العلاقات الإيرانية-الإكوادورية: التأسيس والشبهات


أولاً-التأسيس 2007-2010

تطورت العلاقات بين إيران والاكوادور بعد مساعدة من الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، حيث قامت فنزويلا بدور الوسيط للتوفيق بين البلدين، وقامت إيران بمساعدة كيتو للعودة إلى منظمة أوبك مجدداً عام 2007 عندما كانت إيران وفنزويلا لهما اليد العليا، بعدها مباشرة حضر أحمدي نجاد مراسم تنصيب الرئيس رافائيل كوريا.

وفي إثر ذلك، بحث وزير الخارجية الإيراني مع نظيرته الإكوادورية خلال اتصال هاتفي تنمية العلاقات والتعاون السياسي والاقتصادي بين إيران والحكومة الاكوادورية الجديدة.

وأشار الوزير إلى الاتفاق الذي تم بين رئيسي البلدين في مؤتمر كيتو، بشأن فتح سفارة لكلا البلدين وتعيين استراتيجية للتعاون على جميع الأصعدة، وخاصة في مجال النفط والغاز.

من جانبها رحبت الوزيرة بتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين نظراً للإمكانيات المتاحة، وأعربت عن تقديرها بخصوص إيفاد ممثل من قبل الخارجية الإيرانية لبحث العلاقات الثنائية، مؤكدة أن بلادها ستبذل كل ما في وسعها لتنفيذ الاتفاقيات الثنائية. -إبريل 2007، واس-

دفعت تلك الخطوات الرئيس الإكوادوري لزيارة طهران والبدء في إقامة علاقات مع النظام الإيراني، الذي تلقفته الدولة الإيرانية وقتها بكثير من الاتفاقات الاستراتيجية والعسكرية والتجارية والزراعية لدرجة أن طهران قامت بتقديم قرض مالي إلى إكوادور قدر وقتها بنحو 120 مليون دولار لمشاريع التنمية هناك. –أغسطس 2016، الشرق الأوسط-

وشملت العلاقات، الاستجابة لرغبة الإكوادور في الحصول على مساعدة إيرانية في تطوير صناعتها العسكرية، هذا ما أكده وزير الدفاع الاكوادوري خافير بُنس حيث أكد أن الأكوادور تسعى إلى دعم منشآتها العسكرية من مصدر غير تقليدي وإيران أفضل من يستطيع مساعدتنا في ذلك.

وقال الرئيس الاكوادوري حينها إن الايرانيين "يريدون الاستثمار في البلاد، ونحن بصدد ترسيخ علاقات التجارة والصداقة".  واوضح أن "هذا البلد يعرض علينا صداقته ويعرض علينا تعاونه والمبادلات والتعاون لما فيه المصلحة المشتركة، بلد نرسخ معه علاقاتنا". -أكتوبر 2008، مهر نيوز-

وسرعان ما اتخذت العلاقات مساراً تصاعدياً، ففي عام 2008 قام وزير الزراعة الإكوادوري، بزيارة إلى طهران، وأبدى رغبته بتطوير التعاون الزراعي بين البلدين، واصفاً النظام الزراعي في الاكوادور بالقديم. وأضاف أن الهدف من زيارة الوفد الاكوادوري إيران تبادل وجهات النظر مع المسئولين الإيرانيين وعقد اجتماع مع الناشطين في القطاع الزراعي والثروة الطبيعية الإيرانية.

ودعا الوفد الإكوادوري في الاجتماع إلى استيراد الخدمات الفنية والهندسية الزراعية من إيران والبحث بخصوص تطوير التعاون الثنائي بين القطاع الخاص الإيراني مع القطاع الزراعي والثروة السمكية والدواجن الإكوادوري، في مجال إنجاز المشاريع المشتركة في قطاع المنتجات الزراعية والمشاركة في بناء مصانع إنتاج الكاكاو والألبان وتصدير الجرارات والمكائن الزراعية وتنفيذ المشاريع المشتركة في مجال الري وتصدير الموز والرز إلى إيران واستيراد أنواع الأسمدة الكيماوية والأمصال والأدوية الخاصة بالدواجن والمواشي من إيران. -أغسطس 2008، الوسط البحرينية-

لكن التطور الأهم في مسار التأسيس السريع لهذه العلاقات، تمثل في زيارة الرئيس الإكوادوري إلى طهران نهاية عام 2008، وهي أول زيارة يقوم بها رئيس إكوادوري إلى إيران.

حيث تعهد رئيسا إيران وإكوادور بتوسيع نطاق العلاقات الدبلوماسية والعلاقات الأخرى، وتم الاتفاق على افتتاح سفارتين في عاصمة كل منهما اعتباراً من مطلع العام المقبل. وقال كوريا: "الحكومة الإكوادورية مصممة على توسيع وتعميق العلاقات مع إيران ... قمنا بتوسيع جيد لنطاق للعلاقات حتى الآن ونأمل أن نعمقها". -ديسمبر 2008، الدستور الأردنية-

وفي هذه الزيارة، ونتيجة للصراع الدبلوماسي مع كولومبيا بشأن الغارة على معسكر مزعوم لـ FARC في الإكوادور، ورد أن كوريا قد ناقش إمكانية عقد صفقة أسلحة مع إيران.

فبسبب النهج الجديد في السياسة الخارجية لكوريا، نظرت الإكوادور إلى شركاء غير تقليديين لإمدادهم بالأسلحة. في حين كانت الاكوادور أول بلد أجنبي يشتري أسلحة لمصنعي الأسلحة الهنود، فإنه تطلع أيضاً إلى إيران لشراء الأسلحة: "نحن بحاجة إلى تجهيز أنفسنا ... يمكن لإيران أن تزودنا بالمساعدة".

وحيث تم إنهاء عقد الإيجار الأميركي في مانتا، كانت الإكوادور تبحث عن شركاء دفاع آخرين، وقال وزير الدفاع الإكوادوري، إنه سعى للتعاون مع إيران لمساعدة الإكوادور على تطوير صناعتها الدفاعية: "لدينا سياساتنا الخاصة، ومواقفنا الجيوستراتيجية الخاصة، وما يهمنا مع إيران على سبيل المثال، هو تعزيز تكنولوجيا المعلومات واستراتيجياتنا الدفاعية الوطنية".

في هذه الأثناء، قامت إيران بتمديد التمويل لمجموعة من المشاريع، وأصبحت الإكوادور بدورها المستورد الرئيس للمنتجات الإيرانية التي حلت محل بيرو، ليرتفع إجمالي التبادل التجاري بين الدولتين من 8 مليون دولار عام 2007، إلى 168 مليون دولار عام 2008. –فبراير 2010، Critical Threats-

كما انتقد كوريا، الولايات المتحدة بسبب سياساتها المناهضة لإيران، وقال في يوليو 2008 "نحن لا نملك شيئاً ضد إيران، لم تفعل إيران شيئاً بالنسبة لنا". وكرر ذلك في ديسمبر 2008، مؤكداً على أن الإكوادور "لن تتوقف عن التقارب مع إيران؛ لأن الولايات المتحدة تضعها على قائمة سوداء".

بينما رأت وزيرة خارجية الإكوادور، أن برنامج إيران النووي يهدف فقط إلى توليد تكنولوجيا نووية سلمية للاستخدام المدني. كما ذكرت أن برنامج إيران النووي لن يعوق تطوير العلاقات الجيدة بينهما.

وحيث أن الإكوادور عضو في حركة عدم الانحياز، فقد شاركت بإصدار بيان في اجتماع قمة في طهران في يوليو 2008، رحب "بالتعاون المستمر الذي تقدمه إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأكد أنه "يجب احترام خيارات الدول وقراراتها، بما فيها قرارات إيران، في مجال الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية وسياساتها الخاصة بدورة الوقود". –فبراير 2010، Critical Threats-

وبعد زيارة كوريا بشهر واحد، قام وزير التعاونيات الإيراني في أوائل يناير 2009، بزيارة إلى كيتو، والتي أعلن خلالها عن قرض بقيمة 280 مليون دولار لتطوير مشاريع النفط في الإكوادور.

بعد شهرين، وتطور العلاقات بهذه الشكل، قام نائب وزير الطاقة الإيراني بزيارة إلى كيتو، واجتمع بعدة مسؤولين على رأسهم الرئيس كوريا، حيث تم الاتفاق على تمويل إيران لمحطتي لتوليد الكهرباء في الاكوادور، إلى جانب قرض بقيمة 40 مليون دولار لتطوير الأعمال هناك.

وكانت ترتيبات التمويل جزءً من اتفاقيات التعاون التي وقعتها كوريا والحكومة الإيرانية عندما زار طهران في أوائل ديسمبر 2008. –مارس 2009، ENERGIA-

وفي يناير 2009، وعد نجاد باستثمار أكثر من 200 مليون دولار في الإكوادور لتمويل مزيد من التجارة ومشاريع التنمية المشتركة. وفي سبتمبر 2009، منحت إيران أيضاً قرضاً بقيمة 40 مليون دولار للمصدرين الإكوادوريين، كما نظرت أيضاً في إيداع 145 مليون دولار في البنك المركزي الإكوادوري.

وبصفته عضواً في مجموعة ALBA، شارك الرئيس كوريا في إعلان مشترك لدعم الحكومة الإيرانية في يونيو 2009.

وكجزء من الاتفاقية المالية الموقعة بين الإكوادور وإيران في ديسمبر 2008، سعى بنك تنمية الصادرات الإيراني، لافتتاح فرع في عاصمة الإكوادور من أجل تعزيز التجارة وتوسيع صادرات الإكوادور إلى إيران.

وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن هذه الخطوة من جانب إيران هي "رد على العقوبات الدولية، ورفض العديد من البنوك المسؤولة، القيام بأعمال تجارية مع البنوك الإيرانية". وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن إيران بدأت في استخدام مؤسسات أقل شهرة، مثل بنك تنمية الصادرات في إيران، للتعامل مع العديد من معاملاتها المالية من أجل التحايل على العقوبات المصرفية للأمم المتحدة.

وحيث كان من المقرر في مايو 2009، أن يقوم نجاد بزيارة رسمية إلى البرازيل والإكوادور وفنزويلا بصحبة أكثر من 100 مندوب، إلا أنه ألغى زيارته قبل يوم واحد من الموعد المقرر. وعوضاً عن ذلك قام وزير خارجيته في أغسطس 2009 بحضور حفل تنصيب الرئيس رافاييل كوريا، وأشاد بما أسماه النهج المشترك بين الإكوادور وإيران حول القضايا الإقليمية. –فبراير 2010، Critical Threats-

ومع عام 2010، ستنتقل العلاقات من مرحلة التأسيس إلى أبعد من ذلك، حيث قام نائب الرئيس الإكوادوري بزيارة إلى طهران، ووقع مع نظرائه الإيرانيين اتفاقاً لإنشاء ثلاثة مراكز لتوليد الطاقة الكهرومائية باستخدام التكنولوجيا الإيرانية.

كما أكد الدعم الإيراني لبرنامج ياسوني-آي تي ​​تي الإكوادوري لتلقي الأموال الدولية من أجل عدم الانتقال إلى الطاقة المستدامة. وفي إطار هذه التطورات، تعاونت الإكوادور وإيران في صناعة الموانئ والزراعة وصناعة السيارات.

ولعل مرحلة التأسيس هذه، تكللت مع دعم إيران للرئيس الإكوادوري رفي مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2010.

 

ثانياً: مسار العلاقات 2011-2018

أ-المسار السياسي:

يمكن القول عن هذه المرحلة انطلقت في يناير 2012، مع زيارة نجاد الثانية للإكوادور، في محطته الأخيرة من جولة في أمريكا اللاتينية هدفت إلى حشد الدعم لبلاده نووياً.

وفي صيف ذات العام، أجرى وزير الخارجية الإكوادوري ونائب الرئيس الإيراني للشؤون الدولية، مباحثات ثنائية بعاصمة الإكوادور، استعرضا خلالها القضايا محل الاهتمام المشترك.

حيث كانت زيارته لكيوتو بهدف تسليم دعوة من الرئيس الإيراني لنظيره الإكوادوري لحضور مؤتمر القمة الـ 16 لحركة عدم الانحياز في طهران. -يونيو 2012، الأهرام-

وفي مطلع العام التالي، هنأ الرئيس الإيراني رئيس الإكوادور على فوزه بولاية رئاسية جديدة، وقال إن فوز "كوريا" في الانتخابات الأخيرة سيعزز الروابط بين دول أمريكا اللاتينية والدول الثورية الأخرى في العالم". -فبراير 2013، أخبار اليوم-

كما استقبل وزير الخارجية الإيراني السفير الإكوادوري الجديد، وأكد له أن العلاقات الدبلوماسية بين إيران والإكوادور تحظى بأفضل مستوياتها على الإطلاق. وهنأه على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز الرئيس رافائيل كوريا بفترة ولاية ثالثة. فيما قال السفير إنه سيبذل قصارى جهوده من أجل دعم وتقوية العلاقات بين البلدين. -يناير 2013، مبتدا-

وكنتيجة فعلية لتطور العلاقات بين الاكوادور وإيران، في اجتماع رؤساء برلمانات العالم التابع للأمم المتحدة، أكدت رئيسة البرلمان الاكوادوري أنها ترفض التدخل في شؤون إيران الداخلية وقالت إننا نسعى لتكون سياساتنا لصالح إيران. كما أكدت على ضرورة تطوير العلاقات الإيرانية الاكوادورية أكثر فأكثر. -2013، خانه ملت-

ربما لم تشهد العلاقات كثير تطور أثناء هذه المرحلة، خارج هذه الأطر الدعائية والسياسية، لكن رفع الحظر الدولي عن إيران عام 2016، ساهم في عودة تنشيط العلاقات بينهما.

حيث أكد الرئيس الايراني أن "رفع الحظر الظالم عن إيران سيجعل الطريق ممهداً أكثر أمام تطوير العلاقات بين إيران وإكوادور". وأعلن في اتصال هاتفي مع نظيره الإكوادوري، عن "ترحيبه بتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية مع إكوادور بوصفها بلداً مؤثراً في أمريكا اللاتينية".

وأشاد روحاني "بمواقف إكوادور المساندة لحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية"، ذاكراً أن "إيران وإكوادور ستبقيان إلى جانب بعضهما البعض، بلدين صديقين في المحافل الدولية".

فيما هنأ الرئيس الإكوادوري الشعب الايراني "بالانتصار النووي ورفع الحظر الظالم عن إيران"، مشيراً إلى أن "رفع الحظر عن إيران قد أطلق فصلاً جديداً من انتصارات الحكومة والشعب الايراني في الساحة العالمية". وأكد بأن "جميع دول أمريكا اللاتينية مسرورة لانتصار الحكومة والشعب الإيراني"، معتبراً أن "تنفيذ خطة العمل المشتركة فرصة مناسبة لتطوير العلاقات بين إيران وبلاده". -يناير 2016، إذاعة النور-

كما التقى روحاني بالسفير الإكوادوري، معرباً عن استعداد البلاد للعمل على مشاريع البناء في الإكوادور، مؤكداً أن القطاع الخاص الإيراني والشركات التي تقدم خدمات تقنية وهندسية جاهزة لبناء الطرق ومحطات الطاقة في الإكوادور.

وشدد روحاني مراراً على أن تعزيز العلاقات مع بلدان أمريكا اللاتينية هو من بين السياسات المبدئية للجمهورية الإسلامية. –يناير 2016، Pars Today-

ويعتبر عام 2016، محطة جديدة مهمة بينهما، حيث التقى روحاني وكوريا، في سبتمبر 2016، في فنزويلا، على هامش الاجتماع السابع عشر لحركة عدم الانحياز. وأكدا أن "وقوف إيران في وجه الدول العظمى يسعد دولة وشعب الأكوادور"، وأشاد كوريا بالدور الايراني المقاوم للاستكبار. واتفقا على إقامة مؤتمرين اقتصاديين في كيوتو وفي طهران عام 2018 (لم يعقدا بعد)

كما تعهدت إيران، وفقاً لظريف، أن تكون بلد ترانزيت مناسب لنقل البضاعة الإكوادورية إلى دول آسيا الوسطى التي تريد الأكوادور الوصول اليها. -2016، مشرق-

فيما حذر روحاني من أن عدم الاستقرار وانخفاض أسعار النفط يضران جميع الدول وخاصة منتجي النفط وطهران بدعم أي تحرك يهدف إلى استقرار السوق وتحسين أسعار النفط على أساس العدل والعدل ومراقبة حصة عادلة لجميع منتجي النفط". –سبتمبر 2016، الرئاسة الإيرانية-

وأكد روحاني أن إيران مستعدة لتبادل خبراتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطاقة مع الإكوادور. ومن جانبه، أعرب كوريا عن استعداد بلاده لتوسيع العلاقات الثنائية. –أغسطس 2017، Fares News Agency-

كما استقبلت طهران في هذا العام، وزير الداخلية الإكوادوري، والذي التقى نظيره الإيراني، وأكد الوزير الإيراني استعداد بلاده لتعميق وتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي، وقال إن وزارته مستعدة لتقاسم خبراتها القيمة في مجال مكافحة المخدرات والقضايا الأمنية ومراقبة الحدود والقضايا المتعلقة بالشرطة.

من جانبه، أعرب الوزير الإكوادوري، عن ارتياحه لزيارته لإيران بمناسبة مراسم أداء اليمين للرئيس روحاني، وقال: "إنني أحمل تحيات حارة من الرئيس ووزير خارجية الإكوادور إلى الحكومة والأمة الإيراني، كان من الأهمية بمكان أن تكون الحكومة الإكوادورية حاضرة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني".

وقال إن هناك العديد من النقاط المشتركة بين البلدين مضيفاً أن الإكوادور تقع بين اثنين من المنتجين الرئيسين للمخدرات الذين حولوها إلى أحد مواقع عبور المخدرات: "لقد وضعنا خطة وطنية لمكافحة الاتجار بالمخدرات وتعاطي المخدرات، ويمكننا الاستفادة من تجارب إيران في مجال قضايا المرأة والأسرة". وأكد أن هناك حاجة إلى ضرورة إعادة تنشيط التعاون الثنائي. وهي إشارة ضمنية إلى أن العلاقات لم تتجاوز الأطر السياسية والأيدلوجية إلى علاقات واسعة.

 

ب-المسار الاقتصادي:

لعل واحدة من أبرز النتائج لتطور العلاقات السياسية، كان السماح للإيرانيين بدخول الإكوادور والحصول على تأشيرة سياحية من المطار، لمدة تسعين يوماً، دون اشتراطات مسبقة.

ورغم تطلع الدولتين إلى بناء علاقات اقتصادية واسعة، إلا أن المشاريع العلنية تشهد إثارة كثير من التساؤلات حولها. ومنها مثلاً:

حيث اعتبر وزير التجارة الخارجية الاكوادوري خلال زيارته لطهران، في فبراير 2016، أن العلاقات السياسية توفر الأرضية لعلاقات اقتصادية جيدة بينهما. وأعرب عن رغبة بلاده بشراء المكائن ايرانية الصنع، ودعا إلى إيجاد خط اعتماد من الجانب الإيراني في هذا المجال.

غير أنه دعا إلى إعادة النظر في الرسوم الجمركية لسلع بلاده المصدرة لإيران، وتسهيل التجارة معها، وإعادة افتتاح مكتبها التجاري في طهران. مطالباً قيام تعاون بين غرفتي التجارة في البلدين، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى الربط بين القطاعين الخاصين، وتسهيل الوصول الى الأسواق المحيطة بالدولتين. ولفت إلى أن القسم الأكبر من صادرات إيران الإيرانية الى الاكوادور يتضمن المكائن والسلع الصناعية.

من جانبه، أشار رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الايرانية، خلال اللقاء، إلى الأرضية المناسبة المتوفرة للتعاون بينهما بعد إلغاء الحظر، داعياً البلدين في ضوء عضويتهما في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) للتخطيط للمصالح المشتركة بعيدة المدى والاستراتيجية وتعزيز مكانتيهما.

وأكد ضرورة التعاون المشترك للوصول إلى الأسواق الاقليمية والأنشطة الثنائية في الدول الأخرى وتعزيز التعاون في منظمات مثل (أوبك). وأشار إلى الإمكانيات العالية للبلدين للاستثمارات المشتركة في إطار مجموعات هولدينغ تخصصية وتقديم الخدمات التقنية والهندسية في مجالات الزراعة والنفط والغاز. -فبراير 2016، الوفاق أونلاين-

كما اجتمع ظريف بالرئيس كوريا، أثناء زيارته لكيتو، وناقشا ما يمكن أن تفعله الدولتان لتعزيز أسعار النفط مع تلميح طهران إلى أنها قد تدعم جهوداً مشتركة لمصدري النفط لدعم أسعار الخام الضعيفة. وقال وزير الخارجية الإيراني بعد الاجتماع: "أجرينا محادثات حول تعزيز موقفنا في أسواق النفط". وأضاف ظريف أن الدولتين اتفقتا على مواصلة المحادثات في إطار منظمة أوبك. فيما قال وزير خارجية إكوادور إن الجانبين ناقشا اتخاذ موقف مشترك لدعم أسعار النفط. -أغسطس 2016، البوابة-

وتم التوقيع على وثائق التعاون بحضور وزيري خارجية البلدين. حيث وقع نائب محافظ البنك المركزي الإيراني للشؤون الدولية، والمدير الإداري للبنك المركزي في الإكوادور، على وثيقة التعاون المصرفي الشامل.

ووقع مدير منظمة وقاية النباتات في إيران، ونظيره الإكوادوري، على وثيقة تعاون زراعي.

وستسهل الوثائق هذه وكيتو إنتاج وتصدير المنتجات الزراعية الإكوادورية إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عبر إيران. -أغسطس 2016، IRNA-

واستطاعت طهران بمباركة فنزويلا إنشاء مصفاة نفط في الساحل الغربي المطل على المحيط الهادئ في إكوادور لاستخراج النفط بمعدل 300 ألف برميل يومياً. –أغسطس 2016، الشرق الأوسط-

لكن هناك كثيراً من الاستفسارات عن هذه المحطة وجدواها وحقيقة نشاطها وحجمه.

فيما أكد وزير الخارجية الإيراني على التعاون مع الإكوادور في مختلف المجالات لا سيما الاقتصادية والأمنية والمتعددة الأطراف والدولية. وذلك خلال استقباله مبعوث رئيس الإكوادور الخاص سيسار نافاس الذي وصل طهران، للمشاركة في مراسم أداء حسن روحاني اليمين الدستورية، عام 2017.

وأشار ظريف إلى زيارته الأخيرة إلى إكوادور لافتاً إلى أن وفوداً اقتصادية من القطاعين الحكومي والخاص رافقاه في هذه الزيارة. وأشار إلى أن هناك فرصاً للتعاون الثنائي في مجال الإسكان والتقنيات والطاقة والمصارف. -أغسطس 2017، راديو هافانا كوبا-

وخلال اجتماع عقد في طهران، في أغسطس 2017، عبّر وزير داخلية الإكوادور، عن رضاه لوجوده في إيران، قائلا إنه ينقل الرغبات الحارة للرئيس الإكوادوري: "لقد افتتحنا مكتباً تجارياً في طهران ونحن مهتمون بالتعاون معكم في مختلف المجالات". –أغسطس 2017، Iran Front Page-

وبالعودة بيانات Trade Map، يبدو أن حجم التجارة الثنائية بينهما لم يتجاوز عام 2017، حدود 107 مليون دولار فقط، كانت غالبيتها العظمى باتجاه صادرات إكوادورية إلى إيران، وبفائض تجاري في ميزان الإكوادور/عجز في ميزان إيران بلغ 105.5 مليون دولار.

شكل رقم (1)


وقد تنوعت الصادرات الإكوادورية، بين فواكه ومكسرات، ومنتجات سيراميك، ومنتجات طحين، وآلات ومعدات، ووقود معدني.

شكل رقم (2)


أما الصادرات الإيرانية، التي سجلت قيمة 130 ألف دولار عام 2017، فكان % منها فواكه ومكسرات.

شكل رقم (3)


ج-المسار الثقافي:

يأتي على قائمة النشاط الثقافي الإيراني في الإكوادور، عملية التبشير المذهبي بين المسلمين فيها، واستخدام المتشيعين الجدد لخدمة المصالح الإيرانية.

ووفق المصادر الشيعية، فإن عدد الشيعة في الإكوادور بلغ 30 ألفاً، بما يمثل 0.3% من إجمالي السكان، غير أن الرقم يبقى قيد التشكيك، خاصة أن عموم المسلمين فيها هم في حدود عشرات الآلاف فقط، وتشهد الدولة نشاطاً إسلامياً سعودياً ومصرياً.

رغم ذلك، يبقى المركز الإسلامي (مركز شيعي)، واحداً من أهم المراكز الإسلامية الناشطة في الدولة، ومقره في العاصمة كيتو، بإدارة الشي علي معراج علي.

كما شاركت إيران في معرض الكتاب في كيوتو عاصمة الاكوادور وكان لها معارض فنون ومشاركات في أسبوع الفيلم الإيراني هناك. حيث عرضت أفلام سينمائية للتعريف بإيران من بينها فيلم (فروشنده) الذي يعطي صور ة عن إيران محبة للسلم والاستقرار في العالم، الصورة التي تحاول إيران ترويجها في تلك المنطقة. ووقعت إيران على تفاهمات عديدة مع الاكوادور في مجال التبادل التقني والثقافي والتعليمي. -2015، تابناك-

والتقى مسؤولون من جامعة الإكوادور الوسطى وجامعة طهران، في طهران لمناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي. ودعا الجانبان إلى تعزيز التعاون الثنائي في الدراسات الأكاديمية في مجال الزراعة، واللغة الإسبانية، والكيمياء، والنفط، وكذلك تبادل الطلاب والأساتذة. –أغسطس 2018، Iran Daily-

 

ثالثاً: المصالح المشبوهة

أ-المصالح المالية والمصرفية:

في عام 2010، قالت رابطة المصارف الخاصة في الإكوادور إن التعامل الإيراني وراء إدراج البلد في قائمة FATF، مشيرة إلى اتفاق 2009 بين البنك المركزي في الإكوادور وبعض المؤسسات المالية الإيرانية. ومع ذلك، حافظت الإكوادور على أن علاقاتها مع إيران دون تغير.

وفي محاولة لاحتواء ذلك، سافر رئيس البنك المركزي الإكوادوري إلى الولايات المتحدة لتبديد المخاوف بشأن خطط البنك المركزي الإيراني إيداع 40 مليون يورو مع البنك المركزي الإكوادوري.

فيما حصلت صحيفة متليجراف على وثائق تكشف عن خطط لوضع آليات مصرفية هامة بين إيران والإكوادور، عام 2012. -أغسطس 2012، اليوم السابع-

وفي ذات العام، أصدر البنك المركزي الإكوادوري نشرة صحفية، نفى فيها الاتهامات التي أدلى بها العديد من أعضاء الجمعية الوطنية حول آلية ثلاثية للتعاون المالي التي من شأنها أن تسمح لإيران بغسيل الأموال في الإكوادور.

حيث أنه في اجتماع يناير 2012، بين نجاد وكوريا، ووفقاً للسجل الرسمي للاجتماع، اتفق الرئيسان على استخدام بنك Cofiec كحلقة مالية رئيسية بين إيران والإكوادور.

Cofiec هو بنك خاص صغير، ودائعه في حدود 20 مليون دولار يقع تحت سيطرة الحكومة منذ تسعينيات القرن العشرين. وكان الهدف الحقيقي من اتفاق الرئيسين، هو إجراء معاملات مباشرة مع إيران من خلال تجنب البنك المركزي في الإكوادور، وتوجيهها من خلال بنك لا يخضع للمساءلة العامة، وبما يسمح لإيران بتحريك الأموال دون التعرض لعقوبات الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، كان رئيس البنك المركزي الإكوادوري: دلغادو، وهو ابن عم الرئيس الإكوادوري رافاييل كوريا، المسؤول عن إدارة العلاقات السرية بين الإكوادور وإيران. وسافر إلى إيران في مناسبات عديدة عام 2012.

وقبل وصوله إلى إيران، أقام توقف في ميامي ولندن وموسكو، وعقد اجتماعات مع مكاتب محاماة مهمة للتعرف على التأثير السلبي المحتمل لتعميق علاقات الإكوادور مع إيران.

وفقاً لتقرير رسمي داخلي للبنك كوفيك، بلغ إجمالي ودائع السفارة الإيرانية قرابة 2 مليار دولار في البنك. كما تظهر وثائق داخلية مختلفة لاحقة للاجتماع الرئاسي المذكور، أن رئيس بنك كوفييك، بدأ مفاوضات مع مختلف البنوك الإيرانية لإقامة علاقة مراسلة مالية معهم.

وعقب اجتماعاته في روسيا، يبدو أن دولجادو والوفد الإكوادوري، الذي ضم أعضاء من بنك كوفييك، قد سافروا إلى إيران وعقدوا اجتماعات مع بنك باسارغاد وبنك تنمية الصادرات في إيران وسامان بانك وبارسان بنك، وشارك في كل الاجتماعات الرئيس التنفيذي لبنك كوفييك.

وقد كان الاجتماع مع بنك باسارغاد ذا أهمية خاصة؛ نظراً لأن الطرفين اتفقا على اتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء نظام مراسلة مالي. وبما أن العملة الرسمية في الإكوادور هي الدولار الأمريكي، يمكن للإكوادور أن تقدم للدولار إلى باسكاراد، إذا كان البنك يرغب بذلك.

وعلاوة على ذلك، فهناك نظام SUCRE، أو نظام التعويض الفريد الإقليمي، وهو عملة إلكترونية تستخدمها بنوك ألبا المركزية (كوبا، فنزويلا، الإكوادور، بوليفيا، نيكاراغوا) لتعويض حساباتها مباشرة دون إشراف السلطات المصرفية الدولية على حساباتها. وكان بإمكان إيران استخدام هذه الآلية لتحريك الأموال بحرية في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية خلف درع أحد البنوك الإكوادورية. –يوليو 2012، News Max-

وفي ذات السياق، اقترح رئيس البنك المركزي الايراني، خلال استقباله الوفد البنكي والتجاري الاكوادوري، افتتاح حساب مشترك بين البنكين المركزيين للطرفين من أجل إيجاد آلية بنكية مناسبة للتعاون التجاري والاقتصادي.

من جانبه، أشار مساعد رئيس البنك المركزي الاكوادوري إلى اتفاقية للتعاون البنكي موقعة بين البلدين في العام 2008، وقال إنه تم التأكيد في هذه الاتفاقية على التعاون المالي بين الطرفين، ولكن نظراً لوجود الحظر الدولي فإنها لم تنفذ بصورة مناسبة، إلا أننا نأمل الآن بعد رفع الحظر وتوفر الظروف الملائمة أن تتوسع العلاقات البنكية بين البلدين. -فبراير 2016، الوفاق أونلاين-

ووفقًا لقسم العلاقات العامة التابع لبنك CBI، على هامش زيارة الوفد الاقتصادي الإيراني المؤلفة من مسؤولين من البنك المركزي، وصندوق ضمان الصادرات الإيرانية، ومصرف تنمية الصادرات الإيرانية، ووزارة البترول، وغيرهم من النشطاء التجاريين والاقتصاديين إلى الإكوادور، برئاسة وزير الخارجية الإيراني، اتفقت الدولتان على التعاون المصرفي.

وبناء على ذلك، تم توقيع مذكرة تفاهم شاملة في القطاع المصرفي والاتفاق على المدفوعات بين البنوك بين اثنين من البنوك المركزية. –أغسطس 2016، البنك المركزي الإيراني-

 

ب-المصالح النووية:

أبرمت إيران والإكوادور صفقة بقيمة 30 مليون دولار لتنفيذ مشاريع تعدين مشتركة في الإكوادور تهدف إلى إرساء الأساس للأنشطة الاستخراجية في المستقبل. وتعكس هذه الصفقة، التي تم عقدها في ديسمبر 2009، اهتمام الرئيس كوريا، ووزارة المناجم والبترول، بتعزيز العلاقات الأوثق ذات المنفعة المتبادلة مع إيران، على مجموعة متنوعة من الجبهات ومن بينها التعدين والجيولوجيا.

ويدعو الاتفاق إلى إنشاء مركز أبحاث كيميائي معدني مشترك في الإكوادور [Laboratorio Químico-Geotécnico-Metalurgico] و "للتنفيذ المشترك للدراسة الشاملة والتحليل الطبوغرافي ورسم الخرائط [للأراضي الإكوادورية]".

في حين تمتلك الإكوادور رواسب من اليورانيوم، ومن المؤكد أن اتفاقات التعدين التي أبرمتها الإكوادور مع إيران لا تشير إلى اليورانيوم أو أي معادن أخرى.

وخصوصاً، أنه في صفقة ديسمبر 2008، عرض بنك تنمية الصادرات في إيران (EBDI) إيداع 120 مليون دولار في البنك المركزي الإكوادوري لتمويل التجارة الثنائية. وهو ما وجدت فيه وزارة الخزانة الأمريكية، مساعدة لتمويل برامج أسلحة الدمار الشامل الإيرانية. –فبراير 2011، FP-

بالمحصلة، سعت إيران للاستفادة من المعادن الاكوادورية والفنزويلية لتأمين احتياجاتها من اليورانيوم اللازم لمنشآتها النووية خاصة بعد تعرضها للعقوبات. -2015، Radio Farda-

 

ج-التهرب من العقوبات الدولية، وبناء تحالفات دولية:

أشارت صحيفة تلغراف اللندنية أنها حصلت على مستندات تثبت أن دولة الإكوادور تساعد إيران في الالتفاف على العقوبات مؤكدة أن وجود عدو مشترك للدولتين، ساهم إلى حد كبير في التقارب بينهما.

اتهم خافيير سولانا الإكوادور بزعزعة النظام العالمي للتحالف مع النظام الإيراني، وهو ما دفع الإكوادور للدفاع عن نفسها بالقول إنها مع إيران تحارب الرأسمالية الأميركية، وإن التحالف مبني على هذا الأساس وليس له علاقة بالدين أو المذاهب.

ووصلت الأمور إلى التحريض الإيراني للإكوادور لمراقبة الحدود مع كولومبيا، وهو ما أتاح لإيران المساعدة بأجهزة رادارات ومعدات لضبط الحدود بين كولومبيا والإكوادور في إطار مساعدة طهران دولة حليفة وهي الإكوادور. –أغسطس 2016، الشرق الأوسط-

 

د-المناكفة الدينية، والتبشير المذهبي:

ومن الأسباب التي تجعل إيران تهتم بأمريكا اللاتينية شعورها بالخطر من النشاط الإسلامي السني في أمريكا اللاتينية الذي تموله السعودية وتقوم به كوادر أزهرية مصرية، حسب تصريح السفير الإيراني في الإكوادور.

كما تشجع إيران مواطنيها للهجرة إلى الاكوادور، وتعلن بعض المؤسسات الحقوقية باستمرار عن الطرق البسيطة التي يستطيع المهاجر من خلالها الحصول على الجنسية الاكوادورية التي تسمح لحاملها الدخول إلى ثمانين بلداً دون فيزا وهو ضعف ما تمنحه الجنسية الإيرانية.

وفي هذا الصدد حذر مركز أبحاث الدفاع عن الديمقراطية الأمريكي من خطورة علاقات إيران مع الاكوادور في حال انتخب لنين مورينو لرئاسة الاكوادور، واستشهد بالنشاط المذهبي الإيراني حيث قال المركز إن النفوذ الإيراني بالأكوادور وصل إلى مرحلة خطيرة نشهد من خلالها تنامي نشاط المراكز الثقافية الايرانية والمبلغين الشيعة في الإكوادور بشكل واضح. -2015، تابناك-

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري