حزام واحد طريق واحدة: طريق الحرير الجديدة وموقع دول الخليج العربي وإيران فيها

 

 

 要想富先修路 英文

yao xiang fu, xian xiu lu 

If You Want To Prosper, First Build Roads 

إذا أردت أن تزدهر، ابن الطرقات أولاً

مثل صيني قديم

 

 توصيات الدراسة

-     يعتبر هذا المشروع واحداً من أكثر المشاريع الطموحة على مستوى العالم، وتسعى غالبية الدول إلى أن يكون لها دور فيه.

-     يرمي هذا المشروع إلى إعادة تعريف/توزيع المصلحة في المجال الدولي، ومن ثم إعادة تعريف/توزيع القوة دولياً، وصولاً إلى إحداث تغييرات جذرية في بنية النظام الدولي (يتم التأسيس لذلك).

-     يتم رصد مقدرات ضخمة (صينية ودولية) لإتمام هذا المشروع، وتسير الصين بخطى متأنية، حرصاً على إتمامه.

-     لا تسعى الصين إلى إحداث صدام مع قوى إقليمية أو دولية (حتى تاريخه)، لذا فهي تتحاور مع كل القوى المنافسة حول المشروع.

-     ستحاول القوى الكبرى الأخرى الحصول على حصص كبيرة فيه، أو عرقلته.

-     يضم المشروع جانباً دعائياً يخفي تطلعات الهيمنة المستقبلية الصينية في مناطق مرور المشروع. وذلك من خلال توظيف الاقتصاد وصولاً إلى الهيمنة (على عكس النموذج الغربي). وهو ما يشكل قلقاً للمنافسين الإقليميين.

-     يشهد الاقتصاد الصيني طفرات كبرى، تخفي وراءها اختلالات قد تؤثر في المشروع على المدى المتوسط والبعيد (وخصوصاً حجم الديون والادخار ومستويات الفساد وتراجع الاستثمار الأجنبي).

-     تفتقر الصين إلى حضور ثقافي/دعائي ناعم يؤسس لأكثر من عمليات تبادل تجاري. وما زال ذلك لصالح القوى الغربية/الولايات المتحدة، وتشكل اللغة والدين عائقاً أمام ذلك.

-     تبقى أهمية الطرق البرية رديفة للبحرية، حيث أن الطرق البحرية أقل كلفة سياسية واقتصادية، وتستوعب شحنات بأحجام أكبر بكثير.

-     الطرق البرية تحمل أبعاداً سياسية من جهة، وتؤمن طرقاً بديلة للتجارة الصينية.

-     الطرق البرية تتضمن تهديدات أمنية عالية، وخصوصاً وسط آسيا.

-     ما تزال الصين تعتمد على الأساطيل الأمريكية في حماية المسالك البحرية.

-     لا يمكن لإيران أن تؤدي دوراً يتجاوز دور الوكيل والحامي للطريق الصينية (معبر نحو الغرب).

-     تفتقر إيران إلى بنى تحتية داعمة للمشروع، كما تشهد ضعف مستوى الاستهلاك العام، لكنها تمثل منطقة استثمار خام، ومورداً للطاقة، وورقة ضغط في مواجهة القوى الكبرى. واستفادة إيران من المشروع تبقى محدودة، طالما ظلت العقوبات الدولية مفروضة عليها،

-     تمتلك الدول الخليجية بنى تحتية متكاملة، تشكل داعماً لوجستياً للمشروع، ومستويات استهلاك عام مرتفعة، والمصدر الأول للطاقة، وفوائض مالية تشكل إسناداً للمشروع، ومحطات استثمارية دولية.

-     من المفترض عدم تفويت الفرصة من جهة مع الانتباه للمخاطر التي تحيط بالمشروع، بحيث يكون الاستثمار العربي قائماً بحد ذاته (أي يمكن فصله عن المشروع في حال إخفاقه، ويمكن توظيفه ضمن المشروع أيضاً).

-     يمكن التوجه للانضمام إلى المؤسسات السياسية (منظمة شنغهاي، آسيان)، على الأقل كعضو مراقب في المرحلة الأولى، للحفاظ على المصالح الخليجية من جهة، ولقطع الطريق أمام إيران من ترويج خطابها في هذه المؤسسات من جهة ثانية.

-     كلما زاد ترابط الاقتصاد الخليجي، كان أقدر على الشراكة والمنافسة مع الصين، ما يتطلب إعادة تفعيل مشروع العملة الخليجية الواحدة، وترابط الاقتصاد الخليجي.

-     تتميز دول الخليج العربي بالاستقرار السياسي والعلاقات الخارجية المتينة، وهو ما يعطيها ثقلاً إضافياً في مواجهة إيران.

-     من الضروري إدراج المسائل السياسية في مفاوضات العلاقات الصينية-العربية، وخصوصاً فيما يتعلق بإيران وتدخلاتها.

 

 

المحور الأول: الاستغلال الصيني لتخلخل البيئة الدولية

يشهد النظام الدولي القائم منذ نهاية الحرب البادرة (والموروثة مؤسّساته من فترة الحرب الباردة)، عدّة اضطرابات متتالية، أدّت إلى زعزعة سيطرة الولايات المتحدة عليه بشكل صلب، وبروز عدّة قوى صاعدة، ازدادت قوتها الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، وتحوّلت معها إلى دول غير قانعة بموقعها في النظام الدولي، باحثةٍ عن مصالح أكبر تتناسب مع حجم قوتها الجديد من جهة، ومع حجم الإنهاكات التي طالت النظام الدولي من جهة ثانية. وخاصّة أنّ تراجع الولايات المتحدة من عدّة ساحات (مصالح) أدّى إلى تسارع قوى أخرى لملء هذا الفراغ، أو انتزاع هذه المصالح بوسائل مختلفة.

وتُعتَبر روسيا أبرز الدول غير القانعة (والمصنّفة دولة كبرى) ساعية إلى استعادة موقعها كدولة عظمى، وتحديداً منذ وصول بوتين إلى السلطة، واعتماده الأدوات الصلبة (القوة العسكرية) لإثبات حضور روسيا في الساحة الدولية (جورجيا، سورية، أوكرانيا، والتدخلات الأخرى وتحديداً في دول البلطيق).

غير أنّ الصين هي الأخرى، تعمل على إعادة تشكيل النظام الدولي، من خلال إعادة تعريف قوتها ومصالحها في المجال الدولي، ولكن عبر أدوات ما تزال مرنة (الأدوات الاقتصادية، والثقافية بشكل أقل بكثير). ساعية إلى بناء هياكل نظام دولي جديد بديل عن النظام الغربي، ويُلاحظ أنّها غير مستعجلة لإحداث تغيير كبير (على عكس روسيا)، فالمشروع الصيني للتحوّل إلى قوة عظمى يمتدّ حتّى عام 2049.

وتقوم السياسة الخارجية الصينية على مبادئ خمسة في عدم التدخل صاغتها منذ عام 1954، وهي (1):

1-  الاحترام المتبادل لسيادة وسلامة أراضي الدول الأخرى.

2-  عدم الاعتداء المتبادل.

3-  عدم التدخّل في الشؤون الداخلية الخاصة بالدول الأخرى.

4-  المساواة والتعاون من أجل المنفعة المتبادلة.

5-  التعايش السلمي.

وقد استندت في السنوات الأخيرة على ثلاث ركائز (2):

-      أولاً: استمرارية العلاقة الحذرة والمحسوبة، وخاصة علاقاتها الاقتصادية مع القوى العظمى، كـالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

-      ثانياً: تأسيس علاقات قوية ومتينة مع الدول المنتجة للنفط والغاز، كـروسيا وفنزويلا، وكذلك مع الدول التي شملتها العقوبات الأمريكية، كـإيران والسودان مثلاً.

-      ثالثاً: تأسيس علاقات قوية ومتينة مع الدول المجاورة لها على أساس المصلحة المشتركة والمتبادلة.

ومن خلال سعيها للخروج من إطارها الإقليمي نحو الدور العالمي (التحوّل نحو دولة عظمى)، قدّمت عدّة مبادرات دولية منذ عام 2014، في ظل حكم Xi، من أهمها:

-      الحلم الصيني.

-      الحلم الآسيوي-الهادي.

-      الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.

-      طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين.

-      نوع جديد من العلاقات بين الدول.

-      مشروع الحوكمة العالمية في العصر الجديد: عبر مفهوم "رابطة المصير المشترك للبشرية".

-      استضافت عام 2017، الدورة التاسعة لقمة بريكس في مدينة شيامن، مما فتح "السنوات العشر الذهبية" الثانية من التعاون بين دول بريكس. 

-      أصدرت "إعلان شيامن" الذي يطرح بناء آلية ترتيب احتياطي الطوارئ لتبادل معلومات الاقتصاد الكلي، وإنشاء أول مكتب إقليمي لبنك التنمية الجديد في جنوب أفريقيا، كما أجاز المؤتمر 63 اتفاقاً وبياناً بشأن التعاون في السياسة والأمن والاقتصاد والتبادلات الإنسانية وغيرها من المجالات (3).

وفيما تبني الولايات المتحدة أسواراً حول نفسها (انسحاب من اتفاقيات، تضييق الخناق على الحلفاء، رفع/فرض رسوم، سور مع المكسيك)، فإنّ الصين تستغل هذا الفراغ لتتوسّع في محيطها الإقليمي الأقرب (وسط آسيا وجنوبها)، وتحويله إلى جسر للعبور إلى العالم. مقدِّمةً ذاتها كقوة اقتصادية عالمية "تشاركية" لا تسعى إلى الهيمنة بقدر ما تسعى إلى تقاسم المنافع مع المحيط الصيني، بهدف إزاحة منافسيها.

غير أنّ هذا الطرح التشاركي يبقى دعاية أكثر منه واقعاً تهدف إليه الصين، فالموارد والمنافع والمصالح محدودة. في وقت تسود النظرية الواقعية معظم مناحي العلاقات الدولية. في حين يبقى دور النظريات/التطبيقات الليبرالية أو المثالية أو الاعتمادية مرتهناً بعدم وجود دول غير قانعة (أي باستمرار خنوع الدول الضعيفة للأقوى).

وبالمحصلة، فإنّ الصين باتت تحوز كمّاً ضخماً من الفوائض المالية (الاقتصادية عامّة)، بات من الضروري تحويله إلى قيمة/نفوذ جيوستراتيجي وسياسي، لحماية هذه الفوائض من جهة، ولتعظميها من جهة ثانية.

ونتيجة هذا الكم من الفوائض (في كلّ المقدرات الاقتصادية)، فإنّ الصين لا تبحث عن تغيير سياسي إقليمي بل عن وكلاء/شركاء إقليميين مستقرين، فيما تبتعد عن كافّة أشكال النزاع الإقليمي والدولي في المراحل الأولى، وخاصّةً أنها ما تزال بحاجة إلى حضور الولايات المتحدة لحماية المسالك البحرية من جهة، وإلى إقناع الدول بالتشارك مع الصين.

 

أ-المقدّرات الاقتصادية للصعود الصيني:

يمكن ملاحظة حجم الاقتصاد الصيني (ثلث الاقتصاد العالمي)، الذي يؤهلّها لأداء أدوار عالمية تؤدي إلى تغييرات في النظام الدولي، من خلال المؤشرات التالية:

-      ثاني أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة.

شكل رقم (1)


-      تشير توقّعات صندوق النقد الدولي إلى أنّ مؤشر GDP/إجمالي الدخل القومي الصيني سيبلغ 17.707 تريليون دولار نهاية 2020.

-      من المتوقع أن يكون الاقتصاد الأول عالمياً عام 2030.

شكل رقم (2)

تصاعد حجم الدخل القومي الصيني بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي-البنك الدولي

 


-      سجل الناتج المحلي الإجمالي عام 2017 نمواً بمقدار 6.9% متجاوزاً التوقعات التي كانت 6.8% والهدف الحكومي 6.5% ونمو العام السابق 6.7%. ومن المتوقع أن يحافظ على نسب نمو عالية رغم انخفاضها التدريجي، حيث من المتوقع أن يسجل الدخل القومي نسبة نمو 5.7% عام 2022.

شكل رقم (3)

نسبة نمو الناتج القومي الإجمالي الصيني، وتوقعاته-البنك الدولي


-      أكبر مصدر للسلع التجارية وثاني أكبر مستورد لها.

-      خامس أكبر مصدر للخدمات التجارية وثالث أكبر مستورد لها.

-      ثاني أكبر مزود للاستثمارات الأجنبية المباشرة. والأول عالمياً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة.

-      أكبر احتياطي من العملات الأجنبية حيث سجّلت 3.2 تريليون دولار عام 2016

-      يساهم القطاع الخاص بنسبة 75% من أجمالي الناتج المحلي الصيني الإجمالي.

-      يساهم القطاع الخاص بنسبة 90% من صادرات الصين.

-      حجم إجمالي الصادرات والواردات 20.293 تريليون يوان نهاية عام 2017، بزيادة 16.6% عن العام السابق. وبحجم صادرات 11.163 تريليون يوان بزيادة 12.4%، وبحجم واردات 9.1299 تريليون يوان بزيادة 22.3%. أي بميزان تجاري إيجابي بأكثر من 2 تريليون يوان.

شكل رقم (4) 


-      نسبة إجمالي الدين في الصين بلغت 250% مطلع عام 2016.

-      بلغ إجمالي إيرادات أقوى 500 شركة صينية عام 2017 مستوى 64 تريليون يوان بزيادة 7.64% عن العام السابق، وبما يعادل 86% من إجمالي الناتج المحلي الصيني.

-      النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني للصين مستقرة (ستاندرد أند بورز)

-      بلغ عدد الشركات الجديدة التي سُجِّلت في الشهور التسعة الأولى من عام 2017 حوالي 4.51 مليون شركة، بزيادة 12.5% عن العام السابق، وبمعدل يومي تقريبي 16.5 ألف شركة.

-      سجّلت الصين عام 2017، المركز الثاني والعشرون عالمياً في مؤشر المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، متقدِّمة 12 مركزاً مقارنة مع عام 2012

-      يشكّل الاقتصاد الرقمي ثلث إجمالي الناتج المحلي الصيني، وبلغ 22.58 تريليون يوان (3.4 تريليون دولار) لعام 2016، ليحتلّ المركز الثاني بعد الاقتصاد الرقمي الأمريكي.

ويُلاحظ من مؤشّرات البنك الدولي، للفترة الممتدة منذ عام 2000-2017، بأن كافة المؤشرات الصينية تشهد صعوداً حادّاً ومتسارعاً للغاية، لا يشهده أي اقتصاد آخر.

شكل رقم (5)

بعض المؤشرات الاقتصادية الصينية-البنك الدولي


وتحوّل الصين هذه المقدّرات الاقتصادية إلى أدوات قوة ناعمة من خلال النفقات الخارجية، وأبرزها (4):

-      50 مليار دولار في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

-      41 مليار دولار في بنك التنمية الجديد.

-      40 مليار دولار في حزام طريق الحرير الاقتصادي.

-      25 مليار دولار لطريق الحرير البحري.

-      التعهد باستثمار 1.41 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2025.

في حين لم تتكلّف خطة مارشال لإنعاش أوروبا الغربية أكثر من 103 مليار دولار (بأسعار دولار اليوم).

يُضاف إلى هذه المقوّمات، تشابك الاقتصاد الصيني مع أكبر الاقتصاديات العالمية والإقليمية، حيث أنّ أي انهيار أو ضرر يلحق بالاقتصاد الصيني، يؤدي إلى انهيار في المنظومة الاقتصادية العالمية، وخاصة أنّ الصين تسجل ميزاناً تجارياً إيجابياً في علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وهونغ كونغ، وسلبياً مع اليابان وكوريا الجنوبية. وبحجم إجمالي تجاوز 2 تريليون دولار عام 2016، وبميزان إيجابي إجمالي لصالح الصين.

شكل رقم (6)

الميزان التجاري الصيني مع أبرز القوى الاقتصادية-2016


ولملاحظة قوة الاقتصاد الصيني والنمو التصاعدي لهذه القوة، يمكن الاستدلال بمؤشر شنغهاي للأوراق المالية SSEC، فبعد الحملة التي شنتها بكين على مدار العاميين الماضيين وسياسة الدعم التي اتخذتها وبشكل خاص القروض الضخمة والاستثمارات الحكومية استطاعت أن تعزز النمو المستدام على المدى الطويل والحفاظ على نمو قوي في المدى المتوسط. حيث أنهت نموذج الاستثمار المعتمد على الاستدانة، واتخذت إجراءات صارمة على جميع الأصعدة، بما في ذلك القروض العقارية لغرض المضاربة وأنشطة التمويل الخاصة (5).

بالنسبة للبورصة الصينية فإن مؤشر شنغهاي بدأ بالتصاعد في منتصف مايو 2017، بشكل صعودي تدريجي ليشكل أعلى قمة عند نقطة 3550، معاوداً هبوطه بشكل تدريجي في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2018، حتى عاد مصحِّحاً مسيرته في النصف الثاني من فبراير 2018، مُفتَتِحاً تداولاته عند مستويات أسعار 3391,55 وصولاً لأعلى سعر له خلال الثلاث شهور الماضية عند نقطة 3587.03. في هذه المرحلة يسير ضمن قناة صاعدة، ومن المتوقع معاودة ملامسته لنقطة المقاومة 3584.13 واختراقها للوصول إلى مستويات 4000 ثم 5150. هذا الصعود مشروط بعدم كسر نقطة الدعم 2650.4 التي في حال اختراقه لها سيلامس مستويات 1980.18 (6).

شكل رقم (7)

أداء مؤشر بورصة شنغهاي-2018


 

ومن خلال دراسة الشارت الشهري لهذا العام لليوان-دولار usdcnh يلاحظ أنّه اتخذ شكل ترند هابط على مدار الثلاثة أشهر الماضية، حيث افتتحت تداولاته عند نقطة 6.76357 وصولا ً لأعلى سعر له عند 6.77140. كما سجل أدنى نقطة له عند 6.25456. اعتماداً على مؤشر الستوكاستيك والبولنجر باند على الفريم الشهري. ومن المتوقع تصحيح مساره في المرحلة المقبلة، باتجاه تصاعدي بشرط اختراق نقطة المقاومة 6.62837 والثبات فوقها وصولاً للهدف الثاني 6.67000 حتى الوصول لمستويات 6.7330 ومن ثم 6.8000 (7).

شكل رقم (8)

أداء مؤشر اليوان-2018

 


ب-المقدّرات العسكرية للصعود الصيني:

اختارت الصين المدخل الاقتصادي لإعادة تعريف موقعها (قوتها ومصالحها) في النظام الدولي، لسببين رئيسين، أولهما عدم ترسخ ثقافة القوة والتدخل العسكري والسياسي في الشأن الدولي من جهة، والفارق العسكري الذي ما زال قائماً بينها وبين الولايات المتحدة وروسيا من جهة ثانية، وإن كان يتم تقليصه تدريجياً.

ووفقاً لمؤشر Global Firepower لعام 2017، فإنّ الصين تحتل الترتيب الثالث عالمياً في مؤشر القوة بعد الولايات المتحدة وروسيا، وبتعداد جيش عامل 2.26 مليون عسكري، وتعداد احتياطي 1.452 مليون عسكري. وبموازنة دفاعية تقدر بـ 161.7 مليار دولار. ويمكن استخدام الموازنة الدفاعية للتدليل على حجم الهوة التي ما تزال قائمة بين الصين والولايات المتحدة، حيث بالكاد تتجاوز ربع الموازنة الدفاعية الأمريكية.

شكل رقم (9)

الموازنات العسكرية الأعلى عام 2017-Global Firepower


 

وما زال الحضور العسكري الصيني خارج الإقليم الصيني (شرق وجنوب شرق وغرب آسيا) محدوداً، تمثّل في مناورات مع باكستان وإيران. إضافة إلى مناورات روسية-صينية شرق المتوسط (مايو 2015). حيث تتشارك الدولتان بعدة مناورات ثنائية ومتعددة الأطراف. وكانت هذه المناورات مضادّة للسفن والطائرات والغواصات، إلى جانب دفاع جوي، ومهام أمنية غير تقليدية، وتدريبات على الإجلاء. وهي وفق التصريحات الصينية تهدف إلى "ضمان سلامة الشحن في المناطق النائية من العالم" (8).

 

ج-المقدّرات الثقافية للصعود الصيني:

لا يمكن للصين بناء دور عالمي، استناداً على التجارة وتبادل السلع أو النفوذ السياسي والعسكري فحسب، في ظلّ نفوذ غربي (أمريكي تحديداً) يشمل كافة مناحي الحياة، وأبرزها النفوذ الثقافي/الدعائي. والذي ما زال النفوذ الأبرز عالمياً، رغم تجاوز تقديرات الميزانية الخاصة بالدعاية الصينية الخارجية مبلغ 10 مليار دولار سنوياً عام 2015، مقابل 666 مليون دولار في الولايات المتحدة عام 2014.

حيث أظهر استطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC عام 2014، أنّه ومنذ عام 2005 انخفضت الآراء الإيجابية حول نفوذ الصين بنسبة 14%، وأنّ 49% من المشاركين أبدوا آراء سلبية في الصين. في حين أظهر استطلاع مركز PEW عام 2013، أنّ عجز القوة الناعمة الصينية واضح حتى في إفريقيا وأمريكا اللاتينية (9).

وما تزال الصين تشهد عائقاً حضارياً ثقافياً، سواء لناحية اللغة أو الثقافة أو الدين، المتباين (للغاية أحياناً) مع المناطق التي تستهدف مدّ نفوذ فيها، وخاصة الشرق الأوسط (ذي الثقافة الإسلامية والعربية).

 

د-الأبعاد السياسية لتوظيف المقدّرات الصينية:

تستند الصين في مرحلة بناء النفوذ الدولي، إلى عنصر بالغ الأهمية وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، على خلاف النفوذ الأمريكي والروسي. بل تذهب إلى دعم الحكومات التي تتعامل معها، بحثاً عن بناء بيئة مستقرة، بغضّ النظر عن أداء تلك الحكومات في سجلات حقوق الإنسان.

أي أنّ الصين بشكل آخر، تتدخّل في دعم حكومات مثيلة لها (تسلطية)، على غرار التدخل الغربي لبناء عالم ديمقراطي، فكل طرف يسعى إلى بناء مناطق نفوذ وفق معاييره الخاصة، حتى يمكن السيطرة عليها والتحكّم بها. ويُستدلّ على ذلك موقف الصين الداعم لأشد الأنظمة انغلاقاً أو إرهاباً (كوريا الشمالية، إيران، سورية، ...).

وفي حين تروّج الصين أنّ نفوذها الاقتصادي هو عملية تشاركية اعتمادية تعود منافعها على كافة الأطراف، إلا أنّ ذلك يتوقف على حجم استقرار المصالح الصينية، والتهديدات التي قد تتعرض لها.

فعلى سبيل المثال، أقرضت الصين الإكوادور مبلغ 12 مليار دولار، لكن لم تعد الإكوادور قادرة على السداد بعد انهيار أسعار النفط منذ عام 2014، ودخول البلاد في حالة ركود، ما دفع الصين إلى أن تأخذ ديونها عبر شراء جميع صادرات النفط الإكوادوري بسعر مرتفع، وحقوق حصرية في التنقيب عن النفط في منطقة الأمازون، والاستيلاء على قطاع التعدين فيها (10)، أي الاستيلاء على الاقتصاد الإكوادوري والتحكم السياسي به.

 

 

المحور الثاني: مشروع طريق الحرير الجديدة، آفاق وتحدّيات

أطلق الرئيس الصيني إعلان كازخستان 2013، والذي تضمّن إحياء طريق الحرير القديم، عبر طريق برية وبحرية، تُعبِّر عن انتقال الصين من مجالها الإقليمي إلى المجال العالميّ، عبر ربط قارات العالم الثلاث بها، وهو أكثر المشاريع الصينية وضوحاً في المرحلة المقبلة، عبر مبادرة (حزام واحد، طريق واحدة).

 

أ-محددات المشروع:

تتباين الخرائط التي تتحدّث عن تفاصيل هذه الطريق، بما يعطيها مرونة في التنفيذ والتطوير، لكن المشروع يقوم أساساً ضمن 65 دولة وافقت على المشاركة، تنفق فيها الصين قرابة 150 مليار دولار سنوياً. ويتضمّن الفرع البري من المبادرة 6 ممرات، إضافة الى طريق الحرير البحرية. وهذه الممرات هي (BBC، مايو 2017):

1-  الجسر البري الأوراسي الجديد: يمتدّ من غرب الصين إلى روسيا الغربية.

2-  ممر الصين-منغوليا-روسيا: يمتد من شمال الصين إلى الشرق الروسي.

3-  ممر الصين-آسيا الوسطى-آسيا الغربية: يمتد من غرب الصين إلى تركيا عبر إيران.

4-  ممر الصين-شبه جزيرة الهند الصينية: يمتد من جنوب الصين إلى سنغافورة.

5-  ممر الصين-باكستان: يمتد من جنوب غرب الصين إلى باكستان.

6-  ممر الصين-ميانمار-بنغلاديش-الهند: يمتد من جنوب الصين إلى الهند.

7-  طريق الحرير البحرية: تمتد من الساحل الصيني عبر سنغافورة والهند باتجاه البحر المتوسط.

شكل رقم (10)

ممرات طريق الحرير الجديدة


 

بحيث يغطي المشروع 65 دولة، تضم 4.5 مليار نسمة، وتحوز ثلث الناتج العالمي الإجمالي. بحيث تقدر تكلفة الإنشاء تريليون دولار، واستثمارات لاحقة تتراوح بين 4-8 تريليون دولار. فيما تعهدت الصين بأن تستورد منتجات بتريليوني دولار من الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق لمدة خمس سنوات.

وتحدّد الصين المضمون الرئيس لبناء "الحزام مع الطريق"، في خمس نقاط، تحت العناوين التالية (11):

1-    تناسق السياسات: بين الدول المضيفة حول الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتنمية الاقتصادية.

2-    ترابط الطرقات: وتحسين البنية الأساسية العابرة للحدود، وتكوين شبكة للنقل والمواصلات.

3-    تواصل الأعمال: والتباحث في سبل تسهيل التجارة والاستثمار، وإزالة الحواجز التجارية والاستثمارية ورفع سرعة الدورة الاقتصادية الإقليمية وجودتها.

4-    تداول العملات: عبر المقاصة بالعملات المحلية وتبادل العملات، وتعزيز التعاون النقدي، وإنشاء مؤسسات مالية للتنمية الإقليمية، وخفض تكاليف المعاملات.

5-    تفاهم العقليات: بهدف توطيد القاعدة الشعبية للعلاقات الرسمية بما يعزز الفهم المتبادل والصداقة التقليدية.

وفي سبيل تحقيق المشروع، تعمل الصين على عدّة مشاريع متزامنة، من أبرزها (الأنباء الكويتية، مايو 2017):

-      العمل على سلسلة من السكك الحديد تربط الصين بحوالي ثلاثين مدينة أوروبية في أقل من ثلاثة أسابيع.

-      سيربط طريق يبلغ طوله 873 كلم، الصين بالساحل التايلاندي.

-      تموّل الصين خطّاً بطول 471 كلم في كينيا بين العاصمة نيروبي ومرفأ مومباسا على المحيط الهندي.

-      اشترت ثلاث مؤسسات صينية رسمية قرب اسطنبول مرفأ كومبورت الذي يعد الثالث في البلاد ويعتبر نقطة وصل مهمة بين "الحزام" و"الطريق".

-      يتم ربط مرفأ غوادار الباكستاني غير البعيد من الحدود الايرانية، بأقصى غرب الصين، بعد تجديد 500 كلم من الطريق، وسيؤمن المرفأ للتجارة الصينية منفذاً إلى الشرق الاوسط، مع مطار دولي جديد فيه.

-      مجمعات صناعية في بيلاروسيا وماليزيا.

وتحت إدارة شي جين بينغ، يبدو أنّ أولويات بكين المباشرة فيما يخص طريق الحرير، هي (12):

1-    تأمين التدفق البري للطاقة من آسيا الوسطى المجاورة (وروسيا)، بهدف مواجهة خطر الاعتراض البحري، وخصوصاً عبر ممرين مائيين حساسين، هما مضيق ملقة (الذي يعبر من خلاله 80% من النفط الصيني) ومضيق هرمز (الذي يمر من خلاله نحو 20% من واردات الصين من النفط). وخصوصاً أنّ الصين هي المستور الصافي الأكبر للنفط في العالم بأكثر من 6.2 مليون برميل يومياً.

2-    استغلال المشاريع التنموية بهدف تهدئة مقاطعة سنجان الغربية المضطربة والغنية بموارد الطاقة (الانفصاليون الأويغور-تركستان الشرقية).

3-    تحفيز قدر أكبر من الاستقرار والتكامل الإقليميين عبر تطويق جيران الصين الغربيين في منطقة مزدهرة تمتد حتى أوروبا، وتكون بكين مركزها الاقتصادي والسياسي.

ب-آفاق المشروع:

تسعى الصين للاستفادة من الإنهاك في النظام الاقتصادي الغربي (أزمات متتالية)، عبر التقدم نحو المناطق التي تشهد تراجعاً غربياً من جهة، وعبر تقديم طروحات لإنعاش الاقتصاد العالمي، بما يضمن لها مزيداً من النفوذ الدولي. بمعنى أنها تعمل بطريقة معاكسة للأسلوب الغربي (الاقتصاد أولاً ثم النفوذ السياسي).

وتظهر جدية الصين في مشروعها، من خلال دأبها على الاستفادة من مجموعة من الآليات والأسس التي بُنِيت أو أعيد تفعيلها في السنوات الأخيرة، والتي يمكنها أن تساعد في تفعيل هذا البعد. ولذلك عمدت إلى إيجاد/تعزيز/توسعة البنى المؤسساتية الصينية والإقليمية والدولية وتسخيرها لتخدم هذا المشروع، وتشمل:

-      رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان-ASEAN).

-      منظمة شنغهاي للتعاون: (الصين، روسيا، كازخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان)، ودول مراقبة (إيران، منغوليا، الهند، باكستان).

-      منظمة مؤتمر التفاعل وبناء الثقة في آسيا (CICA)، وهو بمثابة منصّة للحوار الأمني بين دول المنطقة.

-      بنك التنمية الجديد مع البلدان الأعضاء الأخرى في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا).

-      البنك الآسيوي للاستثمار (AIIB).

-      الاتحاد التجاري لطريق الحرير.

-      صندوق طريق الحرير.

-      كما تساهم كبريات المؤسسات الصينية في المشروع، وأبرزها (13):

o     خصّص بنك تطوير الصين China Development Bank مبلغ 890 مليار دولار لحوالي 900 مشروع متعلقة بطريق الحرير.

o     تقديم دعم قدره 8.7 مليار دولار للدول الناشئة المشاركة ضمن مشاريع طريق الحرير.

o     سيوفر اثنان من أكبر المصارف في الصين قروضاً بقيمة إجمالية 55 مليار دولار لدعم المبادرة.

o     يقوم بنك التعمير الصيني، ثاني أكبر بنك في الصين من حيث الأصول، بجولات ترويجية لجمع ما لا يقل عن 100 مليار يوان (15 مليار دولار) من مستثمرين من داخل البلاد وخارجها. فيما يهدف بنك الصين، إلى جمع نحو 20 مليار يوان. (سكاي نيوز، أغسطس 2017)

وقد عملت الصين على إنجاز عدة مفردات لتعزيز هذا المشروع، وتعزيز جاذبيته لدى الدول المضيفة، خلال عام 2017، ومن أبرزها (14):

-      ازداد حجم الاستثمارات الصينية الجديدة في 57 دولة واقعة على طول المشروع إلى نحو 9.6 مليار دولار، وبما بعادل 12.3% من إجمالي حجم الاستثمارات الخارجية في تلك الدول خلال تلك الفترة، وبزيادة بلغت 4% عن العام السابق.

-      زيادة حجم التبادل التجاري للصين مع تلك الدول، ففي الشهور التسعة الأولى لعام 2017، حيث ارتفع إجمالي حجم الواردات والصادرات بين الصين وكل من روسيا وبولندا وكازاخستان بنسبة 26.7% و24.8% و41.1% على التوالي.

-      خلقت الشركات الصينية 247 ألف وظيفة محلية حتى نهاية أغسطس 2017، في تلك الدول.

-      تم تسيير أكثر من 2500 رحلة تجارية ذهاباً وإياباً منذ بداية عام 2017، على امتداد السكك الحديدة الخاصة بالمشروع.

وتدعم الصين الدول المضيفة/المشاركة في المشروع من خلال مجموعة واسعة من القروض، ولعلّ أبرز ما يميز هذه القروض أنها لا تشترط تغييرات سياسية واقتصادية -على عكس المؤسسات ذات الجذور الغربية مثل صندوق النقد الدولي، التي تطالب التوافق مع الاقتصاد الحر ومراعاة معايير حقوق الإنسان-.

وقد منحت الحكومة الصينية للشركات مرونة كافية لعقد صفقات لا تشترط أن تكون عائداتها أرباحاً نقدية في المقام الأول، بل يمكن أن تشمل النفوذ الاستراتيجي أو القوة الناعمة. ما يعني أنّ الدول غير القادرة على الإيفاء بديونها تشكّل ضغطاً على المصارف الصينية. كما تتعرض الدول الشريكة لخطر أعباء الديون الكبيرة والتنازل عن أصول وطنية رئيسية لصالح السيطرة الأجنبية. ورغم أنّ القروض الصينية لا تضع شروطاً أيديولوجية، إلا أنها غالباً ما تدرج التزامات بقبول العمال والمقاولين الصينيين (15).

 

ج-تحدّيات المشروع:

إنّ هذا المشروع الصيني، لا يقع ضمن بيئة خالية من المنافسة الدولية (التي تتضمّن أشد أشكال المنافسة عبر النزاعات والصراعات الدولية في عدّة أقاليم)، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، تعمل الصين على تحدّي البنى السياسية والاقتصادية للهيمنة الأمريكية (الأحادية القطبية)، من خلال مشاريع تمرّ في مناطق نفوذ أمريكية من جهة، وروسية من جهة ثانية، وضمن مناطق ذات تطلعات إقليمية لقوى منافسة للصين (وأبرزها الهند).

ويشابه حجم الطموح القائم في هذا المشروع، حجم الطموح الإمبراطوري الألماني قبيل الحرب العالمية الأولى، عبر مشروع (خط سكة حديد بغداد)، والذي كان يصل العمق الألماني بالشرق الأوسط وما بعده. والذي أدّى إلى تنافس دولي على المشروع (بنائه وإدارته وحصصه)، أدى في المحصلة –إلى جانب عوامل أخرى- إلى إشعال حرب عالمية. ويمكن ملاحظة أنّ المشروع الألماني كان في بيئة دولية غير مستقرة من جهة، مع انهيارات في منطقة الشرق الأوسط –الإمبراطورية العثمانية-، يسعى إلى اقتطاع حصته منها، شبيهة بالظروف الحالي نسبياً.

أي أنّ المشروع الصيني، الذي تمّت صياغته استراتيجياً لمرحلة تبعد 40 عاماً منذ إعلانه (2049)، يواجه مشاريع أخرى قائمة أو تتجّه نحو الصعود. عدا عن أنّ المشروع يحمل أبعاداً تتعلق بالنفوذ والهيمنة بشكل واضح. وهو ما لا يمكن أن تقبل الدول الكبرى المنافِسة الأخرى تحقيقه بطريقة تعود بمعظم المنافع على الصين. أو على الأقل لن تسمح بمرور المشروع بهذا الشكل، دون أن يكون لها حصة كبرى، أو نزاعات مسلحة (مباشرة أو غير مباشرة) تقضي عليه.

كما أنّ الاستقرار النسبي للمسالك البحرية التي يتطلّع المشروع لعبورها، يعود لأهمية الحضور الأمريكي فيها، خاصّة عبر الأسطول الخامس والسابع، بهدف تأمين المصالح الأمريكية. وبالتالي فإنّ أمام الصين أحد خيارين:

-      تقديم سلة منافع كبرى للولايات المتحدة، لاستمرار حماية هذه المسالك (وهو يتقاطع مع صلب مشروع ترامب: الحماية مقابل المال).

-      أو أن تنسحب الولايات المتحدة من هذه المسالك، نتيجة ضغوطات كبرى لا قبل لها بها (غير وارد في المدى المنظور)، وأن تصبح مسؤولية أمن هذه المسالك بعهدة الصين، ما يعني ضرورة الحضور العسكري البحري الصيني فيها، في حال لم تجد منافسة بعد الانسحاب الأمريكي المفترض (وغير القائم).

-      في حال لم تقبل الصين بهذه الخيارات، فإنّ ذلك يعني إمّا وأد المشروع، أو التوجّه نحو نزاع مسلّح مع القوى المنافسة.

هذه العقبات تقوم على مستوى النظام الدولي، أما على المستوى الإقليمي المحيط بالصين، فيمكن تسجيل عقبات عدّة، من أبرزها:

-      فجوة البنية التحتية في آسيا (8 تريليون دولار) حتى عام 2020. وعملية الإقراض المتراخية التي قد تدفع الدول إلى تنفيذ مشاريع تنموية غير ذات صلة بالمشروع. إلى جانب احتمال وقوع فضائح غير متوقعة في مجالات البيئة وحقوق الإنسان (16).

-      تتخوف الهند من التطلعات الإقليمية ومن الدور الجيوسياسي العالمي الصيني، ومن حركة السفن الصينية التي قد لا تتوافق مع الحسابات الأمنية والإقليمية للهند وسواها.

-      كما يسجل الباحث Xinsong جملة ملاحظات/عقبات حول المشروع، من أهمها (17):

o     بعد مرور عام على وضع حجر أساس سكة حديد باندونغ-جاكرتا لمشروع قيمته 5.5 مليار دولار، لم يتم تشييد الخط بسبب صعوبات الحصول على الأراضي.

o     يشهد المشروع نقصاً في مؤسسات مراقبة الشفافية والمساءلة في الصين والبلدان المضيفة.

o     تشهد الأعمال الصينية احتجاجات في عدة مناطق في العالم، ومنها احتجاجات كينيا وسريلانكا.

o     قدّرت مؤسسة Chadbourne & Parke أنّ حوالي 30% من الاستثمارات الصينية المباشرة المتجهة إلى الخارج فشلت بسبب الافتقار إلى الاستعداد فيما يتعلق بعوامل الخطر وإساءة استخدام صناديق الاستثمار.

o     كشف مكتب المراجعة الوطني الصيني (الخاص بالمشروع)، ممارسة واسعة النطاق من قبل الشركات المملوكة للدولة لتغطية الخسائر عبر تزوير الصفقات والإيرادات من أجل تجنب التدقيق من قبل المنظمين في الدولة.

o     يمرّ المحور الاقتصادي الصيني-الباكستاني بإقليمي كشمير وبلوشتستان، ويكلف 62 مليار دولار، ويشهد تهديدات أمنية عالية من قبل المتمردين، وقد يتكرر ذلك في مناطق أخرى.

شكل رقم (11)


-      عدا عن أنّ الصين بحاجة إلى استقرار في مناطق العبور التجاري ووكلاء أمنيين واقتصاديين. وبالتالي فإنّ بعض القوى الإقليمية لن تقلب بهذا الدور، فيما دول أخرى أضعف من أن تحمي مناطق العبور، لذا سيتعين على الصين لاحقاً الحضور الأمني والعسكري لحماية مناطق العبور، وهو ما يشكل بداية نفوذ وهيمنة ستواجه إشكاليات أخرى.

-      لن يقبل المنافسون ترك المجال مفتوحاً أمام الصين لتتحوّل إلى قطب عالمي، وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا والهند، رغم تشاركها مع الصين اقتصادياً وسياسياً وفي المشروع. ومن ذلك ما يتمّ تداوله من نقل عناصر داعش من العراق وسورية إلى أفغانستان لضرب مشروع طريق الحرير الصيني (وفق تقارير لصحيفة يني شفق التركية).

-      ستعمد القوى المنافسة للهيمنة على مناطق يمرّ بها المشروع، بهدف منع استمراره، أو الحصول على حصة كبرى فيه، كما تفعل الولايات المتحدة في شمال العراق وشرق سورية.

-      يضاف إلى ذلك، أنّ كثيراً من الدول المضيفة للمشروع، تحكمها أنظمة مستبدة (وربما مغلقة على ذاتها)، في ظلّ عولمة حقوق الإنسان والحريات الاقتصادية والسياسية. ما يعني أنّ هذه الدول قد تشهد لاحقاً اضطرابات سياسية وأمنية (على شكل احتجاجات وثورات، كما بعض الدول العربية وإيران)، تقوّض البنى الأمنية للمشروع، وتدفع إمّا إلى تدخل صيني إلى جانب الأنظمة الحاكمة (وهو النمط الصيني الأقرب للتطبيق) وصولاً إلى التوّرط معها، أو التراجع عن المشروع. فيما قد تعمد القوى المنافسة لتشجيع مثل هذه التحركات/الاحتجاجات المحلية في الدول المضيفة.

أمّا على المستوى المحلي الصيني، فإنّ الاقتصاد الصيني، ورغم حجم الفوائض الضخمة التي يحوزها، والتي يتمّ تحويلها إلى قوة سياسية وعسكرية، فإنّه يشهد كذلك انتكاسات ستترك أثرها في المدى المتوسط والبعيد.

فقد وجد صندوق النقد الدولي في اختبار التحمّل على البنوك الصينية أنّ أربعة أخماسها معرضة للخطر، وحذر من أنّ الاعتماد الصيني على الديون ينمو بوتيرة خطرة، وبلغ 234٪ من إجمالي الناتج بالبلاد. وطالب البنك من الصين تعديل استراتيجيتها الاقتصادية بشكل أكبر: "نوصي السلطات بإلغاء التشديد على نمو الناتج المحلي الإجمالي ... الضمانات الضمنية للشركات المملوكة للدولة تحتاج إلى إزالة بعناية وتدريجياً". كما حذّر من التطور السريع للمنتجات المالية الجديدة التي يمكن أن "تصبح بسرعة متضخمة وذات شعبية وربما تشكل خطراً نظامياً". (تلفزيون المستقبل اللبناني، ديسمبر 2017)

 

 

المحور الثالث: الدور الإيراني (الوكيل) في المشروع الصيني

تتطلّع إيران إلى المشروع الصيني كجسر عبور يكسر عزلتها الإقليمية والدولية من جهة، ويسمح لها بشرعنة أدوارها الإقليمية التدخلية ثانياً. كما تأمل إيران أن تجني عوائد اقتصادية كبيرة منه تعزّز به شرعية النظام المنهارة، عبر إعادة تنمية بعض المناطق الداخلية الفقيرة للداخلية، بحيث تنزع بعض أسباب التوتر المحلي.

عدا عن تطلع إيران لتعزيز بناء علاقاتها الدولية بعيداً عن الضغط/التهديد الأمريكي، والمساهمة في بناء نظام دولي جديد، يكون لها دور فاعل فيه. وخصوصاً نتيجة طبيعة العلاقات الثنائية بين الطرفين منذ ثمانينيات القرن العشرين، إبان حرب الخليج الأولى. عبر علاقات عسكرية وسياسية واقتصادية، كان التفوّق فيها دائماً لصالح الصين، وبفارق كبير للغاية.

 

أ-مقوّمات العلاقة الإيرانية مع الصين:

تعتبر الصين أنّ إيران شريك استراتيجي (وفق تصريح وزير الدفاع الصيني، مايو 2014). وعليه يمكن لإيران أن تكون وكيلاً للمصالح الصينية في المنطقة، وفق اشتغال صيني لسنوات. أسّس أسباب ذلك، من أهمها:

-      أنّ إيران لا ترى للصين أي مطامع حدودية أو تاريخية في جغرافية إيران الحالية، وعلى العكس تماماً من روسيا، وبريطانيا (حيث الشمال الإيراني بالنسبة للروس، والجنوب الإيراني أي الأحواز بالنسبة لبريطانيا).

-      يهدف الدعم المتواصل من قبل الصين لإيران أن تكون لها قدرة عسكرية تنوب عن الصين، ومساومة القوى الغربية/الولايات المتحدة.

-      بلغت التجارة الثنائية الصينية-الإيرانية 50 مليار دولار أواخر عام 2014. حيث تعتبر الصين الشريك الاقتصادي الأكبر لإيران، متفوّقة على أوروبا بفارق كبير.

شكل رقم (12)

التبادل التجاري الإيراني مع الصين والاتحاد الأوروبي-2015


-      ويستدل على عمق العلاقة، من تقرير معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري): "كانت الصين من العام 2002 لغاية 2009 ثاني أكبر دولة مصدرة للسلاح، والمعدات العسكرية لإيران".

-      تتنوع العلاقات بين الطرفين، لتشمل المجدالات العسكرية وغير العسكرية، ولا سيما التعاون العسكري المباشر وغير المباشر، والذي من الممكن إجماله في: نقل التكنولوجيا العسكرية الصينية لإيران، والمساعدات الفنية الصينية، المساعدة في تطوير أسلحة تقليدية، توفير مركبات بناء الأسلحة، تقديم مساعدات في مجالات التحكم بالصواريخ، تحديث العقيدة العسكرية، المساعدات في بناء السفن الطائرات العسكرية وأنظمة الاتصالات والمراقبة، وتدريب الجيش (18).

-      وقع الطرفان اتفاقية تعاون عسكري (مايو 2014)، واتفاقية مكافحة الإرهاب (نوفمبر 2016)، إلى جانب تدريبات عسكرية مشتركة في مضيق هرمز (يونيو 2017)، وهي من أكبر المناورات التي أجرتها إيران مع قوة خارجية بمشاركة 700 قطعة بحرية من كل طرف.

-      بين العامين 2005 و2010، وقعت الشركات الصينية عقوداً بقيمة 120 مليار دولار مع قطاع النفط والغاز الإيراني.

-      تتطلع الصين إلى إيران كفاعل عسكري في منطقة الشرق الأوسط، يساعد في تأمين مضيق هرمز من الإغلاق، عدا عن إمكانية استغلال الشواطئ الإيرانية لإقامة قاعدة صينية مستقبلاً (19).

-      تعزّزت العلاقات مع زيارة الرئيس الصيني لإيران في يناير 2016، وعقد 17 اتفاقية تجارية وصناعية. مع تعهد بزيادة التجارة الثنائية أكثر من 10 أضعاف إلى 600 مليار دولار خلال عقد. والتزمت شركة صينية بنحو 550 مليون دولار لبناء محطة نفطية في مضيف هرمز. ووقعت شركة النفط الصينية العملاقة SINOPEC مع وزارة النفط الإيرانية صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار لبناء مصفاة جديدة في عبادان (20).

-      فازت وزارة النفط الإيرانية وكونسورتيوم من توتال الفرنسية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية CNPC وشركة طاقة إيرانية محلية بعقد قيمته 20 مليار دولار لمدى 20 عاماً لتطوير حقل جنوب فارس (نوفمبر 2017) (21).

أي أن الصين تتطلع إلى إيران عبر المناظير التالية:

o     سوق صادرات طاقة (نفط وغاز): حيث تشكل إيران سادس مورد للصين للنفط، وبما يعادل نصف صادرات إيران النفطية الخام، وفق أسعار مخفضة.

o     معبر بري للبضائع الصينية نحو الشرق الأوسط وأوروبا.

o     سوق استهلاكي يضم قرابة 80 مليون نسمة.

o     منطقة استثمارات (شبه خام)، تفتقر لكثير من مقومات البنى التحتية.

o     نظام تسلطي، قادر على منح امتيازات دون العودة إلى الشعب.

o     نظام ما زال يتمتع باستقرار (نسبي)، قادر على تأمين الممرات البرية.

o     نظام يتطلع للتخلص من الضغوطات الغربية عبر تنويع التحالفات.

o     يمكن من خلال النظام الإيراني (في حال استمراره)، المحافظة على شكل العلاقات الإقليمية (توازن وتنافس القوى الإقليمية)، وبالتالي ضمان استقرار نسبي في المنطقة للمشروع الصيني. حيث يدفع هذا الشكل إلى قدرة صينية أكبر على التفاوض مع الأطراف المتنافسة، والحصول على مكاسب متبادلة (من خلال جذب الصين إلى تحالفات في مواجهة المنافسين).

 

ب-مسار الطريق الصينية عبر إيران:

يعتبر الخط الحديدي الذي يعبر إيران من الصين نحو أوروبا، أحد أهم الأفرع الرئيسة للمشروع الصيني، وعمل الطرفان على تعزيزه ورفده بطرق فرعية أخرى، ومن ذلك: خط حديد بين كازخستان وإيران وتركمنستان عام 2014، بطول 575 ميل.

ومع مطلع عام 2016، وصل أول قطار بضائع صيني إلى طهران، قاطعاً مسافة 10400 كلم، بمعدل 700 كلم يومياً، حاملاً 10 حاويات شحن، ويختصر القطار الزمن الذي مينائي شانغهاي وبندر عباس بمقدار 30 يوماً.

شكل رقم (13)

مسار القطار الصيني إلى إيران


كما قدمت الصين استثمارات ضخمة ومستمرة لتعزيز بنية السكك الحديد داخل إيران، منذ تسعينيات القرن العشرين، ومن أبرزها:

شكل رقم (14)

الاستثمارات الصينية في السكك الحديدية الإيرانية


ويمكن ملاحظة أثر تلك الاستثمارات، في مسار شبكة السكك الحديدة القائمة، وقيد الإنشاء، وقيد التخطيط، والتي من المفترض أن تخدم جميعها المشروع الصيني:

شكل رقم (15)

شبكة السكك الحديدية في إيران


وفي حين تحاول إيران الترويج لمركزيتها في المشروع الصيني، وتقديم ذاتها كبديل لخطوط بحرية في الخليج العربي، فإنّ نوعية البضائع التي يساهم القطار الصيني في نقلها تختلف اختلافاً كاملاً عن النفط الذي يتمّ تصديره عبر مضيق هرمز. أي أنّ المسارات البحرية في الخليج العربي ستحتفظ بمكانتها، ولا يمكن الاعتماد على المسارات البّرية الإيرانية (القائمة أو المستقبلية)، لنقل نفط الدول العربية، أو لنقل البضائع الصينية إليها عبر إيران.

والفوائد التي ستجنيها إيران، تتركز في المساهمة في تصدير سلعها، وتجاوز الحظر الغربي (جزئياً)، حيث أنّ مرور المشروع الصيني عبر أراضيها لا يعني قبول الدول الأخرى حتماً بالتعامل التجاري المفتوح مع بعض الدول، وعلى رأسها إيران. أما في حال رفع الحظر الغربي، فسيكون للخط الصيني، دور مهم في التبادل التجاري الإيراني شرقاً وغرباً، وإن كان سيقتصر في المراحل الأولى على المنتجات النفطية، وبعض السلع الأولية، حيث تفتقر إيران للمنتجات الصناعية، وللتنافسية الدولية.

 

ج-عقبات الدور الإيراني في المشروع الصيني:

تتطلع إيران لمكانة (الشريك) في هذا المشروع، لكن حجمها الاقتصادي والعسكري لا يؤهلها لهذه المكانة بالمطلق، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المؤشرات الاقتصادية والعسكرية للطرفين. والتي تؤكد النقاط التالية:

-      يشكل الدخل القومي الإيراني أقل من 4% من الدخل القومي الصيني.

شكل رقم (16)

إجمالي الدخل القومي الإيراني والصيني لعام 2016 (البنك الدولي)


-      ما تزال البنى التحتية الإيرانية متهالكة للغاية، وبحاجة استثمارات ضخمة، حتى تكون قادرة على رفد التجارة الصينية البرية، وتوفير الدعم اللوجستي لها.

-      مستوى دخل الفرد الإيراني منخفض للغاية، ولا يؤهله سوى أن يكون مستهلكاً للسلع الصينية منخفضة الجودة وقليلة الأرباح.

-      الفارق العسكري بين الطرفين، يحتم على إيران موقع الوكيل وليس الشريك.

شكل رقم (17)

مؤشرات القوة الصينية والإيرانية لعام 2017- Global Firepower


 

يُضاف إلى ذلك، جملة عقبات أخرى تعترض الدور الإيراني، من أبرزها:

-      حرص الصين على بناء علاقات واسعة في الشرق الأوسط، وتحديداً مع القوى العربية الرئيسة فيه (الإمارات والسعودية ومصر). لذا ستكون حريصة على ألا تكون علاقاتها مع إيران موجّهة ضدّ الدول العربية.

-      طبيعة التفكير الإيراني، غير القابل للتشارك في المنافع، والذي سيجد صعوبة في الاكتفاء بدور الوكيل، كما حصل في خلافاتها السابقة مع الولايات المتحدة، وبداية خلافاته التي تظهر مع روسيا.

-      تكاليف الشحن البري وحجمه مقارنة بالشحن البحري، يدفع الصين إلى الاعتماد الأكبر على الشحن البحري عبر المياه العربية.

-      عدم سعي الصين إلى الانجرار إلى صراعات الشرق الأوسط من جهة. أو التصادم مع الولايات المتحدة والعالم الغربي بشأن إيران من جهة ثانية. بل هدفها الأعلى حاليا يتمثّل في حماية مسارات المشروع.

-      كذلك، الوضع المستقر الهش لإيران داخلياً، والذي يشهد تصاعداً في الاحتجاجات ومقوّمات اندلاع ثورة اجتماعية، أو حركات استقلالية/انفصالية في الأقاليم القومية، والتي قد تجعل من إيران منطقة نزاعات مسلّحة جديدة، تهدّد المصالح الصينية.

أما عن دور إيران في آسيا الوسطى، فهي ليست فاعلاً مؤثراً فيها، وليست قادرة على أن تكون وكيلاً صينياً فيها، بل يقتصر دورها داخل الجغرافية الإيرانية من جهة، وفي محيطها القريب (ربما أفغانستان وشمال العراق وبعض مناطق سورية). ما يقلّل من القيمة الاستراتيجية للنظام الإيراني التي يحاول ترويجها. وخصوصاً أنّ الدور الإيراني في آسيا الوسطى يشهد عدة عقبات، من أبرزها:

-      الدور الأمريكي والروسي والصيني (القوى الكبرى) في وسط آسيا.

-      قلق دول وسط آسيا (السنيّة باستثناء طاجيكستان)، من النفوذ الإيراني الأيديولوجي فيها.

-      حجم التجارة والمصالح البينيّة بين إيران وهذه الدول محدود للغاية.

-      علاقات إقليمية غير مستقرة مع أذربيجان شمالاً، وأفغانستان شرقاً، والعالم العربي غرباً.

أي أنّ القيمة الاستراتيجية الأعلى لإيران في المشروع الصيني (إلى جانب صادرات الطاقة الإيرانية)، تتمثل في الموقع الجغرافي (المعبر) نحو الغرب الأوروبي. والذي يمكن الاستعاضة عنه باتجاه الشمال عبر الأراضي الروسية. غير أنّ تفضيل الصين للأراضي الإيرانية يأتي نتيجة انخفاض التكلفة السياسية (الشروط الروسية للمشاركة في المشروع)، لكن هذه البدائل تبقى قائمة وتمثّلت بشكلٍ جلي عبر قطار الشحن الذي انطق من بريطانيا إلى الصين دون المرور بإيران.

شكل رقم (18)

مسار رحلة القطار من بريطانيا إلى الصين


 

ورغم أنّ إيران عضو مراقب في منظمة شنغهاي، إلا أنّ الصين ما تزال ترفض منحها عضوية كاملة. فيما فشلت إيران منذ عام 1979 في الانضمام إلى أيّة هيئات جماعية دولية. وهو ما يؤكد التوجّهات السابقة في رغبة الصين بالاحتفاظ بإيران كوكيل أو حارس للمرات الاقتصادية الصينية (وليس شريكاً كاملاً)، وكذلك أداة ضغط في مواجهة الولايات المتحدة التي قد تعرقل المشروع.

في حين أنّ خيارات الولايات المتحدة ضيقة، فاحتواء كل من الصين وإيران سيؤدي إلى دفع البلدين إلى التقارب، كما أنّ مواجهة إيران بالتوازي مع استيعاب الصين، أو العكس بالعكس، وهو سيناريو غير محتمل أكثر من الأول، سيترك ثغرات يمكن لأي من الطرفين استغلالها. فيما يمثل الشرق الأوسط -وإيران على وجه الخصوص- أولوية قائمة/حالية بالنسبة للولايات المتحدة، فيما تمثّل الصين التحدي الأبرز للسياسة الخارجية الأمريكية بعيدة المدى، وبالتالي فإنّ طريقة تفاعل بكين وطهران في الوقت الراهن ستكون لها نتائج هامة على الاستراتيجية الأمريكية الكبرى في السنوات القادمة(22).

 

 

المحور الرابع: الشريك العربي في المشروع الصيني

تُشكِّل منطقة الشرق الأوسط أهمية قصوى في التوجهات الاقتصادية الصينية، حيث تتجه 46% من صادرات الصين نحو دول الشرق الأوسط، فيما تأتي واردات الصين النفطية من 10 دول، على رأسها: السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، إيران.

وتعتبر إمدادات الطاقة من منطقة الشرق الأوسط، واحدة من أكثر القضايا الحيوية في التوجهات الصينية، حيث يشكل النفط والغاز العربي ثلث استهلاك الصين، ومن المتوقع أن يصل استيراد الصين من نفط الخليج ثلاثة أضعاف واردات الولايات المتحدة منه عام 2025. فيما لا تمتلك الصين احتياطي نفطي استراتيجي لحالات الطوارئ لأكثر من 16 يوماً (في حال خسرت 5% من وارداتها النفطية فقط، سينتهي الاحتياطي في 9 أشهر).

عدا عن أهمية السوق الخليجية تحديداً (سوق مستوردة للسلع والأدوات والخدمات والصناعات الثقيلة والتكنولوجيا الصينية)، خصوصاً مع عدد سكان يتجاوز 70 مليون في حال احتساب اليمن والأردن مع دول الخليج العربي. إضافة إلى تطلّع الصين إلى الاستفادة من هذه السوق عبر مبيعات الأسلحة.

وإن كانت العلاقات السياسية مستقرة بين الطرفين، وتشهد نمواً مستمراً، غير أنّ مجال هذه العلاقات ما يزال غير عميق كما في الحالة الإيرانية، وخصوصاً أنّ الصين غير متأقلمة بعد مع قضايا الشرق الأوسط. لكن مشروعها (طريق الحرير) سيدفعها إلى مزيد من الانخراط، وخصوصاً أنّ الخوف من تأثر إمدادات الطاقة، سيجعلها أكثر قابلية للتدخل. عدا عن أن عدم وجود حضور سياسي صيني في المنطقة سيقلل من فرصها التفاوضية مع الدول الكبرى فيها.

في المقابل، تدرك الصين أنّ أي تعطيل لمصالحها في الشرق الأوسط سيكون كارثياً، يترافق مع خسائر بمليارات الدولارات في الاستثمارات وعشرات آلاف الصينيين في المنطقة (حماية الأصول والمواطنين). وبالتالي يمكن للصين تغيير مبادئها عدم التدخلية من خلال التشارك في عمليات مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني والتدخل في عمليات حفظ السلام، إضافة إلى التدريب والمناورات العسكرية، بالتعاون مع الدول الرئيسة (دول الخليج العربي).

وتقوم جاذبية دول الخليج العربي الأساسية (الإمارات والسعودية والكويت)، من خلال ما يلي:

-      استقرار سياسي داخلي، وعلاقات دولية مستقرة منذ عقود.

-      بنية تحتية واسعة منجزة، قادرة على أن تكون داعماً لوجستياً متقدّماً للمشروع الصيني (على خلاف المنافس الإيراني ذي البنية التحتية المتهالكة إن وجدت).

-      انفتاح دول الخليج العربي على تنويع العلاقات الاقتصادية، وفصلها عن التحالفات السياسية.

-     أهمية المعابر المائية (بحر العرب والبحر الأحمر)، باعتبارها ركيزة الطريق البحرية، وهي الأقل كلفة مالية وسياسية، والأكثر أمناً، والأعلى طاقة استيعابية (الحمولة القصوى لقطار الصين، لا تتعدى 200 حاوية، في حين تصل الحمولة القصوى للمركب إلى 20 ألف حاوية، كما أن تكلفة النقل البحري أقل بـ 25% عن تكلفة النقل البري).

-      امتلاك قدرات تمويلية كبيرة للغاية، قادرة على أن تؤهل هذه الدول لأن تكون شريكاً حقيقياً سواءً على امتداد طريق الحرير الجديد، أو داخل الصين ذاتها. حيث تمتلك دول 4 دول خليجية (الإمارات والسعودية والكويت والبحرين) دخلاً قومياً يعادل 11% من الدخل القومي الصيني.

شكل رقم (19)


-      يُضاف إلى ذلك القدرات العسكرية الكبيرة لهذه الدول الأربعة، والتي تجعلها في مصاف قريبة من الصين، وخاصة أن الإنفاق العسكري السعودي (الثالث عالمياً) وحده يعادل تقريباً ثلث الإنفاق العسكري الصيني (الثاني عالمياً).

شكل رقم (20)

موازنات دفاعية 2017-Global Firepower 


وتُعتبر السعودية الشريك الخليجي والعربي الأول للصين، وتعود علاقاتهما إلى ثمانينيات القرن العشرين، لتتجاوز الأطر الاقتصادية إلى مشتريات أسلحة. عدا عن أنّ الصين هي الشريك التجاري الأول للسعودية. حيث تشكل نسبة 15% من إجمالي واردات الصين النفطية من السعودية. وقد بلغ حجم التبادل التجاري البيني 69 مليار دولار مطلع عام 2016.

وتعزّزت العلاقات المشتركة مع زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية يناير 2016، تلتها زيارة الملك سلمان إلى الصين مارس 2017. وقد شهدت الدولتان توقيع عدة اتفاقيات شراكة اقتصادية واستراتيجية خلال السنوات الفائتة. أبرزها مذكرة تفاهم مشتركة حول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري.

إنّ مرور طريق الحرير البحري بالبحر بالأحمر يشكل أهمية للموانئ الغربية للسعودية، وهو ما قد يزيد السفن العابرة عبر البحر الأحمر إلى الضعف على الأقل. وقد سبق لولي العهد السعودي التصريح بأنّ السعودية لا تستفيد حالياً من موانئها على البحر الأحمر بشكل كافٍ، وأنّ تفعيل هذه الموانئ هو إحدى خطط السعودية ضمن رؤية 2030، لا سيما أنّ هذا المشروع قد يوفّر طرقاً أسرع للنفط السعودي للصين.

كما تُعد الكويت أول دولة عربية تبادر إلى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون مع الصين في مبادرة "الحزام والطريق"، من خلال العمل عبر مشروع مدينة الحرير ومشروع الجزر الخمس إضافة إلى مشروع ميناء مبارك الكبير. عدا عن أنّ الكويت هي سادس أكبر شريك تجاري للصين في الدول العربية، إذ بلغ حجم التجارة بين البلدين في العام 2016 نحو 9.37 مليارات دولار، ووصلت الصادرات النفطية الكويتية إلى الصين إلى 16.34 مليون طن.

 

الشراكة الإماراتية-الصينية في طريق الحرير الجديدة:

تتمتع الدولتان بعلاقات اقتصادية تشهد نمواً سريعاً في العمليات الاستثمارية والتمويلية، عدا عن دور الإمارات الفعّال منذ اللحظات الأولى في مشروع طريق الحرير. حيث يمكن للخبرات الإماراتية وتحديداً في إدارة الموانئ أن تقدم دعماً لوجستياً على امتداد منطقة الشرق الأوسط من جهة، وربط خطوط الملاحة الإماراتية مع الخطوط الصينية، بحيث تشكل شبكة تضمّ غالبية موانئ العالم.

الإضافة الأخرى التي تتمتّع بها دولة الإمارات، هي الجسر الجوي العالمي (دبي وأبو ظبي)، والذي يمكن توظيفه كطريق جوي يُضاف إلى الطرق البرية والبحرية، بحيث تتكامل منظومة النقل الدولية. وخصوصاً أنّ حركة السفر والتجارة الدولية، ستظل بأمس الحاجة إلى المسار الجوي، الذي يتمتع بأعلى كفاءة وخبرة ودعم لوجستي.

إذ إنّه حتى منتصف عام 2017، نقلت طيران الإمارات وحدها نحو 24.6 مليون مسافر، من وإلى 58 وجهة في 30 دولة تقع على طريق الحرير الجديد. فيما تخدِّم الإمارات 5 مدن صينية. وزار دبي نحو نصف مليون صيني خلال عام 2016. (البيان، مايو 2017)

كما ستشكل الإمارات محطة برية مهمة ضمن الجزيرة العربية عام 2022، مع اكتمال سكة الحديد الرابطة بين مينائي خليفة وجبل علي بالسعودية وصولاً إلى موانئ البحر الأحمر (نيوم)، وبكافة دول الخليج العربي لاحقاً. بحيث يمكن توظيف الموانئ الإماراتية كمحطة خليجية للتفريغ والتحميل والدعم والصيانة.

ولم تلحظ الطريق البحرية الٍأساسية في المشروع، العبور عبر الموانئ الإماراتية، بل عبر موانئ إفريقية غير ذات تأهيل كافٍ، لذا من المفترض الاستفادة من مؤهلات الموانئ الإماراتية وجاهزيتها وخبرتها، لتكون محطة أساسية في المنطقة. فيما تتمتع الإمارات بكثير من عوامل الجذب التي تفرض عليها موقعاً مهماً (شريكاً)، ومنها:

-      بلغ التبادل التجاري الإماراتي-الصيني أكثر من 50-70 مليار دولار عام 2016، وتستحوذ شركة البترول الوطنية الصينية وشركة الصين للطاقة على حصة أقلية في شركة أبو ظبي للعمليات البرية المحدودة (ادكو). (البيان، مايو 2017)

-      عدة شركات إماراتية تستثمر في الصين، بمئات ملايين الدولارات.

-      يعمل أكثر من 200 ألف صيني في الإمارات (2015).

-      المساهمة بمبلغ 10 مليار دولار في إنشاء بنك الاستثمار الآسيوي.

-      يضاف إلى ذلك (23):

o     استثمار خمس شركات صينية في المنطقة الصناعية في أبو ظبي مبلغ 300 مليون دولار، وبمساحة 2.2 كيلو متر مربع، لمدة 50 عاماً.

o     أسست الإمارات والصين صندوق استثمار استراتيجي مشترك بعشرة مليارات دولار في أواخر 2015 تقاسمت الدولتان تمويله.

o     الصين ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات، وأكبر دولة مصدرة لها.

o     تعد الإمارات تعد منفذاً لنحو 60 بالمئة من صادرات الصين لأسواق المنطقة.

-      ميزان تجاري إيجابي لصالح الإمارات بفارق كبير، حيث وصل حجم واردات الصين من الإمارات إلى قرابة 200 مليار دولار أمريكي عام 2015، معظمهما منتجات نفطية، في حين بلغ حجم صادرات الصين للإمارات 30 مليار دولار (24).

كما تعتبر الإمارات واحدة من أبرز الشركاء الخارجيين في إنشاء وتشغيل مسارات (مبادرة الحزام والطريق)، وذلك من خلال:

-      تشغيل وإدارة ميناء "لندن غيتواي" التابع لمجموعة "موانئ دبي العالمية"، والذي يعد الوجهة الأخيرة في مشروع السكك الحديدة الصينية. والذي شهد عام 2017 إطلاق قطار تصدير من المملكة المتحدة إلى الصين، بعد أشهر من وصول قطار آخر من الصين. (انظر الشكل رقم 18 في هذه الدراسة)

-      تواصل المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة في أبو ظبي، مع مصر لإدارة الموانئ المخصصة للمشروع الصيني.

-      إدارة الإمارات لعدة موانئ على مسار المشروع.

-      رفع الطاقة الاستيعابية لميناء جبل علي لتصل إلى 22.1 مليون حاوية.

-      مشاركة موانئ دبي العالمية في أعمال البنية التحتية للطريق الصيني الجديد، حيث وقعت اتفاقاً مع حكومة كازخستان لإقامة منطقة اقتصادية خاصة في مدينة أكتاو المطلة على بحر قزوين (25).

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري

 

الهوامش:

(1) تشاولينغ فنغ، "قيمة الاعتماد المتبادل: ديناميكيات الصين والشرق الأوسط حان وقت الإصلاح"، مركز بروكنجز الدوحة، إبريل 2015.

(2) جمال عبيدي، "العلاقة الصينية-الإيرانية: علاقة استراتيجية أم علاقة مصلحية؟"، مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث، 23/10/2014:

http://falsharq.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA/

(3) ليو باو كوي، "مساهمات الاقتصاد الصيني"، الصين اليوم، 1/12/2017:

http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2017-12/01/content_750531.htm

(4) David Shambaugh, "China's Soft-Power Push: The Search for Respect", Foreign Affairs, July/August 2015, Volume 94, Number 4, pp. 99-107.

(5) آلاء الفندي، تحليل خاص بالباحث لأداء مؤشر شنغهاي ومؤشر العملة الصينية، 19/3/2018.

(6) المرجع السابق ذاته.

(7) المرجع السابق ذاته.

(8) Elizabeth Wishnick, "Russia and China Go Sailing: Superpower on Display in the Eastern Mediterranean", Foreign Affairs, May 26, 2015:

https://www.foreignaffairs.com/articles/china/2015-05-26/russia-and-china-go-sailing

(9) David Shambaugh, Ibid.

(10) Parag Khanna, "The New Arms Race: Connectivity and Competition", Foreign Affairs, February 15, 2016: https://www.foreignaffairs.com/articles/2016-02-15/new-arms-race

(11) للمزيد حول هذه النقاط، انظر: _____، "معلومات عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ 21"، منتدى التعاون الصيني العربي، 23/4/2014: http://www.cascf.org/ara/zgsd/t1149454.htm

(12) كيفن ليم، "إيران بعيني بكين"، معهد واشنطن، 11/6/2016:

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/iran-seen-from-beijing

(13) _____، "الصين تدفع بمشروعه طريق الحرير وردد فعل متباينة"، 22/5/2017:

https://www.alvexo.ae/blog/market-outlook/chinas-new-silk-road-wins-praise/

(14) ليو باو كوي، "مساهمات الاقتصاد الصيني"، الصين اليوم، 1/12/2017:

http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2017-12/01/content_750531.htm

(15) كاديرا بثياغودا، "ما الذي يحفز طريق الحرير الجديد في الصين، وكيف يجب أن تكون استجابة الغرب"، بروكينغز، 17/5/2017:

https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2017/05/22/%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF/

 (16) Jacob Stokes, "China's Road Rules: Beijing Looks West Toward Eurasian Integration", Foreign Affairs, April 19, 2015: https://www.foreignaffairs.com/articles/asia/2015-04-19/chinas-road-rules

 

(17) Wang Xinsong, "One Belt, One Road's Governance Deficit Problem: How China Can Ensure Transparency and Accountability", Foreign Affairs, November 17, 2017:

https://www.foreignaffairs.com/articles/east-asia/2017-11-17/one-belt-one-roads-governance-deficit-problem

(18) جمال عبيدي، مرجع سابق.

(19) رياض عيد، "معركة السيطرة على بوابة طريق الحرير إلى أوروبا"، تحولات، 14/2/2013:

http://www.tahawolat.net/MagazineArticleDetails.aspx?Id=360

(20) Ilan Berman and Jonathan Schanzer, "Iran and China Get Cozy: The New All-Whether Allies?", Foreign Affairs, October 27, 2016: https://www.foreignaffairs.com/articles/china/2016-10-27/iran-and-china-get-cozy

(21) Alex Vatanka, "China Courts Iran: Why One Belt, One Road Will Run Through Tehran", Foreign Affairs, November 1, 2017: https://www.foreignaffairs.com/articles/china/2017-11-01/china-courts-iran

(22) كيفن ليم، مرجع سابق.

(23) _____، "شركات صينية تستثمر 300 مليون دولار في أبو ظبي"، سبوتنك عربي، 31/7/2017:

https://arabic.sputniknews.com/business/201707311025379585-%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%B8%D8%A8%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/

(24) _____، "الصين والإمارات تعيدان إحياء طريق الحرير"، الخليج الاقتصادي، 12/12/2015:

http://www.alkhaleej.ae/economics/page/98efef8f-b4e7-4437-864e-a089c1aac9ca

(25) محمد يسري، "قطار الصين إلى أوروبا: كيف ستتأثر مراكز التجارة والمواصلات في الشرق الأوسط"، رصيف 22، 24/1/2017:

https://raseef22.com/economy/2017/01/24/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%B3%D8%AA%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B2/