إعادة بناء العلاقات الخارجية: العلاقات الإيرانية مع رومانيا ومقدونيا وأذربيجان وأرمينيا (2017-2018)

 


 

شكل وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السطلة في يناير 2017، تحدياً متصاعداً لإيران، سواء في ملفاتها الداخلية، أو في علاقاتها الخارجية، وخصوصاً في ظل توجه اتضح شيئاً فشيئاً، حول إصرار الإدارة الأمريكية على إعادة فرض عقوبات واسعة على إيران، ونقض الاتفاق النووي، وإعادة تعريف المصالح الأمريكية مع إيران، وهو ما بدأ فعلياً منذ مايو 2018، ودخل حيز التنفيذ في هذا الشهر، على أن يشهد موجات متتالية من التصعيد الأمريكي تجاه إيران.

في المقابل، تحاول إيران إيجاد مخارج (دولية وإقليمية)، تتجاوز من خلالها العقوبات الأمريكية أولاً، وتعيد بناء علاقاتها الخارجية، بما يضمن استمرارية النظام، واستمرارية موارده وقدرته على إدارة الدولة.

وتحاول هذه الدراسة، البحث في التطورات التي طرأت على علاقات إيران مع دول أربعة (رومانيا، مقدونيا، أذربيجان، أرمينيا)، خلال هذه الفترة (2017-2018).

ويمكن ملاحظة أهمية موقع هذه الدول لإيران، من خلال ملاحظة حجم التبادل التجاري السابق بينهما، في الجدول التالي (بيانات Trade Map)، الذي يوضح أن ميزان إيران التجاري إيجابي لصالحها في تبادلاتها مع مقدونيا وأرمينيا، وسلبي لصالح رومانيا.


شكل رقم (1)

 


  

أولاً: العلاقات الإيرانية-الرومانية

 

تسعى إيران لتعزيز علاقاتها بعدة دول أوروبية، وتحديداً دول شرق أوروبا والبلقان، إلا أنّ حضورها ما زال قيد التأسيس في رومانيا، مقتصراً على علاقات دبلوماسية رسمية محدودة، تحاول إيران من خلالها ترويج سياساتها الخارجية العدوانية في الشرق الأوسط تحت حجج "مكافحة الإرهاب"، إلى جانب تبادل تجاري بدأت تتصاعد مستوياته بشكل تدريجي، وعلى عدة مستويات.

وتشهد إيران معارضة واضحة من بعض الأوساط الرومانية، عدا عن طبيعة العلاقات الرومانية مع إسرائيل والتي قد تُشكِّل عائقاً أمام تطوير العلاقات مع إيران. حيث يدفع الحزب الحاكم إلى نقل السفارة الرومانية إلى تل أبيب، فيما يتصدّى الرئيس الروماني لذلك، ملتزماً بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار نقل السفارة "انتهاكاً للقانون الدولي".

وخاصّة أنّ لإسرائيل حضور واضح في رومانيا منذ سنوات، وقد أجرت على سبيل المثال عام 2010، مناورات عسكرية داخل رومانيا على سيناريو مواجهة إيران.

ووفق غرفة التجارة والصناعة الرومانية، لم يتجاوز التبادل التجاري بينهما 166.6 مليون يورو (203.2 مليون دولار)، في أكتوبر 2015، إذ بلغت قيمة الصادرات الرومانية 157.88 مليون يورو (192.6 مليون دولار)، مقابل واردات من إيران بقيمة 8.72 مليون يورو (10.6 مليون دولار).

شكل رقم (2)

 


غير أنّه مع نهاية عام 2015، كانت إيران ضمن قائمة أعلى 50 دولة في ضخّ الاستثمارات الأجنبية في رومانيا. حيث تقارب الطرفان بشكل ملحوظ عقب الرفع الجزئي للعقوبات الدولية عن إيران، ويُلحظ ذلك من عدّة خطوات أبزرها:

-      قدّمت رومانيا طلباً رسمياً لاستيراد الغاز الطبيعي (LNG) من إيران بعد استلام أول دفعة من النفط الايراني المصدّر إليها، حيث تُعتَبر الدولة الثالثة في شرق أوروبا بعد جورجيا واليونان تعتزم استيراد الغاز من إيران. حيث سبق وأن تمّ إرسال دفعة من النفط اشترته شركة "لوك أويل" الروسية إلى مصفاة في رومانيا لأجل القيام بعملية التكرير. (مهر نيوز، مارس 2016)

-      ترافق ذلك مع زيارة وزير الخارجية الروماني إلى إيران، برفقة وفد رفيع المستوى من وزارة الطاقة ووزارة الاقتصاد ومديري غرفة التجارة وممثلين من قطاع الأعمال، ولقاء الرئيس الإيراني ووزير الخارجية، وأعرب الطرفان عن تطلعهما إلى رفع التبادل التجاري بينهما إلى 3 مليار دولار، والاستفادة من النقل البحري بينهما عبر البحر الأسود، إلى جانب مناقشة قضايا الاستثمار في عدة قطاعات. (إيرنا، مارس 2016)

وفي هذه الزيارة، أبدى نائب وزير النفط الروماني رغبته في مشاركة الشركات الرومانية في المشاريع البحرية والبرية وتصنيع المعدات، في مجال النفط والغاز. ونقل التكنولوجيا الرومانية إلى الشركات الإيرانية.

 

ويُلحظ أنّ العلاقات الثنائية شهدت حراكاً عام 2016، أكثر من الأعوام السابقة، وذلك من خلال:

-      وقّع الطرفان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في القضايا البيئية، والتي تتعلّق تحديداً بـ: المياه، وتلوث الهواء والتربة، والإدارة المستدامة للغابات، ودور الغابات والأراضي الرطبة في تنمية المناطق النائية، وتعزيز الاقتصاد الأخضر، والتبادل المناخي، والاحترار العالمي. (إيرنا، سبتمبر 2016)

-      نوفمبر 2016، عقدت غرفة التجارة والصناعة في رومانيا، منتدى أعمال متعدّد القطاعات مع إيران، للتباحث بشأن دخول الشركات الرومانية إلى السوق الإيرانية، وتعزيز تجارة السلع والخدمات. حيث سبق وأن أرسلت في العام الذي سبقه بعثة تجارية إلى إيران.

-       بلغ عدد الشركات الإيرانية المسجلة في رومانيا 670 شركة، مع زيادة بنسبة 60% في التبادلات التجارية عام 2016 عن العام السابق. حيث يتطلّع الطرفات لتعزيز العلاقات في مجالات الطاقة ونقل التكنولوجيا والبتروكيماويات والأغذية والبناء وتصنيع مكونات السيارات، وتصنيع السلع، وتصنيع محركات القطارات.

وكما هي جولات وزير الخارجية الإيرانية، شاملة لملفات سياسية واقتصادية، كانت زيارته لرومانيا كذلك، في نوفمبر 2016، والتقى فيها الرئيس الروماني، برفقة وفد من 30 دبلوماسياً ورجل أعمال في مجالات البنوك والطاقة والنقل والخدمات الطبية والأدوية والألغام وقطع غيار السيارات والآلات الزراعية.

وحضر ظريف المؤتمر الاقتصادي الإيرانية-الروماني، ومؤتمر مكافحة الإرهاب، والتقى مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان. حيث سعى وزير الخارجية الإيراني لترويج ادّعاءات إيران وسياساتها العدوانية تجاه:

-      الحالة في سورية، والتدخل الإيراني فيها.

-      "مكافحة الإرهاب"، وتسويق الادعاءات الإيرانية، التي تبرّر سياساتها العدوانية تجاه الدول العربية.

ودائماً ما يربط ظريف الترويج السياسي بالتعاون الاقتصادي، حيث بحث في هذه الزيارة مواضيع:

-      توسيع التعاون المتبادل.

-      تنفيذ الاتفاقيات الثنائية.

-      التعان في مجالات: النقل، الطاقة، صناعة التكرير، الزراعة، تكنولوجيا النانو، التكنولوجيا الحيوية، السياحة، التعاون المصرفي.

-      وخلال الزيارة، أعلن رئيس الوزراء الروماني اهتمامه بالسوق الزراعية الإيرانية، ومجال النقل السككي والبحري، ودعم اتصال إيران بسوق الطاقة وسط وشرق أوروبا. (نوفمبر 2016، Nine O'clock)

-      كما وقع مستثمرون من الطرفين، خلال هذه الزيارة، اتفاقاً مبدئياً لبناء محطة طاقة بقدرة 1000 ميجاوات في بلدة مهران بالقرب من الحدود الإيرانية-العراقية، وبقيمة استثمار تصل إلى 700 مليون دولار، حصة رومانيا منها 70%، وحصة إيران 30%، وتهدف لتعزيز صادرات الكهرباء الإيرانية للعراق (نوفمبر 2016، The Iran Project)

وقد احتّج عدد من النواب الرومانيين على زيارة ظريف، بسبب أحكام الإعدام في إيران، ودور النظام الإيراني في تنامي التطرّف والإرهاب في المنطقة. داعين الحكومة الرومانية إلى ربط العلاقات التجارية مع إيران بوقف الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان والإفراج عن السجناء السياسيين. (ديسمبر 2016، منظمة مجاهدي خلق)

فيما لم تشهد رومانيا زيارة أخرى لظريف لكنّه التقى بوزير الخارجية الروماني، على هامش مؤتمر ميونخ الأمني الثالث والثلاثين، في فبراير 2017. (The Iran Project)

 

ورغم الزخم الذي شهده عام 2016، إلا أنّه ومنذ عامين يتمّ تأجيل عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة (رقم 16)، حيث مرّ على آخر انعقاد لها 14 عاماً. وكان من المفترض التوقيع فيها على: (إيرنا، أغسطس 2017)

-      مذكرات تفاهم حول لجنة الاستثمار المشتركة.

-      بروتوكول التعاون بين ميناء شهيد رجائي الإيراني، وميناء كونستانتا الروماني.

-      برتوكول تعاون حول الطرق.

-      وآخر حول الثروة الحيوانية.

-      وكان من المقرّر فيه أن توقّع الوزارات الرياضية والشبابية للبلدين وكذلك وزارات الداخلية اتفاقات أيضاً.

غير أنّ عام 2016، شهد تطوّراً مهّماً آخر، يتعلّق بحجم التبادلات التجارية بين الطرفين، إذ ارتفع إجماليها إلى 485 مليون دولار، بزيادة 130% عن العام الذي سبقه، بميزان تجاري لصالح رومانيا، حيث بلغت صادراتها إلى إيران 369 مليون دولار، في مقابل ورادات منها بقيمة 116 مليون دولار.

شكل رقم (3)

 


أمّا عام 2017، فقد شهد نشاطات أقلّ من سابقه في العلاقات الثنائية، التي لم تتعدّ:

-      أقامت إيران في بوخارست، فعاليات "يوم الفرص الاقتصادية والتجارية الإيرانية"، بحضور السفير الإيراني، وعدد من النوّاب ورجال الأعمال الرومانيين، وأكّد رئيس غرفة التجارية للعاصمة الرومانية، بأنّ إيران يمكن لها أن تكون شريكاً استراتيجياً لبلاده.

-      زيارة وفد إيراني يتقدّمه رئيس مركز الوثائق والمكتبات في البرلمان الإيراني إلى بوخارست، وتوقيع اتفاقية مع رئيس مجلس إدارة مركز العلوم التكنولوجية الرومانية، يهدف لتبادل الوثائق والمخطوطات المتعلّقة بالإسلام وإيران، إلى جانب وثائق أخرى. (أغسطس 2017، The Iran Project)

-      اجتماع في طهران بين نائب وزير النفط الإيراني ورئيس مجلس الصداقة البرلمانية الإيرانية-الرومانية، لمناقشة شراء رومانيا للغاز الطبيعي الإيراني، وانضمام رومانيا إلى مشروعات صناعة النفط، حيث أبدت رومانيا استعدادها لبناء منشآت النفط والغاز وقطع الغيار. (نوفمبر 2017، The Iran Project)

-      وما تزال إيران تبحث في إزالة شرط التأشيرة المسبقة مع رومانيا، منذ نوفمبر 2017، دون الوصول إلى اتفاق حول ذلك بعد.

ولم يشهد عام 2018، تطوراً حقيقاً إضافياً، حيث أنّ أبرز ما شهدته العلاقات بين الطرفين، زيارة كاظم جلالي، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين إيران ورومانيا، إلى رومانيا، التقى فيها نظيره الروماني فيرجيل دانيل بوبسكو في بوخارست، لذات الأهداف التي لم يتمّ تحقيق غالبيتها في اللقاءات السابقة، وعلى رأسها:

-      تعزيز التعاون في مجالات نقل السلع، بحيث تكون رومانيا نافذة لتصدير السلع الإيرانية إلى أوروبا.

-      تعزيز وتسهيل العلاقات المصرفية.

-      بحث تنفيذ مشاريع مؤجلة منها نقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر رومانيا. (وكالة أنباء فارس، إبريل 2018)

 

أما بخصوص موقف رومانيا من الاتفاق النووي، فقد رحب أدريان فييريتشا (الممثل الدائم لرومانيا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستعراضي لعام 2020 للأطراف في معاهدة عدم الانتشار)، بالعمل الذي أنجزته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رصد خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) استناداً إلى آلية تقنية قوية. وترى أن استمرار التنفيذ الكامل والصارم لخطة العمل، استناداً إلى نص وروح قرار مجلس الأمن رقم 2231، سيعزز الأمن الإقليمي والدولي وسيبني الثقة بين الأطراف. (24 أبريل 2018)

وعاد وزير الخارجية الروماني وأكد للسفير الايراني في بوخارست، أن بلاده تدعم مواقف الاتحاد الاوروبي بشأن إيران، وقال إن بلاده كعضو في الاتحاد الأوروبي ستقيم تعاوناً إيجابياً مع أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وقال إن بوخارست تتخذ موقفاً إيجابياً من استمرار التعاون مع إيران. (8 يونيو، IRNA)

 

ولعل التوتر الوحيد الذي تمّ رصده مؤخراً في علاقات الدولتين، يتمثل في تأكيدات وزير الشؤون الخارجية الروماني، في زيارته للرباط، أن رومانيا تقف ضد أي تدخل من شأنه أن يضر باستقرار المغرب، في رد فعل حول قرار المملكة قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران.

وقال "نحن ضد أي تدخل من قبل دول أو تنظيمات، أو فصائل سياسية أو غيرها، من شأنه أن يمس أو يضر باستقرار المغرب". وأشار إلى أنه بإمكان الرباط الاعتماد على دعم بوخاريست على المستوى الثنائي، وكذا داخل الهيئات الدولي. (مايو 2018، أحداث أنفو)

 

 

ثانياً: العلاقات الإيرانية-المقدونية

 

تعتبر هذه العلاقات محدودة، وحديثة النشأة ولم تشهد في الفترة الأخيرة كثير تفاعل، حيث تبقى مقدونيا منطقة مصالح محدودة بالنسبة لإيران، رغم أنها تضم أقلية مسلمة كبيرة نسبياً (30%)، يمكن من خلالها الاشتغال على تأسيس حضور (ثقافي-ديني)، من خلال التبشير المذهبي الذي تنتهجه إيران في كافة المجتمعات المسلمة، لكن يبدو أن هذا التبشير ما يزال محدوداً للغاية، أو غير ملحوظ.

أما سياسياً، فقد سبق وأن استقبل الرئيس لإيراني، وزير خارجية مقدونيا، في إبريل 2016، وأكّد روحاني على عدم وجود أية قيود على صعيد تنمية العلاقات الشاملة بين البلدين. واعتبر أن الإمكانيات والطاقات التي يمتلكها البلدان في تمتين الأواصر بينهما هائلة للغاية.

إلا أنه أشار إلى أن حجم التبادل التجاري لهذه الطاقات والقدرات يظهر أنها لم تستخدم بصورة جيدة ومن اللازم الاستفادة من الفرص المتاحة والامكانيات المتوفرة من أجل الدفع بنشاطات جديدة على صعيد تنمية العلاقات.

ونوّه إلى التعاون الثقافي وتبادل الزيارات بين شعبي البلدين، وعدّه بأنه يكتسب الأهمية في الإسراع بمراحل تنمية العلاقات بينهما.

وحيث تروّج إيران باعتبارها قوة تحارب الإرهاب، أشار روحاني إلى مخاطر الإرهاب على الصعيد العالمي وجذوره وقال، إن إيران اكتسبت تجارب قيمة للغاية في مجال مكافحة الإرهاب وتستطيع نقلها إلى البلدان الأخرى ومنها مقدونيا. (إبريل 2016، المنار)

وفي تطور لاحق، سلّم السفير الإيراني في مقدونيا رسالة تهنئة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني إلي نظيره المقدوني بمناسبة انتخابه لهذا المنصب، يوليو 2017. وأعرب السفير عن رغبة إيران بتطوير العلاقات الثنائية في المجال البرلماني. فيما أعرب رئيس البرلمان المقدوني عن ترحيبه للتواصل مع إيران مشيراً إلى إنشاء مجموعة الصداقة البرلمانية بين البلدين قريباً. (يوليو 2017، مهر للأنباء)

كما التقى السفير برئيس الوزراء المقدوني الذي أكد أن بلاده تسعى إلى تعزيز معايير حياتها وتوفير سبل معيشة أفضل لأمتها من خلال تعزيز العلاقات مع دول أخرى مثل إيران. وأعرب عن اهتمام حكومته بإقامة اتصالات سياسية على مستويات أعلى، وخاصة مع إيران، بالإضافة إلى مشاورات منتظمة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

فيما عبّر السفير الإيراني عن استعداد إيران للمساعدة في تعزيز العلاقات الثنائية للمساهمة في الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية وتعزيز معايير الحياة. مؤكداً على أن العلاقات الودية بين البلدين لها اتجاه تصاعدي ويجب أن تذهب أبعد من ذلك. وأن انعدام النزاعات السياسية والمصالح الاقتصادية المشتركة والعديد من القواسم المشتركة الثقافية هي من بين المساهمين في العلاقات الثنائية. (يوليو 2017، The Iran Project)

 

اقتصادياً، يمكن ملاحظة مستوى العلاقات المتواضع بين الدولتين من حجم التبادل التجاري المرفق في بداية هذه الدراسة. وفي عام 2017، استوردت مقدونيا سلعاً من إيران بقيمة إجمالية بلغت 4.76 مليون دولار أمريكي، وصدرت لها سلعاً قيمتها 401 ألف دولار أمريكي. (إبريل 2018، صوت الشعب الصينية)

وأبرز محطاته، كان بحث وفد تجاري إيراني برئاسة رئيس الغرفة الإيرانية للتجارة والصناعة، مع الجانب المقدوني آفاق التعاون الاقتصادي بينهما، خلال المنتدى التجاري الإيراني-المقدوني الذي عقد في إبريل 2018، في العاصمة المقدونية، بحضور مساعد رئيس وزراء مقدوني، ورجال الأعمال الإيرانيين والمقدونيين (ارنا).

وأكد رئيس الغرفة الإيرانية للتجارة والصناعة على النقاط التالية:

-      بإمكان البلدين التعاون في مجال إنتاج السلع بعلامات تجارية مشتركة وتصديرها إلى دول المنطقة.

-      إيران من بين الدول الأولى التي اعترفت باستقلال مقدونيا.

-      إيران تنظر إلى مقدونيا باعتبارها البوابة إلى منطقة البلقان والدول الأوروبية المختلفة.

فيما أشار مساعد رئيس وزراء مقدونيا إلى:

-      حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين إيران ومقدونيا منخفض مقارنة مع عزم البلدين على تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة.

-      مقدونيا التي تطل على القارة الأوروبية وبإمكان الشركات الإيرانية والمقدونية العمل بصورة مشتركة داخل السوق الكبير الذي تطل عليه مقدونيا.

وكان من نتائج هذه الزيارة:

-      توقيع مذكرة للتعاون.

-      تأكيد الحاجة إلى إطلاق مبادرة لتسهيل إصدار التأشيرات.

 

أما ثقافياً، فقد شهدت مقدونيا حضور فنانين إيرانيين لإقامة عدة برامج ثقافية، من ضمنها عرض ستة أفلام إيرانية، وأربع ورشات عمل سينمائية، وحفلين موسيقيين، في عدة مدن مقدونية، وهو مؤشر على عمل إيران على تميتن علاقاتها. كما تم عقد مقابلة مع بعض هذه الشخصيات من ضمنهم السفير الإيراني في التلفزيون المقدوني، حيث أشاروا إلى أن العلاقات الإيرانية-المقدونية "ولحسن الحظ قائمة على أسس ثقافية". (فبراير 2017، ifilm)

 

 

ثالثاً: العلاقات الإيرانية-الأذرية

 

أ-مسببات القلق (الإطار السابق للعلاقات):

تتشارك إيران وأذربيجان بعدة عوامل كان من المفترض أن تكن عوامل تقريب بين الدولتين، سواء تلك المتعلقة بالبعد الإثني (التشارك في الغالبية الشيعية، والتداخل السكاني الأذري-الفارسي في الدولتين)، أو تلك المتعلقة بالمصالح والعلاقات الإقليمية (العلاقات مع روسيا وتركيا، والمصالح في بحر قزوين). إلا أن هذه المشتركات وسواها، لم تسهم فيما مضى في حل الأزمات المتتالية بينهما، والتي قامت على محددات رئيسة خمسة:

 

1-  الاعتقاد الإيراني (المصرّح عنه دائماً)، بأن أذربيجان كانت جزء من إيران، وتم فصلها، ومن الضروري إعادتها للحاضنة الجغرافية الإيرانية:

محاولات إيران لضم أذربيجان إلى أراضيها ليست بالأمر الجديد، فقد طالب مستشار خامنئي للشؤون الإعلامية، حسين شريعتمداري، في مقالٍ سابقٍ له، حكومة بلاده بعرض مقترح على أذربيجان لإجراء استفتاء حول إلحاق بلادهم بإقليم أذربيجان الإيراني.

حيث تصر الطروحات الإيرانية على استعادة التاريخ، والحديث عن أن أذربيجان كانت جزءً من إمبراطورية فارس (رغم أن هذه الدعاوى فيها تزييف وخلط تاريخي)، إلى أن تنازل عنها الشاه القاجاري لصالح روسيا القيصرية، في القرن التاسع عشر، بموجب اتفاقيتي "جلستان" و"تركمانتشاي"، فانتقلت بموجبهما سيادة فارس على ممالك بحر قزوين وما وراء القوقاز إلى روسيا.

2-  ملاحقة المعارضة الإيرانية في أذربيجان، والتدخل في الشأن الداخلي:

تشير بعض التقارير إلى أن إيران تلاحق وتختطف أفراد الحركات المطالبة بالانفصال في محافظة أذربيجان الإيرانية (أذربيجان الجنوبية). فضلًا عن وجود شبكة واسعة من عملائها في دولة أذربيجان.

وتقول التقارير إن طهران ستسعى لتحريك هذه الشبكة إن سمحت باكو للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لأغراض عسكرية.

 

3-  محاولة رفع مستوى الوعي المذهبي لشيعة أذربيجان (غالبية السكان)، وتحويل ولائهم الوطني إلى ولاء عابر للحدود (للمرشد الإيراني)، في دولة تمتاز بأن هويتها أكثر ميلاً نحو العلمانية.

قدمت الأجهزة الأمنية الأذرية، تقريراً إلى الحكومة يصف كيف أن إيران قد "زادت من قدراتها في مناطق في أذربيجان". وتعتقد الأجهزة أن كثيراً من الناس أصبحوا الآن تحت التأثير الإيراني.

أثار هذا التقرير شعور الخطر داخل الحكومة، حيث سبق لأذربيجان عام 2013 أن خففت من القيود على حظر غير رسمي، كان يمنع الشخصيات الدينية المرتبطة بإيران من الوعظ في الأماكن العامة، وكان هذا الانفتاح على الشيعة الإيرانيين، يهدف إلى وقف تدفق الآذريين للانضمام إلى تنظيم داعش، لكن أدى ذلك إلى سيطرة إيران المتزايدة على الممارسات الشيعية في أذربيجان.

ووفق البيانات الرسمية، فإن 22 من أصل 150 مدرسة شيعية في البلاد تقع تحت السيطرة الكاملة لإيران، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الأذربيجانية (توران). وتنامى شعور متزايد بين كثير من الآذريين العلمانيين والمعتدلين بالانزعاج من تزايد الممارسات الشيعية.

فخلال احتفالات عاشوراء في سبتمبر 2017، شارك أطفال في الطقوس التي تنطوي على جلد الذات. وقال النائب زاهد أوروك: "عندما رأيت أطفالاً لا يملكون فهماً حقيقياً للدين يحضرون احتفالات عاشوراء، والصغيرات منهم يرتدين الحجاب، اعتقدت أنهم سيصبحون (كاميكاز) في المستقبل لإرسالهم إلى سورية".

وعليه، اقترحت اللجنة الحكومية لشؤون الأسرة والمرأة والطفل، في أوائل أكتوبر 2017، تشريعاً يحظر على الأطفال المشاركة في احتفالات عاشوراء والطقوس الدينية المماثلة، ولم يتم التصويت بعد على هذا التشريع، لكن المرشد الإيراني انتقد هذا الاقتراح خلال استقباله في نوفمبر 2017، الرئيس الأذري. وقال له: "يجب أن نقدم هذه الفرصة العظيمة ومراسم الحداد المجيدة للشيعة في أذربيجان لأنها ستعزز هوية الأمة الآذرية وهوية الوطن".

وفي مطلع شهر ديسمبر 2017، نشر موقع "جافين إذ"، المرتبط بالحكومة، مقالاً يتهم فيه إيران بمحاولة تجنيد الحجاج الآذريين الذين يزورون مدينة كربلاء. وقال إن 30 ألف أذري زاروا كربلاء هذه السنة، أي بزيادة 33% عن السنة الماضية. وذكر المقال أن الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية الأذرية المرتبطة به "هاسدي شابي"، جنّدوا أذريين لجمع معلومات استخبارية، وإجراء دعاية مناهضة للحكومة في باكو تركز على منطقة "نارداران"، مركز الشيعة المتطرفين في أذربيجان.

وسبق للأجهزة الأمنية عام 2015، أن قامت بسلسلة من الغارات في هذا الإقليم، واعتقلت نشطاء دينيين اتهموا بالتآمر على قلب النظام. وتعتقد الحكومة الأذرية أن هؤلاء كانوا تحت تأثير إيران. وبعد العملية، تم الحد من هذا التأثير. وحينها، انتقدت إيران ذلك، واعتبرته "انتهاكاً لحقوق الشيعة واضطهاداً لهم". (يناير 2018، الشرق الأوسط، هدى الحسيني)

 

4-  العلاقات الأذرية-الإسرائيلية، التي وجدت فيها إيران خطراً بالغاً عليها، وباعتبار أن إسرائيل تستخدم الأراضي الأذرية للتجسس على إيران، أو لتهريب عملائها من وإلى إيران، أو التحضير لاستهداف إيران من خلال هذه الأراضي.

وفق بعض المواقع الإيرانية في إبريل 2018، فقد ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية، أن إيران تتوقع هجوماً إسرائيلياً-أمريكياً عليها، يعتمد على قصفها من أذربيجان ودول مجاورة، إلى جانب شنّ هجوم واسع ضد حزب الله والحلفاء الإيرانيين الآخرين في لبنان وسورية.

وقالت صحيفة "معاريف": إن الإيرانيين يعتقدون أن جارتهم أذربيجان ستسمح للقوات الجوية لإسرائيل والولايات المتحدة بالإقلاع من قواعدها لقصفهم، حيث وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل سلسلة من الاتفاقيات العسكرية مع بعض جيران إيران من ضمنها أذربيجان". وأضافت الصحيفة أن الحرس الثوري الإيراني يحذر البلدان المجاورة من التعاون العسكري والأمني مع إسرائيل، بل ويستعد لمهاجمة القواعد المجاورة.

أما صحيفة هآرتز، فقد أشارت إلى أن إسرائيل تبيع كميات كبيرة من الأسلحة إلى باكو، وأنه أثناء زيارة نتنياهو إلى باكو في عام 2016، كشف الرئيس الأذري أن بلاده اشترت من إسرائيل أسلحة تبلغ قيمتها 4.85 مليار دولار. وذكرت تقارير إعلامية أذرية أن إسرائيل وافقت على بيع أذربيجان لنظام القبة الحديدية الدفاعية الصاروخية. وتقول تقارير أجنبية أخرى إن إسرائيل تبيع أنظمة رادار وطائرات بدون طيار إلى أذربيجان، وتستخدم أراضيها لجمع معلومات استخباراتية عن إيران. (يناير 2018، HAARETZ)

فيما نفت أذربيجان، في مايو 2018، تقارير تحدثت عن استخدام الاستخبارات الإسرائيلية أراضيها بهدف سرقة الأرشيف النووي الإيراني، الذي قالت إسرائيل إنها استولت على وثائق منه تثبت أن طهران تطوّر برنامجاً سرياً لصنع سلاح نووي. وقال المتحدث باسم الخارجية الأذرية، إن الأجهزة المعنية في البلاد حققت في هذه المعلومات وأثبتت عدم صحتها.

وفي وقت سابق، رجحت مصادر إعلامية إسرائيلية -بينها معلق الشؤون السياسية في صحيفة "مكور ريشون" العبرية: أريئيل كهانا، أن يكون عملاء للموساد، قد نقلوا الأرشيف المستولى عليه براً من إيران إلى أذربيجان قبل نقله إلى إسرائيل.

حيث أعلن بنيامين نتنياهو أن بلاده حصلت على ما مجموعه 110 آلاف صفحة من الأرشيف النووي الإيراني تحوي وثائق وصوراً وفيديوهات تثبت سعي طهران لتطوير سلاح نووي. وقال إن الوثائق تظهر برنامجاً يحمل اسم "آماد" بدأ العمل فيه عام 1999، ويستهدف تطوير صواريخ نووية تفوق قدرتها قدرة الصاروخ الذي ألقي على هيروشيما خمس مرات. (مايو 2018، الخليج الجديد)

 

5-  العلاقات الإيرانية-الأرمنية، التي اعتبرتها أذربيجان (في فترات منها) موجهة ضدها، من خلال دعم إيران لأرمينيا في النزاعات المسلحة، أو في قضية ناغورني كاراباخ.

 

ب-الأطر السياسية الحالية (تصحيح العلاقات):

رغم مسببات القلق السابقة كافة، والتي لم تتم إزالتها بين الطرفين بشكل نهائي، ربما فقط بعض التراجع المحدود في علاقات إيران بأرمينيا، إلا أن الدولتين اتجهتا سريعاً إلى بناء نمط تعاوني جديد، وذلك عائد لعدة متغيرات طرأت على العلاقات:

-      الضغط الإقليمي الروسي، لبناء كتلة إقليمية متعاونة.

-      حاجة إيران إلى حلفاء جدد، في مواجهة الولايات المتحدة، منذ وصول ترامب إلى السلطة.

-      الحاجة إلى منافع اقتصادية (موارد جديدة)، في ظل العجوزات المالية والأزمة الاقتصادية الإيرانية.

-      رغبة الطرفين في تجاوز مسببات القلق، وتعزيز العلاقات.

لذا قام الرئيسان بعدة زيارات رسمية متبادلة ولقاءات مشتركة، تؤكد حجم الجهود التي يبذلها الطرفان في تعزيز علاقاتهما بشكل سريع. وقد أدت مجمل هذه اللقاءات على مستوى الرؤساء، وعلى مستويات أدنى، إلى توقيع الطرفين على عشرات من مذكرات التفاهم والاتفاقيات لتعزيز التعاون المتبادل في المجالين السياسي والاقتصادي. تم من خلالها وضع أسس التعاون الاقتصادي والنقل البري والبحري بينهما، والعمل على تأسيس علاقات أمنية تقوم على مفهوم "مكافحة الإرهاب" الذي تسوق له طهران.

وخلال لقاء رئيس مكتب رئيس الجمهورية الإيرانية، بنظيره أمين مجلس الأمن الوطني بجمهورية أذربيجان، وصف العلاقات والتعاون بين البلدين بأنها متنامية وإيجابية، مضيفاً: "لحسن الحظ فإننا نشهد حالياً تطوراً في تنفيذ الاتفاقيات والمشاريع المشتركة للتعاون بين البلدين، ومن بينها بناء مصنع لإنتاج السيارات في أذربيجان والتعاون في مجالات الطاقة والمواصلات والترانزيت والصناعة والتجارة". مع الإشارة إلى ضرورة استخدام العملات الوطنية لإحداث طفرة في العلاقات والتعاون الاقتصادي والتجاري بين طهران وباكو.

كما تطرق إلى الأزمات في المنطقة، مؤكداً على ضرورة التحلي باليقظة والحذر ومراقبة احتمال تسلل الإرهابيين المطرودين من العراق وسورية إلى باقي بلدان المنطقة. وأن إيران تدعو إلى حل سلمي للنزاعات والمشاكل الاقليمية وتعتبر المحافظة على وحدة أراضي الدول الإسلامية بأنه أمر يحظى بالأهمية.

فيما أشار المسؤول الأذري إلى خطط بلاده لإنشاء مجمعات زراعية وصناعية حديثة وواحات صناعية، داعياً إلى مشاركة وحضور الناشطين الايرانيين الاقتصاديين والصناعيين والزراعيين في هذه المراكز. وأن إيران وأذربيجان لديهما تطابق في وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، مؤكداً على ضرورة تعزيز التعاون بين المؤسسات الامنية في البلدين في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف، وبذل الجهود المشتركة لضمان وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. (ديسمبر 2017، مهر للأنباء)

وقام الرئيس الإيراني، بزيارة رسمية إلى باكو، في 28 مارس. وخلال الزيارة، وقعت أذربيجان وإيران مذكرة تفاهم حول التطوير المشترك لحقول الهيدروكربونات البحرية في بحر قزوين.

ومن اللافت للنظر أن أسماء الحقول لم يتم تحديدها، على الرغم من أنها كانت يُشار إليها رسمياً على أنها "ذات صلة". وهذه الحقول الهيدروكربونية كانت محل نزاعات طال أمدها بينهما فيما يتعلق بالوضع القانوني غير المستقر لبحر قزوين، واستخدمت الدولتان مصطلحاً محايداً للإشارة إليها، ربما لتجنب أي انزعاج مرتبط بالحوادث المحرجة ذات الصلة في الماضي القريب، فيما ظلت الحقول المتنازع عليها دون تطوير. فيما تشكل ملاحظات روحاني بأن "الحقول يجب أن تخدم صالح الدولتين بدلاً من البقاء في البحر" مستوى من البراغماتية في عقد الصفقة الثنائية. (إبريل 2018، The James Town Foundation)

كما عُقد في هذه الزيارة، أعمال الملتقى الاقتصادي بين إيران وأذربيجان بحضور الرئيسين، ووفد من التجار ورجال الأعمال في البلدي، وجرت جولة محادثات بينهما بحضور وفدي البلدين رفيعي المستوى ومن ثم تم التوقيع على 8 وثائق ومذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين. (مارس 2018، المنار)

ومنذ أيام، عقدت إيران وأذربيجان الجولة الأولى من الاجتماعات حول الشؤون القنصلية في طهران، وذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن مديري الإدارة القنصلية من وزارتي الخارجية، التقوا في طهران يوم 4 أغسطس، وفي الجولة الأولى من هذه التجمعات، أشاد المسؤولان بالتقدم في:

-      تسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة للمسافرين في البلدين.

-      التفاعل القضائي، وتسليم المدانين.

-      الحرب المشتركة ضد المخدرات والجرائم المنظمة.

كما أكدوا على الحاجة إلى الجهود الرامية إلى التنفيذ الكامل للاتفاقات الثنائية. (أغسطس 2018، Pars Today)

ومع انطلاق العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، أدان الرئيس الأذري، العقوبات الأمريكية ضد إيران، قائلاً إن بلاده تتعامل مع إيران كأخ، ووفقاً للقانون الدولي.

وفي اجتماع جديد له مع الرئيس الإيراني، على هامش قمة بحر قزوين في كازاخستان يوم 12 أغسطس 2018، أكد للرئيس الإيراني أن "لا أحد" يمكن أن يضر بالعلاقات الأخوية بين باكو وطهران.

فيما أكد روحاني على الروابط الثقافية والدينية العميقة بينهما، قائلاً إن إيران تؤمن بالعلاقات الأخوية مع جمهورية أذربيجان، وهو ما يتجاوز التفاعل الجار. وأشار إلى أنه "من خلال تعزيز مستوى التعاون والتنسيق، لن تسمح طهران وباكو للمسيئين بالإضرار بعلاقات البلدين". مشيراً إلى الفرص العديدة المتاحة لتعزيز العلاقات بينهما، ودعا إلى بذل جهود للتعجيل بتنفيذ الاتفاقيات الثنائية والمشاريع المشتركة. (13 أغسطس، Iran Front Page)

وسبق للنائب الإيراني، أحمد علي رضا بيجي، أن أكد قبل أشهر، أن إيران وأذربيجان ستعززان التعاون الثنائي على الرغم من الوضع الصعب الحالي على الساحة الدولية والعقوبات الأمريكية المتوقعة ضد إيران: "حتى مع الأخذ بعين الاعتبار الأحداث الأخيرة مع الولايات المتحدة، فإنه لا يزال من الممكن لكل من أذربيجان وإيران تعزيز العلاقات. فالدولتان تتعاونان منذ وقت طويل مع ثقافة ومصالح مشتركة، وسوف يتطور تعاوننا دون شك".

وأضاف: "سيستمر الجانبان في توسيع العلاقات الودية، والمساهمة في الاستقرار الإقليمي ... لن يواجهان أية مشاكل في التجارة ومجالات التعاون الأخرى بعد فرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران ... حتى لو لم تكن الاتفاقية النووية مفيدة لنا، فقد قلبت السيناريو الأمريكي حول إيران. إيران دولة قوية، ولا تحرك الولايات المتحدة أكثر من هزيمتها من إيران في الشرق الأوسط. العالم يعترف بإيران كدولة ديمقراطية التي لديها نوايا حسنة في الشؤون الدولية". (مايو 2018، Today AZ)

 

ج-العمل على تأسيس عسكري مشترك:

رغم التقدم المحرز في العلاقات السياسية، وانعكاسه الكبير على العلاقات الاقتصادية، إلا أن العلاقات العسكرية ما تزال محدودة (أو بالأصح لم يتم تأسيس محدداتها بعد)، إلا أن الرغبة واضحة لدى الطرفين للعمل المشترك.

حيث أكد وزير الدفاع الإيراني أن "العلاقات العسكرية والدفاعية تتوسع بينإيران وأذربيجان"، مشيراً إلى أن "طهرانوباكو تحرصان على توطيد التعاون العسكري والدفاعي باعتبارهما دولتان جارتان". ولفت إلى أن "طهران وباكو تتطلعان إلى تعزيز التعاون المشترك في مجال إنتاج الصناعات الدفاعية، معلناً بذلك أن لديهما العديد من الإمكانيات يمكن استثمارها في توثيق التعاون الدفاعي والعسكري".

كما أشار إلى أنه "لدى إيران قدرات تمكنها من تطوير التعاون التقني والعلمي والتكنولوجيا الحديثة مع أذربيجان، إلى جانب التعاون الثنائي في مجال الإنتاج المشترك للصناعات الدفاعية".

وأكد أنه سيتابع هذا الموضوع خلال هذه زيارته لأذربيجان، على أن يجري محادثات مع المسؤولين الأذريين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والقضايا الإقليمية، وأن يلتقي الرئيس الأذري ورئيس الوزراء ونظيره الأذري. معتبراً أن "العلاقات الدفاعية والعسكرية مع أذربيجان بأنها علاقات متجذرة"، وأن "الحكومة الايرانيةقامت بتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون الدفاعي والعسكري مع أذربيجان". (فبراير 2018، النشرة)

 

د-تعميق المصالح الاقتصادية:

مع وصول حسن روحاني إلى السلطة عام 2013، اضطرت إيران إلى إعادة تقييم علاقاتها مع أذربيجان، فازداد الاتصال الرسمي بينهما، ووقع الجانبان أكثر من 20 اتفاقاً للتعاون في المجال الرسمي. يقول مصدري: "أحد هذه المشاريع ما كان يمكن تصورها قبل 2013، إذ قدمت أذربيجان قرضاً (بقيمة نصل مليار دولار) لبناء خط سكة حديد بطول 100 ميل، يمتد من الحدود الآذرية إلى مدينة رشت، وهي جزء من ممر النقل بين الشمال والجنوب، وكانت باكو تقصد تعطيل مشروع خطط تطوير خطوط السكك الحديدية بين إيران وأرمينيا".

ورصد باحث أذري أبرز محطات التقدم بين الطرفين عام 2017، مستنتجاً أن العلاقات تتجه إلى أن تكون أفضل وأفضل كل عام. وهذه المحطات هي:

-      أصبحت أذربيجان ثاني أكبر شريك تصدير لإيران (بعد إيطاليا) وتسعى إلى أن تكون الأكبر قريباً.  

-      بدأ أول خط قطار من ناخيشيفان إلى مشهد العمل في نهاية عام 2016.

-      تم ربط إيران وأذربيجان عبر الممر الشمالي الجنوبي عام 2017.

-      ارتفع عدد السياح الإيرانيين بشكل حاد في عام 2016.

-      قامت أذربيجان بتبسيط سياسة التأشيرة الخاصة بها وتخطط لإلغاء التأشيرة للإيرانيين.

-      بدأت أذربيجان وإيران مؤخراً التعاون في إنتاج السيارات والحافلات والمعدات الزراعية.

-      سيتم دمج النظام المصرفي للدولتين في المستقبل القريب، حيث يمكن للإيرانيين استخدام بطاقاتهم المصرفية في أذربيجان والعكس صحيح.

-      قدمت إيران أسلحة لأذربيجان.

-      عرضت أذربيجان مؤخراً مساعدة إيران في مواجهة آثار انهيار مبنى شاهق في طهران.

-      قام الرئيس الأذري شخصياً بزيارة السفارة الإيرانية في باكو والتقى بالسفير. (مارس 2017، Quora)

ولاحقاً، وقع المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية لدى أذربيجان مذكرة تعاون مع مركز الترجمة والنشر التابع لاتحاد الكتاب، تنص على تعاونهما لترجمة الأعمال الأدبية التاريخية والمعاصرة وطباعة العديد من الكتب ودراسة الوثائق والمصادر لدى إيران وأذربيجان وتبادل الوفود العلمية بين البلدين. وقد تقرر ترجمة وطباعة ثلاثين مقطوعة أدبية من الأشعار الإيرانية المعاصرة من قبل اتحاد الكتاب في جمهورية أذربيجان وتم عرضها في معرض باكو الدولي للكتاب. (أغسطس 2017، الوفاق أونلاين)

وفي مارس 2018، استقبل روحاني، وزير الاقتصاد الأذري على رأس وفد يزور طهران، فيما كان قد تم التوصل الى اتفاق مبدئي بين الدولتين بشأن مقايضة النفط والاستثمار المشترك بقيمة مليار دولار في النقل السككي، خلال اجتماع مشترك حصل بين وزير الاقتصاد الايراني ونظيره الأذري في مقر وزارة الاقتصاد الإيرانية في طهران. (مارس 2018، UNews)

فيما وقّع الطرفان، في إبريل 2018، على مذكرة تفاهم، تقوم إيران بموجبها باستيراد الكهرباء من أذربيجان بمقدار 180 ميغاواط خلال موسم الصيف. مع الاتفاق على إجراء محادثات ثلاثية على مستوى خبراء الكهرباء بين إيران وأذربيجان وجورجيا، وبين إيران وأذربيجان وروسيا، لدراسة سبل ربط شبكات الكهرباء بين هذه الدول. (إبريل 2018، يقين)

أما على مستوى التعاون النفطي، فقد أكد مساعد وزير النفط الإيراني أن إيران تسعى عقب الاتفاق المبرم بينهما في وقت سابق إلى تأسيس شركة نفط مشتركة مع أذربيجان. وأفادت وكالة تسنيم، أن الدولتين أبرمتا في مارس 2018، خلال زيارة روحاني لأذربيجان، مذكرة تفاهم في مجال التنمية المشتركة للقضايا المتعلقة ببحر قزوين.

يذكر أن إيران وأذربيجان أبرمتا عدة وثائق للتعاون المشترك، وذلك خلال الاجتماع الـ 12 للجنة التعاون المشترك بين البلدين والذي عقد في طهران في مارس 2017. كما شهد الاجتماع إعداد 8 اتفاقيات إضافية تم توقيعها خلال الزيارة الأخيرة لروحاني إلى باكو في شهر مايو من العام الحالي. ومن ضمن هذه الاتفاقيات اتفاق "التنمية المشتركة لمناطق اكتشاف النفط في بحر قزوين".

وكان حجم التبادل التجاري بين إيران واذربيجان قد ارتفع العام الماضي بنسبة 16% ليزيد عن مليار دولار، وبلغ حجم الاستثمار الايراني في الاقتصاد الأذري أكثر من ثلاثة مليار دولار. (مايو 2018، وكالة تسنيم للأنباء)

تتنوع هذه العلاقات إلى عدة مجالات أخرى، فقد أفادت وكالة أنباء أذربيجان الرسمية، أن وزير الاقتصاد والرئيس المشارك الأذري للجنة الحكومية الاقتصادية والتجارية والإنسانية بين أذربيجان وإيران، التقى وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني والوفد المرافق له. وبحثا في:

-      تطور العلاقات بين الدولتين في مختلف المجالات الاقتصادية، بما فيها التجارة والنقل والصحة والصناعة والطاقة والزراعة والسياحة والجمارك وغيرها.

-      أعمال إنشاء مصنع "كاسبيان فارميد" المشترك للمنتجات الصيدلية مع إيران.

-      بحثا إمكانية إقامة علاقات مع مؤسسات إنتاج الأدوية الإيرانية الأخرى في هذا المجال.

-      بحثا مسائل متعلقة بالإنتاج المشترك للأدوية في أذربيجان.

-      بحثا التنظيم المشترك لعمل العلاج وإجراء دراسات علمية مشتركة في الصحة.

-      بحثا إعداد كوادر طبية.

-      تناول الاجتماع إمكانية استئجار إيران أحد المستشفيات الخاصة في أذربيجان. (يوليو 2018، Azer Tag)

 

ه-المكاسب الكبرى (الربط البري والبحري):

تتطلع إيران إلى الارتباط بمنظومة اقتصادية إقليمية ودولية، فإلى جانب انخراطها في المشروع الصيني (الحزام والطريق)، تعمل على تعزيز مكانتها في شبكة إقليمية أخرى، تشمل دول حوض قزوين، وامتداداً إلى العمق الروسي، وصولاً إلى الهند جنوباً، لتكون إيران في قلب شبكة التبادل التجاري هذه، وذلك على مستويي خطوط نقل (سككي يعبر الأراضي الإيراني من بحر عمان والمحيط الهندي، ليصل إلى أقصى الحدود الروسية الشمالية، وبحري يتضمن توفير بيئة ملاحة وموانئ على بحر عمان/المحيط الهندي وبحر قزوين).

وهي تطلعات تتوافق مع تطلعات أذربيجان، وعموم دول هذه المنطقة، حيث أن رغبة أذربيجان تبدو أكبر، وخصوصاً أنه وباستثناء إطلالتها على بحر قزوين المغلق، فإنها تعتبر دولة حبيسة، تحتاج إلى طرق آمنة وذات تكاليف منخفضة لتوسيع تجارتها الدولية، وهو ما كان سبباً في تجاوز كثير من الخلافات بين الدولتين من جهة، بل وتقديم أذربيجان قرضاً لإيران، لتطير مشاريع الربط السككي.

وقد أعلن مساعد رئيس منظمة السكك والحديد الإيرانية لشؤون التخطيط والاقتصاد والنقل والشحن أن المرحلة الأولى من مشروع ربط مدينة رشت الإيرانية بمدينة استارا في جمهورية أذربيجان سيدشن، وذلك بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني لباكو (مارس 2018). ويتضمن:

-      بناء 8.5 كيلومتر من خط سكك الحديد داخل أذربيجان.

-      بناء 1.5 كيلو داخل إيران.

-      بناء موقع بمساحة 35 هكتاراً، في مدينة استارا.

-      جرى إنجاز 3 خطوط من سبعة خطوط مرسومة لهذا المشروع الذي يجري تنفيذه باستثمارات أجنبية مباشرة من قبل الجانب الأذري.

-      كما يتضمن بناء جسر حدودي لخط السكك الحديدي ومحطات تجارية باستثمارات تقدر بـ 60 مليون دولار.

ويتوقع أن يسهم هذا المشروع في شحن ما لا يقل عن مليوني طن من البضائع. (مارس 2018، قناة العالم)


شكل رقم (4)

 


وقال الأمين العام لاتحاد النقل والإمداد الإيراني إن طهران وباكو تخططان لإنشاء مقر التنمية الاقتصادية الإيرانية الأذربيجانية. وقال "إن اقتراح إنشاء مقر التنمية الاقتصادية بين إيران وأذربيجان قد تم خلال اجتماع مشترك لغرفة التجارة بين البلدين"، وهو مقر مماثل للمقر الذي بين إيران والعراق.

ووصف العلاقات بين طهران وباكو بأنها جيدة، وقال: "يمكن لأذربيجان أن تعمل كمحطة لنقل البضائع الإيرانية إلى دول أخرى ... يمكن لإيران أيضا استيراد الأخشاب من أذربيجان، والتي يمكن أن تكون اقتصادية للغاية".

وأشار إلى الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب (INSTC)، وقال: "وزارة الطرق والتنمية في إيران تولي التنمية اهتماماً خاصاً للطريق وتواصل إكماله".

حيث سيربط INSTC إيران بموانئ البلطيق الروسية، ويعطي روسيا خط سكك حديدية لكل من الخليج العربي وشبكة السكك الحديدية الهندية. وهذا يعني أنه يمكن نقل البضائع من مومباي إلى ميناء بندر عباس الإيراني وإلى باكو. ويمكنهم بعد ذلك عبور الحدود الروسية إلى استراخان، قبل الشروع في موسكو وسانت بطرسبورغ، قبل المضي قدماً نحو أوروبا.

وعند اكتماله، من المتوقع أن يزيد INSTC من حجم السلع المتداولة حالياً بين إيران وأذربيجان من 600،000 طن إلى 5 ملايين طن في السنة، مما يزيد بشكل كبير من التجارة الثنائية التي تبلغ حالياً 500 مليون دولار سنوياً (وفق مصادر إيرانية أخرى تزيد عن مليار دولار). (6 أغسطس 2018، ISNA)

 

شكل رقم (5)

 


وفيما يتعلق بالنقل البحري، أكد نائب الرئيس التنفيذي للموانئ والمنظمة البحرية (PMO) الأذري، أن المحادثات جارية لزيادة التجارة والنقل بين الموانئ الإيرانية وميناء باكو. كما أشار إلى أنه سيتم بذل المزيد من الجهود لتسهيل عبور البضائع عبر الممر الشمالي الجنوبي.

وأشار إلى مشاركة وفد التجارة والأعمال الإيراني في الجمعية الدولية للموانئ والمرافئ (IAPH)، التي عقدت في العاصمة الأذرية باكو، وقال: "إن مشاركة الوفد الإيراني في هذا الاجتماع المرموق كانت فرصة مناسبة لمناقشة واستعراض إمكانات وقدرات الميناء بين البلدين".

كما قال: "إن العديد من المستثمرين ليسوا على دراية بقدرة الموانئ الإيرانية ... ولهذا الغرض، فإن وجود إيران النشط في الأحداث الدولية المرموقة سيساعد بشكل كبير على تعزيز العلاقات الثنائية بين طهران وباكو".

ويتطلع الطرفان إلى البحث عن حلول لزيادة حجم التجارة والمعاملات التجارية بين موانئ البلدين، وتطوير كفاءة الموانئ، والبحث عن أفضل طرق النقل ومشاركة الخبرات المفيدة والمعرفة التقنية، حيث تمت مناقشة هذه المواضع في المؤتمر المذكور. (مايو 2018، Hellenic Shopping News)

 

و-الإطار الإقليمي (الشراكة الإقليمية):

رغم توسع المصالح الداعمة لتعزيز العلاقات الثنائية الإيرانية-الأذرية، وتجاوز مسببات القلق، إلا أن هناك عاملين إضافيين، بالغي التأثير ساهما في اندفاع الدولتين نحو نمط جديد من العلاقات:

-      الضغط الروسي لإيجاد أطر تعاون إقليمي في المنطقة التي تعتبرها روسيا منطقة امتداد استراتيجي (حديقة خليفة)، تشمل كثيراً من الفضاء السوفييتي السابق. بحيث تضمن روسيا ولاء هذه الدول لها، وعدم انخراطها في علاقات خارجية مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، لذا ضغطت روسيا على كل من إيران وأذربيجان لتجاوز خلافاتهما في مقابل تعزيز مصالحهما.

-      العامل الآخر، يتمثل في التهديدات الأمريكية المتصاعدة منذ وصول ترامب إلى السلطة، والتي وصلت إلى حد فرض عقوبات دولية جديدة، تؤكد نية الولايات المتحدة عزل إيران دولياً، وبشكل واسع، وهو ما دفع إيران إلى كسر هذا الطوق من خلال بناء علاقات إقليمية، تساهم في كسر العزلة مسبقاً، وتوجد كتلة مؤيدة لها، بتنسيق مع روسيا والصين كذلك، كل على حدة.

لذا تنوعت العلاقات الإقليمية التي اندمجت فيها كل من إيران وأذربيجان، سواء أكانت مع تركيا، أو مع دول إقليمية أخرى، أو مع الإطار الأوسع (روسيا). ويمكن ملاحظة أهم محطات الإطار الإقليمي من خلال ما يلي:

في نوفمبر 2017، استضافت طهران "قمة ثلاثية" الثانية، جمعت كلاً من الرئيس الروسي والأذري والإيراني، على التوالي، وتضمنت لقاء الرؤساء بخامنئي. واختتمت اعمال القمة الثلاثية بين الزعماء بالتوقيع على البيان المشترك (بيان طهران)، وأكد روحاني أن بلاده وروسيا وأذربيجان دول غنية بالنفط والغاز الطبيعي، وقال "إن مساعينا المشتركة ستمهد الطريق لتحقيق نمو سريع لاقتصادات بلادنا ... صندوق الاستثمار المشترك المزمع إنشاؤه بين إيران وروسيا وأذربيجان، سيعزز قوة هذه الدول في مجالات اقتصادية متنوعة، وسيعزز إمكانيات التعاون بينها".

وأشار روحاني إلى أنهم ركزوا خلال القمة على العديد من المواضيع الإقليمية فضلاً عن مجالات التعاون الاقتصادي المشتركة مثل الطاقة والمواصلات والإنشاءات. وأضاف روحاني أن اللقاءات مستمرة بين إيران وروسيا وأذربيجان بشأن موضوع التنقيب عن النفط والاستثمارات في هذا المجال.

فيما كان الرؤساء الثلاثة، قد وقعوا على بيان مماثل في ختام القمة الأولى التي عقدت في العاصمة الأذرية، في أغسطس 2016، وتضمن البيان عدة مواضيع من قبيل مكافحة الإرهاب والوضع القانوني لبحر قزوين وتعزيز ممرات الطاقة والنقل. (نوفمبر 2017، TRT)

كما قال بوتين إن روسيا مستعدة لنقل الغاز إلى الجزء الشمالي من إيران عبر أذربيجان. ووفقاً له، لا ينبغي أن تتنافس موسكو وباكو عندما يتعلق الأمر بمشاريع الطاقة. وهذه مسألة ذات أهمية خاصة بالنسبة إلى باكو نظراً للعوائق التي نشأت في طريق نقل الغاز الأذري إلى أوروبا.

وحول ممر الشمال والجنوب (INSTC)، أعلنت الدول الثلاثة دعمها له، حيث سيشمل المشروع عشرة بلدان أخرى تربط بين أذربيجان وأرمينيا في القوقاز، ثم تتحرك شمالاً وغرباً إلى تركيا، وبيلاروسيا، وسورية، وبلغاريا، وعُمان، وصولاً إلى كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. كما تخطط إيران لبناء خط سكة حديد إلى البحر المتوسط ​​عبر العراق وسوريا، ويمكن أن تشارك روسيا في تنفيذ المشروع.

إلى جانب اتفاقية مؤقتة لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الاقتصادي الآسيوي (EEU) وإيران، ستكسب باكو الكثير منها، حيث ستجمع بين الاقتصادات المتوافقة إلى حد كبير، وتدعيم الروابط الاقتصادية والتجارية في آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

كما ستسمح لأذربيجان باستئناف العلاقات التجارية مع أرمينيا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، لتسهيل التوصل إلى تسوية لنزاع ناغورنو كاراباخ المتجمد حالياً. وقد يكون إطار موسكو-طهران-باكو أكثر كفاءة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في إيجاد حل سلمي للمشكلة.

عدا عن أن لدى أذربيجان أسباب وجيهة للشك في مصداقية الغرب كحليف (والاتجاه إلى إيجاد بدائل لذلك، من خلال الانفتاح على أنظمة شبيهة بها في روسيا وإيران وعموم المحيط الإقليمي). حيث يتم انتقادها بشكل روتيني كونها "ديكتاتورية". وغالباً ما دعمت المنظمات غير الحكومية الغربية في أذربيجان علناً قادة المعارضة المناهضين للحكومة، بطرق من شأنها أن تجعل حكومة أذربيجان تتساءل عما إذا كانت هدفاً لثورة ملونة مدعومة من الغرب. (نوفمبر2017، Strategic Culture)

وفي مارس 2018، عقد وزراء خارجية أذربيجان وجورجيا وتركيا وإيران أول اجتماع رباعي في باكو لمناقشة التعاون الإقليمي. وفي محور المناقشات، تم التأكيد على إنجاز خط سكك حديد راشت-أستارا، الذي من المتوقع أن يكتمل في غضون ثلاث سنوات.

وقال وزير الخارجية الأذري: "سيطلق هذا المشروع بداية ممر نقل جديد من الجنوب إلى الغرب"، حيث سيتم ربط السكك الحديدية مع خط باكو-تبليسي-كارس الذي تم إنشاؤه بالفعل والذي يربط بين أذربيجان وجورجيا وتركيا.

وأعرب وزير الخارجية التركي عن أمله في أن يساعد اجتماع الوزراء الأربعة في تعزيز التعاون الإقليمي، لا سيما النهوض بمشروعات البنية التحتية في مجال النقل والطاقة. وأضاف "هذا الشكل سيسمح لنا بزيادة التجارة واجتذاب الاستثمار لبلداننا، وفي اجتماعنا القادم سنناقش مشاريع ملموسة". (مارس 2018، VOA TV)

كما سيتم بناء ممر عبور أرضي، يبدأ من موانئ شهابار وبندر عباس الإيرانيين ويمتد إلى دول أوروبية.

وقال وزير الخارجية الجورجي: "إن تعاوننا يدعم السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة ... وعلينا أن نحقق إمكانيات العبور لمواقعنا الجغرافية .... أصبح ربط الخليج (العربي) بالبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ​​حقيقة واقعة الآن".

وأكد ظريف على أن هذه الطرق ستؤدي إلى أن يستغرق العبور وقتاً أقل لنقل البضائع من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط ​​والبحر الأسود وإلى أوروبا.

كما وقع كل الوزراء الأربعة وثائق لتطوير التعاون والاستثمارات في عدة مجالات مثل الطاقة والبنوك والاتصالات والصناعة والزراعة والسياحة. وأعلنوا أنهم يؤيدون ترشيح باكو لمعرض اكسبو 2025. (مارس 2018، Daily News)

فيما بدأت أذربيجان وروسيا وإيران اختبار ممر النقل بين الشمال والجنوب في إطار سباق السيارات الرياضية، ووفقاً لوزارة الطرق والتنمية الحضرية في إيران، يتم تنظيم هذا الحدث بالاشتراك مع اتحاد وكلاء الشحن في الهند.

وهي أول عملية واسعة النطاق للكرفانات المتنقلة على طول ممر النقل الدولي (ITC) "شمال-جنوب، مما يدل على جاهزيتها للتشغيل الفعلي على نطاق واسع. (إبريل 2018، Georgia Today)

 

ولعل التطور الأكثر أهمية في الإطار الإقليمي، كان قمة دول بحر قزوين (الدورة الخامسة)، التي عُقدت منذ أيام في كازخستان (قمة أكتاو)، والتي أوجدت إطاراً قانونياً إقليمياً لتجاوز الخلافات بين دول حوض قزوين، حول حصص المياه في البحر، والحدود الإقليمية البحرية فيه، رغم أن الردود الإيرانية ما تزال غير متبلورة بشكل جلي حول الاتفاق.

وقال بوتين خلال هذا الاجتماع: "إننا نؤيد خطط إيران للبدء في بناء القسم الأخير من مسار غرب بحر قزوين، خط سكة حديد راشت-أستارا، كما إن تنفيذ هذا المشروع سيجعل من الممكن تنظيم عبور أكثر فعالية وتقليل تكاليف التسليم ... نرى احتمالات جيدة لتعميق التعاون في مجال الطاقة، حيث أن روسيا وإيران وأذربيجان راسخة بقوة في المناصب القيادية في العالم من حيث إنتاج الهيدروكربونات، وأعتقد أن التنقيب والتطوير المشترك لواردات النفط والغاز وإطلاق مشاريع مشتركة في إنتاج الطاقة وعبورها هو في مصلحتنا المشتركة".

وأضاف بوتين قائلا: "لا يزال بناء جسر الطاقة بين روسيا وإيران وأذربيجان، الذي يدمج نظم الطاقة الكهربائية في بلداننا، يمثل أولوية ... إن تطبيق هذه المبادرة موضع التنفيذ سيساعد على تعزيز أمن الطاقة في المنطقة بأكملها وضمان إمدادات طاقة يمكن الاعتماد عليها". (أغسطس 2018، الأهرام)

ووقعت الدول الخمسة (روسيا وأذربيجان وكازخستان وإيران وتركمنستان)، معاهدة (أكتاو)، بخصوص الوضع القانوني لبحر قزوين، إلى جانب خمس وثائق فنية.

حيث تخلت فيها إيران عن مطلبها بـ "نصيب مناسب" في البحر (50%)، حيث اعتمدت لسنوات طويلة على هذا المطلب، قبل أن تقبل بنصيب (11-13%)، وهو ما على ما يبدو موضع خلاف داخل إيران، حيث تقول المصادر إن خامنئي ضغط باتجاه هذا التنازل، وخصوصاً مع العقوبات الأمريكية الجديدة، بغية أن يشكل هذا التنازل عامل جذب لروسيا ودول حوض قزوين، لتكون في صف إيران، في مواجهة الولايات المتحدة. كما تشير المصادر إلى أن روحاني وفريقه غير راضيين عن الوصول إلى هذه النسبة.

شكل رقم (6)

 


كما أقرت المعاهدة، المطلب الروسي الخاص بعدم السماح لأي قوة بحرية خارجية من الوجود داخل بحر قزوين. ويبدو واضحاً أن الاتفاقية ترمي للحيلولة دون إقدام أي من كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان على الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يمنح الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة وجوداً داخل منطقة تعتبرها روسيا الفناء الخلفي لها.

إلا أن روحاني عاد وقال: "إن ترسيم الحدود لحقول النفط والغاز في قاع بحر قزوين يحتاج إلى اتفاقيات إضافية بين الدول الساحلية المطلة عليه، وذلك بالرغم من توقيع إيران ضمن الخمس دول المحيطة بالبحر على اتفاقية لتحديد وضعه القانوني".

 

وأحدث محطات الإطار الإقليمي الذي تعمل إيران وأذربيجان على تعزيزه، كان منذ أيام قليلة، حيث أعلن وزير الطاقة الإيراني أن مفاوضات منفصلة مع أرمينيا وأذربيجان حول تصدير الكهرباء إلى روسيا قد بدأت. وقال إن اتصال الشبكة الكهربائية الإيرانية بشبكة أوروبا أمر هام ولدينا سيناريوهات مختلفة لذلك.

وقال الوزير إن أحد الخيارات هو وجود دولتين مجاورتين لشمال إيران (أرمينيا واذربيجان). ومع ذلك، أوضح أنه خلال مقايضتها للطاقة مع الدول الإقليمية، فإن إيران ستكون في بعض الحالات مُصدِّراً ومستورداً معاً للطاقة، في حين أنها في حالات أخرى سوف تكون إما مُصدِّراً أو مستورداً فقط. (13 أغسطس 2018، The Iran Project)

رابعاً: العلاقات الإيرانية-الأرمنية

 

أ-إعادة بناء محدّدات العلاقات الثنائية:

تشكلت المحددات الأساسية التي استندت إليها علاقات الطرفين، طيلة الفترة السابقة لعام 2017، من محددات خارجية أكثر منها محددات مصلحية مشتركة بين الطرفين.

إذ استندت العلاقات على الأزمة الجيوسياسية القائمة في المنطقة (القوقاز)، عقب تفكك الاتحاد السوفييتي. أي أنه تم توظيف الإشكال الجغرافي بين أرمينيا وأذربيجان في بناء علاقات إيران بمحطيها، وفق توجهاتها السياسية القائمة على مناهضة أذربيجان واعتبارها حليفاً لعدو إيران (إسرائيل)، دون أن تندفع إيران بشكل كبير لإحداث خلل في حالة العداء بين الدولتين (أرمينيا وأذربيجان)، فرغم أنها ساندت بشكل غير مباشر مواقف أرمينيا، إلا أنها أكدت خلاف ذلك علناً، وأنها تسعى لتسوية سلمية، عدا عن أن مستوى علاقتها بأرمينيا ظل محدوداً.

محدّد خارجي آخر حكم العلاقات بين إيران وأرمينيا، بداية من كونها فضاءً سوفيتياً سابقاً، ما جعلها تخضع لنفوذ روسي لسنوات طويلة، وبالتالي إلى تضارب مصالح، لم تكن إيران قادرة على منافسة روسيا فيه. لذا فضلت أن تحافظ على علاقات جيدة، دون العمل على تعميقها. أضيف إليها لاحقاً تغير توجهات أرمينيا باتجاه الاتحاد الأوروبي، وهو ما ترك أيضاً مسببات قلق لدى إيران، منعت جزئياً بناء علاقات أقوى معها.

أمّا المتغيرات الجديدة التي أعادت تشكيل العلاقات بين الطرفين، فتتمثل هي الأخرى في محددات خارجية أيضاً، على عدة أشكال:

-      الأول الضغط الروسي لإعادة ترتيب المنطقة، وفرض تنسيق متكامل بين دولها، هذا العامل كان ضعيف الأثر في أرمينيا تحديداً، وخصوصاً بعد ثورتها الناعمة ربيع عام 2018.

-      أما الثاني، فيتمثل في انعكاس هذا العامل (كما مر سابقاً)، في بناء توجه جديد في علاقات إيران بأذربيجان، ما جعل أرمينيا تدرك أنها في مرحلة تنافس مع عدوها الأذري لكسب الجانب الإيراني، وهو ما أطلق مرحلة أخرى من التعاون بين الدولتين. ترافق ذلك مع اندفاع إيراني لتجاوز الإشكاليات التي كانت قائمة مع أذربيجان، وانكشاف حجم مصالح بينهما أكبر بكثير من تلك القائمة أو المعلقة غير المنجزة مع أرمينيا.

-      أما الثالث، فيتمثل بضغط الولايات المتحدة من خلال جملة عقوبات على روسيا وإيران، ترى أرمينيا فيها ضرراً كبيراً لها، حيث أنها محاطة جغرافياً بهاتين القوتين، وهما الدولتان التي ترى فيهما أرمينيا منفذاً لها للعالم الخارجي، حيث أن علاقتها بالدولتين المجاورتين الأخريين تركيا وأذربيجان لا تسمح لها بذلك. لذا يبدو أنها تفضل الاقتراب أكثر فأكثر من المحور الروسي في هذه المنطقة، حفاظاً على مصالحها، في ظل ضعف المساعدات الأمريكية (والغربية عموماً) لأرمينيا.

-      يضاف إلى ذلك، بداية تقارب إسرائيلي-أرميني، يقود إلى مزيد من القلق الإيراني، وهنا تغدو المصالح الاقتصادية (عوامل جذب إيران) أكثر فعالية، ولصالح أذربيجان.

إلا أن هذه المتغيرات الجديدة في المنطقة، لا تعني أن العلاقات الإيرانية-الأرمنية ذهبت باتجاه معاكس لما كانت عليه، بل جلّ ما فعلته أنها دفعت إلى جعلها أكثر تنافسية في منطقة القوقاز، وسينعكس ذلك على تنشيط العلاقات بين الطرفين سياسياً واقتصادياً.

وقد رصد باحث أرمني، عدة متغيرات في هذه العلاقات المتشابكة، وذلك من خلال بعد مصلحي يتمثل في أن علاقة أرمينيا بإيران تسمح لها لأرمينيا بأن يكون لها "خلفية قوية" في العلاقات مع العالم الإسلامي، فيما تحصل إيران من خلال أرمينيا على إمكانية الوصول إلى أسواق EAEU.

أما البعد الأخر فهو إثني، حيث يستند اهتمام إيران بمحطيها الجغرافي القوقازي، في الحفاظ على علاقات مستقرة مع كل من أذربيجان وأرمينيا أيضاً، إلى حقيقة أن هناك حوالي 240 ألف من العرقية الأرمنية وأكثر من 35 مليون من العرقية الأذرية هم جزء من المجتمع الإيراني. وبناء على ذلك، يتعين على السلطات الإيرانية الاستجابة لأي توترات عرقية في المنطقة، سواء فيما يتعلق بنزاع كاراباخ، أو سواها، خشية امتداد أي اضطراب إثني-إقليمي إلى داخل إيران، وتحديداً إلى الجزء الشمالي منها (أذربيجان الجنوبية).

بل يذهب الباحث إلى أن موقف إيران تحوّل إلى دعم أذربيجان في قضية ناكورني كارباخ، وأصبحت ترحب بأي مبادرة لحل النزاع دون تغييرات على الحدود المعترف بها دولياً. عدا عن أنها غير قادرة على الانخراط في المسارات الإقليمية في القوقاز، في ظل انشغالها الكبير في منطقة الشرق الأوسط. (إبريل 2018، Vestnik Kavkaza)

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تصريح روحاني، إبان زيارته الرسمية إلى أذربيجان، بأن حل مشكلة كاراباخ ممكن فقط من خلال الجهود الدبلوماسية، وأن طهران تهتم باستقرار المنطقة وتصر على منع التصعيد العسكري للنزاع، وتبذل الجهود للحفاظ على التوازن الدبلوماسي.

ووفق الخبيرة الأرمنية في الشؤون الأمريكية: سورن سركسيان، فإن جولة جديدة من العقوبات الأمريكية ضد روسيا وإيران قد تعرض اقتصاد أرمينيا للخطر بشكل جدي ما لم يتم العثور على بدائل لدعمها. وقالت إن هذه هي المرة الأولى التي تتجاهل فيها الإدارة الأمريكية العلاقات الاقتصادية الحيوية بين أرمينيا وإيران.

كما وجدت أن العقوبات ضد إيران قد تؤثر في مسائل الطاقة والمشاريع المشتركة الأخرى بين أرمينيا وإيران، ولتجنب العواقب الوخيمة على أرمينيا، من الضروري مراجعة الاتفاقيات السابقة، وإشراك منظمات الضغط الأرمنية بفعالية في الولايات المتحدة للحيلولة دون إلحاق ضرر جسيم بالاقتصاد الأرمني. (أغسطس 2018، Yerepouni News)

 

ب-الأطر السياسية:

بداية يمكن استشراف تطورات العلاقات بين الدولتين، من خلال تصريح الرئيس الأرميني، مطلع عام 2018، لإحدى الصحف الفرنسية أثناء زيارته لفرنسا، حيث أكد على أن علاقة بلاده بإيران طبيعية، وحيوية، وإيجابية وبناءة، وأنها تعود لأكثر من ألفي عام، وهي "علاقة حيوية لبلادنا".

وقال: "إن حوارنا السياسي مستقر تماماً والزيارات المتبادلة منتظمة"، مؤكداً أن طهران تتبع دائماً الحياد والتوازن فيما يتعلق بأزمة ناغورني كاراباخ-آرتساخ، رغم محاولات أذربيجان استخدام العامل الديني المشترك في دعايتها، مشدداً على أن العلاقات بين البلدين أرمينيا وإيران ذات طبيعة إيجابية تؤكد على حقيقة واضحة وهي أن أرمينيا تحترم جيرانها وثقافتهم.

وحول الاتفاق النووي، قال: "إن اتفاق 2015 حول البرنامج النووي الإيراني يشكل قيمة بناءة لنا بصورة استثنائية ... وأنا سعيد أن فرنسا تؤيد هذا الاتفاق". (يناير 2018، الأرمنية)

ويمكن ملاحظة مستوى التطور الذي حصل في علاقات الطرفين، والانعكاسات الإقليمية التي أدت إلى تنشيط هذه العلاقات، من خلال تكرار اللقاءات الرسمية في عدة مناسبة خلال العام الأخير، ومن ذلك:

-      بحث الرئيس الإيراني ونظيره الأرميني خلال لقائهما بطهران في أغسطس 2017 تنمية العلاقات بين البلدين وأهم القضايا الإقليمية والدولية، وأكد الزعيمان على ضرورة تطوير وتوسيع العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

-      في أكتوبر 2017 استقبل الرئيس الإيراني رئيس وزراء أرمينيا في طهران، وأكد روحاني أن الحرب وتصعيد الخلافات الإقليمية لا تصب بمصلحة أي بلد، مشدداً أن على جميع بلدان المنطقة السعي لإرساء السلام المستديم والاستقرار، من جانبه دعا رئيس وزراء أرمينيا إلى توسيع وتطوير العلاقات مع إيران في شتى المجالات. كما جرى في هذه الزيارة توقيع ثلاث وثائق ومذكرات تفاهم بين إيران وأرمينيا، تضمنت التعاون في مجال الصحة البيطرية والحيوانية والتبادلات الثقافية والفنية وعقد مذكرة تفاهم بين قسم العلوم والتكنولوجيا التابع للرئاسة الإيرانية ووزارة التنمية الاقتصادية والمالية في أرمينيا.

-      زيارة وزير الخارجية الإيراني لأرمينيا على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى شارك فيها باجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وأرمينيا في نوفمبر 2017، التقى خلالها ظريف برئيس الوزراء الأرميني.

-      بحث وزيرا خارجية أرمينيا وإيران عدد من المسائل المتعلقة بالقضايا الدولية والإقليمية العاجلة، وذلك على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن والذي عقد في ألمانيا. وناقشا خلاله عدداً من المسائل المرتبطة بجدول الأعمال الثنائي، بما في ذلك المشاريع الأساسية المشتركة بين البلدين. وأشاد الوزيران بنشاط اللجنة الحكومية الأرمينية-الإيرانية، والتي من المتوقع أن تعقد اجتماعات منتظمة في يريفان. (فبراير 2018، الأرمنية)

ويتم تعزيز هذا المسار، من خلال نشاط كبير للسفير الإيراني في يريفان، ففي يوليو 2018، كان له جولة من اللقاءات مع المسؤولين الأرمن، بهدف تمهيد الطريق لتعزيز العلاقات بين طهران ويريفان في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية. وذلك من خلال:

-      اجتماع مع وزير الدفاع الأرمني، دعا فيه السفير الإيراني إلى توسيع العلاقات بين طهران ويريفان. وأشار الوزير الأرميني إلى دور إيران في الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، وحث على مواصلة تطوير التفاعلات الثنائية والتعاون. (ويعتبر هذا التطور الوحيد الملحوظ في العلاقات العسكرية بين الدولتين خلال هذه الفترة)

-      اجتماع منفصل مع وزير شؤون الرياضة والشباب الأرميني، أعرب فيه السفير عن أمله في أن يزداد التعاون الرياضي بين البلدين خلال فترة ولاية الوزير، واقترح الوزير عقد مباريات ودية لكرة القدم بين لاعبي كرة القدم المخضرمين في كلا البلدين.

-      محادثات مع وزير الأراضي والتنمية، لمناقشة التعاون بين المحافظات الحدودية في مجالات السياحة والزراعة وتربية الحيوانات.

-      مناقشة تبادل الخبرات بين البلدين في مجالات التقاعد والضمان الاجتماعي وريادة الأعمال مع وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأرمني.

-      الاجتماع مع وزير الشتات الأرمني، والاتفاق على توسيع التعاون المتبادل في رعاية شؤون الإيرانيين والأرمن المقيمين في الخارج. (يوليو 2018، ارنا)

-      لقاء مع رئيس الوزراء الأرمني، لتنسيق زيارته إلى طهران. حيث أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الأرميني، أن رئيس الوزراء الأرميني يعتزم زيارة طهران، في الفترة القريبة المقبلة. (أغسطس 2018، وكالة أنباء فارس)

تتجلى هذه العلاقات التي يتم توطيدها خلال الفترة الأخيرة، من خلال موقف أرمينيا من العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران.

حيث ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأرمنية بالنيابة، أن إيران لا تزال شريكاً مهماً لأرمينيا، وأن العلاقات مع طهران لها أهمية بالغة بالنسبة إلى يريفان. وأن أرمينيا تتابع آخر التطورات المتعلقة بإيران، التي تبعث على القلق. وقالت إن أرمينيا تواصل الحوار المفتوح مع إيران، ونتحدث بوضوح وإيجاز عن المسائل التي تهم البلد وتشكل موقف أرميني، وقالت "نحن نريد تطوير علاقات خاصة مع إيران ويجب أن يظلوا متحررين من التأثير الجيوسياسي". (أغسطس 2018، Media Max)

 

 

ج-الأطر الاقتصادية:

الشق الآخر من تجليات العلاقات بين الطرفين، والتطورات التي طالتها، يظهر في إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بينهما، والتي شهدت تراجعاً في حجم التبادل التجاري خلال الفترة 2013-2017، وفق الجدول المرفق في بداية هذه الدراسة، وارتفاعاً عام 2017، حيث تحاول كلتا الدولتين إعادة تنشيط هذا التبادل في عدة اتجاهات.

بداية، وخلال زيارة ظريف إلى أرمينيا، في نوفمبر 2017، أكد خلال لقاءاته مع المسؤولين الأرمن، أن مستوى التعاون الاقتصادي بين إيران وأرمينيا لا يرتقي لمستوى العلاقات السياسية بينهما، مؤكداً على ضرورة تعزيز هذه العلاقات، في جوانب النقل والطاقة. ولعل الملفت ما قاله من أن إيران صرحت بشكل متكرر أنها تقوم بتبادل الغاز والكهرباء مع أرمينيا، ليس لحاجتها إلى ذلك، بل إنها قامت بخطوة ودية تجاه أرمينيا.

عدا عن أن مشروع نقل الغاز من إيران باتجاه أوروبا، عبر أرمينيا، يشهد تعثراً مستمراً، نتيجة تضارب المصالح بين إيران وروسيا، حيث لا ترغب طهران في الاتصال بأوروبا عبر طريق قد تسيطر عليه روسيا. وبالتالي، فإن القضية الرئيسة هي ما إذا كانت أرمينيا ستسيطر على ممرات العبور، وخصوصاً مع احتمال أن يكون لروسيا نفوذ من خلال خط أنابيب تابع لشركة غازبروم، ما يجعل إيران قلقة من أن تكون شركة غازبروم صانع قرار في هذه المسائل. (نوفمبر 2017، Lragic)

عملية تنشيط العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الطرفين، أدت إلى أن تشهد الشهور العشرة الأخيرة من عام 2017، نمواً في التبادل التجاري والسياحة بين أرمينيا وإيران، وفقاً لما ذكرته دائرة الإحصاءات الوطنية الأرمينية. كما يلي:

-      وصل التبادل التجاري إلى 211.4 مليون دولار أميركي، بينما وصل في نفس الفترة من العام الماضي إلى 199.4 مليون دولار.

-      ارتفعت صادرات أرمينيا لإيران بمقدار 2.3% عن العام الماضي، حيث بلغت قيمة 66.9 مليون دولار.

-      استوردت أرمينيا سلعاً من إيران، تم تصنيعها في دولة ثالثة، بقيمة 139.9 مليون دولار، وبزيادة 12.2%.

-   بلغت قيمة الواردات المصنعة في إيران 144.4 مليون دولار، بنسبة زيادة 7.8%.

-      ارتفاع عدد السائحين الإيرانيين القادمين لزيارة أرمينيا بنسبة 27% وهم يشكلون 15.7% من إجمالي السائحين الذين زاروا أرمينيا خلال عام 2017. (ديسمبر 2017، الأرمنية). ولتعزيز هذا التوجه قامت الخطوط الجوية الأرمينية، وقاشم للطيران الإيرانية، بتسيير 40 رحلة إضافية خلال شهري مارس-إبريل 2018، لنقل الأعداد الكبيرة من السياح الإيرانيين إلى أرمينيا، للاحتفال بعيد النيروز ورأس السنة الفارسية.

-      هذه المعطيات، جعلت إيران سادس أكبر شريك تجاري لأرمينيا، كما تعتبر إيران ممراً للبضائع الأرمينية التي تشكل النسبة الأكبر من التصدير إلى الصين.

وبهدف إحداث مزيد من الدفع في العلاقات التجارية بينهما، أقامت الدولتان منطقة تجارة حرة على الحدود لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية المتبادلة Meghri FEZ، تم افتتاحها في ديسمبر 2017. حيث سبق وأن تم الاتفاق عليها أثناء زيارة رئيس الوزراء الأرمني لإيران، ومناقشتها مع رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني.

وتعمل المنطقة على منح إعفاءات للشركات العاملة، من ضريبة الأرباح وضريبة القيمة المضافة وضريبة المكوس والرسوم الجمركية. وتتوقع أرمينيا أن تجذب المنطقة 50-70 شركة في السنوات القادمة، لتستثمر 100-130 مليون دولار وتخلق أكثر من 1500 فرصة عمل.

هذه التوقعات هي طموحات عالية السقف، وخصوصاً أن المنطقتين الأخريين الأرمنيتين: Meridian، Alliance FEZs، في العاصمة يريفان، اللتين أنشئتا في عام 2014، لم تخلقا سوى 94 وظيفة فقط، وحظيتا باهتمام 17 شركة، اثنتان منها علقت أنشطتها عام 2017.

 

لكن الاهتمام الإيراني الأبرز، ينصب في مجالات الطاقة، حيث أكد نائب وزير البنية التحتية للطاقة والموارد الطبيعية الأرميني، أن سعر الغاز الإيراني لا يزال أعلى من السعر الروسي، إلا أنه رفض الإعلان عن العرض المقدم من الجانب الإيراني، مشيراً إلى أنه "سر تجاري". وقال: "هذا العام قمنا بزيادة صادرات الكهرباء بشكل كبير إلى إيران، ونحن نخطط لجعلها تصل إلى مليار و600 ألف كيلو وات، وهو ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 40-50% عن العام 2016". (إبريل 2018، الأرمنية)

فيما أعلن المدير التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، تجديد عقد تبادل الغاز مقابل الكهرباء مع دولة أرمينيا وفق شروط جديدة، حيث كان العقد السابق يقضي بتصدير أرمينيا 3 كيلو واط/ ساعة من الكهرباء مقابل استلام مليون متر مكعب من الغاز الإيراني. في حين أن شروط العقد الجديد" تقرر زيادة حجم التبادل بين البلدين، بحيث يتم رفع حجم تمرير الغاز الإيراني من 1 إلى 1.6 مليون متر مكعب يومياً، وبالمقابل ستزيد أرمينيا صادرات الكهرباء إلى إيران". وذلك في إطار عقود المقايضة التي تشكل مخرجاً لإيران لإبرامها صفقات اقتصادية مع دول العالم بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. (يونيو 2018، سبوتنيك عربي)

كما وافق البرلمان الإيراني على مشروع قانون بشأن إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر أراس، من خلال إطلاق مناقشات مع أرمينيا حول ذلك. (إبريل 2018، am)

ومؤخراً، بدأت إيران مفاوضات مع أذربيجان وأرمينيا فيما يتعلق بفرصة تصدير الكهرباء إلى روسيا عبر أراضي هذه الدول، كما مر سابقاً.

 

 

أما الشق الثاني من التطلعات بين الدولتين، والمتعلق بمسألة النقل، فما زال متعثراً. فوفق وزير النقل والمواصلات الأرميني، فلن يتم قريباً بناء خط سكة حديد، والذي كان مخططًا له من سنوات أن يمر أعلى منطقة جبلية ليربط أرمينيا مع إيران.

ففي يناير عام 2017، قررت الحكومة حل شركة مملوكة للدولة كان من المفترض أن تشرف على هذا المشروع، وبحسب الوزير فإن هذا المشروع لا يشكل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة الجديدة لأرمينيا، بسبب تكلفته المرتفعة للغاية والتي تجاوزت ميزانية الدولة الأرمينية بأكملها لهذا العام (3.5 مليار دولار).

وتابع: "الفكرة جيدة، فإذا استطعنا تحملها في المستقبل، سنقوم باتخاذ خطوات لتنفيذها، لكنها ليست موضعية الآن نظراً لتركيزنا على تنمية البلاد". (يوليو 2018، الأرمنية)

 

الشق الاقتصادي الثالث بينهما، يتمثل في عقد إيران اتفاقاً للتجارة الحرة بين الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي (EAEU)، والذي رحبت به أرمينيا، التي تضع نفسها كشريك تجاري لإيران عبر منطقة تجارة حرة على حدودها الجنوبية.

وستكون الاتفاقية سارية المفعول للسنوات الثلاث المقبلة، مما يمهد الطريق لعضوية إيران الدائمة في الاتحاد. وستلغي الاتفاقية الرسوم الجمركية المفروضة على التجارة الإيرانية مع روسيا والشركاء في (EAEU) أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان.

واعتبر رئيس وزراء أرمينيا، أن الصفقة نعمة بالنسبة لأرمينيا: "نأمل في أن تحفز علاقاتنا التجارية مع إيران ... إنها تفتح الفرص. نأمل في الاستفادة من هذه الفرص بالكامل".

وقال وزير التنمية الاقتصادية الأرمني، إن الاتفاقية ستسمح لأرمينيا بالعمل كطريق عبور مهم بين إيران وسوق EAEU الأوسع: "هذه هي أيضاً فرصة لتصنيع بعض المنتجات في منطقة التجارة الحرة في ميغري". وهي المدينة الحدودية التي تم افتتاح سوق حرة بين الدولتين فيها.

ووفق الوزير الأرمني، لا تزال التجارة بين البلدين متواضعة، رغم أنها وصلت إلى رقم قياسي بلغ 263 مليون دولار بنهاية العام الماضي.

ويأتي هذا الاتفاق، بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران، والبدء بحملة لعزل طهران وفرض عقوبات على محافظ البنك المركزي الإيراني وثلاثة أشخاص آخرين، ضمن سلة عقوبات تتسع تدريجياً. (مايو 2018، eurasianet)

 

د-أطر أخرى:

شهدت العلاقات بعض النشاطات الأخرى خلال هذه الفترة، لكنها لا ترتقي إلى مستوى التنسيق السياسي بين الدولتين، سواء المستجد، أو السابق، ويمكن ملاحظة أبرز هذه النشاطات فيما يلي:

-      على المستوى العسكري، كان أخر تطور في يناير 2017، مع زيارة وزير الدفاع الأرميني إلى طهران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، وذلك تلبية لدعوة نظيره الإيراني. والتقى وزير الدفاع الأرميني عدداً من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين لبحث القضايا الثنائية والملفات الإقليمية والدولية. وأكد الوزير الأرمني أن التعاون والعلاقات العسكرية بين أرمينيا وإيران ستشهد تطوراً ملحوظاً بعد رفع العقوبات عن الأخيرة، مشيراً إلى العلاقات الاستراتيجية والسياسية القوية بين البلدين. لكن جل ما تم ملاحظته لاحقاً، كان زيارة السفير الإيراني في أرمينيا لوزير الدفاع، في يوليو 2018، دون كثير نتائج معلنة.

-      شارك فريق من الشرطة الإيرانية، في الألعاب العسكرية الدولية في أرمينيا في أغسطس 2018، بحضور وزير الدفاع الأرميني، والتي تقام في سبع دول (أرمينيا وروسيا وإيران وبيلاروسيا واليونان وكازخستان والصين). (وكالة تسنيم)

-      أقامت إيران أعمال الدورة الأولى لمعرضها لتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام الرقمية، بمركز المعارض الدولية في جمهورية أرمينيا، بمشاركة 37 شركة ناشطة في المجالات ذات الصلة. وشهد المعرض الايراني، توقيع مذكرة تفاهم بين عدد من مسؤولي الشؤون التقنية ووسائل الاعلام الحديثة في أرمينيا مع الشركات المشاركة في المعرض. فيما أكد القائمون على القناة الأولى التلفزيونية لجمهورية أرمينيا، استعدادهم للتعاون مع إيران في مجال الترويج الإعلامي وبثّ الدعايات (مجاناً) حول البرامج الرقمية الخاصة بالسياحة في إيران. (يونيو 2018، ارنا)

 

د. عبد القادر نعناع
باحث وأكاديمي سوري