سفارات تعبّد طريق الجامعة العربية




يعتبر تصريح سامح شكري أول التصريحات العربية الواضحة التي تتحدث عن شروط عودة سوريا خارج إطار “المبادرة العربية”، وخارج نطاق المواقف السياسية العربية تجاه النظام السوري.

الدكتور عبد القادر نعناع، باحث سياسي سوري مختص في الشأن العربي، قال في حديث لعنب بلدي إن تصريحات شكري عبارة عن “حفظ ماء الوجه” في حال عجزت الجامعة العربية عن اتخاذ قرارٍ بشأن عودة سوريا إليها.


واعتبر نعناع أن إلزام النظام السوري بمخرجات “جنيف” يدل على وجود تحفظ أمريكي بشأن العودة، خاصة أن واشنطن تدعم “جنيف” وترفض أي محادثات تدور خارجها، وأضاف، “يبدو أن واشنطن تهدف إلى تأجيل موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية قليلًا، إلى حين إحداث تسويات أشمل، لذا تأتي تصريحات سامح شكري لإيجاد مخارج لاحقة".

كما أشار الباحث في الشأن القانوني العربي إلى وجود قرار ضمني لدى معظم الدول العربية بدعم عودة النظام السوري إلى الجامعة، لكنها تسعى للبحث عن دور عربي لإطلاق مسار سياسي في سوريا، في ظل نظام الأسد، وفقًا للمرجعيات الدولية وبما يتناسب مع تطلعات الأنظمة العربية.

أما فيما يتعلق بالقوانين الداخلية الناظمة لقرارات تجميد أو تفعيل عضوية أي دولة في الجامعة العربية، فيشير ميثاق الجامعة إلى أن قرارات “مصيرية” كهذه تتطلب موافقة وإجماع كل الدول الأعضاء على ذلك.

وجاء في نص المادة “7” من الميثاق أن “ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزمًا لجميع الدول المشتركة في الجامعة، وما يقرره المجلس بالأكثرية يكون ملزمًا لمن يقبله فقط".

في حين تشير المادة “18” إلى أن “أي دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدر بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها” (أي التي لا تقوم بواجباتها)، وبموجب هذه المادة تم تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.

وبحسب الباحث عبد القادر نعناع، فإن الشكل القانوني لميثاق الجامعة العربية، يشترط الحصول على موافقة كل الدول العربية لتفعيل عضوية سوريا في الجامعة، كون هذا الشأن يخص الجامعة ككل وليس شأنًا يتعلق بكل دولة على حدة، أي أن المادة “18” هي الأنسب هنا لمقاربة الوضع القانوني، على حد تعبيره.

وبما أن فصل سوريا من الجامعة العربية لم يحصل على إجماع كل الدول الأعضاء، إذ اعترضت عليه لبنان واليمن آنذاك ودخل حيز التنفيذ وفق التوازنات السياسية في الجامعة، يرى نعناع أنه من الممكن اتخاذ قرار العودة دون إجماع أيضًا وبموجب التوازنات ذاتها.

وأشار إلى أن ميثاق الجامعة ليس مضبوطًا قانونيًا بشكل واضح، بل هو نص يمكن تأويله وفق الاتجاه العام داخل الجامعة، ولدينا سوابق مهمة، أهمها قرار جامعة الدول العربية بالموافقة على العمليات العسكرية الأمريكية- الدولية لدخول الكويت ومهاجمة العراق عامي 1990-1991، رغم اعتراض دول وامتناع أخرى عن التصويت.

بغض الطرف عن القوانين “الهشة” المعمول بها في الجامعة العربية، يرى الدكتور عبد القادر نعناع أن المواقف السياسية للدول العربية، في حال تشابهت، قد تطغى على ميثاق الجامعة العربية وأي قرار يتخذ في أروقتها.

وأوضح أنه في حال تبنت معظم الدول العربية قرارًا سياسيًا فرديًا بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، خاصة دولًا رئيسية في الجامعة مثل السعودية ومصر، فإنه وفق سوابق وآليات عمل الجامعة، لن تتطلب عودة سوريا سوى قرار من قمة تونس هذا العام، بحيث يمكن للأسد المشاركة في القمة المقبلة، بحسب نعناع.

إذ إن العملية السابقة قد تتم بغض النظر عن أي اعتراضات قد تُسقِط شرط الإجماع، أي بغض النظر عن اعتراض قطر الحالي، مقابل موافقة السعودية ومصر ودول أخرى “تدفع لإعادة النظام”، وبينها لبنان والعراق والجزائر وفلسطين والسودان والأردن.

وهنا يحصل القرار على موافقة مجلس الجامعة العربية، ثم يخضع للتصويت العام، ويتم تمريره في حال حصل على الإجماع، ذلك الإجماع الذي يمكن التغاضي عنه، وفقًا لسوابق حصلت في تاريخ قرارات الجامعة.

نقلاً عن صحيفة عنب بلدي