الأوضاع الاقتصادية في لبنان: مؤشرات ونتائج

 

 


أولاً: خلاصة البحث:

تبلغ درجة الحرية الاقتصادية في لبنان 51.1، مما يجعل اقتصادها في الموقع 154 عالمياً، على في مؤشر 2019. وانخفضت النتيجة الإجمالية بمقدار 2.1 نقطة، مع انخفاض في درجات الفعالية القضائية، والحرية التجارية، وحرية الاستثمار. ويحتل لبنان المرتبة 12 من بين 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتأتي النتيجة الإجمالية أقل من المعدلات الإقليمية والعالمية.

وعموماً يعيش لبنان في ظل أوضاع غير مستقرة عامة، وإن كان الاستقرار نسبياً، إلا أن وضعه الاقتصادي مرتبط بشكل حاد للغاية بأوضاعه السياسية المحلية العصبوية، أو السياسية العربية والدولية التدخلية، وإشكالية النزاع المسلح الذي يحاول حزب الله أن يدفع به سواء مع إسرائيل أو في سورية، أو ضمن مشروعه العام، وفرض توجهات الحزب على أية حكومة كانت.

ولا يمكن القول في ظل أي معطى كان، أن الحكومة اللبنانية، منذ اغتيال رفيق الحريري، هي حكومة مستقلة بعيداً عن حزب الله، وبشكل أكثر تحديداً، منذ انقلاب حزب الله في بيروت. وتبقى قدرة الحكومات المتتالية اقتصادياً، وسياسياً وسوى ذلك، مرهونة بموافقة حزب الله أولاً، وبتوافق البرنامج مع مصالحه الخاصة في لبنان، سواء لناحية الفساد الذي يديره داخل الاقتصاد اللبناني الرسمي، أو لناحية اقتصاد الحزب الموازي لاقتصاد الدولة.

لذا ففي حال ثبات المعطيات الحالية على ما هي عليه، ودون نشوب مزيد من النزاعات المسلحة، أو دون حدوث ضغط دولي حقيقي، أو دون متغيرات دخيلة على المشهد اللبناني، فإن لبنان سيبقى في ذات المسار الاقتصادي، بل والسياسي، في الفترة القادمة، حتى عام 2020.

وأبرز مؤشرات هذه الصورة في الآونة الأخيرة:

×    بقاء نسبة العاطلين عن العمل على ما هي عليه.

×    رغم تحرك معدل الفائدة، إلا أنه انخفض بشكل طفيف.

×    انخفاض واضح في مؤشر التضخم، لكن ربما يكون موسمياً، أو متأثراً بتشكيل الحكومة حالياً، مدفوعاً بالحالة الإيجابية التفاعلية.

×    مع استمرار العجز التجاري والدين الحكومي على ما هو عليه.

×    وارتفاع محدود في الناتج المحلي.

×    وغالباً سنشهد ارتفاعاً، ولو كان محدوداً، في مؤشر أسعار المستهلك.

×    مع ارتفاع حجم القروض للمصارف.

وبالنتيجة، نؤكد على عدم قيام تغيير في المشهد الاقتصادي الحالي، مع ارتفاع محدود في كلفة المعيشة في لبنان، في ظل ثبات الظروف الأخرى، مع ارتفاع أعباء الحكومة، وعدم قيام تغيير إيجابي في مستوى الفساد، ما يعجل مزيداً من انهيار البنية التحتية والخدمات احتمالاً قوياً.

هذه الصورة، تدفع الحكومة، والقوة السياسية والطائفية باتجاهين:

v   الحصول على تمويل عربي/خليجي ودولي، لكن على المانحين أن يعلموا أن جزءً من هذا التمويل/المنح، سيذهب حتماً إلى قنوات اقتصاد حزب الله.

v   أما الاتجاه الآخر، فهو رفض تقديم أي منح جديدة، إلا وفق شروط سياسية مسبقة، وعلى رأسها تحقيق تقدم ملموس في مكافحة الفساد، بالتوازي مع الشروط الدولية، لكن هذا الاتجاه غير قابل للتحقيق على المدى القصير، ما سيدفع حزب الله إلى تشكيل مزيد من الضغط، القائم أصلاً، على حكومة الحريري.

ورغم أن إيران تمر في وضع دولي صعب للغاية، فإن تمويل حزب الله، بهدف مزيد من التحكم في المشهد اللبناني سيتراجع، لكنه لن ينقطع حالياً. ومع ذلك نقترح ضغطاً مواجهاً على الحريري، لتحقيق تقدم في مكافحة الفساد على المستويات التالية، قبل تقديم مزيد من المنح:

×    تحسين أداء المؤسسات الحكومية التي تشهد فساداً مرتفعاً، وتحديداً تلك التي تقع تحت تصرف حزب الله وحلفائه.

×    تحقيق تقدم في ضرب اقتصاد حزب الله، والقائم في جزء منه على تجارة التهريب والحشيش والسلاح.

×    تحقيق تقدم سياسي في ملف التضييق على الحزب.

وإن كانت قطر قد تهرع إلى تقديم منح بدورها، كما فعلت في موضوع السندات (سيمر لاحقاً)، لكن قطر غير قادرة على تمويل كبير حقيقي، عدا عن أن التمويل القطري هو استنزاف لقطر من جهة، وبكافة الأحوال سيذهب لحزب الله. وهو أيضاً في المشهد اللبناني، لا يشتري ولاءات طائفية محسومة منذ عقود، لا يمكن تغييرها حالياً.

 

ثانياً: الإطار السياسي للأوضاع الاقتصادية في لبنان:

يعاني لبنان من جملة إشكاليات سياسية ذات تأثير حاد للغاية في الأوضاع الاقتصادية، حيث لا يمكن قراءة تلك الأوضاع دون وضعها في هذا الإطار.

وفي مقدمتها مستوى استقرار/هشاشة الدولة، والذي وإن كان قد شهد بعض التقدم مؤخراً، إلا أن لبنان يبقى ضمن دائرة التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة، مع تداخلات خارجية أيديولوجية، قد تدفع به إلى حافة الانهيار السياسي وبالتالي الاقتصادي، أو قريباً من ذلك.

فقد مر لبنان في العقد الماضي بثلاث مراحل:

v   الأولى: شهدت تراجعاً حاداً بين عامي 2006-2008، دفعت لبنان من المرتبة 65 بين الدول المهددة بالفشل إلى المرتبة 18. ونقلته من مستوى التحذير العالي جداً، إلى مستوى الإنذار. وهي مرحلة التصعيد مع إسرائيل.

v   الثانية: حيث تحسن وضع استقرار لبنان بشكل تدريجي حتى عام 2012، وعاد إلى مرتبة الدول ذات التحذير العالي جداً، وتراجع إلى المرتبة 46 بين الدول المهددة بالفشل.

v   الثالثة: لكن هذا التراجع لم يدم، حيث فقد بعضاً منه مع عام 2012، وربما مع تدخل حزب الله العسكري إلى جانب نظام الأسد، وحتى عام 2016، حيث كاد يعود إلى مرحلة الإنذار، قبل أن يسجل تحسناً محدوداً في العامين الماضيين، لكنه ما زال في المرتبة 44 بين الدول المهددة بالفشل.

شكل رقم (1)

 


وبصورة إجمالية يمكن وضع هذا المسار، بين الفترة 2006-2018، في النقاط التالية:

×    تدهور مستوى جهاز الشرطة.

×    تدهور مستوى التعصب النخبوي.

×    تدهور مستوى المظالم.

×    تدهور مستوى الاقتصاد.

×    تحسن مستوى التنمية الاقتصادية غير المتوازنة.

×    تحسن مستوى الهجرة السكانية وهجرة العقول.

×    تدهور مستوى شرعية الدولة.

×    تدهور مستوى الخدمات العامة.

×    تدهور مستوى حقوق الإنسان وحكم القانون.

×    تحسن مستوى الضغط الاجتماعي.

×    تدهور مستوى اللاجئين والنازحين.

×    تدهور مستوى التدخل الخارجي.

الإشكالية الثانية المتعلقة مباشرة بالوضع الاقتصادي، هو ارتفاع مستوى الفساد في لبنان، وبقاؤه على هذا الحال لعدة سنوات. حيث أتى لبنان متأخراً على مؤشر إدراك الفساد، ليقع في الترتيب 138 عالمياً، وبقيمة إدراك فساد لم تتجاوز 28 نقطة (القيمة 100 هي الأقل فساداً).

شكل رقم (2)

 


والإشكالية الثالثة التي تضغط بحدة على الأوضاع الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية، هو شكل الحركة السكانية في لبنان، حيث رصد مركز Pew هذه الحركة، والتي كانت لعام 2017، على الشكل التالي:

v   هناك 1.94 مليون أجنبي يقيمون في لبنان، غالبيتهم من:

×    سورية 1.21 مليون.

×    فلسطين 510 ألف.

×    العراق 120 ألف.

×    مصر 80 ألف.

شكل رقم (3)

 


v   بينما هناك 820 ألف لبناني مقيم خارج لبنان، غالبيتهم في:

×    السعودية 140 ألف.

×    الولايات المتحدة 130 ألف.

×    أستراليا 100 ألف.

×    كندا 90 ألف.

×    ألمانيا 80 ألف.

×    فرنسا 50 ألف.

×    دولة الإمارات 40 ألف.

×    السويد 30 ألف.

×    البرازيل 20 ألف.

×    الدنمارك والمملكة المتحدة، لكل منهما: 10 آلاف.

شكل رقم (4)

 


وفقاً لمكتب البنك الدولي في لبنان، فإن تكلفة وجود اللاجئين السوريين في لبنان، قد تبلغ نحو مليار دولار بشكل مباشر وبصورة غير مباشرة نحو ملياري دولار.

غير أنه، ووفقاً للمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، وذلك في تصريح له أمام البرلمان البريطاني منذ أيام، فإن الاقتصاد اللبناني كاد أن ينهار لولا المساعدات المالية المقدمة للنازحين السوريين.

حيث إن ثلث أموال المساعدات ينفقها السوريون لشراء المنتجات الزراعية اللبنانية، وثلث آخر ينفقها السوريون لشراء منتجات عالمية في سوق لبنان.

وأضاف أن النازحين السوريين يدفعون سنوياً 400 مليون دولار آجار منازل، ويساهمون بمليون ونصف المليون دولار في اقتصاد لبنان. عدا عن أن وجودهم قد أمّن 12 ألف وظيفة عمل للبنانيين.

الإشكالية الرابعة التي تضغط على الاقتصاد اللبناني، هو ارتفاع مستوى الجريمة. حيث يسجل لبنان موقعاً أدنى من المتوسط بقليل على مؤشر الجريمة، حيث حقق 44.27 نقطة.

وعليه، بالكاد مستوى السلامة يتجاوز متوسط المؤشر عند أقل من 56 نقطة.

شكل رقم (5)

 


أما الإشكالية الخامسة، ذات الأبعاد المتعددة، فهي موقع لبنان على مؤشر بازل لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، حيث أتى في الثلث الأدنى عالمياً، متراجعاً بمعدل 0.01 نقطة، وليكون في المرتبة 42، متقدماً بخمس مراتب عن تركيا، ومتأخراً بأحد عشر مرتبة عن دولة الإمارات.

شكل رقم (6)

 


هذه العوامل السابقة، إلى جانب العوامل الاقتصادية اللاحقة، جميعها تدفع لبنان إلى أن يسجل موقعاً أدنى من المتوسط بقليل على مؤشر جودة الحياة.

شكل رقم (7)

 


رغم ذلك احتل لبنان موقعاً لا بأس به، في المرتبة 81 على مؤشر الدول الجيدة، من أصل 153 دولة، الذي أعده فريق المستشار السياسي البريطاني المستقل سيمون أنهولت. وبذلك يكون قد أتى في المرتبة الخامسة عربياً. وقد حقق المراتب التالية:

×    العلوم والتكنولوجيا: المرتبة 60.

×    المناخ والكوكب: المرتبة 103.

×    السلام والأمن الدولي: المرتبة 140.

×    النظام العالمي: المرتبة 77.

×    الرفاه والصحة: المرتبة 44.

×    الثقافة: المرتبة 86.

×    الازدهار والمساواة: المرتبة 64.

شكل رقم (8)

 


 

ثالثاً: أهم المؤشرات الاقتصادية في لبنان:

أ-المؤشرات الأساسية:

بداية بلغ إجمالي الناتج المحلي في لبنان 51.84 مليار دولار عام 2017. وتمثل قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبنان 0.08% من الاقتصاد العالمي. كما بلغ متوسط الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 23.55 مليار دولار طيلة الفترة من عام 1988 حتى عام 2017.

ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي في لبنان حدود 52.90 مليار دولار بنهاية هذا الربع، ليصعد إلى نحو 58.90 مليار دولار مع عام 2020.

وبالتالي لا يمكن التعويل على حدوث قفزة حقيقة في هذا النمو، تدفع بالوضع الاقتصادي العام إلى تحسن واضح، وتحديداً مع توسع الإنفاق الحكومي وارتفاع الدين العام كذلك.

شكل رقم (9)

 


حيث سجل لبنان ديناً حكومياً يعادل 149% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2017. وبلغ متوسط الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 153.07% في الفترة من عام 2000 حتى عام 2017.

ومن المتوقع أن يصل الدين الحكومي إلى نسبة 50% بنهاية هذا الربع، وأن يستمر طيلة الأشهر القادمة على ذلك، ليرتفع لاحقاً إلى نسبة 152% مع عام 2020.

شكل رقم (10)


 

شكل رقم (11)


 

ويترافق ذلك مع انخفاض الإيرادات الحكومية في لبنان إلى 868629 ليرة لبنانية في سبتمبر من 1179592 مليون ليرة لبنانية في أغسطس من عام 2018.

شكل رقم (12)


ورغم ذلك، ارتفع الإنفاق المالي في لبنان إلى 2445537 مليون ليرة لبنانية في سبتمبر من 1503577 مليون ليرة لبنانية في أغسطس من عام 2018.

شكل رقم (13)


لكن الملاحظة المهمة هنا، هو انخفاض الدين الخارجي في لبنان إلى 33351.20 مليون دولار في نوفمبر، من 35388.40 مليون دولار في أكتوبر من عام 2018.

شكل رقم (14)


 

فيما بقيت احتياطات الذهب في لبنان دون تغيير عند 286.80 طن في الربع الأول من عام 2019، من 286.80 طن في الربع الأخير من عام 2018.

شكل رقم (15)


ب-مؤشرات الأداء:

من المتوقع أن تكون نسبة البطالة في لبنان، في هذا الربع من العام، عند حدود 6.6%، وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن تستمر هذه النسبة حتى عام 2020، على الأقل، في حال ثبات المعطيات الحالية.

شكل رقم (16)


وفي حين يصعب الحصول على إحصاءات دقيقة من الحكومة، إلا أنه وفقاً لممثلي المجتمع المدني، فإن ثلث شباب البلد على الأقل عاطل عن العمل.

لكن لبنان يسجل عجزاً تجارياً بلغ 1322.85 مليون دولار في ديسمبر من عام 2018. فيما كان متوسط ميزان التجارة في لبنان سالباً وعند -865.83 مليون دولار، في الفترة من 1993 حتى 2018.

ومن المتوقع أن يصل عجز الميزان التجاري في لبنان إلى -1593.00 مليون دولار بنهاية هذا الربع، وصولاً إلى -1597.00، خلال 12 شهراً القادمة، وأن يستمر عند ذلك حتى عام 2020.

شكل رقم (17)


وقد ارتفعت القروض الممنوحة للبنوك في لبنان إلى 48665 مليار ليرة في ديسمبر، من 46257.80 مليار ليرة لبنانية في نوفمبر من عام 2018.

شكل رقم (18)


ورغم ذلك، انخفض رصيد القطاع الخاص في لبنان إلى 83098.90 مليار ليرة في ديسمبر من 83216 مليار ليرة في نوفمبر من عام 2018.

شكل رقم (19)


وسجل معدل الفائدة القياسي في أحدث بياناته 10%، فيما بلغ متوسط سعر الفائدة في لبنان 14.7% طيلة الفترة من عام 1997 حتى عام 2018، وفي هذه الأثناء سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 30% في يناير 1998، وأدنى مستوى له عند 10% في ديسمبر 2009.

ومن المتوقع أن يبقى سعر الفائدة عند مستوى 10% مع نهاية هذا الربع، لينخفض إلى 8% في غضون 12 شهراً، وأن يستمر ذلك حتى عام 2020.

شكل رقم (20)


ج-مؤشرات موسمية:

تعتبر تكلفة الحياة في لبنان أعلى بنسبة 2.22% منها في دولة الإمارات، دون حساب آجار السكن والذي هو أقل بنسبة 37% منه في الإمارات.  كما يسجل لبنان قيمة فوق الثلثين على مستوى الرعاية الصحية، وعند مستوى 65.1 نقطة.

لكن الملاحظ، هو انخفاض مؤشر أسعار المستهلك CPI في لبنان إلى 108.02 نقطة في ديسمبر من 109.04 نقطة في نوفمبر من عام 2018. وكان قد بلغ متوسط المؤشر 93.44 نقطة للفترة 2008-2018.

ومن المتوقع أن يرتفع بشكل طفيف للغاية إلى 109.50 نقطة بنهاية هذا الربع، وبشكل طفيف إلى 111.13 في 12 شهراً، ثم إلى 115.16 نقطة في عام 2020.

شكل رقم (21)


 

كما انخفض مؤشر أسعار المستهلك فيما يتعلق بالمنازل CPI Housing Housing Services، إلى 107.28 نقطة في ديسمبر من 108.55 نقطة في نوفمبر من عام 2018. وكان متوسطه قد بلغ 86.30 نقطة طيلة الفترة 2008 حتى 2018.

ومن المتوقع أن يصل إلى 108.47 نقطة بنهاية هذا الربع، وإلى 111.64 نقطة في 12 شهراً، ليرتفع أيضاً إلى نحو 114.07 نقطة في عام 2020.

شكل رقم (22)


أيضاً، انخفض مؤشر النقل الفرعي لسلة مؤشر أسعار المستهلكين في لبنان إلى 93.15 نقطة في ديسمبر، من 97.32 نقطة في نوفمبر، فيما كان متوسطه عند 95.79 نقطة من 2008 حتى 2018.

ومن المتوقع أن يصل إلى 97.07 نقطة بنهاية هذا الربع، ثم إلى 101.72 نقطة خلال 12 شهراً، ومنه إلى 102.09 نقطة في عام 2020.

شكل رقم (23)


غير أنه قد زادت تكلفة الغذاء في لبنان 6.18%، في ديسمبر من عام 2018 مقارنة بنفس الشهر من العام السابق. فيما بلغ متوسط معدل التضخم الغذائي في لبنان 3.15% طيلة المدة من عام 2009 حتى عام 2018.

ومن المتوقع أن يتراجع إلى 5.30% بنهاية هذا الربع، وليستمر تراجعه إلى 3.90% في 12 شهراً، وصولاً إلى نحو 2.90% عام 2020.

شكل رقم (24)


وبالعودة إلى معدل تضخم أسعار المستهلكين في لبنان، فقد تباطء إلى أدنى مستوى خلال 17 شهراً عند 3.98%، في ديسمبر 2018، من 5.83% في الشهر السابق.  وانخفضت نسبة التضخم لكل من:

×    السكن والمرافق (4.24% مقابل 6.78% في نوفمبر).

×    الطعام والمشروبات غير الكحولية (6.18% مقابل 6.69%).

×    النقل (1.14% مقابل 6.21%).

×    الصحة (2.51% مقابل 2.54%).

×    ملابس وأحذية (9.66% مقابل 13.60%).

×    بضائع ومفروشات منزلية (5.03% مقابل 5.16%).

×    الترفيه والثقافة (5.36% مقابل 6.20%).

من ناحية أخرى، كان التضخم ثابتاً في المواضيع التالية:

×    الاتصالات (عند 0.83%).

×    التعليم (عند 5.40%).

×    فيما ارتفعت الأسعار بشكل أسرع لكل من:

×    السلع والخدمات المتنوعة (2.28% مقابل 2.20%).

×    المشروبات الكحولية والتبغ (1.43% مقابل 1.39%).

وعلى أساس شهري، انخفضت أسعار المستهلك بنسبة 0.94%، بعد ارتفاعها بنسبة 0.14% في نوفمبر.

وبلغ متوسط ​​معدل التضخم في لبنان 2.65 في المائة من عام 2008 حتى عام 2018، حيث بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 11.10% في أكتوبر 2012، وسجل أدنى نسبة له عند -4.67 في المائة في سبتمبر 2015.

ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم في لبنان إلى 5.40% بنهاية هذا الربع، وفقاً لنماذج الاقتصاد الكلي العالمية وتوقعات المحللين.

وبالنظر إلى المستقبل، فإنه من المقدر أن يبلغ معدل التضخم في لبنان 3.20% في 12 شهراً القادمة. وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن يتجه نحو 2.40% في المائة عام 2020.

شكل رقم (25)


 

د-تقارير مؤسسية دولية:

في يناير الماضي، خفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين تصنيفها الائتماني للبنان، وهي المرة الأولى منذ أكثر من عقدين، مشيرة إلى المخاوف من قدرة الحكومة على دفع أو إعادة هيكلة ديونها وسط أزمة السيولة التي تزيد من مخاطر التخلف عن السداد.

حيث خفضت التصنيف إلى Caa1 من B3، ما يعكس المخاطر المتزايدة من أن رد الحكومة على زيادة مخاطر السيولة والاستقرار المالي، وسيشمل إعادة جدولة الديون أو ممارسة أخرى لإدارة المسؤولية التي قد تشكل تقصيراً بموجب تعريف وكالة موديز.

ولم يكن تخفيض وكالة موديزن مفاجئاً للخبراء الذين يراقبون التدهور الاقتصادي في لبنان، ويرى الكثير أنه ناتج عن غياب الرؤية السياسية والتدابير الاقتصادية الشعبية.

فيما زاد الانفاق بشكل حاد العام الماضي لاستيعاب ارتفاع أجور القطاع العام ومعاشات التقاعد الذي أقرته الحكومة في عام 2017. ومن المتوقع أن يقفز عجز الميزانية إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي. بينما يذهب أكثر من نصف أموال الحكومة إلى خدمة الديون، ومرتبات القطاع العام، وشراء الوقود للكهرباء، مما يترك مجالاً ضئيلاً للاستثمار.

وخاصة أن لبنان يشهد، ثالث أكبر نسبة دين إلى إجمالي الناتج المحلي في العالم، وبما يعادل 150%، ويكافح للسيطرة على موارده المالية في ظل ركود الاقتصاد والضغط من استضافة أكثر من مليون شخص من اللاجئين السوريون. في حين انخفضت عائدات السندات الحكومية في الأسابيع الأخيرة بعد أخبار شراء قطر 500 مليون دولار من السندات اللبنانية وأن السعودية ستواصل دعمها.

عدا عن أن خفض العجز المالي بخمس نقاط مئوية في السنوات الخمس المقبلة، سوف يساعد في إطلاق 11 مليار دولار من أموال المانحين التي تم التعهد بها في مؤتمر باريس في إبريل الماضي.

ففي إبريل من العام الماضي في باريس، قدم المانحون الدوليون للبنان 11 مليار دولار، وتم تعليق هذه الأموال، حيث أن تحويلها مشروط بتقديم الحكومة اللبنانية سلسلة مبدئية من الإصلاحات.

وقال البنك الدولي إنه من أجل استعادة ثقة المستثمرين والمانحين، يجب على لبنان إنهاء المأزق السياسي، فيما كانت هناك شائعات مفادها أنه إذا لم يتم حل الأزمة السياسية في وقت قريب، قد يتم إعادة تخصيص التمويل الدولي.

وقد يحتاج لبنان إلى ما يقدر بنحو 6-7 مليار دولار من تدفقات الودائع لتغطية العجز المالي واستحقاقات سندات اليوروبوند في عام 2019 دون الاعتماد على احتياطيات النقد الأجنبي، مما يقدر بنحو 4 إلى 5 مليارات دولار في عام 2018، وفقاً لمؤسسة موديز.

وهناك عاملان قويان آخران يتضمنان تاريخاً طويلاً من العمل كمركز مالي إقليمي بنظام مالي كبير، وحجم ودائع القطاع العام للحكومة التي بلغت 18% من الناتج المحلي الإجمالي أو 12% من الديون المستحقة حتى سبتمبر، وفقًا لما ذكره JPMorgan.

ونتيجة لذلك، يتوقع البنك أن يتم تمويل العجز التقديري في الموازنة والذي يبلغ 5.6 مليار دولار في عام 2019 دون اللجوء إلى أسواق رأس المال الخارجي نظراً لحجم ودائع القطاع المالي لدى البنك المركزي وحجم احتياطيات العملات الأجنبية في الأخير.

وذكر البنك أنه لا يتوقع خفضاً في قيمة العملة على المدى القريب، لكنه حذر من أن الانخفاض التدريجي في احتياطيات النقد الأجنبي ما قد يؤدي في النهاية إلى أزمة ثقة في المدى المتوسط.

وفي حال استمر الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي، فإن المساعدات الخارجية، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، يمكنها أن تصحح الصورة، خاصة بعد التعهدات الأخيرة من قبل قطر والسعودية.

يأتي ذلك مترافقاً مع أكثر من 2200 شركة ومؤسسة لبنانية تقدمت مؤخراً بطلب لإشهار إفلاسها، كما أن العديد من الشركات الأخرى قد تحذو حذوها قريباً.

لكن ما قد يشكل عاملاً فارقاً في هذه الصورة المضطربة، هو الشتات اللبناني، باعتباره عاملاً مهماً للحد من مخاطر الانهيار، كما أنه يمكن لإعادة إعمار سورية والعراق بالإضافة إلى اكتشافات الغاز المحتملة في البحر المتوسط ​​أن تعزز النشاط الاقتصادي اللبناني وتقلل من مخاوف الديون، في حين أن ضعف الدولار الأمريكي يمكن أن يوفر بعض الراحة ويقلل من الاختلالات الخارجية في غضون ذلك، وذلك فقاً لبنك جي بي مورجان.

وقد وسّع قطاع السياحة في لبنان مكاسبه في عام 2018، ليغلق بذلك سنة تاريخية جذبت عدداً من الزوار شبه المعياريين. وأظهرت الإحصاءات أن نسبة الزائرين للبنان نمت بحدود 5.8%، ووصل عددهم إلى 2 مليون، وهو ثاني أعلى معدل في فترة ما بعد الحرب الأهلية، وهذه المكاسب، تترجم إلى نمو بنسبة 6.5% في الإنفاق السياحي.

كما توقع البنك الدولي أن يرتفع حجم تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين بنسبة 4% خلال العام الحالي، مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 7.8 مليار دولار. وبذلك ستوازي مساهمتهم 14.5% من الناتج المحلّي الإجمالي لعام 2018. ويعد متوسّط تكلفة إرسال الأموال إلى لبنان من كلٍّ من أستراليا، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتّحدة الأعلى في المنطقة.

وقد حلّ لبنان في المركز الثاني إقليميّاً من حيث التحويلات الوافدة، مسبوقاً فقط من مصر، والتي يقدر أن تصل قيمة تحويلات مغتربيها في نفس الفترة إلى 25.7 مليار دولار.

وتعكس الأرقام الجديدة الخاصة بتحويلات لبنان زيادة نوعية مقارنة بالمتوسطات المسجلة خلال السنوات السابقة، حيث حققت هذه التحويلات، بحسب البنك المركزي اللبناني، متوسطاً سنوياً قدره 6.3 مليار دولار بين 2002 و2017. وارتفع متوسط قيمتها من معدل سنوي قدره 4.8 مليارات دولار خلال الفترة الممتدة بين 2002 و2007 إلى معدل سنوي قدره 7.21 مليارات دولار خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2017.

لكن هذه الأداة التي قد تشكل عامل رفع مهم للغاية، تصطدم هي الأخرى بإشكاليات تشريعية اقتصادية، فقد أصدر مصرف لبنان تعميماً يضع قيوداً محدودة على التحويلات المالية إلى لبنان عبر المؤسسات المالية غير المصرفية، إذ بات ممنوعاً على المتلقين قبض قيمة هذه التحويلات بغير الليرة. يصيب هذا التعميم تحويلات العاملين في الخارج، التي تسهم في إعالة أسرهم في لبنان. وذلك بهدف مصادرة الدولار، وإفساح المجال أمام مشاركة مؤسسات تحويل الأموال بعمليات الهندسة المالية التي يجريها مصرف لبنان مع المصارف.

 

ه-مؤشرات إضافية:

شكل رقم (26)


شكل رقم (27)


ويشهد الاستثمار الأجنبي المباشر هو الآخر تراجعاً في صافي التدفقات النقدية، وذلك من أعلى قممه عند مستوى 4.8 مليار دولار عام 2009، إلى حدود 2.56 مليار دولار عام 2017.

شكل رقم (28)


أما بالنسبة لسوق الأوراق المالية اللبنانية، فهي منذ بدايات العام الماضي، وتشهد هبوطاً متتالياً، دفع بالمؤشر إلى أدنى مستوياته منذ 5 سنوات.

شكل رقم (29)


د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري