموم السكان، مع تمتّعهم وحدهم بغالبية الحقوق السياسية والاقتصادية، خلق إشكاليات أخرى بين المواطن والوافد، وإن كانت هي إشكالية عامة في عموم دول الخليج العربي، إلا أنها تبدو الأكثر حدة في الكويت، نتيجة قلق المجتمع الكويتي من الآثار الثقافية التي يخلّفها حجم الوافدين الكبير، والآثار الاقتصادية في السنوات التي تكون فيها أسعار النفط منخفضة، حيث يتمّ تحميل الوافدين سبب تراجع مستوى الرفاه الاجتماعي في الكويت.

كما أدّت هذه الإشكالية إلى بروز خطاب كراهية لدى شرائح من الكويتيين، يغذّيه بعض الشخصيات العامة، في حين يحاول كثير من المثقفين الكويتيين التصدّي لمثل هذه الخطابات، التي تزداد حدّة في فترات انخفاض مستوى الرفاه الاجتماعي كما في الفترة 2015-2017. وهي خطابات تشكّل خطراً داخلياً على الطرفين معاً، حيث تقود في بعض الحالات إلى تحوّل الخطاب إلى فعل كراهية مترافق بحالات عنف.

وقادت هذه الإشكالية إلى عدّة استجوابات للحكومة داخل مجلس الأمة (البرلمان)، وخصوصاً حول العمالة المنزلية. ولعلّ أبرز تداعيتها: الأزمة التي ما تزال تتفاعل –إبان إعداد هذه الدراسة- حول تعليق الفلبين إرسال عمالتها إلى الكويت، بعد اتهامها لمواطنين كويتيين بالاعتداءات الجنسية والقتل وانتهاكات جسيمة لحقوق هذه العمالة والتعذيب أدّت إلى انتحار عدّة حالات، إضافة إلى هدر حقوقها المالية، وصولاً إلى تهديد الرئيس الفلبيني بسحب كامل الجاليات الفلبينية في عموم دول الخليج العربي، وهي حالات تتكرر في غير العمالة الفلبينية.

في حين انتقدت النائبة صفاء الهاشم، مرات عدة، "المزايا" التي يحصل عليها الوافدون في الكويت، مطالبة بفرض قيود عليهم، لناحية الطبابة وقيادة السيارات وفرض قيود وضرائب مالية خاصة بهم.

ولا يمكن إرجاع خطاب الكراهية إلى حالة تراجع مستوى الرفاه في الدولة فقط، حيث يشير تقرير التنمية البشرية لعام 2014، أي قبل أزمة أسعار النفط وتراجع مستوى الرفاه، إلى أن مستوى ثقة الكويتي في الآخر لم تتجاوز 11%، في حين أنّها تجاه مجتمعه المحلي سجلت 72%. وتؤكد إحصائيات هذا التقرير أنّ الإشكال غير مرتبط بالوضع الاقتصادي للكويتيين، حيث أنّه في ذات الفترة سجّل 93% منهم رضاه عن الوظيفة التي يعمل بها، وسجّل 88% منهم رضاه عن مستوى معيشته الشخصية. ويبدو من المؤشرات أنّ الإشكال يعود إلى أسباب أخرى تتعلّق بأداء السلطة، حيث انخفض رضا المواطنين الكويتيين عن نوعية التعليم إلى 65%، وعن الرعاية الصحية إلى 62%. وهي مرتبطة بأداء المؤسّسات التعليمية والصحية وتطويرها، أكثر منه ارتباطاً بالضغط الذي يقع عليها نتيجة ارتفاع عدد الوافدين. وعموماً لم يُسجِّل الكويتيون على دليل الرضا العام عن الحياة سوى 6.2 نقطة من أصل 10 نقاط (عام 2014)، مع التنويه أنّ ذلك كان قبل التراجع الحاد في أسعار النفط.

وتضمّ الكويت جاليات واسعة من الوافدين، تأتي بشكل أساسي من دول جنوب شرق آسيا ومن بعض الدول العربية، أما الجنسيات الأخرى فهي صغيرة للغاية. وتشكل العمالة الكويتية خمس مجمل العمالة في البلاد، وثالث قوى عاملة فيها.

شكل رقم (2) 


شكل رقم (3)


شكل رقم (4)

المشتغلون في الكويت حسب المهنة والجنسية-2016


ورصدت صحيفة الوطن الكويتية جملة مت الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع نسبة غير الكويتيين، من أبرزها (2):

-      ظهور بعض الممارسات الغريبة على المجتمع الكويتي المحافظ وتأثيرها السلبي في النشء، لاسيما بين المختلطين منهم بفئة خدم المنازل (وأغلبهم من الآسيويين).

-      دخول الكثير من المصطلحات الغريبة على اللغة العربية، واختلاف أسلوب التخاطب بين الكويتيين عمّا كان عليه، متأثراً بالعديد من المفردات اللغوية ذات المصادر الهندية والفارسية والإنجليزية.

-      تعارض الاعتقادات والتقاليد واختلاطها وخلخلة منظومة القيم الكويتية العربية الأصيلة.

-      ارتفاع معدلات للبطالة بين الكويتيين، بسبب تفضيل القطاع الخاص للعمالة الأجنبية لرخصها ووفرة إنتاجيتها نسبياً وسهولة التعامل معها.

-      ظهور بعض الجرائم الدخيلة على المجتمع الكويتي بسبب كثرة العمالة الهامشية مثل: جرائم سرقات البنية التحتية للبلاد، وجرائم الخطف والاغتصاب، وصناعة الخمور، ومروجي المخدرات، وشقق الدعارة، وجرائم التزوير في المعاملات المالية ورخص القيادية وغيرها.

-      تأثرت الكويت سلباً في المحافل الدولية المهتمة بحقوق الانسان بسبب ملف تجار الإقامات ونظام الكفيل، والذي ترتب عليهما وجود الأعداد الهائلة للعمالة الهامشية السائبة في شوارع الكويت.

ويوضّح الباحث الكويتي محمد العوضي، أنّ موضوع الخلل في التركيبة السكانية، موضوع قديم جديد، فرض نفسه سياسياً من جديد بعد التصريحات التي أدّلى بها بعض النواب، والتي وصفت بعضها العمالة الوافدة بالعمالة "المحتَلَّة أو المستوطِنَة". وأشار الباحث إلى نشرة المسح الميداني لعام 2015 الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، التي بيّنت أنّ متوسط الأجور الشهرية للعمالة الكويتية في أقسام المهن المختلفة في القطاعين العام والخاص بلغ 1269 ديناراً، مقابل 201 دينار فقط للعمالة الوافدة. وبالتالي سيكون أثر ترحيل الكثيرين منهم مكلفاً، إذ سيرفع تكاليف تلك العمالة، خاصة تلك العاملة في المهن الحرفية والفنية، وذلك للطلب العالي المستمر عليها.

 

ب-التركيبة الاجتماعية وفق الدين/المذهب:

تشهد الكويت تنوّعاً آخر في بنيتها الاجتماعية يقوم على قاعدة الدين/المذهب، وذلك وفق التقسيمات التالية:

-      السنة: وهم غالبية السكان في الكويت، وتتراوح نسبتهم بين 65-83%، وفق الإحصائيات المتباينة، ويتجلّى حضورهم وفق المذاهب السنية الأربعة، على أنّ المذهب المالكي يبقى المذهب الرسمي للدولة، والأكثر انتشاراً.

-      الشيعة: تتباين كذلك نسب الشيعة في الكويت، إذ يذهب الباحث الكويتي خالد الشطي إلى أنّ نسبتهم تبلغ 35% من سكان البلاد، وربّما يضم إليها أعداد كبيرة من المقيمين، إذ إنّ الإحصائية الرسمية الكويتية لعام 2009، قدّرت أنّ نسبة الشيعة من الكويتيين لا تتجاوز 16.4%. فيما ذهب تقرير الحريات الدينية لوزارة الخارجية الأمريكية لعام 2006، إلى أنّ هذه النسبة تصل إلى حدود 30% من مجمل السكان، وحرية تعبدهم مصانة، وربما شمل التقرير كذلك الوافدين منهم.

-      المسيحيون: وهم أعداد قليلة للغاية، بضعة مئات 200-300 شخص، ونقصد المسيحيين من حملة الجنسية الكويتية، وحرية تعبدهم مصانة.

-      ديانات المقيمين/غير الكويتيين: تتنوّع ديانات العمالة المقيمة/الوافدة إلى الكويت، إلا أنه يطغى على معظمها الإسلام بكافة مذاهبه وطوائفه. ومن أبرز الديانات الأخرى للمقيمين/الوافدين: المسيحية والبوذية والهندوسية، وحرية تعبدهم مصانة.

وتبقى الإشكالية المذهبية في الكويت (سنة/شيعة) إحدى أبرز الإشكاليات في البنية المجتمعية الكويتية، وما ترتب عليها من إشكالية سياسية، وتعود بجذورها إلى قيام الثورة الخمينية وتحريض فئات من الجماعات الشيعية في العالم العربي ضدّ حكوماتها، بغية تهديم الأنظمة السياسية العربية وإعادة بنائها وفق النمط الخميني، ولم تخرج الكويت عن هذه القاعدة، إذ عمدت بعض الأطراف الشيعية في الكويت إلى إعلاء الولاء الديني/المذهبي على حساب الولاء الوطني الكويتي، سواءً أكانت هذه الشرائح ذات أصل كويتي شيعي، أم فارسيّة (إيرانية) مجنّسة، أم فارسية (إيرانية) وافدة تحمل الإقامة الكويتية.

إذ بدأت الهجرة الفارسية إلى الكويت منذ القرن الثامن عشر، ومع ظهور النفط وارتفاع مستوى الدخل في الكويت نشطت حركة الملاحة البحرية في سبعينيات القرن الماضي بين البلدَين، وانتقل كثير من العائلات الإيرانيّة إلى الكويت التي استقرّوا بها، واستطاعوا العمل بالتجارة وزيادة التبادل الاقتصاديّ والتجاريّ بين البلدَين.

ويعتبر الشيعة جزءً أساسياً من المجتمع الكويتيّ، وعُزّز حضورهم بفاعلية كبيرة وحضور قويّ جعل لهم ثقلًا ومشاركة في التركيبة السكانيّة الكويتيّة، أو ما يسمى بالمواطنة الفعّالة. ويمثل الثقل الاقتصاديّ للشيعة في الكويت أكثر من 50% من الاقتصاد الكويتيّ، وأبرز المجموعات الاقتصاديّة هي مجموعة "فدك"، وهي برأسمال يبلغ 35 مليون دينار (3). فيما أفسحت الكويت المجال للشيعة لتولّي أعلى المناصب السياسيّة والعسكريّة، بناء على الكفاءة وحدها دون موازين مذهبية، وأصبحوا سفراء ووزراء، كما أنهم ممثَّلون في كل المجالس النيابيّة والتشريعيّة. كما ينعمون بحُرّية العقيدة، فلديهم المحاكم الخاصّة بهم، بالإضافة إلى حُرّية كبيرة في نشر المطبوعات الخاصّة بالمذهب الشيعيّ، وبناء المساجد والحسينيات، وتحويل أموال الخمس بسلاسة ويسر إلى المراجع الدينية في قم والنجف (4).

وفيما يتعلق بتوزيع السكان، كان الشيعة يميلون إلى السكن في مناطق وأحياء خاصّة بهم، مثل الشرق، وبنيد القار، أما بعد ظهور النفط وبعد حركة الاستملاكات التي قامت بها الحكومة والناتجة عن العوائد النفطيّة الكبيرة، انتقلت أغلبيّة الشيعة إلى مناطق جديدة مثل: القادسيّة، والمنصوريّة، والدعيّة، والدسمة، والرميثيّة، والسالميّة، وحولي، والجابريّة. وقد تجاوز عدد المساجد الشيعيّة 28 مسجداً وأكثر من 60 حسينية (5).

ويمثل الإيرانيّون نسبة مُهِمّة من هؤلاء الشيعة، إذ يزور الكويت أكثر من 200 ألف زائر إيراني سنوياً، بينما يوجد عديد من العائلات الشيعية من أصول إيرانية في الكويت وعددها يقارب 50 ألفاً. كما تشكل السياحة، وبالأخصّ الدينية، بين البلدَين عاملاً مُهِماً، إذ يتجه كثر من الكويتيين سنوياً لزيارات المقامات المقدسة في إيران، وقد أدّى المكوّن الشيعيّ الكويتيّ دوراً تقريبياً بين البلدَين في مناسبات عدة. ولكنه في المقابل يثير المخاوف من كونه بيئة خصبة يمكن لإيران استغلالها كورقة ضغط إذا ما احتاجت إليها في عَلاقتها بالكويت، لا سيّما أن رجال دين شيعة وشخصيات شيعية في الكويت خرجوا مراراً للدفاع عن مواقف إيران وقياداتها (6).

 

ج-أزمة ملفّ الجنسية الكويتية:

منذ عدّة أعوام، تُحقّق السلطات الكويتية فيما يقارب 400 ألف حالة تجنيس، أدّت إلى سحب عدد من الجنسيات لأسباب تتعلّق بالحصول عليها بطرق غير قانونية، عبر مزوِّرين يتمتّعون بمناصب عليا في أجهزة أمنية. وقد تمّ تبرئة هؤلاء نتيجة مضي المدة وسقوط الدعوى بالتقادم. أمّا الشق الآخر منها فيتعلق بإسقاط الجنسية نتيجة المعارضة السياسية أو ما تسميه الحكومة "نشاطات معادية للأمن الكويتي".

وترفض الحكومة تعديل قانون الجنسية (مشروع القانون الجديد)، إلى جانبها أغلبية برلمانية على رأسها رئيس المجلس مرزوق الغانم. على اعتبار أنّ التعديل يحمي المزوِّرين ومزدوجي الجنسية ويساعدهم في حماية جنسياتهم وعدم سحبها مستقبلاً، وهو ما أدّى إلى استجواب 3 نواب لرئيس الوزراء (إبريل 2017). وقدّمت الحكومة السابقة بالمحصلة تسوية تتضمّن تمكين القضاء من النظر في أعمال السحب فقط دون غيرها (الترافع والتظلّم فقط).

وتتعدّد الأطراف المناهضة لمشروع قانون التجنيس الجديد، وخصوصاً بعض القوى القبلية، التي ترى أنّ القانون يستهدفها، رغم أنّ بعض نوّاب القبائل قد صوتوا لصالح المشروع الجديد. فيما يرفض الشيعة تحديداً، التصويت لصالح قانون الجنسية، لسببين معاً:

-      الأول يندرج ضمن محاولة الشيعة الحصول على مكسب مقابل، أو عملية التنازلات المتوازنة بين الحكومة ومجلس الأمة، وتحديداً إدراج دور العبادة وقانون الإبعاد الإداري ضمن القوانين التي يسمح للمحكمة الإدارية النظر فيها، وهو ما رفضته الحكومة.

-      أما الثاني فهو شخصي، يتعلّق بتخوف بعض النوّاب الشيعة من سحب جنسية عبد الحميد دشتي الموالي لإيران والمعادي لدول خليجية.

 

 

المحور الثاني: البنى والأزمات السياسية

أ-تأسيس الدولة (آل الصباح):

يرجع تاريخ الكويت الحديث إلى أكثر من 400 عام، حينما استوطنها آل الصباح والعتوب عام 1613، في حين تذكر مصادر أخرى أن العتوب قدموا للكويت عام 1716، بعد أن كانت تتبع حكم بني خالد. وفي القرن السادس عشر تأسست المدينة، وكان غالب سكانها منذ تأسيسها يمتهنون الغوص وصيد اللؤلؤ والتجارة البحرية بين الهند وشبه الجزيرة العربية، الأمر الذي ساعد في تحويل الكويت إلى مركز تجاري في شمال الخليج العربي وميناءٍ رئيسٍ لكل من شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين، وقد بلغت مهنة الغوص ذروتها زمن حكم مبارك الصباح إذ بلغت السفن بالكويت قرابة الثمانمائة سفينة. وبعد اكتشاف النفط وبدء تصديره في منتصف القرن العشرين، شهدت مدينة الكويت وقراها نهضة عمرانية واسعة فكان ذلك نقطة تحول في تاريخ الكويت، حيث هُدِم سور مدينة الكويت واستوطن البدو الرحّل، وتغير نمط البناء والحياة بشكل عام.

وعلى الرغم من أن الكويت حكمها 15 شيخاً منذ عام 1716، اتفق سكان الكويت آنذاك على أن يتولى صباح الأول الرئاسة وشؤون الحكم. إلا أنّ الشيخ مبارك الصباح (1896-1915) يُعتبر المؤسس الحقيقي والفعلي للدولة المعاصرة. وقد نصّ الدستور الكويتي في مادته الرابعة على أنّ جميع حكّام الكويت من بعده هم من ذريته بأبنائه وأبناء أبنائه. وخضعت الكويت للحماية البريطانية طيلة الفترة 1899-1961، وتمتعت باستقلالها حتى الغزو العراقي لها، الذي استمر طيلة الفترة 2/8/1990 وحتى 25/2/1991.

وبدأت معالم وشكل الحكم الوراثي في الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) (1896-1915)، إذ انتقل من الحكم العثماني إلى التبعية البريطانية. وظهر التنافس والصراع بين فرعي آل المبارك الصباح، وهما: الشيخ جابر (1915-1917)، والشيخ سالم (1917-1921). ثم انتقل من بعدهما إلى الشيخ أحمد الجابر (1921-1950)، في نزاع استمر لمدة ثلاثة عقود من تكوين الكويت المعاصر بين أسرتي آل الجابر وآل السالم الصباح، إلى أن وصل الحكم إلى الشيخ صباح السالم (1965-1977)، ثم انتقل من بعده إلى الشيخ جابر الأحمد الجابر (1978-2006)، بعد أن عاد إلى آل الجابر ثانية، وتم استبعاد ولي العهد سعد السالم الصباح (2006)، الذي كان مريضاً بالأساس لسنوات. وبالتالي تعزز مكانة آل الجابر بالحكم بعدها، مع مجيء ما يوصف "الرجل القوي" في أسر آل الجابر الصباح، وهو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (7). وبالنتيجة فقد حكم الكويت منذ عام 1950 حتى اليوم، كل من:

-      الشيخ عبد الله الثالث السالم الصباح: 1950-1965.

-      الشيخ صباح الثالث السالم الصباح: 1965-1977.

-      الشيخ جابر الثالث الأحمد الصباح: 1977-2006.

-      الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح: 15/1/2006-24/1/2006.

-      الشيخ صباح الرابع الأحمد الصباح: 2006- حتى تاريخه.

ومع وفاة الأمير جابر عام 2006، تمكّن الشيخ صباح الأحمد من بناء تحالف رابح ضمّ أفراداً من العائلة الحاكمة، فضلاً عن دعم المشرّعين خلال توليه منصب رئيس الوزراء، من أجل عزل الأمير سعد الذي لم يكن مؤهلاً طبياً لتولي منصب الأمير، في حيت قاوم الأمير سالم العلي الصباح (كبير سلالة سالم، وكبير عائلة الصباح، ورئيس الحرس الوطني) التغيير في السلطة، حيث توقّع الشيخ سالم أن يكون التغيير في السلطة لصالح آل جابر، وأفيد أنه اقترح ترتيباً ثلاثي الأطراف للحكم يكون هو واحد منها (8).

شكل رقم (5)


 

ب-مستقبل الخلافة في الحكم:

سرعان ما عيّن الأمير صباح الأحمد شقيقه نواف الأحمد وريثاً وابن أخيه ناصر المحمد الأحمد رئيساً للوزراء، واستكمل بذلك تهميش سلالة سالم. ويعني ضعف سلالة سالم أنّ المنافسة الحقيقية على الحكم قد انتقلت إلى الجيل الثاني من سلالة آل جابر (أبناء الشيخ صباح وأبناء إخوته). وشهدت الفترة 2006-2017 منافسة علنية بين اثنين من أبناء إخوة الشيخ صباح، هما: رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد، وأحمد الفهد الصباح. وأقعت هذه المنافسة في شراكها معظم مراكز القوى الكبرى في الحياة العامة والسياسية الكويتية: البرلمان ووسائل الإعلام والدواوين وحتى الألعاب الرياضية الدولية، حيث استخدم عُضْوَا العائلة كافة الموارد المتاحة لإضعاف الآخر (9).

وتطلّع الشيخ ناصر المحمد إلى منصب ولي العهد، في حالة تولي نواف الأحمد (ولي العهد) الحكم، لكنه واجه منافسة قوية من الشيخ مشعل الأحمد، نائب رئيس الحرس الوطني الذي يكبره سناً ومكانة ونفوذاً. وحاول الشيخ ناصر المحمد كسب الولاء في البرلمان والشارع الكويتي، بينما يتمتع الشيخ مشعل الأحمد بالقبول القبائلي، وتأييد العناصر المناوئة للشيخ ناصر، التي تعارض سياساته، خاصة ما يتعلّق برفضه مسألة تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين مجاملة لإيران، وبالتالي التشكيك في "ولائه" لمصالح الخليجيين، فضلا ًعن اعتقال معارضين سياسيين كويتيين في عهده، وتعثّر المشروعات التنموية في الكويت الأمر الذي انعكس على مستويات معيشة المواطنين. فيما تتمتّع كتلة الشيخ أحمد الفهد وزير الدولة لشؤون الإسكان وشؤون التنمية بنفوذ قوي في البرلمان، وميزة صغر سنه وشبابه، وتحالفه مع قبيلة العوازم. محاولاً تنويع تحالفاته والتقارب مع الخليجيين، ويصفه البعض بأنه ممن يجيدون المناورات السياسية بامتياز (10).

وطُرِح عام 2016، سيناريو على أن يكون شبيهاً بما حصل في السعودية خلال الفترة 2015-2017، من خلال تولي ولي عهد ثانٍ ومن فرع غير فرع آل الجابر، وتحديداً فرع الحمد المبارك الذي لم يسبق له تولي الإمارة كإخوته الآخرين من فرعي جابر وسالم. وفي ديسمبر 2013 بُثّ شريط يحتوي على معلومات تدين بعض الأشخاص بالتآمر لقلب نظام الحكم في الكويت، والطعن في حقوق وسلطات أميرها الشيخ صباح الأحمد، سُمِّي بـ "شريط مؤامرة الفتنة". قدّمه الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد لأمير الكويت، ويكشف عن تنامي حدة الصراع على خلافة أمير الكويت، حتى ولو تطلب الأمر مغامرة خطيرة مثل الانقلاب عليه. كما سبقه تسجيل صوتي نشر في بداية أبريل 2013 ونسب لرئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ولرئيس الوزراء السابق ناصر المحمد، تحدثا فيه عن “وجود شريط صوتي لدى الشيخ أحمد الفهد، سيتقدّم به إلى أمير الكويت، تتحدث فيه "شخصيات كويتية بارزة، عن مؤامرة لزعزعة الاستقرار وإحداث تغييرات في نظام الحكم". غير أن الشيخ أحمد الفهد الصباح بادر للاعتذار بشريط مصور بثه تلفزيون الكويت: "على ما بدر منه من بث معلومات خاطئة ومغلوطة" (11).

وهنا في حال التماشي مع هذا السيناريو –ولو مرحلياً- فإنّ الأسماء التي يمكن أن تطرح، هي التي ضمتها الحكومة الأخيرة منذ ديسمبر 2017، مع تشكّل الحكومة الخامسة والثلاثين، ومن أبرزهم:

الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح: رئيس الحكومة منذ عام 2011، ولأربع حكومات متتالية، لكن حظوظه في الوصول إلى منصب الإمارة يبقى ضعيفاً، خصوصاً أنه من خارج التنافس العائلي بين فرعي سالم وجابر من جهة، عدا عن أنّ التنافس حالياً قائم ضمن سلالة جابر فقط، عدا عن أنه كبير في العمر وربّما يقلل ذلك من حظوظه أيضاً (من مواليد 1942/76 سنة).

الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، يتولى منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، عيّن عام 1998 رئيساً لجهاز الأمن الوطني بدرجة وزير، ووزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل في يوليو 2006 ومارس 2007، ووزيراً للإعلام في مايو 2008 ويناير 2009، ونائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية في يناير 2014، وأعيد في ديسمبر 2016 توليه الحقيبة الوزارية نفسها. وينطبق عليه ذات المعايير العائلية السابقة (من سلالة الحمد)، التي تجعل من حظوظه أدنى من سابقه. ورغم أنّه أصغر من سابقه إلا أنه تجاوز الخامسة والستين كذلك (من مواليد 1953).

وهناك أسماء أخرى من العائلة ضمن الحكومة إلا أنّ حظوظها أقل من ذلك بكثير، وعلى رأسها، الشيخ خالد الجراح الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. والشيخ باسل حمود الحمد الصباح وزير الصحة.

وترى مصادر سياسية كويتية أنّ التطورات التي طرأت على صحة أمير البلاد ووليّ العهد، تطرح تساؤلات كثيرة في شأن اسم الشخصية التي ستدير البلاد في المستقبل القريب، وذلك في ظل التجاذبات التي تشهدها العائلة الحاكمة من جهة، ووجود جهات خارجية تسعى إلى إعادة جناح آل الفهد إلى الواجهة من جهة ثانية.

فمنذ ديسمبر 2017، عاد الحديث بقوة عن خلافة الشيخ صباح، وحيث تبقى حظوظ شقيقه الشيخ مشعل محدودة نتيجة العمر وسوء الحالة الصحية، فإن حظوظ الشيخ ناصر المحمّد رئيس الوزراء السابق يبدو أنها باتت أقل مما كانت عليه سابقاً، وخصوصاً مع سعيه باستمرار على التأكيد بأنّه ليس "إيرانيّ الهوى"، ومحاولته التردد الدائم على الرياض مؤخراً لنفي ما أشيع عنه.

فيما أبدت بعض المصادر السياسية تخوّفها من تدخلات قطرية تصبّ في دعم الشيخ أحمد الفهد، نجل فهد الأحمد، وهو الشخص الوحيد في العائلة الذي قاوم القوات العراقية لدى دخولها الكويت عام 1990 وقتل في حينه. ويعتبر أبناء فهد الأحمد أنّ ظلماً لحق بهم، وأنّ استشهاد والدهم يوفّر لهم شرعية تسمح لهم بالمطالبة بأعلى المناصب في الدولة. وكشفت أنّ أحمد الفهد زار الدوحة قبل فترة وجيزة سرّاً في طائرة خاصة (وهو سبب الأزمة التي أطلقها الوزير السعودي تركي آل الشيخ الذي كشف هذه الزيارة) (12).

لكن يبدو مؤخراً وفق مواقع التواصل الاجتماعي الكويتية، ووفق الاهتمامات العامة التي بدأت تبرز للإعلام الكويتي والعربي، فإن حظوظ الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح باتت الأكثر استقراراً ووضوحاً في الفترة الحالية.

 

حيث تولى الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، في الحكومة الحالية (منذ ديسمبر 2017)، وزارة الدفاع للمرة الأولى، وهو الابن البكر (ويقال الثاني، حيث أن ابنه البكر مات منذ زمن) لأمير الكويت، إلى جانب منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وهو من مواليد 1948. تقلد مناصب عدة، منها: مستشار خاص لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، ووزير لشؤون الديوان الأميري. ونشط في مجالي التجارة والاستثمار، وأسس شركتي "الفتوح القابضة" و"مشاريع الكويت القابضة". إلى جانب اهتمامه بالثقافة والآثار الإسلامية، وعضو فخري في مجلس أمناء متحف متروبوليتان- نيويورك، ومؤسس وعضو جمعية حماية المال العام الكويتية.

عدا عن أنّه صاحب مشروع تحديث الكويت الضخم (كويت 2035)، أي ما يجعله في مكانة شبيهة بمكانة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (بغض النظر عن فارق العمر).

غير أنّه لم يسبق في التاريخ الحديث للكويت، أقلّه منذ الاستقلال، انتقال موقع الأمير من الأب إلى ابنه. لكن شخصيات كثيرة في العائلة تدعم الشيخ ناصر وذلك ليس بسبب كفاءاته فحسب، بل بسبب سنّه الصغيرة نسبياً، مقارنة بغالبية الأسماء المطروحة الأخرى.

ومما يزيد من فرص الشيخ ناصر، قربه الواضح من السعودية، حيث هنأه بالمنصب مباشرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فيما بادر الشيخ ناصر بعد أيام قليلة من تسلمه منصبه، إلى التوجّه نحو السعودية في أوّل زيارة له خارج الكويت كوزير للدفاع ونائب أول لرئيس الحكومة الكويتية، وجرى استقباله من قبل الملك سلمان.

 

ب-نظام الحكم:

يقوم نظام الحكم في الكويت على أساس وراثي دستوري مقيد داخل أسرة آل الصباح، التي يختار أعضاؤها الأمير وولي العهد، ويختار الأمير رئيس الوزراء الذي يختار بدوره الوزراء بعد موافقة الأمير. ويمثل الأخير صفة رئيس الدولة وصاحب السلطتين التنفيذية والتشريعية. فالأمير هو صانع القرار النهائي، ويعتمد على الشريعة الإسلامية إلى جانب القوانين الوضعية، مع اعتماد التقاليد والأعراف القبلية في الحكم والإدارة للدولة.

ويصف مايكل هادسون نظام الحكم في الكويت بأنه "نظام قبلي تقليدي مهذب". فيما اتبعت الأسرة الحاكمة سياسة تربط بين المشروع الوطني-الليبرالي في دعم التجربة البرلمانية وديمومتها، وبين النمط العلماني، والسلطة الأبوية، وهي ظاهرة مختلفة على الصعيد الخليجي في مواجهة المتغيرات العربية أثناء المد القومي والليبرالي منذ الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين وما بعدها (13).

وينص الدستور الكويتي على أنَّ النظام يقوم على مبدأ فصل السلطات، كما في المادة (50): "يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأية سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور". ولكن هذه المادة تُنقَض في المواد الثلاث التي تليها مباشرة، حيث تنص المادة (51) على أنَّ: "السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور". كما تنص المادة (52) على أنَّ: "السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور". والمادة (53) تنص على: " السلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير، في حدود الدستور". ومن الواضح أنَّ كلاً من المواد السالفة الذكر تربط بين الأمير وبين كل السلطات في الدولة، فلا يوجد سلطة مستقلة عن الأمير وبذلك يلغي هذا الدستور مبدأ فصل السلطات. ومن ضمن صلاحيات الأمير:

-      تعيين ولي العهد بناء على تزكيته ومبايعة أغلبية أعضاء مجلس الأمة.

-      رئيس السلطات الثلاث والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

-      حلّ مجلس الأمة.

-      تعيين رئيس الوزراء وإعفاؤه من منصبه، كذلك الوزراء.

-      المصادقة على الأحكام القضائية.

-      العفو من الأحكام.

-      التوقيع على قوانين مجلس الأمة حتى تصبح نافذة.

 

ج-هيكلية الحكومة:

-      مجلس الوزراء: يتم تعيين رئيس الوزراء من قبل الأمير، ويتم تعيين الوزراء من قبل الأمير بناء على ترشيح رئيس الوزراء، دون أن يرتبط ذلك بطبيعة التشكيلة البرلمانية، ويكون الوزراء من أعضاء مجلس الأمة وغيرهم، على ألا يزيد عددهم جميعاً عن ثلث أعضاء مجلس الأمة.

-      مجلس الأمة: لا يصدر قانون إلا إذا أقرّه مجلس الأمة وصادق عليه الأمير، ويتألف المجلس من خمسين عضواً منتخباً، بالإضافة إلى الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة بحكم وظائفهم. وهناك تأزم سياسي في الدولة بين البرلمان والحكومة أدى إلى حل البرلمان من قبل الأمير، في الأعوام: 2006، 2008، 2009، 2012.

وقد قلصت الحكومة عدد الدوائر الانتخابية من 25 دائرة إلى 5 دوائر بهدف تقليل تأثير الولاءات الفرعية القبلية والمذهبية في نتائج المشهد الانتخابي، ويتكون مجلس الأمة بالأساس من 50 عضواً في 5 دوائر انتخابية، أي انتخاب 10 نواب عن كل دائرة بالاقتراع العام السري المباشر، ولكل ناخب الحق بالتصويت لأربعة مرشحين، وظل هذا الأمر معمولاً به إلى عام 2012، حين أصبح حق التصويت يقتصر على صوت واحد لكل مواطن. أما الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة، فهم أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم ولا يزيد عددهم على ثلث أعضاء المجلس. إلى جانب ذلك، تنتشر في الكويت ظاهر إقامة القبائل انتخابات فرعية قبل موعد الانتخابات البرلمانية، بهدف التعرف إلى طبيعة أصوات الناخبين، ومحاولة حسم خياراتهم وعدم تشتيت أصواتهم من التابعين لها قبل خوض الانتخابات النهائية (14).

-      القضاء، وينقسم إلى:

o     محاكم عادية: محاكم الدرجة الأولى، محكمة الاستئناف العليا، محكمة التمييز.

o     محاكم خاصة: محكمة الوزراء، المحكمة الدستورية، المحاكم العسكرية، المحاكم العرفية.

 

د-الأحزاب/الجمعيات السياسية:

لا يوجد قانون ينظم ويسمح بإشهار الأحزاب السياسية في الكويت، وعوضاً عن ذلك تتّخذ الأحزاب عدّة مسمّيات منها تكتلات وتجمعات. حيث أنّ الدستور الكويتي لا يلزم بحرية إنشاء الأحزاب ولا يحظرها، فالمادة 43 من الدستور الكويتي والتي تنص على: "حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة". وتنصّ المذكرة التفسيرية لهذه المادة على أنّ: "حرية تكوين الجمعيات والنقابات دون النص على الهيئات التي تشمل في مدلولها العام بصفة خاصة الأحزاب السياسية؛ وذلك حتى لا يتضمن النص الدستوري الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب". وتتشكّل أبرز هذه الكتل السياسية في الكويت، من:

-      التجمع السلفي الإسلامي: سني سلفي.

-      الكتلة الإسلامية (مجلس/حزب الأمة): سني سلفي.

-      الحركة الدستورية الإسلامية (حدس): الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت.

-      الائتلاف الإسلامي الوطني: شيعي.

-      التحالف الإسلامي الوطني: شيعي.

-      تجمع العدالة والسلام: شيعي.

-      حركة التوافق الوطني الإسلامي: شيعي.

-      المنبر الديمقراطي الكويتي: قوميون عرب وتيار وطني ليبرالي.

-      التحالف/التجمع الوطني الديمقراطي: كتلة سياسية ليبرالية.

-      التجمع الوطني الليبرالي.

-      كتلة العمل الشعبي: كتلة نيابية.

-      حزب المحافظين المدني: حزب مدني مستقل.

-      حركة كرامة: حركة شبابية.

-      تجمع الميثاق الوطني.

-      الحركة الدستورية الشعبية.

-      تجمع الرسالة الإنسانية الوطني.

-      ائتلاف التجمعات الوطنية.

-      تكتلات برلمانية: وهي تكتلات موسمية مرتبطة بمواسم الانتخابات، تتألف من عدة أشخاص غالباً.

ويرى الباحث محمد الفيلي، أنّ التنظيمات السياسية القائمة في الكويت لا تعكس وجوداً مؤثراً لها في البرلمان، فإذا أخذنا تنظيم الإخوان المسلمين كمثال فإننا نلاحظ بأنه الأكثر امتلاكاً للأجهزة الحركية، كما أنه يعيش حالة من مباركة الحكم لنشاطه أو على الأقل عدم اتخاذ إجراءات تعويقية لنشاطه، ومع ذلك فإنّ وزنه العددي داخل البرلمان لا يعكس حجم نشاطه المعلن ويمكن قياس الأمر السابق على بقية القوى السياسية، بل إنّ بعض المرشحين يفضل أن لا يذكر صراحة انتماءه السياسي؛ لأنه يعتقد أن الناخب لا يفضل التصويت على أساس سياسي. ويعتقد أن الممارسة القائمة في اختيار رئيس مجلس الوزراء من الأسرة الحاكمة وتحديداً من ذرية مبارك الصباح تضعف تجاه الناخبين لاختيار أعضاء البرلمان على أساس الهوية السياسية المرتبطة ببرنامج سياسي محدد، ذلك أنّ السلوك العام للناخبين يضع المؤسسة البرلمانية في إطار "قضاء المصالح"، واختيار رئيس مجلس الوزراء خارج إطار البرنامج الانتخابي يقود الناخبين بعيداً عن الاختيار وفق قواعد النظام البرلماني (15).

 

ه-المؤشرات السياسية وأداء السلطة:

حافظت الكويت على مستوى الحرية فيها (حرّة جزئياً) طيلة الفترة 1998-2018، وفق مؤشرات دار الحرية Freedom House، وبقيمة مؤشّر تقريباً (5)، وهي قيمة مقاربة للغاية مع قيمة مؤشر الحقوق السياسة والحريات الصحفية. وتعتبر من القيم العليا في عموم العالم العربي، حيث تعتبر الكويت أحد أكثر النماذج العربية حرية.

شكل رقم (6)



ورغم القيمة المرتفعة نسبياً للحرية والحقوق السياسية، إلا أن الكويت تشهد قيماً مرتفعة على مؤشر إدراك الفساد (الصادر عن مؤسسة الشفافية الدولية Transparency International)، ورغم التحسن المحدود الذي شهدته عام 2015، إلا أنها عادت لتتراجع بشدة عام 2016. محتلة الترتيب الخامس والسبعين عالمياً، والأخيرة خليجياً.

شكل رقم (7)

مؤشر إدراك الفساد في الكويت 2012-2016


وباستثناء مؤشر دولة الإمارات الذي يضعها في المرتبة الرابعة والعشرين عالمياً بين الأقل فساداً، فإن قيمة المؤشر الكويتي متقاربة مع عموم المؤشرات الخليجية، وإن كانت الأدنى بينها.

شكل رقم (8)

مؤشر إدراك الفساد في دول الخليج العربي 2016 


ولم يمنع مستوى الفساد المرتفع (نسبياً) في الكويت، من تحقيق الكويت قيماً متقدماً في مؤشر الاستقرار (صندوق السلام The Fund for Peace)، حيث سجلت القيمة تحسناً ملحوظاً منذ عام 2007 حتى عام 2015، نقلها من مستوى التحذير إلى مستوى الاستقرار الضعيف. رغم أن هذا الاستقرار شهد تراجعاً محدوداً منذ عام 2016. لتحتل الكويت المرتبة 126 عالمياً لناحية التهديد بالفشل.

شكل رقم (9)

مؤشر صندوق السلام لاستقرار الكويت خلال الفترة 2006-2017


و-الأزمات السياسية الداخلية:

يشهد النظام السياسي الكويتي المعاصر، منذ نشأته في ستينيات القرن العشرين، فعالية ديموقراطية تتسع أكثر فأكثر، ويُعبَّر عنها تحديداً من خلال البرلمان الكويتي (مجلس الأمة)، حيث يجمع النظام الكويتي بين النظام الأميري (الملكي) المطلق والنظام البرلماني الديمقراطي. ويُعبّر البرلمان الكويتي دوماً عن حالة التوازن السياسي والمجتمعي في الكويت (وهو الضابط لها كذلك، تحت إدارة الأمير)، إذ هو انعكاس للحالة العامة التي تمرّ بها البلاد. وحيث أنّ هناك العديد من المتغيّرات الداخلية والخارجية التي تتعرّض لها الكويت منذ استقلالها، فإنّ هذه المتغيرات تركت أثرها في تلك التوازنات، وأدت إلى خلافات ونزاعات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خلقت أزمات عديدة في مسار الكويت بعد الاستقلال.

وكما لكل دولة من دول الخليج العربي، خصوصية تميزها عن جارتها، فإنّ خصوصية الكويت ذات التنوّع الديموغرافي الشديد، يعبر عن ذاته عبر تنافس سلمي يصل أحياناً لمرحلة النزاع السلمي بين المكونات الاجتماعية والسياسية في الدولة، وتحديداً عبر مجالين رئيسين (مجلس الأمة، والإعلام). إلا أن هذا النزاع الداخلي يبقى قانونياً –غالباً-، وعلنياً وقادراً على الحراك وبناء التحالفات وإحداث تأثيرات في البنى الأخرى. وهو بالأساس انعكاس لأربعة محددات تحكم العلاقات السياسية والاجتماعية في الكويت: القبيلة، المذهب، الجهوية، العلاقة مع الحاكم.

كما أن صغر مساحة الكويت، واكتظاظها السكاني –نسبياً-، وتنوعه، مع تراجع العائدات النفطية في ظل اضطرابات إقليمية، أدى إلى أن تظهر الساحة الكويتية شديدة التأزم والاضطراب، إلا أنها بالمحصلة انعكاس حتمي لجملة هذه المتغيرات، بحيث تعبر عن نفسها عبر أزمات سياسية واجتماعية ومعاشية، بل امتدت لملفات أخرى كالملفات الرياضية.

وتشهد الكويت عموماً، أزمات متتالية منذ نشوء الدولة، وهو أمر حتمي لعمليات التحديث المستمرة، حيث أدت عمليات التحديث المجتزأة وغير المكتملة (التي تصر على الحفاظ على شكل النظام المطلق) مع تحديث البنى الأخرى، مع ميل مجتمعي عالٍ للحراك والتفاعل السياسي، إلى تصاعد وتيرة الأزمات. أي أنّ المحافظة على الموقع الوسطي بين الديموقراطية والأميرية المطلقة، يتحمل مسؤولية كبيرة عن تلك الأزمات.

وتُعبّر تلك الأزمات دوماً عن حاجة ملّحة لتحديث البنية السياسية والدستورية والقانونية، التي أوصلت السلطتين إلى مرحلة الأزمة، وهي وإن كانت حالة صحية لتطوير النظام السياسي، إلا أنّها كذلك طالما شكّلت عقبة أمام السلطتين في أداء واجباتهما، وخصوصاً في حال إعادة إنتاج الأزمة بغالبية مقوّماتها دون إيجاد حلول لها، من خلال إعادة إنتاج السلطتين: حلّ مجلس الأمة (17 مجلس منذ الاستقلال حتى أكتوبر 2017، تم حلّه 10 مرات)، أو إعادة تشكيل الحكومة (35 حكومة منذ الاستقلال، لها 7 رؤساء). أحدثها إعادة تكليف حكومة المبارك الحمد الصباح نوفمبر-ديسمبر 2017.

حيث تشهد الكويت، خلافاً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية منذ عدة سنوات، وتحديداً منذ تعديل قانون الانتخابات (قانون الصوت الواحد)، عدا عن تداعيات الاحتجاجات التي رافقت موجات الثورات في عدة دول عربية، ترافقت بعدّة ملفات متأزّمة لم تُنجَز بعد، اشتدت حدّتها منذ مطلع عام 2017، وخصوصاً أنّ مجمل تلك الأزمات، أتى في ظلّ وضع اقتصادي صعب تمرّ به الكويت (وعموم دول الخليج العربي)، نتيجة الانخفاض الحادّ في أسعار النفط عالمياً، ما دفع إلى سياسة تقشف زادت الأعباء على الحكومة والمجتمع الكويتي، ودفعت عدداً من النواب إلى الاعتراض على خطط التقشف وترشيد النفقات العامة، فيما انطلقت الحكومة الجديدة على ذات هذه الأسس.

 

ز-أبرز توجهات السياسة الخارجية:

تحاول الكويت أن تحافظ على موقع متوسط ضمن إقليمها، أو ما يمكن تسميته بدور الحياد الإيجابي، من خلال ممارسة دور الوسيط، ومحاولة إيجاد مخارج للأزمات الناشئة داخل مجلس التعاون، أو بين دول الخليج العربي وجيرانها. حيث تدرك الكويت أكثر من سواها، أن استمرارية مجلس التعاون هو الضمانة الأولى لها أمنياً وعسكرياً في ظل أطماع إقليمية بأراضيها. لذا حاز مشروع الاتحاد مع السعودية حيزاً من المناقشات الإيجابية حين طُرِح، ومن الممكن إعادة تفعيله في حال وجدت الكويت ذاتها أمام تهديدات جدية وقائمة.

وأبرز أدوار الوساطة الكويتية وأحدثها الوساطة بين دول المجلس وإيران 2015-2017، والوساطة القائمة حالياً بين دول المجلس وقطر. والتي عبّر عنه الشيخ صباح الأحمد (أكتوبر 2017): "ليست مجرد واسطة تقليدية يقوم بها طرف ثالث بين طرفين مختلفين ... نحن لسنا طرفاً ثالثاً بل نحن طرف واحد مع الشقيقين الطرفين". وذلك على عكس ما تشتغل عليه قطر تماماً من خلال محاولاتها بناء محور داخل المجلس يؤدي إلى تعطيله أو انهياره، من خلال محاولتها تحويل علاقاتها مع الكويت وعمان إلى مواجهة مع السعودية والإمارات والبحرين.

وترى الكويت –وفقاً للشيخ صباح- أنّ تصدّع المجلس وانهياره: "تصدعٌ وانهيارٌ لآخر معاقل العمل العربي المشترك". فللكويت خصوصية (النموذج)، وهي لا تفضل أن تكون في حال قطيعة مع السعودية تحديداً، التي تُشكِّل ضامناً كبيراً لأمنها كما أثبتت عدّة تجارب تاريخية. لكنّها في ذات الوقت تسعى للحفاظ على خصوصيتها الداخلية والخارجية، والذي قد يفهمه بعض الأطراف في السعودية بأنّه تناقض مع التوجهات العامة لها.

وكانت الكويت قبل عام 1990، رائدة في العمل القومي العربي المشترك، وخصوصاً تجاه القضية الفلسطينية وحرب الخليج الأولى (دعم العراق)، ووجد التيار القومي في الكويت محطة مهمة لنشاطه، لكن أزمة الغزو أدت إلى تراجع دور التيار القومي وحجمه كثيراً، عدا عن تراجع الأدوار الكويتية على الساحة العربية، وتركيزها على الساحة الخليجية، دون أن يعني ذلك انتهاء الدور الكويتي عربياً. عدا عن أنّ دور الكويت طالما حاول أن يوازن بين الإمكانيات والموقع الخاص والدور الخارجي، على عكس قطر التي تحاول فرض وجودها بخلاف ذلك.

وستند الكويت إلى صغر مساحتها، وموقعها بين عدد من القوى المتنافسة والمؤثرة (السعودية والعراق وإيران)، والذي يفرض عليها حدوداً في الحركة، وخيارات محدودة في المناورة. لهذا تتّسم السياسة الخارجيّة بالحذر والميل إلى المهادنة والابتعاد عن المغامرة، بل تفرض عليها أدواراً وسطاً بين القوى النافذة في المِنطَقة، فهي تتمتع بعَلاقات طيّبة مع كل القوى الإقليميّة، كما أنها تدرك المخاطر المحدقة بها، فتمد سياستها وتحالفاتها على المستوى الدوليّ لتأمين وجودها وبقائها. وقد كانت حرب الخليج الثانية في عام 1990 تجسيداً واضحاً لأهمّيّة الكويت كموازن وخط تماسّ للصراعات بين القوى الإقليميّة والدوليّة.

كما أن عِظَم الكتلة الجغرافيّة الإيرانيّة وصِغَر مثيلتها الكويتيّة فرض نوعاً من التعامل الحذر من الكويت مع إيران، وجعلها في احتياج دائم إلى دعم الكتلة العربيّة المنتمية إليها؛ لأن انسلاخ الكويت عن الكتلة العربيّة يجعلها في موقف غير متوازن مع الكتلة الإيرانيّة المجاورة لها. وفي نفس الوقت يفرض الموقع الجغرافيّ نوعاً من التعاون واتخاذ موقف متقارب مع الكتلة الإيرانيّة لكونها جسراً رابطاً بين الكتلتين العربيّة والإيرانيّة، فضلاً عن وجود إيران كقوّة توازن في عَلاقة الكويت مع جارتها العراق التي لديها مطامع ومشكلات حدوديّة مع الكويت (16). ورغم ما تشكله من تهديد مستمر لأمن الكويت (سيتم تناوله لاحقاً).

 

 

المحور الثالث: الإشكاليات الحدودية

تشهد الكويت إشكاليات حدودية منخفضة الحدة مع جيرانها الثلاثة (السعودية والعراق وإيران)، حيث تسبّبت هذه الإشكاليات في توترات سابقة مع دول الجوار، وكانت أحد الحجج التي ساقها العراق في غزوه للكويت عام 1990. وفي حين تمّ صياغة عدّة اتفاقيات لترسيم الحدود وتجاوز هذه الإشكاليات، إلا أنها تعود للظهور بين الحين والآخر، وأبرزها ما يلي:

أ-الخلافات الحدودية مع السعودية:

أنجزت الكويت والسعودية في 2/7/2000، ترسيم الحدود البحرية كآخر مرحلة من مراحل ترسيم الحدود بين البلدين، وشملت المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة.

شكل رقم (10)

الآبار المشتركة والمنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية


غير أنه وقع خلاف بين الدولتين بداية عام 2007 بشأن حقل المنطقة المشتركة في منطقة الخفجي، وكان أساس المشكلة هو أن الكويت لم تكن راضية عن تمديد السعودية لامتياز شركة شيفرون الأمريكية في عام 2009 حتى عام 2039. وحاولت السعودية والكويت حلّ خلافهما أكثر من مرة بهدف إعادة الإنتاج في المنطقة المحايدة، غير أنّ الخلاف ظهر للسطح في مايو 2015، وما زالت المباحثات جارية لحل الأزمة والتوصل إلى اتفاق يعيد الإنتاج للخفجي والوفرة. وجرى إغلاق حقل الوفرة للمرة الأولى لمدة أسبوعين لإجراء أعمال صيانة، ثم أعلنت متحدثة باسم شركة النفط الأمريكية شيفرون أن "حقل الوفرة سيظل متوقفاً لحين حل المشكلات التي تعوق التشغيل"، وكشفت الشركة عن أنّها عجزت عن حلّ نزاعات مع الكويت تتعلق أساساً بحقوق التشغيل. ورغم أنّ الطرفين يعملان على تجاوز هذه الخلافات إلا أنها تعود للظهور نتيجة التشاركية النفطية في الحقول البرية والبحرية (17).

شكل رقم (11)

المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية


ورغم أنّ بعض الأطراف في الكويت (وتحديداً المحسوبين على إيران، من مثيل النائب السابق عبد الحميد دشتي)، قد حاولوا ترويج فكرة التحضير السعودي للعدوان على الكويت عام 2016، بسبب هذه الخلافات، نتيجة وجود مدّرعات سعودية في المنطقة (يمكن مراجعة تغريدات دشتي في هذا الخصوص). إلا أن ذلك يبقى من باب محاولة زرع الفتنة بين الدولتين، ولا أساس له، بل يهدف إلى ضرب الأمن الخليجي لخدمة المصالح الإيرانية، وتفكيك تضامنها، وهي مواقف اشتهر بها النائب دشتي.

 

ب-الخلافات الحدودية مع العراق:

أقرّ مجلس الأمن في 27/8/1993، تقرير لجنة ترسيم الحدود، بشكل ملزم للعراق والكويت، وبدفع خط الحدود بين البلدين داخل الأراضي العراقية مـسافة 600 متر على امتداد طول 200 كيلومتر شمال الخط الواقعي السابق. وبالتالي فقد حصلت الكويت على ما يعادل 120 كيلومتراً مربعاً، تشمل أجزاءً من مدينة أم قصر الحدودية وحوالي 5 آبار نفط من حقل الرميلة. لم يجد هذا الترسيم من قبل اللجنة ترحيباً من العراق ولم يتم بموافقة مندوب العراق في اللجنة، حيث قاطع العراق أعمال اللجنة؛ بسبب شعوره بالإجحاف، جراء تطبيق نتائجها بضمنها تخطيط الحدود البحرية، ومنها مناصفة خور عبد الله.

في حين أعلن العراق اعترافه بسيادة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي في نوفمبر 1994، امتثالاً لقرار مجلس الأمن رقم 883 لعام 1993. واعترافه بالحدود الدولية مع الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت بموجب الفقرة (3) من القرار 687 لعام 1991، واحترام حرمة هذه الحدود (18).

وانتقدت كثير من الأطراف قرار ترسيم الحدود؛ لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار الجانب الجغرافي السياسي، إضافة إلى الجانب التاريخي. بعد أن رأت أن الحدود، تزحزحت إلى الشمال، واقتطعت أراضٍ عراقية على طول الشريط الحدودي. واعتبر ممثل المفوضية الاوربية، جيرد نونمان في تقريره إلى المفوضية الأوربية، أنّ ذلك سيؤدي إلى "حرمان العراق من جزء من قاعدته البحرية في أم قصر، وبالتالي التضييق من منفذه البحري على الخليج العربي، مما يسبب ذلك مشاكل إضافية للعراق". وامتدت المطالب الكويتية في تلك الفترة إلى حقل الرميلة الجنوبي، وأم قصر وصفوان والفاو وأبو الخصيب (19).

وفي حين لم يكن العراق قادراً على إعادة فتح ملف الحدود بين الطرفين طيلة الفترة اللاحقة للغزو والتحرير والفترة اللاحقة للاحتلال الأمريكي والاضطرابات الداخلية والحرب الأهلية، فإن استقرار العراق التدريجي يعيد ملف الحدود مع الكويت إلى الواجهة من جديد، كلما تسنى له ذلك.

ففي مارس 2013، شهدت المنطقة الحدودية بين العراق والكويت تظاهرات قام بها أهالي أم قصر، احتجاجاً على بناء الأنبوب الفاصل بين البلدين واستقطاع الأراضي. وقال وكيل وزارة الخارجية العراقية، لبيد عباوي: "إنّ الخلافات تنحصر في عدد من الدعامات الحدودية التي شكّلت أزمة خلال الأيام القليلة الماضية بين أهالي مدينة أم قصر واللجان الفنية المعنيّة بترسيم الحدود بين العراق والكويت ... حيث يمرّ الخط الحدودي الجديد الذي أقرته الأمم المتحدة بمناطق سكنية عراقية، الأمر الذي يتطلّب إزالة الدور السكنية لضمان تنفيذ القرار الدولي ... وبأراضٍ زراعية تعود لمواطنين عراقيين، ووفقاً للتقسيم الجديد ستكون ضمن الأراضي الكويتية، وهو أمر كان محل رفض من قبل الأهالي الذين يطالبون بتعويضات، سواء مادياً أو بمنحهم أراضٍ زراعية وسكنية في مناطق بديلة ... إنّ الحكومة العراقية وكذلك الكويتية اتفقتا على تعويض المواطنين من خلال صندوق تم اعتماده في الأمم المتحدة، يتمّ إيداع مبالغ التعويض من قبل البلدين".

محاولاً حصر الإشكال القائم بمطالب التعويضات التي ينادي بها سكان المناطق الحدودية: "الأهالي احتجوا بسبب تأخير موضوع التعويضات، وتخصيص أراضٍ بديلة لعوائلهم، وهو أمر طالبوا بتحقيقه على أرض الواقع، وليس من خلال وعود لا تتحقق".

لكنه في استطراد لحديثه، يؤكد أنّ الإشكال يتجاوز التعويضات، إلى شعور شعبي عام بالغبن، وعجز عن مراجعة الاتفاق الحدودي مع الكويت لارتباطه بالخروج من عقوبات الفصل السابع: "هناك شعور بالغبن وأن أراضٍ عراقية قد استقطعت، لكن نحن ملزمون بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة (القرار 833) سيما تلك التي تساعد العراق على الخروج من طائلة البند السابع ... موضوع إعادة النظر بترسيم الحدود مع الكويت أمر مستحيل وبالغ التعقيد (20)".

شكل رقم (12)

المنطقة العازلة بين الكويت والعراق، وخط الحدود الجديد بينهما


غير أنّ عدم إيجاد حلول نهائية متفق عليها، أدت إلى إعادة ظهور الإشكال مرة أخرى عام 2017، مع تجدّد الاحتجاجات العراقية في البصرة بشأن ما أشيع عن استيلاء الكويت على خور عبد الله، مطالبين برفض اتفاقية تنظيم الملاحة في قناة خور عبد الله، أو التنازل عن أي جزء من البلاد ما أدى إلى رفع مستوى الحيطة العسكرية والأمنية في الكويت. فيما وجدت عدة أوساط عراقية أنّ الكويت تسعى لتضييق الخناق بحرياً على العراق، وخصوصاً في موضوع إنشاء ميناء جديد على مدخل الخور، يعيق الإبحار العراقي.

شكل رقم (13)

خور عبد الله (الأبعاد)


وتعود هذه المسألة إلى عام 2010، حين وضعت الحكومة العراقية حجر أساس لبناء ميناء "الفاو الكبير" في الجانب الشرقي، حيث يقع الخور شمال جزيرتي "بوبيان"، و"وربة" الكويتيتين، جنوب غربي جزيرة الفاو، ويمتد داخل الأراضي العراقية، مشكّلًا "خور الزبير"، الذي يقع عليه ميناء "أم قصر". ووفقًا للنائب عالية نصيف جاسم، من ائتلاف "دولة القانون"، فإن: "مجلس الوزراء صوّت على منح قناة خور عبد الله للكويت، وخصص 750 ألف دولار لترسيم الحدود البحرية، على رغم معرفة الجميع بأنها مُلك عراقي صرف". وأكدت النائب عواطف نعمة أنّ: "الاتفاق بين البلدين يعطي الكويت الأولوية في التحكم بالقناة الملاحية، وهي الأهم في مياه العراق الإقليمية، على رغم أنّ القرار الدولي رقم (833) أعطى العراق حق الملاحة المطلقة فيها (21)".

شكل رقم (14)

المياه الإقليمية العراقية عام 2017


وفي حين ما يزال العراق غير مستقر بشكل تام داخلياً وسياسياً، فإنّ إشكال الحدود سيظلّ معلقاً ومنخفض-متوسط الوتيرة بين الدولتين، لكن في حال استقرار العراق، وبروز حكومة قوية، والقضاء على أسباب الاضطرابات السابقة (الحرب الأهلية والهيمنة الإيرانية والإرهاب)، فإنّه من المرجح أن تعيد هذه الحكومة فتح ملف الحدود مع الكويت (ومع إيران)، مطالبة بتعديلات لا تتناسب مع الوضع الحالي من جهة، ولا مع مطالب الكويت من جهة ثانية، وهو ما قد يعيد العلاقات إلى التوتر متوسط-مرتفع الحدة بين الطرفين لاحقاً.

 

ج-الخلافات الحدودية مع إيران:

تمتدّ خلافات الكويت الحدودية إلى الحدود البحرية مع إيران، وتحديداً حول منطقة "حقل الدرة"، منذ ستينيات القرن العشرين. وتعود جذور الخلاف إلى منح إيران حق التنقيب والاستغلال لشركة "بريتش بتروليوم"، بينما منحت الكويت الامتياز لشركة "رويال داتش شل"، وتقاطع الامتيازان في جزء من الحقل الذي يقدّر احتياطيّ الغاز فيه بنحو تريليون قدم مكعبة، حينها احتجت الكويت على بحث إيران عن الغاز في الحقل الذي لم يتم الاتفاق بشأن ترسيم الحدود فيه.  ويرتبط تصعيد هذا الخلاف بالتطوّرات السياسيّة، إذ إنّ التقارب السياسيّ بين البلدَين أخفى هذا الملف عن الواجهة. حيث كانت آخر مرة صعد فيها إلى واجهة الأحداث في عام 2012 بعد تصريح رئيس شركة نفط الجرف القاري الإيرانيّة الحكوميّة بأنه "إذا تم رفض دبلوماسيّة إيران سنمضي قُدماً في جهودنا لتطوير حقل أراش البحريّ للغاز في الخليج من جانب واحد". ورغم أن هذا الخلاف يتعلق بحق سياديّ لكن لم يؤدِّ ذلك إلى صدام مباشر أو تدخل عسكريّ (22).

لكن يبقى هذا الملف العالق سبباً محتملاً في توتر العلاقات، وفقاً لمسارات العلاقات في منطقة الخليج العربي مع إيران، إذ في حال تصعيد المواجهة بين الطرفين، ربما تلجأ إيران إلى اعتداءات على حقوق الكويت في هذه المنطقة البحرية النفطية، أو تعطيل الاستفادة منها.

شكل رقم (15)

الحدود البحرية المشتركة بين الكويت وإيران


ومن ذلك، توجه إيران بعد توقيع إيران للاتفاق النوويّ مع مجموعة 5+1 للاهتمام بمِنطَقة الجرف القاري المتنازع عليها مع الكويت. حيث طرحت مناقصات لتطوير حقولها النفطيّة وبينها حقل الدرّة الذي يقع في الجرف القاري، والذي لا يزال محلّ تفاوض بين إيران والكويت، واستدعى وكيل وزارة الخارجيّة الكويتيّ خالد الجار الله، القائم بالأعمال الإيرانيّ حسن زرنكار، وأبلغه احتجاج الكويت الرسميّ على الخطوة الإيرانيّة التي عدّها أحادية ومفاجئة، ويبدو أن الكويت تخشى من أن تستغلّ إيران الانفراج الذي حصل بعد الاتفاق النوويّ، وأن تتوغل على الحقّ الكويتيّ في الحقل (23).

 

المحور الرابع: البنى العسكرية والتهديدات الأمنية

أ-البنى العسكرية:

تقع الكويت بين ثلاث قوى إقليمية كبرى، ذوات قدرات عسكرية كبيرة: السعودية والعراق وإيران، لذا لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة القدرات العسكرية الكويتية مع نظيراتها في دول الجوار. لكن الكويت عملت منذ تحريرها من الغزو العراقي عام 1991، على تنمية قدراتها العسكرية الدفاعية، مزوِّدة جيشها محدود التعداد البشري، بقدرات عالية التقنية وكبيرة العدد، ربّما تفوق بعض قدرات جيرانها، وفق فلسفة عسكرية دفاعية بحتة، ويمكن ملاحظة قدرات الكويت العسكرية من خلال إحصائيات موقع Global Fire power.

شكل رقم (16)

جدول بأهم القدرات العسكرية الكويتية (2017)


وما يؤكّد اهتمام الكويت بامتلاك ترسانة عسكرية دفاعية، هو ما خصّصته من موازنتها للشؤون العسكرية، حيث بلغت الموازنة العسكرية الكويتية 5.2 مليار دولار لعام 2017، لتكون بذلك الثامنة والثلاثين عالمياً، والسادسة عربياً، والرابعة خليجياً.

شكل رقم (17)


شكل رقم (18)


ب-التهديدات الأمنية:

تتنوّع التهديدات التي تحيط بالكويت، وتتنوّع حدّتها بين منخفضة ومتوسطة الحدّة، غير أنها لا تشهد تهديدات عالية الحدّة أو قائمة. حيث تتركز هذه التهديدات في عدّة اتجاهات أساسية (مرّت سابقاً، أو سيتم طرحها لاحقاً)، عبّرت عن نفسها بشكل أزمات متتالية. وأبرزها:

-      تهديدات/أزمات اجتماعية تتعلّق بالبنية الديموغرافية (النزاع حول ملف الوافدين، وحول ملف البدون).

-      تهديدات/أزمات اقتصادية (ترتبط بالأساس بأسعار النفط ومستوى الرفاه).

-      تهديدات/أزمات سياسية محلية، والتي غالباً ما تنعكس من خلال النزاع داخل مجلس الأمة بين النواب والحكومة حول الملفات الأساسية في البلاد، وانعكاساً للتوازنات المتغيرة داخل الكويت وداخل المجلس.

-      تهديدات/أزمات حدودية: من الممكن قيامها في حال أي تأزم مع دول الجوار.

-      التهديد الإرهابي: وهو تهديد منخفض-متوسط المستوى، حيث تقع الكويت ضمن بيئة مضطربة، ما تزال تنشط فيها تنظيمات القاعدة وتفرّعاتها، وتستهدف المحيط الخليجي (السعودي والعراقي بشكل أساس)، ورغم أنّ عمليات القاعدة في الكويت محدودة للغاية، إلا أنّها تبقى محتملة.

-      التهديد الطائفي/الشيعي: وهو ذو شقين:

o     تهديد من قبل دول الجوار، وتحديداً في العراق والسعودية والبحرين وإيران ولبنان (ميليشيا حزب الله).

o     تهديد من الداخل الكويتي: أي الشيعة الكويتيون، وخصوصاً المرتبطون بالمشروع الإيراني.

 

ج-التهديد الإيراني:

رغم العلاقات الدبلوماسية القائمة، ودور الكويت في الوساطة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، والعلاقات الاقتصادية بين الكويت وإيران والتي تجاوز التبادل الاقتصادي فيها 150 مليون دولار لعام 2017، والتداخل السكاني (مجنسين ومقيمين وسائحين إيرانيين)، إلا أن التهديد الإيراني يبقى الأكثر خطورة بين مجمل التهديدات. فهو تهديد كامن تحت السطح، لا يشكل تهديداً مباشراً حالياً، لكنه يعبّر عن نفسه في الأزمات من خلال تهديدات تصدر علانية من الجانب الإيراني، وهو ما يؤكد التوجه الإيراني المخفي، والذي ينتظر فرصة سياسية إقليمية ودولية مناسبة للاعتداء على الكويت. في حين تعمل إيران داخل الكويت من خلال عدة اتجاهات:

-      ارتباطات مع مسؤولين حكوميين عبر صفقات أو عبر ملفات الفساد.

-      ارتباطات مذهبية مع أطراف/شخصيات نافذة سياسياً أو اقتصادياً داخل الكويت (من شيعة الكويت).

-      ارتباطات مع العمالة الإيرانية في الكويت.

-      ارتباطات مع المجموعات السياحة الإيرانية إلى الكويت.

-      شبكات تجسس مستمرة (كويتية وإيرانية بالأخص).

حيث سبق أن هدّد عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية محمد كريم عابدي عام 2012، باحتلال الكويت عبر فيلقي القدس وبدر بحجة حماية الشيعة فيها. وقال عابدي، إنّ: "اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي الإيراني درست واستمعت إلى تقارير عن الإجراءات المتخذة لحماية أهل البيت في الكويت في حال حدوث أي اختلال أمني هناك ... ونحن نتابع الاوضاع هناك، خصوصاً مع ورود معلومات عن أصوات إرهابية تطالب بالانتقام من أهل البيت وتقوم بجمع وشراء السلاح ... إنّ ما حدث من دخول جيوش من دول الخليج إلى البحرين لن يتكرر، ولن نسمح بتكرار حدوثه بالكويت، فظروف وموقع البحرين جغرافياً وعسكرياً تختلف نهائياً عن الكويت، وإنّ من حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدخول إلى الكويت لحماية الشيعة هناك، مثلما بررت دول من الخليج دخولها للبحرين بأنّه لحماية السنة هناك، فمن يعتقد أنّه يستطيع الرد على إيران لا يعلم أنّ بوسع الجمهورية الإسلامية متى رغبت أن تسلب الأمن من الأنظمة في دول الخليج".

تصريح عابدي تزامن مع تصريح لعضو البرلمان الإيراني كريمي قال فيه: "إنّ فيلق بدر وفيلق القدس الموجودين بالقرب من الحدود الكويتية–العراقية، لديهما الاستعداد للتدخل العسكري في أيّة دولة مجاورة لحماية أهل البيت (24)".

وفيما تجدّد إيران أطماعها في البحرين بين فترة وأخرى على لسان المسؤولين الإيرانيين، فإن هذه الأطماع قد توافقت مع أصوات تطالب بإقامة البحرين الكبرى التي تشمل (البحرين والكويت والمنطقة الشرقية من السعودية). فقد ظهرت هذه الأصوات الي العلن حين نُقِل خبر مظاهرة قادها المواطن الكويتي الشيخ ياسر الحبيب في لندن لإقامة البحرين الكبرى وتضم الكويت والبحرين والإحساء والقطيف كنواة أولى لتحقيق الوحدة الشيعية في منطقة الخليج العربي (25).

إلا أنّ الآليات الأبرز في التعاطي الإيراني مع الكويت، تكمن في آليتي الاختراق المؤسساتي وخلايا التجسس. إذ تستغل إيران، حالة النشاط السياسي المجتمعي في الكويت، الأبرز في منطقة الخليج العربي، كآلية تستطيع من خلالها تمرير بعض برامجها، عبر عملاء لها في الكويت، أو من خلال جواسيس إيرانيين داخل الكويت، مستغلة مساحة الحرية السياسية والإعلامية فيها.

حيث سبق وأن أكد عضو مجلس الأمة الكويتي مبارك الوعلان أنّ هناك "زحفاً مبرمجاً ومنظماً" ضد الكويت من قبل إيران، مؤكداً أنّه تقدم بطلب إلى وزير الداخلية الكويتي لتحديد أعداد الإيرانيين في الكويت، وكذلك بطلب إلى وزير الخارجية حول عدد أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الكويت. إذ شهدت الكويت تصاعداً في أعداد العمالة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة، وتركز معظمهم على الشريط الساحلي، وسيطروا على العديد من المجالات مثل الذهب والصرافة والمواد الغذائية والأقمشة. وتشير معلومات قناة "العربية" إلى أن عدد المقيمين الإيرانيين في الكويت حتى تشرين الأول/أكتوبر 2010 بلغ 44976 إيراني، وتقوم حوالي 15 شركة كويتية بأنشطة الاستقدام. وذكرت مصادر أنّ بعض الإيرانيين ينشطون في مجال العقارات والأراضي، ويعملون تحت ستار كفلاء كويتيين، وهو ما يشكل بعداً أمنياً آخر. وأكد الوعلان أنّ "العديد من الدول قام بإبعاد دبلوماسيين إيرانيين تورطوا بأنشطة تمسّ الأمن القومي، ولهذا تقدمت بطلب لمعرفة أبعاد نشاط البعثة الإيرانية الدبلوماسية في البلاد (26)".

كما شهدت المؤسسات الحكومية والخاصة الكويتية، اختراقاً من قبل الإيرانيين (المجنسين والوافدين)، بحجج العمالة الماهرة والتقنية المدربة على الإدارة، وخاصة في مجال الإعلام والمال، حيث ينشط كثير من الإيرانيين. واستطاعوا بناء شبكات علاقات عامة لتيسير نفوذهم، بلغ تمددها حتى رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ ناصر المحمد، في مخطط مستمر للهيمنة على أهم مفاصل الدولة.

ومن ذلك ما عرف بقضية رجل الأعمال الشيعي-الكويتي محمود حيدر، ذي الأصول الإيرانية، والذي عمل على تنمية ثروة مالية في فترة وجيزة، واستغلالها لبناء امبراطورية إعلامية تخدم المصالح الإيرانية وتعمل على الإساءة إلى العلاقات الكويتية-الخليجية من جهة، كما وظّف تلك الأموال في دعم بعض النواب في الانتخابات على أساس طائفي. حيث استغل النواب الشيعة الاختلالات الحاصلة في قوانين الانتخابات عام 2012، وعبر الدعم المقدّم لهم من داخل الكويت وخارجها، لأسباب مذهبية، لإيصال 17 نائباً منهم إلى البرلمان، ومحاولة فرض بعض الأجندات السياسية عليه، قبل أن تعيد انتخابات 2013 نسبة تمثيلهم إلى 8 نواب فقط.

 

د-أزمة خلية العبدلي:

من الآليات التي اعتمدتها إيران تجاه الكويت، آلية التجسس، إذ تمّ الكشف خلال السنوات الأخيرة عن العديد من شبكات التجسس الإيرانية، التي تنشط داخل المجتمع الكويتي، لرصد الحراك السياسي والاقتصادي في المجتمع الكويتي من جهة، ولرصد مقرّات الجيش الأمريكي وتحركاته من جهة أخرى. حيث تمّ القبض على شبكة تجسس إيرانية عام 2010، تم تجنيدهم من قبل شعبة الاستخبارات في السفارة الإيرانية في الكويت.

كما تمّ طرد 3 دبلوماسيين إيرانيين عام 2011 نتيجة تورطهم في أعمال تجسس، وصدور أحكام بالإعدام بحق عدد من المتورطين في تلك الشبكة. وهي واحدة من أصل 8 شبكات تم اكتشافها في ذات الفترة. كما سبق للسفير الإيراني السابق علي جنتي أن أطلق تصريحات استفزازية ضد دولة الكويت، مما أزّم العلاقات بين الدولتين، وتم طرد السفير الإيراني على إثرها.

لكن أحدث هذه القضايا وأكثرها خطورة، ما عرف بقضية/خلية العبدلي (في مزارع منطقة العبدلي شمال الكويت بالقرب من الحدود العراقية)، التي ظهرت للعلن منذ عام 2015، عندما اعتقلت قوّات الأمن الكويتية مجموعة إرهابية من 25 كويتياً شيعياً وإيرانياً واحداً، بتهمة القيام بأعمال تجسّس لصالح إيران وحزب الله، والتخطيط لتفجيرات داخل الكويت، وعثر بحوزتهم على أسلحة وعبوات ناسفة، كما كشفت التحقيقات أن المتهمين تلقوا تدريبات على يد الحرس الثوري الإيراني في لبنان، وكانوا يجتمعون في السفارة الإيرانية في الكويت، بتخطيط من دبلوماسي إيراني يعمل في الكويت، وآخر تابع للحرس الثوري.

وشملت المضبوطات 19 طنّاً من الذخيرة، و144 كيلوغراماً من المتفجرات، و68 سلاحاً متنوعاً، و204 قنابل يدويّة، إضافة إلى صواعق كهربائية (27).

وأصدرت محكمة التمييز في الكويت (يونيو 2017) حكماً بالسجن المؤبد للعقل المدبر للخلية (الإيراني)، وبالسجن لعشرين متهماً آخرين بين خمسة أعوام و15 عاماً. لكن التطوّر الخطير الآخر في هذه القضية كان هروب 16 مُداناً كان قد "أُخلي سبيلهم وفق الإجراءات القضائيّة بعدما قضت محكمة الاستئناف ببراءتهم، بانتظار صدور حكم التمييز". وذلك عبر ركوب طرادات بحريّة كانت تنتظرهم على الشاطئ والتوجّه بها إلى إيران. وهو ما حدا بالكويت إلى تخفيض التمثيل الدبلوماسيّ مع إيران من 19 شخصاً إلى أربعة أشخاص فقط.

ويظهر مستوى التهديد والحقد الإيراني، واستغلال الفرص السياسية لإظهار ذلك، من خلال ما دعى إليه الكاتب الإيرانيّ علاء الرضائي (على سبيل المثال)، عقب تخفيض التمثيل الدبلوماسي، داعياً إلى: "تأديب الصغير الكويتيّ ... صحيح أن الكويت لا تشكّل رقماً لكي ننفعل إزاءها، فهي ليست بأفضل من جيبوتي والمالديف وجزر القمر والسودان، لكن الصغير أحياناً يحتاج إلى تأديب، وهذا الصغير الكويتيّ يتصرف بسوء أدب (28)".

 

خامساً: البنى والأزمات الاقتصادية

أ-الثورة النفطية:

تُعتَبر الكويت واحدة من الاقتصادات الصغيرة الغنية، سواء على المستوى العربي أو المستوى العالمي، نتيجة الثورة النفطية التي تمتلكها، والتي يُقدّر احتياطها بـ 101.5 مليار برميل عام 2017، بحيث تكون السادسة عالمياً في الاحتياطي النفطي، وخاصة أنّها تضم حقل برقان الكبير، ثاني أكبر الحقول النفطية في العالم، فيما لم تتجاوز تكلفة إنتاج البرميل النفطي الواحد لذات العام 3.3 دولار، رغم أنّه يشهد ارتفاعاً مستمراً.

ورغم أنّ قدرتها الإنتاجية في عام 2017، قد بلغت 3.1 مليون برميل في اليوم، إلا أنّ طاقتها الإنتاجية لم تتجاوز 2.7 مليون برميل يومياً (الثامنة عالمياً في الإنتاج)، نتيجة التزامها بالحصص المفروضة من منظمة أوبك، والتي تهدف إلى ضبط تراجع أسعار النفط طيلة الفترة 2015-2017. في حين بلغت الطاقة الإنتاجية من الغاز 210 مليون قدم مكعب يومياً عام 2017، ومن المفترض أن تبلغ في نهاية يناير 2018 حدود 500 مليون قدم مكعب يومياً. وقد وضعت الكويت برنامجاً طموحاً لإنتاج النفط حتى عام 2040، على الشكل التالي:

شكل رقم (19)


 
إلا أنّ الوصول إلى هذا المستوى، ما زال غير ممكن في ظلّ المعطيات الحالية، حيث تتطلّب هذه الخطة:

-      توفير مبالغ ضخمة لتطوير حقول الشمال.

-      استقرار في العلاقات مع دول الجوار حول الحقول المشتركة (السعودية وإيران). وخصوصاً أنّ هذه الخطة تفترض إنتاج 500 ألف برميل يومياً من المنطقة المحايدة مع السعودية.

-      استقرار إقليمي، يؤمّن عمليات الإنتاج والتصدير.

-      إمكانيات بشرية وتكنولوجية واسعة (جميعها غير متوفرة حالياً)، وهو ما يعني ضرورة الاستعانة بالشركات الأجنبية لتوفير هذه الإمكانيات.

-      كما يرتبط ذلك بأسعار النفط العالمية، وحصص الإنتاج المفروضة من قبل منظمة أوبك، ومستوى المنافسة في سوق الطاقة الدولي، وخصوصاً في حال عودة بعض المنتجين (ليبيا)، أو رفع رصيد آخرين (العراق وإيران)، وهو ما قد يؤثر في مستويات الأسعار والإنتاج.

-      عدا عن ازدياد حصة الطاقة النظيفة من الأسواق العالمية (وإن كانت ما تزال محدودة للغاية)، إلا أنّها بدأت تأخذ نصيباً ملحوظاً، ضاغطة على أسعار النفط وكميات إنتاجه.

-      ويرى بعض الخبراء، أنّ الوصول إلى مستوى 4 مليون برميل يومياً، يتطلّب توسيع حصة النفط الثقيل من الإنتاج الكويتي، والذي من المفترض أن يتمّ البدء في إنتاجه مع نهاية عام 2018، وأن يصل إنتاجه خلال الشهور الستة الأولى إلى قرابة 60 ألف برميل يومياً.

ويعتبر عمر النفط الكويتي الافتراضي الأعلى بين دول الخليج العربي (97 سنة)، كما تعتبر الكويت أكثر دول الخليج العربي اعتماداً على النفط (ريعية)، حيث تبلغ حصة النفط من الناتج المحلي الإجمالي 50%، فيما تبلغ 95% من عائدات التصدير والإيرادات الحكومية. أي أنّ الحكومة الكويتية لا تمتلك مورداً آخر (تقريباً)، تسيّر به شؤون الدولة، وهو ما جعل انخفاض أسعار النفط خلال الفترة 2015-2017، ذا تأثير سلبي شديد على الإنفاق الحكومي ومستوى الرفاه في الكويت، دافعاً إلى تصعيد عدّة أزمات داخلية، يظهر أثرها من خلال المؤشرات الاقتصادية اللاحقة.

شكل رقم (20)


ب-مؤشرات الأداء الاقتصادي: وتتمثل من خلال الجدول التالي (البنك الدولي):

شكل رقم (21) 


ومن خلال هذه المؤشرات الأساسية، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

-      شهدت هذه المؤشرات (في غالبيتها) تحسّناً كبيراً للغاية في الفترة اللاحقة لتحرير الكويت عام 1991، وحتى بداية التراجع الحادّ لأسعار النفط منذ عام 2015.

-      نسبة نمو الناتج المحلي طالما كانت متذبذبة وغير مستقرة، بمعنى أنها شديدة الارتباط بأسعار النفط، بل وسجلت قيماً سالبة في عدة محطات.

-      تقريباً، تكاد تتطابق الإيرادات النفطية والطبيعية من إجمالي الناتج المحلي، وتطغى على الغالبية العظمى من الإيرادات الحكومية.

-      أثر التراجع الحاد في أسعار النفط، واضح في كل من المؤشرات التالية: إجمالي الدخل القومي، وحصة الفرد الكويتي منه، ونسبة نمو هذا الناتج، وكذا في حجم الادخار الكويتي (أي في مستوى الرفاه).

-      كما أدّى إلى انخفاض حصة الصادرات من إجمالي الناتج المحلي وارتفاع حصة الواردات، ليقترب الميزان التجاري من التعادل، بعد أن كان لصالح الصادرات طيلة السنوات السابقة.

-      ربّما يعود ارتفاع الاحتياطات نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار الذهب.

-      شهدت الكويت في العام الأخير تحسناً في مؤشري البطالة والتضخم.

-      غير أنّها سجلت كذلك انخفاضاَ حاداً في الاستثمار الأجنبي المباشر (يعادل الثلثين تقريباً)، وهو كذلك مرتبط بالمستوى الاقتصادي العام في الكويت وبأسعار النفط، حيث سجل قيماً سالبة في محطات سابقة.

-      ورغم أنّها تسجل قيمة مرتفعة ومستقرة في مؤشر عمق المعلومات الائتمانية، إلا أنّ قوة مؤشر الحقوق القانونية ضعيف للغاية طيلة السنوات السابقة، وهو ما قد يشكل تحدياً كبيراً لتطوير الاقتصاد الكويتي، وتعزيز الاستثمار الأجنبي من جهة، وعاملاً معيقاً للغاية لخطة كويت 2035.

وتحتل الكويت المرتبة الرابعة بين دول الخليج العربي في إجمالي الدخل القومي عام 2016، والثالثة في نصيب الفرد من إجمالي هذا الدخل ([1]).

شكل رقم (22)


شكل رقم (23)


ج-الثروات العائلية والفردية:

أشار تقرير مجموعة "بوسطن كونسلتينج جروب" إلى أن الثروات الخاصة في الكويت سترتفع إلى نصف تريليون دولار بحلول العام 2020 (29). كما أن الكويت تضم خامس أعلى كثافة في العالم من الأسر المليونيرة، حيث يملك 99 من كل 1000 أسرة كويتية ثروة خاصة تزيد على مليون دولار أو نحو 300 ألف دينار (30).

 

د-الصندوق السيادي:

تأتي الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، في الترتيب الخامس عالمياً، وبقيمة أصول تصل إلى 592 مليار دولار، والهيئة منقسمة إلى صندوقين: وهما صندوق الاحتياطي العام وصندوق الأجيال القادمة (31)، (يبلغ وفق تقديرات أخرى 410 مليار دولار (32)). لكن من المرجح أنّ هذا الصندوق تعرض لكثير من الاستنزاف نتيجة تراجع أسعار النفط في ذات الفترة.

 

ه-كويت 2035 (New Kuwait):

أسوة بدولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية، أطلقت الكويت، خطة اقتصادية تنموية واسعة تحت مسمى (كويت 2035)، أو الكويت الجديدة. تهدف للتوجه الموحّد نحو مستقبل مزدهر ومستدام، وتحدّد الأولويات طويلة المدى لتنمية دولة الكويت، وتطمح لتحقيق سبع نتائج/ركائز مرجوة، وهي مجالات تركيز الخطة من أجل الاستثمار فيها وتطويرها. وتشتمل كل ركيزة من الركائز السبع على عدد من البرامج والمشروعات الاستراتيجية المصمّمة لتحقيق أكبر أثر تنموي ممكن نحو بلوغ رؤية الكويت الجديدة:

-      إدارة حكومية فاعلة: من خلال إصلاح الممارسات الإدارية والبيروقراطية لتعزيز معايير الشفافية والمساءلة الرقابية وفاعلية الجهاز الحكومي. ومنها السعي لمنح الرخص التجارية خلال 20 يوماً.

-      اقتصاد متنوع مستدام: من خلال تطوير اقتصاد مزدهر ومتنوع للحد من اعتماد الدولة الرئيس على العائدات من صادرات النفط. من خلال رفع عدد المشاريع التجارية الصغيرة إلى أكثر من 3500.

-      بنية تحتية متطورة: من خلال تطوير وتحديث البنية التحتية للبلاد لتحسين جودة المعيشة لجميع المواطنين، وخصوصاً عبر زيادة الاستثمارات بنسبة 11%.

-      بيئة معيشية مستدامة: عبر ضمان توافر وحدات سكنية من خلال توفير الموارد والخطط السليمة بيئياً. كما ترمي إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة بنسبة 15%.

-      رعاية صحية عالية الجودة: من خلال تحسين جودة الخدمة في نظام الرعاية الصحية العامة وتطوير القدرات الوطنية بتكلفة معقولة، كما تطمح لتوفير أكثر من 8000 أسرة مستشفيات.

-      رأسمال بشري إبداعي: إصلاح نظام التعليم لإعداد الشباب بصورة أفضل ليصبحوا أعضاء يتمتعون بقدرات تنافسية وإنتاجية لقوة العمل الوطنية. حيث تتطلع من خلال هذه الخطة إلى إطلاق أكثر من 13 كلية جديدة، بطاقة استيعابية تتجاوز 40 ألف طالب.

-      مكانة دولية متميزة: من خلال تعزيز مكانة دولة الكويت إقليمياً وعالمياً في المجالات الدبلوماسية والتبادل التجاري والثقافي، وفي العمل الخيري وصولاً إلى تخصيص 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للأعمال الخيرية، ما يجعلها واحدة من أكبر المانحين الدوليين.

تقوم هذه الخطة على مراقبة عشرين مؤشراً عالمياً رئيساً، بالإضافة إلى مؤشرات فرعية أخرى، تعمل على تتبع وقياس مدى التقدم الذي تحرزه الكويت فيما يتعلق بإنجاز وأداء الخطة بالمقارنة مع الدول الأخرى. حيث تهدف الكويت إلى رفع ترتيبها ضمن الثلاثين الأعلى بين دول العالم بحلول عام 2035.

ورغم أنّ الخطة تشمل مشاريع بنية تحتية ضخمة، ومركزاً مالياً وميناء إقليميين بأدوار دولية، حيث تبلغ قيمة المشاريع الاستراتيجية فيها أكثر من 80 مليار دولار، إلا أن البعض يرى أن الخطة طموحة أكثر من اللازم، حيث يتخوّف عدة مختصين من عدم القدرة للوصول إلى هدف الخطة بحلول عام 2035، لأسباب متنوعة، من أبرزها:

-      التخوّف من عودة تراجع أسعار النفط، والتي تعني فقدان التمويل لهذه الخطة، والاضطرار لتقليصها، حيث أنّها تعتمد بالأساس على العائدات النفطية لإنجازها. بمعنى أنّ تحرير الاقتصاد الكويتي من قيود النفط يتطلب تمويلاً هو بالأساس قائم على النفط.

-      مستوى الفساد المرتفع (كما مر سابقاً)، والذي قد يعيق كثيراً من مفردات الخطة، وخاصة أنّ الكويت ما تزال تشهد مشاريع سابقة لم تنجز بسبب هذ الفساد. وبالتالي فهي بحاجة ماسة إلى تحديث كبير في قوانين وآليات مكافحة الفساد، والذي قد يرتبط في جزء منه مع الأسرة الحاكمة، وقد يعيقه بالتالي.

-      عدم الاستقرار الإقليمي، سواء لناحية التهديدات الأمنية الإرهابية أو تهديدات الحروب، وخاصة أن الكويت تقع في قلب بيئة متوترة حالياً (السعودية-العراق-إيران)، ما قد يخفض جاذبية الاستثمار الخارجي فيها.

-      إضافة إلى أن الاستثمار الخارجي مرتبط كذلك بالفساد ومستويات التنافسية والاستقرار، في ظل ضعف القوانين المحلية التي تشجع الاستثمار الأجنبية، وهي بحاجة إلى تحديث واسع.

-      يبقى أن منافسي الكويت في الإقليم، ذوو خبرة وقدرة تمويلية واستقرار أوسع بكثير، ما يضع ضغطاً كبيراً على الخطة الكويتية، وخصوصاً المنافسة الإماراتية التي تعتبر الأكثر جذباً في عموم الإقليم، مع بروز المنافسة السعودية مؤخراً بتمويل ضخم.

 

و-تحدي الائتمان والاستدانة الخارجية (33):

يضاف إلى هذه التحديات، توجه الكويت الحالي لتوسيع وتيرة إصدار أدوات الدين في الأسواق العالمية، مستفيدة من الانخفاض الشديد في أسعار الفائدة العالمية وقلة ديونها السيادية مقارنة بمتوسط المستويات العالمية. حيث أقرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، مشروع قانون يأذن للحكومة برفع سقف الدين إلى 25 مليار دينار كويتي (83 مليار دولار)، ومـد فتـرة الاقتـراض إلى 30 سنة. حيث يضاعف ذلك الحد المسموح به للدين في الكويت بمرتين ونصف المرة، إذ كان يقف عند 10 مليارات دينار (33.2 مليار دولار) بآجال سداد لا تزيد على 10 سنوات. وتتضمن الموافقة، وفق مشروع القانون، عقد قروض عامة وعمليات تمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع إصدارات الدين لدولة الكويت بنسبة 36%، خلال عام 2017، وتؤكد أنّ قيمة إصدارات العام الماضي بلغت نحو 13.33 مليار دينار (44.2 مليار دولار) مقارنة بنحو 32.5 مليار دولار في عام 2016. كما تشير إلى أن رصيد أدوات الدين العام لم يتجاوز 6.6 مليار دولار منذ الأزمة المالية العالمية، إلا في يونيو 2016، ثم تجاوز 13.3 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية 2016-2017.

فيما بلغ عجز الموازنة الكويتية خلال العام المالي الماضي الذي انتهي في مارس 2017 نحو 29.5 مليار دولار، مقابل توقعات بوصول العجز في العام المالي الجاري إلى أكثر من 26 مليار دولار.

ووفق الخبير الاقتصادي الكويتي عدنان الدليمي، فإن الكويت بحاجة إلى موارد مالية ضخمة للإنفاق على خطط التنمية مع التحوط من تبعات المخاطر الجيوسياسية بالمنطقة، وعدم استنزاف موارد صندوق الأجيال القادمة في سد العجز. محذِّراً من مخاطر التوسع في عمليات الاقتراض الحكومي والتي ستزيد الأعباء على المدى الطويل، ودعا إلى وضع سقف لحد الفائدة لا يجب تخطيه، وفي حال تجاوزه يقوم صندوق الأجيال بشراء الدين لتقليل المخاطر. وذلك من خلال إمكانية إيقاف استقطاع نسبة 10 بالمئة سنوياً من إيرادات النفط لصندوق الأجيال وتوجيهها لسد العجز خلال عدة سنوات لحين تحسن أداء الموازنة، بدلاً من الاقتراض بشكل مباشر.

 

ز-تحديات اقتصادية أخرى:

دخلت الكويت منذ عام 2016 مرحلة العجز المالي لأول مرة منذ 15 عاماً، عقب الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً، وهو ما قاد إلى جملة تحديات اقتصادية داخلية. إلا أن الأزمة الاقتصادية لا ترتبط بالانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً فقط، حيث أنّ هذا الانخفاض طال جميع الدول المنتجة، وتحديداً دول الجوار الخليجي، إلا أنّ الأزمة ربّما بدت أكثر سوءً مع تفشٍ كبير للفساد في الكويت.

وحيث تسيطر الحكومة على 70% من الاقتصاد الكويتي، فإن ذلك كان مدعاة لتفشي الفساد والمحسوبية في كثير من مؤسسات الدولة. وكان سبباً إضافياً في ارتفاع الأسعار، حيث يقوم القطاع الخاص بتحميل كلفة الفساد للمنتجات التي يقدّمها، كما يضطر للانخراط في آليات الفساد وتقديم الرشي للمؤسسات الحكومية، ليضمن استمراريته في السوق الكويتية.

رغم ذلك، تتخوّف أطراف نخبوية في الكويت وتبدي معارضتها لبرنامج الخصخصة الواسع في حال إطلاقه، وتطالب بالتدرج بذلك؛ خشية الانعكاسات السلبية على مستوى معيشة الأفراد من جهة، والخشية من أن يطال الفساد مشاريع الخصخصة، في ظلّ مستويات الفساد التي ما تزال ترتفع.

وتتخوّف صحيفة النهار الكويتية أن تتحوّل الأزمة التي تشهدها البلاد (انخفاض أسعار النفط، وارتفاع مستويات الفساد، وارتفاع تكاليف المعيشة)، إلى أزمة اقتصادية قريباً جداً، تكون شبيهة بالتي حصلت في الولايات المتحدة 2007-2008. مع الخشية بأن يؤدي استمرار الاقتراض الكويتي (داخلياً وخارجياً) لتمويل عجز الموازنة مع استمرار الأسعار المنخفضة للنفط إلى انكماش اقتصادي شبيه بالحالة الفنزويلية (10%).

ويترافق ذلك مع بعدين آخرين في الأزمة الاقتصادية، يتمثّلان في:

-      هجرة رؤوس الأموال الكويتية إلى أسواق أقل فساداً، وأكثر استقراراً، وهو ما يُفقِد السوق الكويتية ملاءة مالية، ويشكّل ضغطاً آخر على الحكومة.

-      ترتفع خطورة هذه النقطة، مع التراجع الحاد الذي تشهده الكويت في الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي بلغ 5.16 مليار دولار عام 2015، ورغم تحسنه المحدود إلى أنّه بعيد للغاية عن أعلى مستوى حققته الكويت عند 15.21 مليار دولار لعام 2013 (ثلث القيمة تقريباً).


المحور السادس: تحديات المستقبل

 في ختام هذه الدراسة، يمكن تحديد أربعة محاور أساسية تشهد الكويت فيها تحديات مستقبلية، تحدد شكل الدولة ومسارها ومستوى الرفاه الاقتصادي فيها، وتتمثل فيما يلي:

-      المحور الأول: الخلافة في الحكم، حيث أنّ انتقال الحكم إلى الجيل التالي (الأصغر سناً)، دون كثير منازعات تعيق عمل الدولة، أو تهدّد استقرار نظام الحكم، هو المحدّد الأول لاستمرارية دولة الكويت ككل، والضامن لاستقرارها وعلاقاتها الخارجية وثرواتها. غير أنّ الخلافات التي تزداد بين الحين والآخر، توحي بأنّ هناك أطرافاً ضمن العائلة ما تزال تتطلّع إلى مطامع شخصية بعيداً عن مصلحة العائلة ككل، أو المصلحة العامة للكويت، مرتبطة بأطراف خارجية، تحاول من خلالها توفير الدعم، أو عبر بناء تحالفات قبلية أو مذهبية داخل الكويت تزيد من حدة الانقسام المجتمعي.

-      المحور الثاني: وهو قدرة الكويت على إنجاز تحديثي سياسي في شكل نظام الحكم وآلياته، بحيث تتجاوز حالة (اللاديموقراطية واللاسلطوية)، من خلال إعطاء مزيد من الصلاحيات للسلطات الثلاث مع تعزيز الفصل بينهما، ليس على حساب سلطة الأمير، بل بما يصون جميع تلك السلطات.

ويدور كثير من النقاش السياسي في الكويت حول آلية الرقابة على عمل الحكومة والمتاحة لنواب البرلمان بحكم الدستور، وحول انعدام الضوابط والضمانات لعدم انزلاقها نحو تصفية الحسابات الحزبية وحتى الشخصية. ويعتبر كويتيون أنّ هامش الديمقراطية المتوفّر في بلادهم كثيراً ما يتحوّل إلى ضرب من "الترف" لم تعد تسمح به الظروف المحلية والإقليمية المحيطة بالبلد من تهديدات أمنية ومصاعب اقتصادية ناجمة عن تراجع أسعار النفط. وفي ظل ذلك بدأت تبرز بقوّة فكرة فرض ضوابط قانونية جديدة على عمل نواب البرلمان لا تستثني تقليص صلاحياتهم في مجال الرقابة على عمل الحكومة (34).

-      المحور الثالث: وهو يرتبط بالتحديث الاقتصادي وقدرة الكويت على الخروج من التبعية المفرطة لأسعار النفط. غير أنّ هذا التحديث يحتاج إلى تحديث قانوني واسع من جهة، وطفرة نفطية ثالثة يمكن من خلالها إطلاق مشروع كويت 2035. لذا يبدو أن الكويت ما تزال بحاجة إلى كثير من العمل الاقتصادي، عدا ع تحدي مكافحة الفساد الذي سيطال أطرافاً نافذة في الكويت.

-      المحور الرابع: المحور الخارجي، من خلال احتفاظ الكويت بنمط علاقاتها مع الخط العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي (الإمارات-السعودية)، وبعمقه العربي، وعدم السماح لبعض الأطراف الداخلية أو الإقليمية بحرف بوصلة الكويت عن هذين المحورين، الذين طالما شكّلا ضامنة لأمن الكويت وسلامتها. مع الاحتفاظ بالأدوار الإيجابية التي اتسمت بها السياسية الخارجية الكويتية.

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري

 

 المصادر والمراجع

 (1) حسن علي الصباغة، "النظام البرلماني ي دولة الكويت: الواقع والمستقبل"، المستقبل العربي، العدد 424، يونيو 2014، ص 50.

(2) _____، "التركيبة السكانية في الكويت تعاني من خلل في عدم التوازن والزيادة في العمالة الوافدة أغلبها هامشية"، صحيفة الوطن الكويتية، 15/2/2014:

http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=338019

(3) علي رجب، "بالأرقام خريطة الشيعة في الكويت"، فيتو، 26/6/2015: http://www.vetogate.com/1697828

(4) _____، "العلاقات الإيرانية-الكويتية بين الاستمرارية والتغيير"، مركز الخليج للدراسات الإيرانية، 3/8/2017:

https://arabiangcis.org/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3/

(5) المرجع السابق.

(6) هيفاء زعيتر، "إيران والكويت ... تاريخ يتأرجح بين التآمر والتجسس والمصالح المشتركة"، رصيف 22، 21/7/2017:

https://raseef22.com/politics/2017/07/21/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%8A%D8%AA%D8%A3%D8%B1%D8%AC%D8%AD-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A2%D9%85%D8%B1/

 

(7) J. E. Peterson, "The Nature of Succession in the Gulf", Middle East Journal, Vol 55, No. 4 (Autumn 2001), pp. 583-584.

(8) كريستين سميث ديوان، "جيل جديد من أفراد العائلة المالكة وديناميات الخلافة في دول الخليج العربية"، ورقة تحليلية رقم 2 (واشنطن: معهد دول الخليج العربي في واشنطن لبناء جسور التفاهم، 21/3/2017)، ص 6.

(9) المرجع السابق، ص 7.

(10) ثناء فؤاد عبد الله، "صراعات السلطة بين أبناء الجيل الثاني للعائلة الحاكمة تهدد مستقبل الحكم الأميري في الكويت"، مصرس، 5/7/2011:

https://www.masress.com/alkahera/2523

(11) _____، "مستقبل الخلافة في الكويت في ظل الصراعات داخل الأسرة الحاكمة"، ساسة بوست، 8/4/2016:

https://www.sasapost.com/differences-in-kuwait/

(12) _____، "ارتياح بعد خروج أمير الكويت من المستشفى في ظل البحث عن ولي عهد جديد"، صحيفة العرب اللندنية، 23/11/2017، العدد 10821، ص 1.

 

(13) Michael C. Hudson, "Obstacles to Democratization in the Middle East", Contention, vol 5, No 2 (Winter 1995), pp. 184-185

(14) مفيد الزيدي، "التجربة الديمقراطية في الكويت: بين التعثر والاستمرار"، المستقبل العربي، العدد 447، مايو 2016، ص 67-68

(15) محمد الفيلي، "الأحزاب السياسية في الكويت .. واقع قائم ومستقبل منظور"، Alfililaw، 3/11/2013:

http://www.alfililaw.com/index.php/site-administrator/2013-10-29-07-05-42/84-2013-11-03-08-00-52

(16) _____، "العلاقات الإيرانية-الكويتية بين الاستمرارية والتغيير"، مركز الخليج للدراسات الإيرانية، 3/8/2017:

https://arabiangcis.org/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3/

(17) عبد الله حاتم، "بعد تيران وصنافير .. تعرف على أبرز الخلافات الحدودية في الخليج"، الخليج أونلاين، 11/4/2016:

http://alkhaleejonline.net/articles/1460396534645463300/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC/

(18) _____، "الاتفاقيات الحدودية في الخليج والجزيرة والعربية"، وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، 8/7/2000:

https://www.kuna.net.kw/ArticlePrintPage.aspx?id=1095781

(19) نصيف الجبوري، "صلاحيات الأمم المتحدة لحل الخلافات الحدودية العراقية-الكويتية"، صحيفة القدس العربي، 22/5/2013:

http://www.alquds.co.uk/?p=46265

(20) _____، "العراق: خلافات حدودية مع الكويت"، سكاي نيوز، 23/3/2013:

https://www.skynewsarabia.com/web/article/152702/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA

(21) روان الخطيب، "اتهامات لرئيس الوزراء العراقي بالتنازل عن خور عبد الله للكويت"، صحيفة الوطن المصرية، 28/1/2017:

https://www.elwatannews.com/news/details/1823387

(22) إبراهيم العبيدي، "من خلايا التجسس لتحريض حزب الله .. الملالي يحفر نهاتيه ويخطط لابتلاع الكويت"، بغداد بوست، 23/7/2017:

http://www.thebaghdadpost.com/ar/story/39999/%D9%85%D9%86-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%B3%D8%B3-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B6-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D9%81%D8%B1-%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D9%88%D9%8A%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA

(23) ميرزا الخويلدي، "أزمة صامتة بين الكويت وإيران بسبب حقل الدرة"، الشرق الأوسط، 26/8/2015:

https://aawsat.com/home/article/438056/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%B5%D8%A7%D9%85%D8%AA%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D9%88%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%AD%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A9

(24) _____ـ إيران: سنحمي عسكرياً آل البيت في الكويت"، صحيفة الوطن الكويتية، 14/9/2012.

(25) صحيفة الوطن الكويتية، 8/3/2009.

(26) قناة العربية، 27/3/2011

(27) سعد العنزي، "خلية العبدلي .. تفاصيل إدانة حزب الله والحرس الثوري الإيراني"، سكاي نيوز، 12/1/2016:

https://www.skynewsarabia.com/web/article/807001/%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D9%84%D9%8A-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%95%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A

(28) قحطان العبوش، "بعد أزمة خلية العبدلي .. كاتب إيران يهاجم الكويت ويدعو لتأديبها"، إرم نيوز، 22/7/2017:

https://www.eremnews.com/news/arab-world/gcc/921428

(29) _____، "الثروات الخاصة في الكويت 500 مليار دولار بحلول 2020"، 29/6/2016، صحيفة الوسط البحرينية:

http://www.alwasatnews.com/news/1132149.html

(30) _____، "العائلات الكويتية خامس أغنى أسر بالعالم، و50% من الثروات نقداً وودائع"، 17/6/2015، صحيفة الأنباء الكويتية:

http://www.alanba.com.kw/ar/economy-news/566265/17-06-2015-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-%D8%A3%D8%BA%D9%86%D9%89-%D8%A3%D8%B3%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%8850-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%82%D8%AF%D8%A7-%D9%88-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B9/

(31) _____، "الصندوق السيادي السعودي سيعادل أكبر 3 صناديق عالمية"، 3/4/2016، العربية نت:

http://www.alarabiya.net/ar/aswaq/economy/2016/04/03/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-3-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%82-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9.html

(32) _____، "تقرير معلومات: النفط بالخليج"، 2014، مركز الخليج العربي:

http://www.gulfstudies.info/ar/reports/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B8-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC

(33) _____، "الكويت تتوسع في الاقتراض لردم فجوة تراجع الإيرادات"، صحيفة العرب اللندنية، 13/1/2018، العدد 10868، ص 11.

(34) _____، "فكرة إصلاح ديمقراطية الكويت تبرز مع انطلاقة الدورة البرلمانية الجديدة"، صحيفة العرب اللندنية، 25/10/2017، العدد 10792، ص 3.

 



([1]) لم يتم إدراج المؤشرات القطرية، في كافة النماذج المقارنة.