كندا: البنى الداخلية والعلاقات الخارجية

 

 

القسم الأول: البنى الداخلية

أولاً: الأوضاع السياسية

تعتبر كندا إحدى دول العالم الحر الرائدة، حيث تحافظ على موقعها على سلم الحريات (المؤشر العام، والحقوق السياسية، والحريات المدنية)، وفق مؤشر دار الحرية منذ عام 1998، وبقيمة (1 نقطة).

شكل رقم (1)


 

وفي تفاصيل ذلك حققت كندا أعلى القيم على الإطلاق في جميع المؤشرات، باستثناء تأخر محدود للغاية في مؤشر حكم القانون، نتيجة أوضاع السجون.

شكل رقم (2) 


وتمتد القيم العليا لكافة أشكال الحريات الأخرى، الخاصة بمصادر الإنترنت والمصادر الصحفية.

شكل رقم (3)


شكل رقم (4)


وبالنتيجة تصنف كندا رابع دولة حرة في العالم، بعد فنلندا والنرويج والسويد:

شكل رقم (5)


ووفق تقرير دار الحرية، فإن لدى كندا تاريخ قوي في احترام الحقوق السياسية والحريات المدنية. وبينما لا تزال الشعوب الأصلية والسكان الضعفاء الآخرون يعانون من التمييز والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخرى، فقد أقرت الحكومة الفيدرالية ببعض الخطوات لمعالجة هذه القضايا.

ففي يونيو 2017، وافق المشرّعون على مشروع قانون يحظر التمييز بوضوح على أساس الهوية الجنسية أو التعبير الجنساني، وفي أكتوبر بدأ سريان قانون يسمح للصحفيين بحماية مصادرهم بشكل أفضل.

أما القوانين الانتخابية بشكل عام عادلة ويتم تنفيذها بشكل جيد من قبل الهيئات ذات الصلة، ومع ذلك، فقد عبّر بعض المراقبين عن قلقهم بشأن قانون الانتخابات النزيهة لعام 2014، قائلين إن متطلباته الصارمة لتحديد هوية الناخبين تضع السكان الأصليين في وضع غير مواتٍ. حيث قدمت الحكومة الليبرالية المنتخبة في عام 2015 مشروع قانون من شأنه تخفيف بعض أحكام القانون، لكنه لم يتقدم بعد للقراءة الأولى في مجلس العموم.

وفي الوقت الذي سيطر فيه حزبان تقليدياً على النظام السياسي: حزب المحافظين الذي يتبنى يمين الوسط في الموقف السياسي اليميني، والحزب الليبرالي الذي يتبنى مركزاً لموقف يسار الوسط، فقد شهدت السنوات الأخيرة صعود مجموعات جديدة. حيث تم تسجيل ما مجموعه 23 حزباً سياسياً في انتخابات 2015. وفقد الحزب الديمقراطي الجديد من يسار الوسط (NDP)، وضعه كحزب المعارضة الرسمي في مجلس العموم بعد التصويت، وأصبح المحافظون المعارضة المسيطرة للحكومة.

وفيما تُمثّل الأقليات الدينية والسكان الأصليين والنساء في البرلمان، إلا أن المصالح السياسية لمثل هذه المجموعات ليست دائماً ممثلة بشكل جيد. فعلى سبيل المثال، لم تحظ القضايا الحساسة التي تواجه السكان الأصليين في كندا، بما في ذلك معدلات الانتحار المرتفعة، والإيذاء العنيف، والقتل، سوى باهتمام ضئيل في الحملة الانتخابية لعام 2015.

وقد تم الدفاع بوضوح عن حقوق ومصالح الشواذ ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً في السياسة الكندية في عام 2017. وفي نوفمبر الماضي، اعتذرت الحكومة الفيدرالية رسمياً إلى الكنديين الذين أدينوا بممارسة الشذوذ الجنسي وتم تسريحهم من الجيش الكندي والخدمة المدنية في الماضي. وفي وقت سابق، في يونيو 2017، وافق المشرّعون على مشروع قانون يحظر التمييز بوضوح على أساس الهوية الجنسية أو التعبير الجنساني، مما يمنح الأفراد المتحولين جنسيًا حمايةً أخرى ضد جرائم الكراهية.

وفي يونيو 2017، سنت الحكومة الليبرالية الجديدة قانونين جديدين للعمل أقرتهما الحكومة السابقة، وقد انتقدت النقابات القوانين لأنها اشترطت قواعد الإفصاح المالي المرهقة، وجعلت من الصعب تنظيم نقابات جديدة في القطاعات الخاضعة للتنظيم الفدرالي.

وقد بذلت الحكومة جهوداً متزايدة لإنفاذ الحقوق والفرص المتساوية لجماعات الأقليات، على الرغم من استمرار بعض المشاكل، خاصة بالنسبة للشعوب الأصلية في كندا، التي ما زالت خاضعة للتمييز وتعاني من عدم المساواة في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والتوظيف.

وحيث تشتهر كندا بالحكومة النظيفة وسجل للملاحقة القضائية القوية لقضايا الفساد، وعلى الرغم من وجود قانون الوصول إلى المعلومات، فإن هناك بعض التحديات للحصول على المعلومات، بما في ذلك التأخير والتكاليف الزائدة. وقد اقترحت الحكومة الليبرالية عدداً من الإصلاحات على قانون المعلومات، ولكن تم انتقاد التدابير على أنها غير كافية. وجادل المفوض الإعلامي في كندا بأن الاقتراح سيؤدي في الواقع إلى "تراجع الحقوق القائمة" من خلال خلق عوائق جديدة أمام المتلقين وإعطاء وكالات إضافية أسباباً لرفض الطلبات، فيما لم تتم الموافقة على مشروع قانون الإصلاح بحلول نهاية عام 2017.

وبالمجمل، تحافظ كندا على موقع متقدم على مؤشر إدراك الفساد، حيث تحتل المرتبة الثامنة في أنظف الحكومات عالمياً، وتسجل قيماً ثابتة تقريباً، ورغم تراجع محدود عن قيم 2014، إلا أنها بالإجمال أفضل من قيم عام 2012، حيث تحافظ على قيمة (82 نقطة)، منذ عام 2016، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية: International Transparency.

شكل رقم (6) 


بالمحصلة، تسجل كندا مستوى استقرار عالٍ للغاية، حيث تعتبر عاشر دولة عالمياً في مستوى الاستقرار، حيث تُصنف بأنها (دولة مستقرة جداً)، وحيث أنها في هذه المرتبة طيلة السنوات الـ 12 الماضية إلا أنها تتجه إلى أن تصبح ضمن الفئة الأعلى (دولة ذات استقرار عالي جداً) خلال عام إلى عامين في حال حافظت على ذات مستوى الأداء، حيث تحسن أداؤها بـ 1.1 نقطة خلال العام الأخير، وبـ 4.8 نقاط خلال العقد الأخير.

شكل رقم (7)


 

ثانياً: الأوضاع الأمنية

تصدر استخدام الحبس الانفرادي لفترات طويلة من الزمن في سجون كندا، عناوين الصحف في عام 2017، حيث اتُّهم العديد من المنتقدين بأن الوقت الذي يتم فيه استبعاد السجناء أصبح مفرطًا، وأن الحجز الانفرادي يستهدف في كثير من الأحيان السجناء ذوي الإعاقة العقلية والمشاكل الصحية. رداً على هذه الانتقادات، قامت الحكومة الفيدرالية في يونيو 2017، بإصدار تشريع ينص على أنه لا يجوز للسجناء الفيدراليين البقاء في الحبس الانفرادي لمدة تزيد عن 21 يوماً متتالية، مع تخفيض الحد الأقصى إلى 15 يوماً بعد 18 شهراً من سريان التشريع، ما لم يكن لمأمور السجن على وجه التحديد أوامر خلاف ذلك.

ويرى المدافعون القانونيون عن السجناء، أن مشروع القانون لن يكون له أثر عملي سوى إجبار المراقبين على مراجعة أوامر الحبس الانفرادي قبل وقت أقصر مما هو سائد الوقت الحالي.

من جهة ثانية، ارتفع عدد الأقليات في السجون بشكل ملحوظ في العقد الماضي، ففي حين أن السكان الأصليين يشكلون حوالي 4% من سكان كندا، فإنهم يمثلون حوالي 25% من جميع النزلاء.

ويبقى العنف المنزلي مشكلة تؤثر بشكل غير متناسب في النساء، ولا سيما نساء الشعوب الأصلية، وعادة ولا يتم الإبلاغ عنه، فيما كانت هناك مبادرات في السنوات الأخيرة لتدريب الشرطة على التعامل مع قضايا العنف الأسري.

ويمكن ملاحظة مستوى تطور الجريمة عام 2017، ووفق تقرير الشرطة حول معدلات الجريمة في كندا، حيث عاودت كندا تشهد ارتفاعاً في غالبية الجرائم منذ عام 2017: (يوليو 2018، City News)

-      6.8% زيادة في جميع الجرائم المبلغ عنها للشرطة في عام 2017 والتي اعتبرت بلا أساس.

-      14% زيادة في جميع الاعتداءات الجنسية التي أبلغت عنها الشرطة في عام 2017 والتي اعتبرت غير صحيحة.

-      3900 حالات الاعتداء الجنسي التي لا أساس لها في عام 2017، من أصل 28551 حالة تم إبلاغ الشرطة بها في عام 2017.

-      1% نسبة الزيادة في معدل الجريمة الوطنية في عام 2017.

-      1.9 مليون حالة إبلاغ عن حوادث متعلقة بجرائم جنائية عام 2017 (لا تشمل المخالفات المرورية).

-      45300 حالة أعلى من الجرائم المبلغ عنها للشرطة بين عامي 2016 و2017.

-      21% من الجرائم المبلغ عنها، وقعت في المناطق الريفية.

-      7% نسبة الزيادة في معدل القتل.

-      7700 ضحية لجرائم العنف.

-      48000 جريمة مخدرات مرتبطة بالقنب، بانخفاض 8000 حالة عن عام 2016.

-      74% من 18637 حالة، أدينوا بجرائم حيازة القنب.

-      10% نسبة الزيادة في مخالفات القيادة بسبب العقاقير المخدرة.

ورغم أن الإطار العام يظهر أن جرائم القتل تظل محدودة في كندا، حيث انخفضت عام 2014 إلى حدود 1.5 جريمة مقابل كل 100 ألف سجين، إلا أنها تعاود الصعود تدريجياً (رغم ذلك تبقى جرائم القتل محدودة للغاية):

شكل رقم (8)


ويمكن ملاحظة أن جميع أنواع الجرائم تشهد تصاعداً (وإن كان محدوداً) منذ عام 2014، سواء أكانت تتعلق بالجرائم العنيفة أم بجرائم الملكية أو سواها:

شكل رقم (9)


ويمتد هذا الارتفاع في الجريمة منذ عام 2014، من حجمها وتعدادها، إلى حدة تلك الجرائم أيضاً وفق تقارير الشرطة الكندية (الجرائم العنيفة وغير العنيفة على السواء):

شكل رقم (10)


ويشمل ذلك جرائم الاعتداءات الجنسية، التي شهدت هي الأخرى ارتفاعاً منذ عام 2014:

شكل رقم (11)


ومع تشريع حشيشة المرجوانا، انخفضت الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وخصوصاً مع الانخفاض الواضح بالجرائم المتعلقة بمخدرات القنب وجرائم الكوكايين، رغم أنها ارتفعت في أشكال أخرى:

شكل رقم (12)


وبالإجمالي، فإن مستوى الجريمة قد ارتفع في غالبية المدن الكندية، وتسجل المدن التالية أعلى مستويات الجريمة في عموم البلاد:

شكل رقم (13)


وبالعودة إلى مؤشرات الحرية، فإن الدستور والتشريعات الأخرى تحمي الحرية الدينية. ومع ذلك، اندلع جدل حول مشروع قانون مرر من قبل الهيئة التشريعية في كيبك في أكتوبر 2017 يحظر ارتداء غطاء الوجه، بما في ذلك تغطية الوجه الدينية. فيما عاد القاض وعلّق الحظر في ديسمبر، كما شهدت كندا حالات عرضية من التخريب في أماكن العبادة والمراكز الثقافية اليهودية والإسلامية.

في عام 2015، أصدرت حكومة المحافظين السابقة قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل الذي منح سلطة الاستخبارات الكندية (CSIS) سلطة أوسع لإجراء المراقبة وتبادل المعلومات حول الأفراد مع الوكالات الأخرى. أثارت فصولها إدانة كبيرة من المثقفين الكنديين وكذا كل من حراس الحقوق المدنية المحليين والأجانب، الذين حذروا من أنها تقوض مفهوم الخصوصية ويمكن أن تضر بحرية التعبير. في يونيو 2017، قدمت الحكومة الليبرالية مشروع قانون من شأنه تصحيح بعض أحكام القانون، وإنشاء هيئة مستقلة للمراجعة والشكاوى ولجنة برلمانية لمراقبة وكالات جمع المعلومات الاستخبارية في كندا. ومع نهاية عام 2017، لم تكن تلك التعديلات قد تلقت سوى قراءة أولى في مجلس العموم.

وعموما، يبقى حجم ضحايا العمليات الإرهابية محدوداً للغاية في كندا، بل إن تلك العمليات ذاتها هي محدودة، حيث قتل الإرهابيون 14 شخصاً طيلة الفترة الممتدة من عام 1993 وحتى 23 إبريل 2018. حيث قتل متطرفون إسلاميون 3 أشخاص، وقتل إرهابي مناهض للحكومة 3 آخرين، في حين أن المشتبه بأنهم إرهابيون من أيديولوجية مجهولة قتلوا شخصين فقط، في حين كان النصيب الأكبر من الضحايا هم المسلمون في عمليات إرهاب معادٍ للإسلام (6 ضحايا). أي أنه من أصل 63 هجوماً إرهابياً في كندا خلال ذلك الوقت، أدى 7 منها فقط إلى حدوث حالة قتل. وبعبارة أخرى، فإن 89% من الهجمات الإرهابية في كندا خلال 25 عاماً الماضية لم تقتل أحداً.

شكل رقم (14)


وعلى الرغم من أن معظم الهجمات الإرهابية المسجلة استهدفت مجموعات صغيرة في كندا، مثل المسلمين أو الشرطة، فمن المفيد أن يكون هناك شعور بالخطر النسبي من خلال النظر إلى الفرص السنوية للقتل على يد إرهابي وفق كل أيديولوجية. حيث كانت الفرصة السنوية للقتل من قبل إسلامي في هجوم إرهابي هي نفس فرصة القتل على يد إرهابي مناهض للحكومة: حوالي واحد في 281.7 مليون في السنة. كما كانت الفرصة السنوية للقتل من قبل إرهابي ذي إيديولوجية مجهولة حوالي واحد من 422.5 مليون في السنة. ويبقى أكبر خطر، ولكن أيض يبقى محدوداً للغاية، القتل الذي يطال المسلمين بمعدل واحد في 140.8 مليون في السنة على مدى 25 عاماً.

أما لناحية الإصابات، فقد كان هناك 114 إصابة في الهجمات الإرهابية في ذات الفترة، حيث تسبب الإرهابيون ذوو الإيديولوجيات غير المعروفة أو غيرها في حوالي 68% من تلك الإصابات. في حين كان ألكسندر بيسونيت، الإرهابي المناهض للمسلمين، مسؤولاً بشكل شخصي عن 17% من جميع الإصابات في الهجمات الإرهابية خلال هذا الوقت في كندا.

كما كان الإرهابيون الإسلاميون مسؤولين عن حوالي 11% من الإصابات، في حين يتحمل الإرهابيون المناهضون للإجهاض المسؤولية عن 4% من مجمل الإصابات، ويتحمل الإرهابيون المناهضون للحكومة المسؤولية عن 2% من مجمل الإصابات.

شكل رقم (15)


وكانت الفرصة السنوية للقتل خارج هجوم إرهابي حوالي واحد من بين 57000 في السنة، من عام 1993 حتى عام 2018. أي أن هناك فرصة صغيرة للقتل في هجوم إرهابي في كندا على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية. بالمقارنة مع نظيرتها في الولايات المتحدة التي تبلغ 25 ضعفاً عما هي عليه في كندا، وهي أصغير كذلك من نظيرتها في أوروبا، بل هي أقل من فرصة القتل في جرائم غير إرهابية التي تشكل خطراً أكثر بألف مرة من الجرائم الإرهابية. (إبريل 2018، CATO Institute)

ويمكن تسجيل أبرز العمليات الإرهابية مؤخراً، فيما يلي:

-      أكتوبر 2017: قام لاجئ صومالي المولد، بهجوم في ادمونتون بألبرتا، أسفر عن إصابة خمسة أشخاص، حيث هاجم هذا الشخص ضابطاً أثناء مباراة كرة قدم، وصدمه بسيارة بسرعة عالية ثم هاجمه بسكين. ووصف رئيس الوزراء جوستين ترودو ذلك بأنه "هجوم ارهابي". فيما تم العثور على علم داعش داخل السيارة التي ضربت ضابط الشرطة.

-      يونيو 2017: زُعم أن امرأة من منطقة تورنتو اعتدت على عدة أشخاص في نادي جولف في متجر لبيع الإطارات في كندا وسحبت سكيناً كبيرة من ملابسها. وبعد شهر، وجهت الشرطة اتهامات تتعلق بالإرهاب ضد: رحاب دغمش، بما في ذلك محاولة القتل لمصلحة جماعة إرهابية أو بالاشتراك معها.

-      يناير 2017: قتل ستة أشخاص وأصيب آخرون بعد إطلاق النار على مسجد في مدينة كيبيك. حيث واجه ألكسندر بيسونيتي، تهم تتعلق بجريمة القتل من الدرجة الأولى وخمس حالات محاولة قتل باستخدام سلاح ناري محظور. ووصف رئيس الوزراء إطلاق النار بأنه هجوم ارهابي.

-      أغسطس 2016: تبادل لإطلاق النار، أدى إلى قتل الإرهابي المشتبه به، حيث أشارت التسجيلات إلى أنه كان يخطط لتفجير قنبلة محلية الصنع.

-      أكتوبر 2014: أطلقت الشرطة في برلمان هيل النار على ميخائيل زيهف وقتلته، بعد أن قتل جندياً كندياً في النصب التذكاري الوطني للحرب واقتحم مباني البرلمان.

-      أكتوبر 2014: أطلقت شرطة كيبك النار على مارتن كوتور رولو وقتلته، بعد أن هدد أحد الضباط بسكين.

في حين يبقى للاجئين بعض الارتدادات الأمنية سواء بشكل مباشر، أو من خلال توقعات الجمهور الكندي وتعامله معهم. وخصوصاً أن كندا واحدة من أهم دول العالم في استقبال المهاجرين القانونين وغير القانونين واللاجئين السياسيين والإنسانيين.

ووفق المجلس الكندي للاجئين، فإن مستوى المقيمين الدائمين الجدد استمر عام 2017 عند مستوى 300000 شخص، وهو أعلى من المستويات في السنوات الأخيرة (كان متوسط ​​المستوى السنوي 2000-2015 هو 250000). ومع ذلك، يشعر المجلس بخيبة أمل لأن العدد ليس أعلى من ذلك، ويرى أن مستويات الهجرة يجب أن تحدد بنسبة 1% كحد أدنى من السكان (أي ما يعادل 350000 سنوياً)، وبالتالي من المهم الاستثمار في الموارد اللازمة لتحقيق النجاح والتكامل.

شكل رقم (16)


كما أعلن المجلس أنه يشعر بخيبة أمل عميقة نتيجة المستوى المنخفض (7500) للاجئين المدعومين من الحكومة (GARs). حيث كان مستوى عام 2017 أقل من المعدل السنوي للقادمين الذين يصلون إلى 7600 في الفترة من عام 2000 إلى عام 2015. ويرى المجلس أنه من المؤسف بشكل خاص أن كندا لن تزيد من التزامها في وقت أصبحت فيه الحاجة العالمية إلى أماكن إعادة التوطين للاجئين أكبر من أي وقت مضى.

كما أن الأرقام المنخفضة في تقرير التقييم العام لعام 2017 لا تتوافق مع جهود كندا لتعزيز استجابة دولية قوية للاجئين، حيث يرى المجلس أن كندا ليست في وضع يسمح لها أن تطلب من البلدان الأخرى بذل المزيد من أجل إعادة توطين اللاجئين، عندما لا تزيد من التزامها. ويحث المجلس الحكومة على إعادة توطين 20000 من فئة من المدعومين حكومياً، فيما أبدى ارتياحه لتوطين 16000 لاجئ برعاية خاصة (PSR).

ووفق استطلاع لمؤسسة Statista، عام 2018، فإن:

-      60% من الكنديين لا يرون أن مستويات المهاجرين في بلادهم مرتفعة للغاية، بل ويزداد من يرى ذلك.

-      في حين يخالفهم 35% من الكنديين الذين يرون أن هذه المستويات في غاية الارتفاع، وينخفض أنصار هذه النظرية.

-      ويرى 38% منهم أن طالبي اللجوء غير شرعيين، وهم في انخفاض.

-      في حين لا يتجاوز من يراهم شرعيين 45%، وهم في ازدياد.

شكل رقم (17) 


ويبدو أن كندا تحافظ على ذات التدفق للمهاجرين السنويين، وبشكل يتصاعد تدريجياً، ومن المتوقع أن يبلغ حدود 350 ألف مهاجر جديد عام 2020.

شكل رقم (18) 


في حين أن الدراسة الاستقصائية الجديدة التي أجراها معهد Angus Reid، تظهر أن غالبية الكنديين يعتقدون أن الهجرة غير النظامية إلى البلاد وصلت إلى نقطة الأزمة، مما يشير إلى أن الهجرة واللاجئين ستكون قضية إسفين رئيسة في انتخابات عام 2019.

شكل رقم (19) 


ويأتي هذا الاستطلاع في الوقت الذي تظهر فيه تقديرات الإدارات المعدة للرقابة على الموازنة الكندية أن الحكومة الفيدرالية أنفقت أكثر من 85 مليون دولار للتعامل مع تدفق طالبي اللجوء غير النظاميين خلال العام المالي الماضي، وتواجه مشروع قانون أكبر بكثير هذا العام عندما تستدعي المقاطعات ولاية أوتاوا لتغطية نفقاتها.

ووفقًا للدراسة يعتقد ثلثا المستجيبين أن كندا استقبلت عدداً كبيراً من طالبي اللجوء غير القانونيين لإدارة السلطات، بما في ذلك أغلبية الناخبين المحافظين (CPC)، والديمقراطيين الجدد (NDP)، والليبراليين. كما تظهر النتائج أن ما يقرب من نصف المجيبين قد بالغوا في تقدير عدد المتسللين الحدودية غير النظاميين الذين تلقتهم كندا.

شكل رقم (20)


وتشير النتائج إلى أن "ملتمسي اللجوء وأمن الحدود هم مناطق ضعف بالنسبة للحزب الليبرالي". في حين وجدت نتائج الدراسات الاستقصائية الأخيرة من Abacus Data أنه من بين الناخبين الذين يريدون تغيير الحكومة، فإن الهجرة واللاجئين يعتبرون السبب الثاني لعدم رضاهم عن أدائها، بعد اعتراضهم على سياساتها الاقتصادية التي يرون أنها تسببت بالعجز والديون. ووفقاً لذات الاستطلاع، فإن:

-      ارتفع من يرى أن كندا سخية للغاية تجاه هذه المسألة من 53% عام 2017 إلى 58% عام 2018.

-      انخفض من يرى أن كندا محقة تجاه هذه المسألة من 34% إلى 30%.

-      في حين ارتفع بشكل محدود نسبة أولئك الذين يرون أن كندا غير سخية بما فيه الكفاية من 6% إلى 7%.

شكل رقم (21)


ووفقاً للشرطة الملكية الكندية، فقد وصل 11420 طالب لجوء إلى كندا عند المعابر الحدودية الرسمية، خلال الفترة 1 يناير-15 يوليو 2018. أما في العام الماضي، فقد بلغ عدد الواصلين بشكل غير نظامي إلى المعابر 20953، مرتفعاً عن العدد الذي تم تسجيله عام 2016 بفارق كبير، حيث لم يتجاوز حينها 2486، فيما دخل الغالبية العظمى منهم من نقطة عبور غير رسمية في مقاطعة كيبيك.

إجمالاً، قدرت إدارة الهجرة، ووكالة خدمات الحدود الكندية (CBSA)، وشرطة الحدود الكندية (RCMP) ومجلس الهجرة واللاجئين، من خلال التقديمات للرقابة على الميزانية، بأنهم أنفقوا 85.5 مليون دولار في عام 2017، للاستجابة للزيادة السريعة في أعداد العابرين غير النظاميين للحدود، وتشمل التكاليف المرتبات ونفقات السفر، فضلا عن التغطية الصحية لطالبي اللجوء.

ومن المرجح أن يزداد هذا الإجمالي بشكل كبير هذا العام، حيث تتوقع إدارة الهجرة وحدها، أن تصل التكاليف إلى ما يقرب من 100 مليون دولار، بما في ذلك 50 مليون دولار تعهدت بها أوتاوا لكوبيك وأونتاريو ومانيتوبا للمساعدة في تغطية نفقات الإسكان للاجئين المحتملين. في حين طلبت حكومة أونتاريو 200 مليون دولار من الحكومة الفيدرالية لتغطية تكاليفها، مطالبين "بالتعويض المباشر والكامل". وفي مارس 2018، طلبت كيبيك تسديد مبلغ 146 مليون دولار. (أغسطس 2018، National Post)

وبالعودة إلى ذات الاستطلاع، يرى الأشخاص في حال كانوا مسؤولين عن أمن الحدود أن تخصيص الموارد المتاحة لهذه المسألة يكون على الشكل التالي:

-      25% من الآراء، يرون أن عليهم تركيز الموارد (حصرياً) على مراقبة وأمن الحدود.

-      ويرى 46% أن عليهم تركيز (غالبية) الموارد لمراقبة وأمن الحدود.

-      ويرى 24% أن عليهم تركيز (غالبية) الموارد لمساعدة الواصلين للحدود.

-      في حين يرى 5% أن عليهم تركيز الموارد (حصرياً) لمساعدة الواصلين للحدود.

شكل رقم (22) 


 

 

ثالثاً: الأوضاع العسكرية

تعتبر كندا من القوى الإقليمية الكبرى، حيث تحتل المركز 25 عالمياً وفق مؤشر Global Firepower، خلف تايوان، ومتقدمة على السعودية.

شكل رقم (23)


وتشمل أبرز عناصر القوة العسكرية الكندية ما يلي:

شكل رقم (24)


وتحتل كندا المرتبة 15 عالمياً، في مجال النفقات العسكرية خلف إسرائيل ومتقدمة على دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق تقديرات Global Firepower لعام 2018:

شكل رقم (25)


في حين تذهب تقديرات مؤسسة Trading Economic إلى أن مجمل الإنفاق العسكري الكندي بلغ مطلع عام 2018، قرابة 19.8 مليار دولار، وأنه في مسار تصاعدي سيبلغ ذروته عام 2019 عن مستوى 20.6 مليار دولار، قبل أن ينخفض قليلاً عام 2020، ليبقى قريباً من هذا المستوى المرتفع.

شكل رقم (26)


وتمتد عمليات الجيش الكندي لتشمل كافة القارات والمحيطات، وذلك وفق أحدث بيانات وزارة الدفاع الوطني والقوات المسلحة الكندية، والتي تشير إلى المهام التالية:

شكل رقم (27)




رابعاً: الأوضاع الاقتصادية

تعتبر كندا واحدة من أقوى الاقتصادات العالمية، حيث تعتبر عضواً رئيساً مؤسساً للنظام الاقتصادي العولمي، بمؤسساته: منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فهي أحد أعضاء مجموعة السبع الاقتصادية الكبرى (G 7)، وأحد أعضاء مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى (G 20).

واحتلت كندا عام 2017، المرتبة العاشرة عالمياً في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، والمرتبة السابعة عشر وفق تعادل القيمة الشرائية.

الشكل رقم (28)


ووفق مؤشرات البنك الدولي ومؤشرات أخرى، سجل الاقتصاد الكندي عام 2017، القيم التالية: (تم استخدام بعض مؤشرات دولة الإمارات للتدليل على مسار الاقتصاد الكندي المقارن)

-      بعد أن سجل إجمالي الدخل القومي انخفاضاً منذ عام 2012، بدأ يستقر، وسجل عام 2017 قيمة 1.6 تريليون دولار، وهو ما ترك أثره في نصيب الفرد منه الذي سجل 42.9 ألف دولار.

-      كما شهدت كندا انخفاضاً في ناتجها المحلي طيلة ذات الفترة السابقة، قبل أن يعاود الارتفاع مسجلاً 1.6 تريليون دولار، وبنسب نمو متذبذبة للغاية عاودت التحسن منذ 2015، لتبلغ 3% عام 2017. في حين انخفضت نسبة نمو نصيب الفرد منه هذا الناتج، لتسجل 1.8% نمو سنوي، وسجل 45 ألف دولار.

-      شهد إجمالي الاحتياطات بما فيها الذهب، ارتفاعاً مستمراً، ووصل إلى 86.7 مليار دولار.

-      يشهد مستوى الادخار مساراً متذبذباً، حيث يعاود الصعود منذ عام 2015، وبلغ 20% من إجمالي الناتج المحلي.

-      يستمر التضخم في الارتفاع، وسجل مؤخراً 2.8%، في حين أنه من المتوقع أن يشهد انخفاضاً محدوداً في المستقبل القريب.

-      وتسجل كنداً تحسناً ملحوظاً ومستمراً في مؤشر البطالة، حيث انخفضت إلى 6.3% من إجمالي القوى العاملة.

-      يشهد الاستثمار الأجنبي المباشر في كندا، مساراً متذبذباً، بلغ ذروته عام 2007-2008، قبل أن يعاود النزول والصعود، حيث يشهد صعوداً منذ منتصف عام 2017، وصل مؤخراً إلى 14 مليار دولار.

-      في حين أن الاستثمار الكندي في الخارج هو الآخر يشهد تراجعاً من مطلع عام 2017، بلغ مؤخراً قيمة 4.8 مليار دولار.

-      حيث تسجل صادرات السلع والخدمات شبه استقرار عند نسبة 30.9% من مجمل الناتج المحلي، في حين تتراجع واردات السلع والخدمات إلى 33.2% من إجمالي الناتج المحلي. وضمن تفاصيل الصادرات والواردات، فقد:

o     انخفضت واردات كندا من الطاقة بشكل حاد، وصل عام 2015 إلى قيمة سالبة (-73%) من إجمالي استخدام الطاقة.

o     خلال العقد الأخير، يبدو أن مؤشر السياحة الدولية شبه مستقر، حيث سجل عام 2016 ما نسبته 3.8% من إجمالي الصادرات.

o     وتتراجع نسبة صادرات التكنولوجيا المتقدمة، حيث سجلت عام 2016 ما نسبته 13% من صادرات السلع المصنوعة.

o     في حين عاودت صادرات الوقود إلى الارتفاع بشكل ملحوظ، وبلغا 23% من صادرات السلع.

o     وتستقر صادرات الركاز والمعادن عند نسبة 7.4% من مجمل صادرات السلع.

-      وعموما، فإن الميزان التجاري الكندي يبقى سالباً منذ عام 2013، ويستمر مساره في مزيد من العجز التجاري الذي بلغ عام 2017 قرابة 112.2 مليون دولار.

 

وقد بدأ الاقتصاد الكندي عام 2018 بخطى ناعمة، حيث توقعت مؤسسة RBC أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.0% في 2018، وأن ويبقى تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة، ضئيلاً نسبياً في كندا، حيث لا يمثل إنتاج الصلب والألمنيوم سوى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي والوظائف الكندية.

وحيث يتباطأ النمو الاقتصادي في كافة المقاطعات، فمن المتوقع أن تشهد جميع المقاطعات العشر معدل نمو اقتصادي بوتيرة بطيئة مقارنة بالعام الماضي.

وقد ساهمت الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي ونمو الأجور واستثمار الأعمال كلها في مؤشرات إيجابية على كندا، في حين أنها لا تقترب من نسبة النمو البالغة 3.0% لعام 2017، وتتوقع شركة RBC Economics أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 2.0% عام 2018، يليه تباطؤ بسيط إلى 1.8% في عام 2019.

كذلك لم تثن المخاوف بشأن التجارة والبطء في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) الشركات الكندية من استخدام رأسمالها هذا العام. وتتوقع RBC أن يرتفع إنفاق الأعمال بنسبة 6.3% عام 2018، في حين أن التوقعات في عام 2019 هي أبطأ بـ 2.1%، وذلك على فرض عدم وجود أي زيادة في التعريفات الجمركية أو إلغاء اتفاقية NAFTA.

كما توقعت RBC أن يحوم الدولار الكندي عند نطاق تداوله الحالي البالغ 0.77 سنت في عام 2018. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط، فإن الاتساع الأخير في فروق أسعار الفائدة على المدى القصير مع الولايات المتحدة والمخاوف بشأن المفاوضات التجارية أثقل بشكل كبير على مسار العملة الكندية، ويمكن أن تؤدي مزيد من السياسات الحمائية لإدارة ترامب إلى اضطراب الدولار الكندي.

غير أن الاقتصاد الكندي تجاوز التوقعات، ونما في الربع الثاني من عام 2018 بأسرع وتيرة في عام، مع صعود الصادرات. في وقت أظهرت بيانات من هيئة الإحصاء الكندية أن النمو المحسن لم يكن متوقعاً أن يؤدي إلى رفع الفائدة. حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي قدره 2.9% في الربع الثاني من العام. في حين تم تعديل النمو في الربع الأول مرتفعاً إلى 1.4% من 1.3%.

وعلى أساس غير سنوي، ارتفعت الصادرات بنسبة 2.9%، مدعومة بالزيادات في منتجات الطاقة والسلع الاستهلاكية. وكان هذا أكبر تقدم للصادرات منذ الربع الثاني من عام 2014. في حين ارتفع إنفاق الأسر بنسبة 0.6% بعد تقدم أكثر ضعفاً بنسبة 0.3% في الربع الأول، كان يقودها زيادة 0.8% في النفقات على الخدمات. كما ارتفع الاستثمار التجاري بنسبة 0.4%، وهو أبطأ وتيرة منذ الربع الرابع من عام 2016. (أغسطس 2018، Reuters)

الشكل رقم (29)


الشكل رقم (30)


الشكل رقم (31)


 

الشكل رقم (32)


الشكل رقم (33)


الشكل رقم (34)


 

الشكل رقم (35)


 

الشكل رقم (36)


 

الشكل رقم (37)


 

الشكل رقم (38)


الشكل رقم (39)


 

الشكل رقم (40)


الشكل رقم (41)


الشكل رقم (42)


الشكل رقم (43)


الشكل رقم (44)


 

الشكل رقم (45)


 

الشكل رقم (46)


 

الشكل رقم (47)


 

الشكل رقم (48)


 

الشكل رقم (49)


 

الشكل رقم (50)


 

وبالإجمالي، يتجاوز حجم التجارة الكندية (في الاتجاهين) ما قيمته 850 مليار دولار عام 2017، وبعجز تجاري كندي محدود، يقارب 30 مليار دولار فقط.

 شكل رقم (51)


 

القسم الثاني: العلاقات الخارجية

أولاً: العلاقات مع الولايات المتحدة

تعتبر علاقات الدولتين وطيدة على كافة المستويات، وعلى رأسها دور كندا في صياغة العالم الحر منذ الحرب العالمية الثانية، ومشاركتها الدائمة في تعزيز أمن هذا العالم، عبر عضويتها في حلف الناتو، ومشاركتها العسكرية إلى جانب الولايات المتحدة في كثير من القضايا الدولية.

كما تعتبر الولايات المتحدة الشرك التجاري الأكبر لكندا، حيث بلغ حجم التجارة بينهما عام 2017 ما قيمته أكثر من نصف ترليون دولار، وبفائض تجاري في الميزان الكندي بما يعادل أقل من 100 مليون دولار بقليل. حيث تشكل التجارة مع الولايات المتحدة، وتصدر كندا 76% من إجمالي صادراتها إلى الولايات المتحدة، فيما تستورد منها 51% من إجمالي وارداتها، أي أن التجارة مع الولايات المتحدة تمثل ثلثي تجارة كندا العالمية تقريباً.

شكل رقم (52)


 

غير أن تقديرات أخرى نشرتها France 24، ترى أنه في 2017 بلغت قيمة التبادلات التجارية من السلع والخدمات بينهما 673.9 مليار دولار، مع تسجيل فائض لمصلحة واشنطن (8.4 مليارات دولار)، بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، فيما تعتبر الولايات المتحدة المقصد السياحي الأول لتمضية العطل بالنسبة للكنديين الذين أجروا 42 مليون رحلة في 2017 إلى الأراضي الأمريكية.

وتطغى صادرات وواردات النفط ومشتاقته والمركبات والآلات والمعدات على أكثر من نصف هذه التجارة في الاتجاهين معاً.

شكل رقم (53)


 

شكل رقم (54)


 

غير أنه منذ وصول الرئيس دونالد ترامب، بدأ يتخذ إجراءات اقتصادية تؤثر فيها علاقة أمريكا بكندا، منها اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية (نافتا)، والتي سعى ترامب جاهداً لإلغائها. وكانت الإجراءات الأمريكية بدأت مع محاولة فرض ضرائب على الأخشاب ومنتجات الألبان ومبيعات الطائرات، لإعاقة اتفاقية التجارة الحرة، وامتدت لاحقاً إلى الحديد والصلب والألومينيوم.

وهو ما دفع رئيس الوزراء الكندي إلى التقدم بشكوى في ديسمبر 2017، ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية، واتهمت كندا المفوضية الأمريكية للتجارة الدولية بأنها تتخذ قرارات أثناء النزاعات تصب في مصلحة واشنطن. وتعتبر هذه الشكوى أول تحرك رسمي من الجانب الكندي، بعد محادثات رسمية بين البلدين والمكسيك بدأت منذ فترة لمناقشة اتفاقية التجارة الحرة بينهم.

واعتبر مندوب الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية أن الشكوى التي تقدمت بها كندا "هجوم غير مبرر على نظام التجارة الأمريكي"، مؤكداً أن "كل الاتهامات الكندية لا أساس لها من الصحة بل قد تقلل من ثقة الولايات المتحدة في التزام كندا بأي اتفاقات متبادلة".

هذه الخلافات التجارية كانت محور قمة الدول السبع في كندا في يونيو الفائت، والتي أدت إلى مزيد من الخلافات بين الطرفين. حيث أعلن رئيس الوزراء الكندي أن الرسوم مهينة نظراً للتاريخ بين البلدين، وأنه سيتخذ إجراءات انتقامية لاحقاً. وهو ما دفع ترامب لسحب دعمه للبيان الختامي للقمة.

كما هاجم مستشارون كبار في البيت الأبيض رئيس الوزراء الكندي بعد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له بأنه "مخادع للغاية وضعيف". ودخلت ألمانيا وفرنسا دائرة الخلاف وانتقدتا بشدة قرار ترامب بالتراجع المفاجئ عن تأييده للبيان الختامي لمجموعة السبع، واتهمتا الرئيس الأمريكي بهدم الثقة وتبني مواقف متناقضة.

فيما ردت وزيرة الخارجية الكندية على هجوم البيت الأبيض بقولها إن الهجوم الشخصي لن يفيد وإن كندا سترد على الرسوم الجمركية الأمريكية بطريقة محسوبة جيداً وعلى أساس المعاملة بالمثل، وأن بلادها ستكون دوما مستعدة للحوار. وقالت "لا تمارس كندا دبلوماسيتها من خلال تبادل الانتقادات الشخصية... وحين يأتي الهجوم من حليف مقرب نترفع بصفة خاصة عن مثل هذه الإهانات الشخصية". وفي تصعيد مقابل قال ترامب إنه قد يزيد الرسوم على الواردات الجمركية باستهداف قطاع السيارات. (يونيو 2018، euro news)

وفي يوليو الماضي، وقد رد الكنديون على ما اعتبروه خطاباً عدائياً وتهديدات تجارية للرئيس الأمريكي، عبر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة السلع الأمريكية وعدم السفر إلى الولايات المتحدة وتشجيع السلع الكندية وحتى المطالبة بالسلاح النووي لكسب النفوذ في مواجهة الجار الأمريكي.

ترافق ذلك، مع رسوم جمركية انتقامية الكندية ضد الولايات المتحدة دخلت حيز التنفيذ مطلع يوليو الماضي، بقيمة 12.6 مليار دولار أمريكي، شملت الصلب والألمنيوم الأميركيين، وكذلك الويسكي والكاتشاب وعصير البرتقال والسفن الشراعية والمحركات وأجهزة جز العشب. وتتراوح الرسوم الجمركية الكندية بين 10-25%، وتعادل تلك التي فرضتها إدارة ترامب على الصلب والألمنيوم الكندي.

كما ستقدم كندا مساعدة تصل إلى ملياري دولار إلى المجموعات والعاملين في صناعات الصلب والألمنيوم، ويتضمن البرنامج أموالاً لتشجيع الوصول إلى أسواق جديدة للتصدير بفضل الاتفاقات التجارية الدولية التي وقّعتها كندا، مثل اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي.

ومع تعثر وصول الطرفين إلى اتفاق جديد بشأن نافتا، قال الرئيس الأمريكي في أغسطس الماضي، إن كندا استفادت على مدة سنوات كثيرة من الولايات المتحدة في التجارة. وخصوصاً أن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق تجارة مع المكسيك في هذه الفترة.

في حين لا تزال الولايات المتحدة ترى أن كندا لم تقدم ما يكفي من التنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن تجديد اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة. ويرى الممثل التجاري الأمريكي: روبرت لايتهايزر، أن ثمة تنازلات تراها الإدارة الأمريكية أساسية، ولكن موقف كندا يبدو بعيداً عنها. (سبتمبر 2018، Trade Captain)

وقدم رئيس الوزراء الكندي نظرته لنهج كندا في المحادثات الجارية خلال مناقشة في الجمعية العامة للأم المتحدة، وشارك مع وزير خارجيته ووزير التجارة في مناقشات حول التوقعات العالمية لكندا. ورداً على التصريحات الأمريكية بأن كندا تهديد للأمن القومي الأمريكي، قال: "إن تركيزي على هذا الأمر هو ببساطة عدم التصعيد ... وظيفتي بسيطة للغاية هي للدفاع عن مصلحة الكنديين ... في علاقة بناء مع الرئيس ومع إدارة الولايات المتحدة اخترت عدم التصعيد أو الرد". وأشار إلى أن كندا استجابت للتعريفات الجمركية بوضع التعريفات الانتقامية لأن "لا يمكننا ببساطة قبول التعريفات العقابية من أمريكا دون وجود توازن صغير".

وقال إن تعريفات الصلب والألومينيوم إلى جانب التهديد بتعريفات السيارات، هي "أداة يستخدمها الرئيس ترامب ويستخدمها لأن لديه إحساساً بأن هناك أدوات أخرى يجب أن تمر عبر الكونغرس لا يمكن استخدامها ... لكن كندا لا نشكل أي تهديد أمني". (سبتمبر 2018، Canadian Arabs)

كما كشفت تقارير صحفية أن الحكومة الكندية تستهدف خطة لتعزيز منظمة التجارة العالمية وحمايتها من هجمات الرئيس الأمريكي. وذكرت وكالة "بلومبرج" أن المقترح يحمل اسم "تعزيز وتحديث منظمة التجارة العالمية". وأن المقترح يسعى نحو صياغة تحالف من دول متشابهة التفكير لتعزيز الثقة في نظام التجارة متعددة الأطراف وتثبيط التدابير والتدابير المضادة للحمائية.

كما يركز المقترح الكندي على ثلاث نقاط أخرى وهي تحسين كفاءة وفعالية وظيفة المراقبة، إلى جانب حماية وتعزيز نظام تسوية النزاعات، وأخيراً وضع حجر الأساس لتحديث قواعد التجارة الموضوعية. وإلى جانب ذلك فإن كندا تستهدف من المقترح تحديث قواعد المنظمة لمعالجة الممارسات التجارية في القرن الواحد والعشرين التي تشمل التجارة الرقمية والاستثمار الدولي واللوائح المحلية والشركات المملوكة للدولة والإعانات الصناعية.

فيما أكّد الرئيس الأميركي، يوم 26 سبتمبر، أنّه رفض لقاء رئيس الوزراء الكندي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، متّهماً كندا بأنها عاملت الولايات المتحدة "معاملة سيئة للغاية" في إطار اتفاقية التجارة الحرّة في أميركا الشمالية. وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي في نيويورك: "أنا لا أحب نافتا، لم أحبّها يوماً، لقد كانت سيئة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة، كانت جيدة جداً بالنسبة إلى كندا، كانت جيدة جداً بالنسبة إلى المكسيك، إنها سيئة جداً بالنسبة لنا".

 

 

ثانياً: العلاقات مع الصين

تعتبر الصين ثالث أكبر شريك تجاري لكندا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، وثاني أكبر شريك تجاري على مستوى الدول، حيث بلغ حجم التجارة البينية بين الطرفين حدود 73 مليار دولار عام 2017، وبعجز تجاري في ميزان كندا بما يعادل 53 مليار دولار لصالح الصين.

شكل رقم (55)


وتتنوع عمليات التجارية البينية بينهما بشكل كبير حيث تشمل المواد التالية:

شكل رقم (56)


 

شكل رقم (57)


وقد شهدت العلاقات زيارة رئيس الوزراء الكندي إلى الصين في ديسمبر 2017، والتي التقى خلالها بالرئيس الصيني، فيما تمحورت المباحثات بين الزعيمين بصورة أساسيّة حول اتّفاق التبادل التجاري الحرّ بين البلدين. حيث كانت الدولتان قد أطلقتا مفاوضات بصورة غير رسميّة منذ سنتين بشأن التبادل الحر. فيما كان ترودو يأمل في أن يتوصّل خلال الزيارة إلى اتّفاق للبدء بمفاوضات رسميّة مباشرة بهذا الشأن، لكنّ المفاوضات على ما يبدو لن تبدأ في وقت قريب حسب رئيس الحكومة الكنديّة.

واكتفى كلّ منهما بتصريح مقتضب أكّدا فيه أنّ المفاوضات الاستكشافيّة بشأن التبادل الحرّ التي بدأت قبل سنتين سوف تستمرّ بين البلدين. حيث يأمل رئيس الحكومة الكنديّة في فرض اجندة تقدّميّة للمفاوضات ويحرص على أن يتضمّن اتّفاق التبادل الحرّ تعهّدات في مجال البيئة والحوكمة وحقوق العمّال. رغم ذلك، وقّع الطرفان على اتّفاقات شراكة بين البلدين في مجالات البيئة والتربية والوصول إلى المنتوجات الزراعيّة. (ديسمبر 2017، راديو كندا الدولي)

وتمت صعوبات الشراكة بينهما إلى مستوى العمل، حيث لا تثق الشركات الكندية بنظرائهم الصينيين، مما قد يعكر آفاق اتفاقية تجارة حرة واسعة النطاق، وفقا لأليكس كابري، زميل كبير زائر في كلية NUS للأعمال.

حيث وافقت شركة Bombardier الكندية لصناعة الطائرات في أكتوبر 2017، على بيع حصة أغلبية في برنامجها من الفئة C إلى شركة إيرباص بعد أن فشلت خطط الشركة السابقة الخاصة بالتشبيك مع بكين. وأعرب مسؤولون تنفيذيون في الشركة عن قلقهم من أن المحادثات مع الشركات الصينية المملوكة للدولة تتقدم ببطء شديد. (ديسمبر 2017، CNBC)

وفيما أخفقت مبادرة التجارة الحرة ببينهما، فقد تم تقديم وجهات نظر مختلفة حول سبب فشل المبادرة، أبرزها تركيز كندا على جدول أعمالها التجاري التقدمي: المساواة بين الجنسين، والتنوع، وقضايا السكان الأصليين، وما إلى ذلك، وه ما لم يكن مناسباً للصين. في حين كان الحديث عن المخاوف الأساسية بشأن سجل الصين السيء في مجال حقوق الإنسان ضئيلاً نسبياً خلال الاجتماعات رفيعة المستوى.

عموماً، لا يمكن للتجارة مع الصين أن تحل محل اعتماد كندا الكبير على الولايات المتحدة، حيث يتم استخدام هذه الحجة بشكل قوي من قبل أولئك الذين يعارضون أي اتفاقية اقتصادية أوسع مع الصين. لكن المفاوضات بشأن التجارة يمكن أن توفر بالفعل بعض النفوذ في الوقت المناسب لكندا في مقابل الولايات المتحدة، إلى جانب الوصول إلى وصول تفضيلي إلى السوق الصينية، حيث سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى جذب اهتمام الشركات الأمريكية، وخاصة الشركات التي لها عمليات في كندا.

لكن لن يكون من السهل تحقيق تفاعل بنّاء مع الصين نظراً للطريقة التمييزية التي غالباً ما يحمي بها الصينيون مصالحهم الاقتصادية. (أغسطس 2018، The Globe and Mail)

ووفق سفير الصين في أوتاوا، فإن محادثات التجارة الحرة بين كندا والصين توقفت جزئياً بسبب تركيز كندا على إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. ووفقاً له فرغم عدم إحراز تقدم، تظل الصين متفائلة و"مستعدة دائماً" لاستئناف المحادثات مع كندا في أي وقت، وأكد على الحاجة إلى معاهدات التجارة الحرة باعتبارها مواجهة للحمائية العالمية الناشئة. (أغسطس 2018، Financial Post)

إلا أن العلاقات تشهد أيضاً –من جهة أخرى- بعض الاضطرابات، حيث رفعت كندى شكوى إلى منظمة التجارة العالمية حول إجراءات صينية لمكافحة الإغراق للب السيلولوز من كندا، وهو ما أعربت عن الأسف بشأنه وزارة التجارة الصينية. حيث فرضت الصين إجراءات مكافحة إغراق على منتجات لب السيلولوز من عدة الدول، بينها كندا في عام 2014 بعد اكتشاف وجود الإغراق، ثم قررت مراجعة إجراءاتها في أغسطس عام 2017، رداً على حكم منظمة التجارة العالمية المعلن قبل أربعة شهور. وفي السياق ذاته، أعلنت الوزارة في إبريل الماضي أنها ستلتزم بإجراءات مكافحة الإغراق للمنتجات المذكورة، بعد مراجعة التحقيق الذي أكد لحاق خسائر كبيرة بالصناعة المحلية الصينية بسبب الإغراق. (سبتمبر 2018، الأهرام الزراعي)

فيما تتطلع كندا إلى إيجاد شريك دولي في مواجهة "الحرب التجارية الأمريكية"، وهو ذات التطلع الذي تسعى الصين إلى تحقيقه، من خلال إيجاد شركاء أقوياء دولياً في مواجهة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معاً.

حيث أكدت الصين وكندا أهمية الدفاع عن التعددية والنظام التجاري القائم على القواعد، مشيرة إلى أن التعددية تواجه تحديات خطيرة نتيجة النزعة الانفرادية والحمائية، وذلك في إشارة إلى الإجراءات الحمائية التي تتخذها الولايات المتحدة بشأن وارداتها من العديد من الدول ومنها الصين. وذلك خلال لقاء عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني مع نظيرته الكندية، في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم.

حيث أشار الوزير الصيني إلى أن بلاده تؤيد إصلاح منظمة التجارة العالمية مع مراعاة القيم والمبادئ الأساسية للمؤسسة، وحفظ حقوق ومصالح الدول النامية. (سبتمبر 2018، الدستور المصرية)

إلى جانب ذلك، تم تأسيس اللجنة الكندية الصينية المشتركة للثقافة في يوليو 2017 لتعزيز التعاون بين البلدين، على أن تكون اللجنة الثقافة باعتبارها واحدة من المجالات الرئيسة للمشاركة الحكومية المستمرة مع الصين، مما يؤدي إلى المزيد من التعاون الثقافي بالإضافة إلى فتح فرص جديدة في السوق. وقد عُقد الاجتماع الأول لها في أوتاوا يومي 1 و2 من شهر فبراير 2018 وشارك في رئاسته وزير التراث الكندي ووزير الثقافة الصينية.

وسوف تجتمع اللجنة كل عامين بالتناوب بين الدولتين، وستوفر فرصة جديدة للحوار الرفيع المستوى بشأن المسائل ذات الاهتمام المشترك في الثقافة والصناعات الإبداعية والفنون والتراث وغيرها من المجالات، إلى جانب اكتشاف إمكانيات التعاون والتبادل الثنائي بين المؤسسات الثقافية والفنانين والشعبين. (الحكومة الكندية)

وفي إبريل 2018، سافرت وزيرة التراث الكندي إلى الصين، برفقة وفد كندي يمثل 56 شركة في مجموعة من قطاعات الصناعة الإبداعية، بما في ذلك الأفلام والتلفزيون وفنون الأداء والألعاب والمتاحف والنشر والموسيقى، في أول مهمة تجارية للصناعات الإبداعية الكندية إلى الصين. وتمثلت أهداف الزيارة في:

-      تسهيل دخول الشركات الكندية الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) إلى السوق الصينية.

-      إنشاء شراكات جديدة بين المبدعين والصناعات الإبداعية الكندية والصينية.

-      مزيد من استبيان الأوضاع من قبل الشركات الكندية التي حققت النجاح في السوق الصينية والاستفادة من شبكاتها.

وتم تنظيم ما يقرب من 300 اجتماع بين مندوبين كنديين وشركاء أعمال صينيين مختارين، مما سمح لهم بالحصول على ميزة تنافسية من خلال استكشاف فرص جديدة لتنمية سوقهم. وأسفرت هذه المهمة التجارية عن توقيع اتفاقات تجارية تبلغ قيمتها حوالي 125 مليون دولار. في المجموع، تم توقيع 23 اتفاقاً للتعاون بين الشركات الكندية والصينية، مما سيؤدي إلى استثمارات إضافية وفرص عمل للكنديين.

كما عملت البعثة كمنصة للمنظمات المشاركة لدفع المشاريع الجارية، وتأكيد التعاون بين المؤسسات الثقافية وتعزيز الصناعات الإبداعية الكندية.


ثالثاً: العلاقات مع روسيا

تعتبر روسيا أيضاً من الشركاء التجاريين المهمين لكندا، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الطرفين عام 2017 ما قيمته 1.3 مليار دولار، وبعجز تجاري في الميزان الكندي بحدود 350 مليون دولار لصالح روسيا.

شكل رقم (58)


وتتمثل أهم المعاملات التجارية بين الطرفين في السلع التالية:

شكل رقم (59)

 


شكل رقم (60)


 

رغم ذلك تشهد العلاقات بين الطرفين عدة أزمات أو توترات مؤخراً، وخصوصاً ان روسيا تنظر إلى كندا بذات المحددات التي تنظر بها إلى الولايات المتحدة، على اعتبار أن كندا شريك أساسي للولايات المتحدة في النظام الدولي، في حين أن كندا تنظر هي الأخرى ببعض الارتياب إلى الصعود الروسي في النظام الدولي، وخاصة أنها دولة جارة لها (بحرياً)، وقد أعرب وزير الدفاع الكندي عن هذه المخاوف مؤخراً، مطالباً بتنمية المقاطعات الشمالية الثلاث القريبة من روسيا، ورفع حجم السكان فيها، خشية تطورات عسكرية روسية لاحقاً، على اعتبار أن روسيا ستظل دولة جارة طيلة القرن الحالي.

وكانت كندا قد كررت مراراً، إدانتها ضم القرم من جانب روسيا وأكدت "التزامها الراسخ بوحدة أراضي أوكرانيا"، وقالت الخارجية الكندية في بيان: "عبر اجتياحها القرم في شكل غير قانوني وضمها، انتهكت روسيا النظام الدولي. كندا تكرر التزامها الراسخ وحدة أراضي أوكرانيا وتندد بما تقوم به روسيا بهدف الضم القسري لشبه جزيرة القرم، وخصوصاً عبر فتح جسر عند مضيق كيرتش في مايو 2018".

كما نددت كندا بـ "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الفرد والتي ارتكبها عناصر تابعون للدولة الروسية، وخصوصاً قمع حرية التعبير والتجمع والقيام باعتقالات تعسفية وأعمال تعذيب إضافة إلى توقيفات واختفاء". وطالبت بـ "الإفراج عن جميع المواطنين الأوكرانيين المعتقلين في شكل غير قانوني بمن فيهم أوليغ سنتسوف والذين أرسلوا إلى روسيا". وخلصت الخارجية الكندية "على المجتمع الدولي ان يواصل ضغطه في شكل متضامن، على أن يشمل ذلك عقوبات اقتصادية، لدفع روسيا إلى احترام القانون الدولي وسيادة أوكرانيا". (يوليو 2018، الجمهورية اللبنانية)

كما فرضت كندا عقوبات على 30 مسؤولاً روسياً قالت إنهم تورطوا في مقتل المحامي المناهض للفساد سيرغي ماغنيتسكي في سجنه عام 2009، خلال قضائه عقوبة بتهمة الاحتيال الضريبي، في خطوة هددت موسكو بالرد عليها بالمثل. وقالت وزارة الخارجية الكندية في بيان إن الإجراءات التي تشمل تجميد أصول ومنع المسؤولين من زيارة كندا فرضت بموجب "القانون حول العدالة من أجل ضحايا مسؤولين أجانب فاسدين"، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي، ومنح الحكومة حق استهداف من تراهم مذنبين في انتهاكات لحقوق الإنسان.

وأصدرت السفارة الروسية في أوتاوا بياناً أدانت فيه العقوبات ووصفتها بأنها "لا طائل منها وغير مقبولة". وقالت وزارة الخارجية الروسية "علينا الرد بعقوبات مماثلة"، مضيفة "إذا أراد شركاؤنا الكنديون اللجوء إلى العقوبات فنحن مضطرون إلى الرد". وأوضحت الوزارة أنها قررت "منع دخول عدد كبير من الكنديين إلى روسيا"، دون تحديد أسماء. (نوفمبر 2017، الحرة)

ووفق بيان وزارة الخارجية الروسية، فإن الجانب الروسي يعول على أن "الأوساط السياسية الكندية ستعود إلى رشدها وتتخلى عن نهج العقوبات الهدام الذي يؤدي إلى تأزم العلاقات الثنائية". (نوفمبر 2017، سبوتنيك عربي)

ومؤخراً، شددت روسيا على حق السعودية السيادي في التعامل مع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، معربة في الوقت نفسه عن أملها بأن تجد السعودية وكندا مخرجاً "حضارياً" من الأزمة التي تشهدها علاقتهما إثر انتقادات كندية للسعودية تتعلق باعتقال من أسمتهم أوتاوا، ناشطين في المجتمع المدني. (أغسطس 2018، CNN بالعربية)

غير أنه مع التحضر لإجراء الانتخابات الفيدرالية الكندية في عام 2019، يعتقد الكنديون إلى حد كبير أن أساليب روسية مماثلة للتي تمت في الانتخابات الأمريكية عام 2016، سيتم استخدامها في جميع أنحاء العالم الغربي. وما يقرب من تسعة من أصل 10 كنديين يجدون أنه من الممكن تصديقه، أو تصديقه إلى حد ما، أن روسيا تسخر وسائل الإعلام الاجتماعية للتدخل في انتخابات الديمقراطيات الغربية، وفقاً لمسح جديد أجراه Nanos Research. في حين أن الغالبية العظمى من الكنديين (69%)، يجدون أنه من "المعقول" أن يتم التدخل في الوقت الحاضر، وهناك نسبة 19% آخرين تصف هذه الفكرة بأنها "قابلة للتصديق إلى حد ما". (أغسطس 2018، CTV News)

تتعز هذه المخاوف حتى في أوساط الناتو، حيث قال باحث بارز في المنظمة إن على كندا أن تفترض أن روسيا ستحاول التدخل في الانتخابات الفيدرالية عام 2019 لأن ذلك من شأنه أن يخدم هدف الكرملين في المساعدة في زعزعة استقرار التحالف العسكري. (فبراير 2018، Huff Post)

في حين ترى روسيا (وفق ما نشرته سفارتها في كندا) بأنه "بعد الانقلاب في أوكرانيا في عام 2014، قامت السلطات الكندية بسلسلة من الخطوات الرامية إلى قطع العلاقات مع روسيا. وفرضت عقوبات على الأفراد والكيانات القانونية الروسية 17 مرة، تشمل طلب تأشيرة وقيود مالية تمتد إلى 160 مواطناً روسياً و80 منظمة.

وسبق للطرفين أن قاما بتجميد نشاط اللجنة الاقتصادية الدولية (المنشأة في عام 1995)، كما تم تعليق الاتصالات العسكرية. ورداً على ذلك، قامت روسيا بالحد من الاستيراد الكندي للمنتجات الزراعية والمواد الخام والمواد الغذائية، وتم منع عدد من المواطنين الكنديين من دخول روسيا.

وترى السافرة الروسية أنه بعد انتخاب ترودو رئيساً لوزراء كندا في عام 2015، على الرغم من إعلان الحكومة الكندية الجديدة عزمها على استئناف الحوار، فإن الوضع لم يتغير كثيراً. حيث التقى رئيس روسيا ورئيس الوزراء الكندي بعد وقت قصير فقط خلال قمم مجموعة العشرين في أنطاليا (2015) وهانغتشو (2016)، وكذلك على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في ليما (2016).

ومع ذلك، بعد صعود الحكومة الليبرالية لم يكن هناك سوى اجتماع وزاري واحد كامل في عام 2016 بين وزيري خارجية الدولتين على هامش منتدى الآسيان في فينتيان. وفي نهاية عام 2016 عقد نائب وزير الخارجية الروسي محادثات حول الاستقرار الاستراتيجي مع نظيره الكندي، وجرت مشاورات مشتركة بين الوزارات على مستوى رؤساء الإدارات أو كبار المسؤولين حول القضايا الثنائية، وتخطيط السياسة الخارجية، ومكافحة الإرهاب، والتعاون الإنساني الثقافي بالإضافة إلى قضايا التأشيرات خلال عام 2017.

وتقول السفارة إنه على الرغم من أنه بعد الانقلاب في أوكرانيا أوقفت أوتاوا جميع العلاقات البرلمانية الثنائية، تواصلت الاتصالات بين أعضاء البرلمان في إطار المنتديات الدولية، ولا سيما في القطب الشمالي. إذ لدى روسيا وكندا مناصب قريبة في مجلس القطب الشمالي، في المقام الأول فيما يتعلق بتوفير التنمية المستدامة والتعاون الدولي في "البعد الشمالي". ويحافظ المسؤولون والخبراء وممثلو الشركات في كلا البلدين على اتصالات منتظمة حول جدول الأعمال الواسع، بما في ذلك قضايا وضع السكان الأصليين والجرف القاري والمناخ والبيئة وصيد الأسماك والملاحة في المنطقة القطبية الشمالية.

وعاود التعاون بين المناطق الروسية والكندية للتطور بدوره، وذلك في عدة مقاطعات، وتزايد الاهتمام الورسي بالروابط مع نظرائهم الكنديين.

وتقول السفارة إن الموقف الأساسي لروسيا فيما يتعلق بالعلاقة الثنائية، ينبع من ضرورة مواصلة الحوار بين الدول على أساس المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل للمصالح الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات المتراكمة في السنوات السابقة. ويقابل هذا النهج بفهم أعضاء مجتمع الأعمال والدوائر السياسية، الذين يعتقدون أن عزل كندا الذاتي عن روسيا يأتي بنتائج عكسية، لا سيما في مجالات حيوية مثل "البعد الشمالي"، والتجارة والاستثمار، ومكافحة الإرهاب. وبوصفها جارة عبر القطب الشمالي والمحيط الهادي، يمكن لروسيا وكندا أن تحافظان على علاقات مستقرة يمكن التنبؤ بها.

 

 

رابعاً: العلاقات مع إيران

لا تعتبر إيران من كبار شركاء كندا التجاريين، لكن مستوى التبادل التجاري بينهما يبقى ملحوظاً، حيث قارب 170 مليون دولار عام 2017، وبفائض تجاري لصالح كندا، بأكثر من 30 مليون دولار.

شكل رقم (61)


وتتمثل أهم السلع المتبادلة بينهما فيما يلي:

شكل رقم (62)


شكل رقم (63)


ورغم دور كندا في الوساطة التي حصلت إبان انقلاب خميني وقضية السفارة الأمريكية في طهران، إلا أن العلاقات بين الطرفين ظلت تشهد توترات طيلة الفترة اللاحقة، ويمكن القول إن كندا كانت أقرب إلى الطرف الغربي المتشدد تجاه إيران، ورغم بعض الانفراجات إلا أن العلاقات ظل تشهد ذات التوترات، وخصوصاً في الفترة الأخيرة.

حيث اتهمت إيران، الحكومة الكندية بالتدخل في شؤونها الداخلية، وانتهاك الالتزامات الدولية دون أي مبررات قانونية. واعتبر بهرام قاسمي أن "كندا اتخذت موقفاً متطفلاً في بيانها المناهض لإيران"، وأن "كندا تشجع المواطنين الإيرانيين على ممارسة حقوقهم الأساسية بالتظاهر سلمياً".

موقف قاسمي هو رد على موقف الحكومة الكندية بدعمها للمتظاهرين الإيرانيين المحتجين على غلاء المعيشة، وفق بيان وزارة الخارجية: "كندا ستستمر في دعم الحقوق الأساسية للإيرانيين بما فيها حرية التعبير"ـ وطالب السلطات الإيرانية "احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان".

غير أن قاسمي استنكر مقتل شاب إيراني على يد عناصر من الشرطة الكندية، وقال إن "تجاهل المطالب الإيرانية الشرعية لفرض الحقوق القنصلية، يشير إلى سياسات كندا المزدوجة تجاه المواطنين الإيرانيين". حيث أشار إلى مقتل مواطن إيراني مريض، يقيم في كندا، من دون أن تتضح ملابسات الواقعة. (ديسمبر 2017، إرم نيوز)

وتشهد العلاقات أزمات أخرى حول اعتقال مواطنين كنديين في إيران، من ذلك كانت مطالب الحكومة الكندية في فبراير 2018، توضيحاً من إيران، حول ظروف وفاة جامعي وناشط بيئي إيراني كندي في أحد السجون الإيرانية بعد أقل من شهر من توقيفه. وقال وزير الدولة الكندي للشؤون الخارجية إن كندا قلقة من ملابسات وفاة سيد إمامي وتطلب من السلطات الإيرانية تقديم أجوبة. وطالبت لاحقاً بالسماح لزوجته بمغادرة إيران.

ولاحقاً، قامت كندا بتصنيف الحرس الثوري الإيراني، منظمة إرهابية، وهو قرار يأتي منسجماً مع التوتر الذي يسود العلاقات بين الجانبين، وذلك منذ قيام ما يسمى بالجمهورية الإسلامية عام 1979، وما تلاها من رفض كندي مستمر لتسليح طهران للنظام السوري وحزب الله ومنظمات تعتبرها كندا إرهابية. فعلى مر العصور، ظل الموقف الكندي ثابتاً من طهران، رغم محاولات خجولة قادتها حكومة ترودو، في فترة محددة، لتحسين العلاقات، قبل أن تتراجع تحت وطأة إصرار النظام الإيراني على سياسته التخريبية.

وهو قرار التفت حوله مختلف التيارات السياسية في كندا، على اختلاف مشاربها وتوجهها، حيث حظي بدعم الحزبين الليبرالي والمحافظ، وهو ما يفسر تصويت 248 نائباً لصالح القرار، فيما لم يعارضه سوى 45.

حيث أدان القرار الكندي استمرار دعم النظام الإيراني للإرهاب في كافة أنحاء العالم، واعتبر تصريحات خامنئي حول تدمير إسرائيل بأنها "دعوة للتطهير العرقي ضد اليهود"، وطالب بالضغط على طهران للإفراج عن السجناء من مزدوجي الجنسية الكندية-الإيرانية أو من يحملون الإقامة الدائمة في كندا، من القابعين في السجون الإيرانية، إضافة إلى وقف المفاوضات لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام طهران. (يونيو 2018، العين الإخبارية)

وقد اعتبرت الخارجية الإيرانية، قرار البرلمان الكندي باعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية ودعوة الحكومة الكندية لوقف المحادثات مع طهران لإعادة العلاقات بين البلدين بأنه "خطأ استراتيجي"، داعية لمواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين البلدين. فيما أدان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، قرار كندا، زاعماً أن "القرار اعتمد على مزاعم وتهم ضد الأجهزة العسكرية الإيرانية"، وقال: "رغم أن المصادقة على هذا المشروع لا تزال في مراحلها الأولى، ومن الضروري إتمام مراحل أخرى لتحويلها إلى قانون، لكن في حال المصادقة عليه بصورة نهائية، سيشكل ذلك بالتأكيد خطأ استراتيجياً وجوهرياً ذا أبعاد مخربة". (يونيو 2018، إرم نيوز)

 

 

خامساً: العلاقات مع تركيا

تبقى العلاقات التجارية بين الطرفين نشطة ومهمة للغاية، حيث قارب التبادل التجاري بين الطرفين عام 2017، حدود 2.5 مليار دولار، وبعجز تجاري في الميزان الكندي بحدود نصف مليار دولار.

شكل رقم (64)


وتتمثل أهم التبادلات التجارية بين الطرفين فيما يلي:

شكل رقم (65)


 

شكل رقم (66)


وقد أعلن السفير الكندي لدىتركيا، أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع خلال العام الجاري بنسبة 25%، بعدما سجل ارتفاعاً بنسبة 20%ـ مشيراً إلى أنه "حينما ننظر إلى الاحصائيات القديمة نرى أن تركيا كانت في المرتبة 44 في قائمة الدول من حيث التبادل التجاري مع كندا خلال 2013، إلا أنه اعتبارا من العام الجاري ارتفع حجم التبادل إلى المرتبة 14. وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 3 ملياراتدولار، مشيراً إلى إمكانية رفع التبادل إلى مستويات أعلى. (سبتمبر، 2018، النشرة)

 

سادساً: العلاقات مع السعودية

تعتبر السعودية واحدة من الشركاء التجاريين المهمين لكندا، حيث تحتل المرتبة 21 على مستوى الصادرات والواردات الكندية معاً، وبلغ حجم التجارة البينية عام 2017 أكثر من 3 مليار دولار، بعجز تجاري في الميزان الكندي لصالح السعودية ما قيمته 900 مليون دولار.

شكل رقم (67) 


حيث تمثل صادرات المركبات (السيارات والمدرعات العسكرية غالباً)، نصف الصادرات الكندية إلى السعودية، كما أن كندا واحدة من مصادر بيع الطائرات والأسلحة للسعودية. في حين تمثل المواد النفطية 95% من مجمل الواردات الكندية من السعودية.

شكل رقم (68)


شكل رقم (69)


وعلى خلفية الحرب في اليمن وما يثار غربياً حول "جرائم حرب" يرتكبها التحالف، قد طالبت جهات كندية بعد القرار الألماني بوقف بيع الأسلحة للسعودية، باتخاذ موقف مماثل، حيث أبرمت السعودية عقداً بقيمة 15 مليار مع فرع شركة جنرال دايناميكس كورب الأمريكية العملاقة في كندا، 2014، لتصدير 900 عربة مدرعة بينها أكثر من 100 مدرعة ثقيلة هجومية مزودة برشاشات. وقد بدأت كندا بتصدير المدرعات الى السعودية عام 2017 وجرى إدخال بعض التعديلات على العقد. كما يتضمن العقد خدمة وصيانة المدرعات لمدة 15 عاما عبر إقامة أكثر من عشرة ورش صيانة داخل السعودية.

وقالت الحكومة الكندية بزعامة رئيس الوزراء المحافظ ستيفن هاربر حينذاك، إن هذا العقد هو الأكبر في مجال الصادرات في تاريخ كندا.

هذه الصفقة دفعت هيلين لافاردريير من الحزب الديمقراطي الجديد خلال جلسة لمجلس الشيوخ الكندي، إلى مخاطبة رئيس الوزراء ترودو: "أتوجه بالسؤال لرئيس الوزراء وأسأله، ما رأيك في كون كندا أصبحت طرفاً في انتهاكات حقوق الانسان على المستوى العالمي؟ كيف يمكننا أن نقول إن سياسة كندا الخارجية تقدمية ومناصرة لحقوق النساء بينما نستمر ببيع السلاح للسعودية؟".

وعاد موضوع تصدير كندا لهذه المدرعات الى السعودية إلى التفاعل صيف عام 2017 عندما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي والنشطاء في السعودية صوراً ومقاطع فيديو قالوا إنها تظهر استخدام هذه المدرعات في عمليات أمنية ضد معارضين شيعة في المنطقة الشرقية من السعودية.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية في فبراير 2018، إن الوزارة أجرت تحقيقاً بهذا الشأن وخلصت إلى عدم وجود أدلة قطعية على استخدام عربات مدرعة كندية في عمليات تنتهك خلالها حقوق الانسان. ورغم مطالبة نشطاء حقوق الانسان للوزارة بالكشف عن التحقيق ونشره، رفضت الوزارة ذلك ورفضت بيان كيفية توصلها إلى هذه النتيجة. (أغسطس 2018، BBC)

وقالت صحيفة غلوب أند ميل الكندية، إن قيمة التعامل التجاري بين البلدين عام 2017 تجاوزت 4 مليارات دولار والمعدات العسكرية التي تنتجها كندا مثلت قسماً كبيراً من ذلك.

عدا عن أن السعودية أكبر سوق للصادرات الكندية في الشرق الأوسط، بينما يدرس 17 ألف طالب سعودي في المعاهد والجامعات الكندية. وكانت كندا قد منحت الجنسية الكندية لزوجة المعارض السعودي والمدون رائف بدوي هذا العام ويبدو أن هذا القرار أثار حفيظة السعودية.

عدا عن أن كندا حاضرة في عدة تفاعلات عسكرية في المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة، لكن هذه العلاقات (التجارية بالدرجة)، تشهد مؤخراً أزمة بينية، نتيجة تغريدة للسفارة الكندية في السعودية حول أوضاع حقوق الإنسان، جاء فيها:

شكل رقم (70)


فقد اتهمت السعودية كندا بالتدخل في شؤونها الداخلية، واستدعت سفيرها من أوتاوا، وطردت السفير الكندي لديها، وأعلنت عن تجميد التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة بين البلدين. كما أعلنت شركة الخطوط الجوية السعودية وقف رحلاتها الجوية من وإلى مدينة تورنتو الكندية، إضافة لذلك قررت ‏وزارة التعليم السعودية، إيقاف برامج البعثات والتدريب والزمالة إلى كندا، وإعداد خطة عاجلة لنقل جميع الملتحقين بهذه البرامج مع أسرهم إلى دول أخرى، فيما رفضت كندا التراجع، مؤكدة أنها ستدافع دائماً عن حقوق الإنسان حول العالم.

ووفق صحيفة فايننشال تايمز، فإن السعودية تبيع أصولها في كندا، وذكر التقرير أن البنك المركزي في السعودية وصناديق التقاعد وجهت مديري الأصول في الخارج إلى بيع الأسهم والسندات والحيازات النقدية في كندا. (أغسطس 2018، عربي بوست)

ورغم هذه الأزمة بين الطرفين، والتي اعتبرتها السعودية مجرد شريك تجاري، أي أنها كانت تقصد إمكانية التضحية بها، إلا أن المعطيات تختلف في واقع التعامل، حيث أن الأزمة لم تتعد حدود الأزمة الدبلوماسية وسحب الطلاب وبعض الاستثمارات، حيث أن كلا الطرفين مدرك لحجم العلاقات التجارية الضخمة، لذا كان كلاهما حريصاً على ألا تمتد الأزمة لمبيعات النفط أو مبيعات الأسلحة، وحاولت السعودية استخدام العلاقات الكندية لإيصال رسائل إلى بعض الدول التي لا تستطيع السعودية اتخاذ سلوك مشابه معها.

حيث أعلن وزير الطاقة السعودي في أغسطس 2018، أن إمدادات السعودية من النفط إلى كندا لن تتأثر بالخلاف بين البلدين، وأن السياسة النفطية السعودية تقضي بعدم تعريض الإمدادات النفطية التي توفرها لدول العالم لأي اعتباراتٍ سياسية، مؤكّدًا أن هذه السياسة ثابتة ولا تتأثر بأي ظروفٍ سياسية.

ويحاول الطرفان إيجاد مخارج للأزمة، دون أن تدفع إلى مزيد من التعقيد، أو إلى تراجع أحدهما عن موقفه، حيث قالت وزيرة الخارجية الكندية في 25 سبتمبر، إنها تأمل لقاء نظيرها السعودي على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لبحث الخلاف الدبلوماسي بين البلدين. فيما كانت كندا قد قدمت مبادرة جديدة لإنهاء الأزمة الدبلوماسية. وقالت: "كندا تمد غصن زيتون إلى السعودية لتفادي الأزمة الدبلوماسية طويلة الأمد التي ألقت بتداعياتها على الشركات الكندية والطلاب السعوديين في الجامعات الكندية، وحذرت من أنه في حال فشل هذا اللقاء فستمتد الأزمة إلى مدى طويل".

وقد كشف موقع هيئة الإذاعة الكندية CBC عن تقديم 20 طالباً سعودياً طلبات اللجوء إلى كندا وبقائهم هناك، وذلك بعد انقضاء الموعد النهائي لعودتهم إلى بلادهم في 31 أغسطس. ونقلت الإذاعة عن المحامي المختص في شؤون الهجرة أن ضرورة توفر شرط "اللجوء تفادياً للاضطهاد" لقبول طلب بقاء الطلاب السعوديين وقال: "إذا كانت العواقب أنك لن تحصل على منحة دراسية لاحقاً، فهذا لا يرتقي إلى مستوى الاضطهاد لطلب اللجوء... لكن إذا كانت النتيجة أنك ستلقى في السجن لعدة سنوات أو ترسل إلى معسكر لإعادة التأهيل، فذلك سيعتبر اضطهاداً". (سبتمبر 2018، روسيا اليوم)

وقد طلب وزير الخارجية السعودية من كندا الاعتذار عن مطالبتها بإطلاق سراح نشطاء مدافعين عن حقوق المرأة والتوقف عن معاملة السعودية باعتبارها "جمهورية موز"، إذا كانت تريد حل أزمة دبلوماسية بين البلدين. وقال الجبير في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، يوم 26 سبتمبر: "أمر شائن من منظورنا أن تجلس دولة هناك وتلقي علينا محاضرات ومطالبات ... نحن نطالب بالإفراج الفوري والاستقلال لإقليم كيبيك وبحقوق متساوية للكنديين من أصل هندي، ما هذا الذي تتحدثون عنه؟".

وأضاف الجبير: "يمكنكم أن تنتقدونا بشأن حقوق الإنسان أو حقوق المرأة ... آخرون يفعلون ذلك وهذا حقكم. يمكنكم الجلوس والحديث عن هذا الأمر لكن أن تطالبوا بإفراج فوري؟ ما هذا ... هل نحن جمهورية موز؟ هل تقبل أي دولة ذلك؟ لا، نحن لا نقبل". كما قال: "لا نريد ان نكون كرة تتقاذفها أقدام السياسيين في السياسة الداخلية الكندية. ابحثوا عن كرة أخري تلهون بها، إصلاح الأمر سهل للغاية، عليهم بالاعتذار والإقرار بالخطأ".

في حين كانت وزير الخارجية الكندية قالت قبل ذلك بيوم واحد، إن كندا لن تغير موقفها الأساسي: "كندا ستدافع دائماً عن حقوق الإنسان ... نشعر بالتزام خاص تجاه النساء اللائي يناضلن من أجل حقوقهن في أنحاء العالم ... كما نشعر بالتزام خاص تجاه الأشخاص الذين تربطهم صلة شخصية بكندا".

 

 

سابعاً: العلاقات مع مصر

تعتبر مصر أيضاً من الشركاء التجاريين المهمين لكندا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين قرابة مليار دولار عام 2017، وبعجز تجاري في الميزان الكندي، بأكثر من نصف مليار دولار.

شكل رقم (71)


 

شكل رقم (72)


 

وفيما تتنوع صادرات كندا إلى مصر، فإن العجز التجاري لصالح مصر يأتي في معظمه من واردات كندا من اللآلئ والأحجار الكريمة وشبه الكريمة التي تمثل 88% من واردات كندا من مصر.

شكل رقم (73)


 

 

ثامناً: العلاقات مع قطر

تبقى التجارة الكندية مع قطر محدودة مقارنة بالدول الأخرى التي تم تناولها، حيث لم تتجاوز تلك التجارة 133 مليون دولار، هي في غالبيتها العظمى (90%) صادرات كندية إلى قطر، وبفائض تجاري يتجاوز 100 مليون دولار.

شكل رقم (74)


 

وتتنوع الصادرات الكندية لقطر، إلا أن أبرزها يتمثل في آلات والمعدات والطائرات والمركبات.

شكل رقم (75)


فيما ترتبط وارداتها المحدودة للغاية، بالنفط ومشتقاته، والذي يشكل قرابة 70% من واردات كندا من قطر.

 

شكل رقم (76)


تاسعاً: العلاقات التجارية مع دول أمريكا الجنوبية

تمثل القارة الأمريكية الجنوبية (على مستوى التكتلات العالمية)، شريكاً بالغ الأهمية للتجارة الكندية، حيث تجاوزت مجمل تلك التجارة عام 2017، ما قيمته 50 مليار دولار (6% من إجمالي التجارة الكندية)، وبعجز تجاري أيضاً كبير في الميزان الكندي، يزيد عن 28 مليار دولار.

وتبقى الأرجنتين وشيلي والمكسيك والبرازيل أكبر الشركاء التجاريين لكندا في القارة، وعموماً، فإن معظم تجارة كندا هي بعجز تجاري مع هذه الدول.

شكل رقم (77)



د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري