تداعيات تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية: قراءة في التصنيف والتأثير والردود المحتملة


أولاً-في التصنيف ودواعيه:

تأتي الخطوة الأمريكية، خطوة ترامب تحديداً، في تصعيد الموقف تجاه إيران، عبر تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، باعتبارها خطوة إضافية غير مستحدثة، تأتي إلى جانب جهود أمريكية حثيثة طيلة السنوات والعقود الفائتة، بدءاً من قطع العلاقات الدبلوماسية مروراً بالعقوبات وتصنيف فيلق القدس ومؤسسات وأشخاص وميليشيات بوصفهم "كيانات إرهابية".

أي أن الفعل بحد ذاته غير مستحدث في العلاقات الثنائية، وهو ما سيسهل آلية استقراء تطورات الفترة القادمة، بناء على هذا الحدث. لكن ما هو مستحدث فعلاً أن تقوم دولة بتصنيف جيش تابع لدولة أخرى بوصفه كياناً إرهابياً، حتى الولايات المتحدة التي تضم قائمة الكيانات الإرهابية التي أصدرتها قرابة 76 كياناً، لم تشمل يوماً جيشاً حكومياً/نظامياً.

وتتنوع التفسيرات التي تم طرحها حول أسباب التصنيف ودواعيه، ويمكن أن نؤطرها في الاتجاهات التالية:

-       اتجاه لم يحاول تبريريها، بل وجدها منطقية ضمن مسار العلاقات، والتصعيد الأمريكي الأخير، مع ارتفاع مساعي الولايات المتحدة إلى إعادة ضبط منطقة الشرق الأوسط، عبر إخراج القوات الإيرانية من سوريا والعراق، ونرى أن هذا تفسير محق على الأرجح.

-       اتجاه وجدها دعماً انتخابياً من قبل ترامب لنتنياهو، على اعتبار أن هذه الخطوة أتت بعد ضغط إسرائيلي على الولايات المتحدة، لكننا نجد ذلك تفسيراً هشاً غير منطقي تماماً، وإن كان توقيت الإعلان، وليس مضمونه، قد يتطابق بشكل محدود مع التفسير.

-       اتجاه تبسيطي، يرى أن الولايات المتحدة اكتشفت مؤخراً، أن إيران لم تلتزم بما تم فرضه عليها، وأن حرسها الثوري ما زال منخرطاً في عمليات المنطقة، لذا ذهبت الولايات المتحدة إلى ذلك، لكن هذا التفسير يتجاهل تاريخ العلاقات وطبيعة مشروع ترامب. وتأتي بعض تصريحات المسؤولين الأمريكيين في هذا السياق، بشرح ما اكتشفته الولايات المتحدة.

فعلى سبيل المثال، قال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، إن إيران ترسل نحو 700 مليون دولار لحزب الله، فيما كانت ترسل نحو 200 مليون دولار للحزب قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. كما ترسل نحو 100 مليون دولار سنويا إلى حركة حماس في قطاع غزة سنوياً.

وحيث أننا نميل إلى الاتجاه الأول، فإننا نعتقد أن مشروع ترامب الرامي إلى فرض شكل جديد من التسويات في الشرق الأوسط، لم يقم حتى الآن على قاعدة المواجهة العسكرية المباشرة، أي أنه كسر القاعدة المعمول بها في السياسات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية (لكل رئيس حربه).

ورغم الخطاب الحاد الذي يتبناه ترامب منذ حملته الانتخابية، تجاه كافة القضايا الخارجية، وعلى رأسها إيران، إلا أنه ما زال يعمل بأسلوب الضغط الشديد، بغية الحصول منهم على هدفين:

-       ابتزاز الخصم قدر الإمكان، والحصول منه على تنازلات بحدودها القصوى.

-       أو محاصرة الخصم وإنهاكه عبر هذه الضغوط، ودفعه نحو الانهيار الذاتي (فنزويلا)، أو نحو العودة إلى النقطة السابقة (كوريا الشمالية).

وفق هذه المعطيات، من المفترض أن نشهد مزيداً من التصعيد التدريجي في خطاب/سلوك ترامب تجاه إيران، مع تحشيد المنطقة عسكرياً/تحالفات، ليس بهدف المواجهة المباشرة حالياً، بقدر ما هي أداة من أدوات ترامب في تصعيد الضغط على إيران.

 

ثانياً-التأثير المتوقع في الحرس الثوري وامتداداته:

قبل الخوض في وضع سيناريوهات التأثير المحتمل الذي من المفترض أن يقع في إيران وحرسها الثوري، لابد من التذكير بأن التقديرات تشير إلى أن الحرس الثوري يضم بين 100-150 ألف عنصر مسلح، وقام بتجهيز 200 ألف مسلح في عموم الشرق الأوسط، وينتشر عناصره في السفارات الإيرانية على امتداد العالم.

كما يشرف الحرس الثوري على البرامج الصاروخية البالستية الإيرانية، وبرامج الأسلحة غير التقليدية (الكيماوي والنووي)، وجهازاً استخباراتياً خاصاً به، داخل إيران وخارجها، عدا عن إحكامه السيطرة على الاقتصاد الإيراني. وإن كانت تختلف نسبة هذه السيطرة التي ترى المصادر الحكومية الأمريكية أنها تصل إلى 20٪ من الاقتصاد الإيراني، في حين تقدرها بعض مصادر المعارضة الإيرانية بأنها قد تصل إلى 80٪ عبر "العقود من الباطن".

في حين يسيطر الحرس الثوري على نسبة قد تصل إلى 20٪ من الاقتصاد العراقي، ويمكن ملاحظة كيف أنه ربط اقتصاد النظام السوري بهيمنته لعقود قادمة، عدا عن تحكم ميليشياته في لبنان واليمن بقسم مهم من اقتصاد البلدين.

ويمتلك الحرس الثوري"، بحسب باحثين في الشأن الإيراني، أكبر ذراع اقتصادي في الإقليم من خلال مؤسسة "خاتم الأنبياء" التي ينضوي تحتها أكثر من 853 مؤسسة تعمل في الطاقة والاتصالات والإعمار، ولديها وكالات تجارية ومراكز تجارية وفنادق وشركات طيران وبنوك، وشركات صرافة ومؤسسات إعلامية على امتداد إيران وخارجها، وهذا يعني أن الملايين الذين يعملون في مؤسسات تابعة للحرس أو مرتبطة بالحرس سيتحولون إلى جيش من الإرهابيين من وجهة النظر الأميركية ([1]).

كما أن شركة "خاتم الأنبياء" تتعامل مع 5000 مقاول وتاجر، وتضم نحو 650 ألف موظف داخل إيران فقط، وبالتالي اعتبار كل هذه المؤسسات "إرهابية"، فإن ذلك سيؤدي إلى شلل الاقتصاد داخل إيران وإيقاف كثير من برامج التنمية الإيرانية، بسبب سيطرة الحرس الثوري على تلك البرامج.

وعليه نضع سيناريوهات التأثير وفق الشكل التالي:

-       الاتجاه الأول، وفيه يرى بعض المحللين أن هذه الخطوة الأمريكية، هي خطوة إعلامية لا أكثر، بهدف خلق ضغط ظاهري، وأن الولايات المتحدة لن تتخذ إجراءات حقيقية في تطبيق وصف "الإرهاب" على الحرس وقياداته، وأنها لن تساوي على سبيل المثال بين قائد الحرس الثوري وبين أبو بكر البغدادي زعيم داعش. لكن هذا التحليل يتجاهل أن الولايات المتحدة سبق وأن صنفت قيادات ومؤسسات إيرانية بأنهم إرهابيون وفرضت عليهم عقوبات.

-       الاتجاه الثاني، ونميل معه، وهو أن الولايات المتحدة امتلكت سنداً قانونياً أمريكياً، يسمح لها بتصعيد الموقف متى شاءت تجاه إيران، بمعنى أنها لن تقدم مباشرة على تطبيق ما يعنيه وصف "الإرهاب"، بانتظار تجاوب/تنازل من قبل القيادات الإيرانية، وإن لم تجد ذلك، فستقوم بالتصعيد المعتاد كما في العامين الأخيرين.

وهنا يمكن الاستفادة من بعض التصريحات الأمريكية، حيث وصف وزير الخارجية الأمريكي، قائد فيلق القدس: قاسم سليماني، بـ "الإرهابي"، مؤكداً أنه سوف تتم ملاحقته هو والحرس الثوري مثل أي منظمة إرهابية: "قاسم سليماني يحمل دماء الأمريكيين على يديه.. مثل القوات التي يرأسها"، مؤكداً أن الولايات المتحدة مصممة على ملاحقة أي منظمة أو مؤسسة أو شخص تسبب بمقتل أمريكيين ([2]).

وأضاف أن واشنطن بذلت مجهوداً كبيراً خلال أول سنتين من عمل إدارة ترامب لـ "تخفيض المخاطرة بأن يفقد أي أمريكي حياته بيد قاسم سليماني أو جماعته". وأشار إلى أن تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية "سوف يحمي أرواح الأمريكيين، ويخلق استقراراً أكثر وأمناً في الشرق الأوسط". وشدد: "لا يمكن أن يعم السلام والاستقرار والأمن بالشرق الأوسط من دون إضعاف الحرس الثوري الإيراني".

-       الاتجاه الثالث (الاتجاه الحاد)، وهو الذي يربط القرار الأمريكي بمساعي بناء حلف عربي-أمريكي لمواجهة إيران في المنطقة، ويرى هذا الاتجاه أن القرار الأمريكي هو حالة تحضيرية لعلميات سياسية وعسكرية في المنطقة لضرب الحرس الثوري وإيران، بما يمكن إضافته إلى مسار "الحرب على الإرهاب".

وسواء أقدمت الولايات المتحدة على تفعيل قرارها، أو تجميده مؤقتاً، فإن هذا القرار بات تهديداً حقيقياً لإيران وعلاقاتها الخارجية ولكل المتعاملين معها، حيث أن مجرد توريد مواد استهلاكية لمؤسسة من مؤسسات الحرس الثوري، مثلاً، فإن ذلك يعني التعامل مع كيان إرهابي، يعرض أصحابه لعقوبات قد تصل إلى السجن 20 عاماً وفق القانون الأمريكي.

عدا عن أن الولايات المتحدة، إن ارتأت تفعيل القرار، فإنها ستدفع بالتأكيد حلفاءها على امتداد العالم إلى تبنيه، أو تفرض ذلك عليهم، عدا عن احتمال تحويله إلى مشروع دولي/أممي، مع مساعي فرضه عبر قرار من مجلس الأمن، مع صعوبة تحقيق ذلك حالياً، نتيجة الفيتو الروسي والصيني المفترض مسبقاً.

عدا عن أن القرار الأمريكي، قد يؤدي إلى اضطرابات في العلاقات الدبلوماسية الدولية، مع الدول التي تتعامل مع إيران، وبطبيعة الحال، سيطال حلفاء إيران من الدول والميليشيات على السواء.

لكن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز National Interest الأميركي، يعتقد أن "القرار سيكون له عواقب محتملة، ليس فقط على الجنود الأميركيين في المنطقة، بل على علاقة الولايات المتحدة بشركاء مثل العراق". وأضاف أن "الاحتمال الأكثر إثارة للقلق، هو أن يكون هذا بمثابة ذريعة لإدارة ترامب، لافتعال حرب مع إيران ([3])".

وسيؤثر القرار بشكلٍ رئيس على مصادر دخل الحرس الثوري، وبالتالي على الدولة ككل، كما أنه سيعزز من قوة الأطراف السياسية الإيرانية الرافضة للتفاوض مع الولايات المتحدة. ومن شأنه أن يُقلص أيضاً من قدرة الحرس الثوري على المناورة والفعل الخارجي، مما قد يحد من نفوذه الداخلي والخارجي.

وظيفة أخرى يمكن أن نضيفها للقرار، وهي توفير مشروعية قانونية لاستهداف القوات الإيرانية العاملة في الشرق الأوسط، باعتبارها قوى إرهابية، سواء بشكل مباشر أو عبر إسرائيل والقوى الحليفة.

بل إن البعض ربط تصعيد القصف الإسرائيلي لمواقع القوات الإيرانية في سوريا مؤخراً، وفيتو ترامب لصالح استمرار التنسيق الأمريكي-العربي في اليمن، ضمن سياق تصنيف الحرس الثوري كياناً إرهابياً.

وبالمحصلة، وقبل وضع سيناريوهات للأفعال المتوقعة وردود الفعل عليها، يمكن القول إن الولايات المتحدة تسعى إلى:

إجبار الحكومة الإيرانية على إلغاء مؤسسات الحرس الثوري كلياً، ودمجها بالجيش الإيراني، بعد سحب تدخلاتها من معظم المنطقة أو كلها، والجلوس إلى مائدة مفاوضات، بما يتناسب مع المصالح الأمريكية، ووفق النهج الذي تم مع كوريا الشمالية، وهو ما يبدو صعب التحقيق على المدى القصير أي خلال عام من تاريخه، حيث لن تقبل إيران بذلك، في حال استمرار المعطيات على ما هي عليه، دون حدوث متغيرات داخلية أو خارجية تعيد ترتيب المشهد بأسره (أي أن هذه الفرضية تطبق في حال جمود المشهد الحالي).

 

ثالثاً-في سيناريوهات ردود الفعل:

تتباين التوقعات أيضاً حول الخطوات القادمة التي سيقوم بها كل من الطرفين، ففي حين نميل إلى الاتجاه القائل بتصعيد أمريكي تدريجي، مع ردود فعل إيرانية متوافقة مع التصعيد، بل وحتى ربما تكون غير مباشرة، عبر محاولة ضرب مصالح الولايات المتحدة من خلال أدوات الحرس الثوري في المنطقة. وهذا يتناسب مع ما جرى حتى الآن من ردود فعل إعلامية تندرج ضمن الخطاب الشعبوي الإيراني لا أكثر، كما فعلت بتصنيف إيران للقوات الأمريكية بأنها إرهابية، أو إخراج مظاهرات منظمة مسبقاً تأييداً للحرس الثوري، أو النية في إجراء استفتاء حول شعبية الحرس، أو تهديدات "إعلامية لا أكثر" بعمليات عسكرية ضد المصالح الأمريكية.

إلا أن اتجاهاً آخر يرى أن الحرس الثوري سيبادر بدوره إلى تصعيد الموقف استباقياً، من خلال ضرب المصالح الأمريكية، وأن ما يجري إعلامياً هو تحضير حقيقي للمواجهة، لكن تاريخ الحرس الثوري وسلوكه العسكري، تظهره أكثر عقلانية من ذلك، حيث لم ينخرط في مواجهة لم يكن قادراً على الدخول فيها مطلقاً، بل يستخدم أدواته بشكل براغماتي أكثر منه شعبوي. نستدل على ذلك من مسار التصريحات الإيرانية العليا، وعلى رأسهم قائد الحرس الثوري، اللواء محمد علي جعفري.

حيث قال إن ردّ إيران سيكون "متبادلاً"، مما يشير إلى أن أي انتقام سيكون متناسباً مع خطوة واشنطن. وأوضح أيضاً أن ردّ الفعل الإيراني سيكون "قائماً على سياسات تأسيس الجمهورية الإسلامية"، وهو الشعار التقليدي الذي تستخدمه طهران للإشارة إلى أنها سوف تمتنع عن اتخاذ تدابير قاسية مراعيةً "مصالح النظام".

وحتى عندما كان وضعها الداخلي أكثر هدوءاً بكثير، امتنعت إيران عن الانتقام بقوة من العقوبات الأمريكية. وكان هذا هو الحال عندما هددت باستهداف القواعد والقوات الأمريكية الموجودة ضمن "مسافة تبعد 1000 كيلومتر عن إيران" إذا أقر الكونغرس الأمريكي "قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات".

وقد أصبح مشروع القانون واسع النطاق قانوناً في عام 2017، لكن تهديد طهران لم يتحقق قط. وامتنع النظام أيضاً عن اتخاذ أي خطوة عندما فرضت الحكومة الأمريكية سابقاً عقوبات على الحرس الثوري تحت إطار انتشار الأسلحة (2007)، وانتهاكات حقوق الإنسان (2011)، ودعم الإرهاب (2017). ولسنوات قبل إعلان ترامب عن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية، منعت هذه العقوبات بشكل أساسي المواطنين الأمريكيين من التعامل بأي شكل من الأشكال مع الحرس الثوري والجهات التابعة له، وحظرت استعمال الدولار الأمريكي في المعاملات الأجنبية معهم ([4]).

ما يشجعنا على التأكيد على خيارنا الأول، هو مستوى التدهور الاقتصادي الحاد جداً وغير المسبوق الذي تعيشه إيران من جهة، وارتفاع حالة السخط العام بما ينذر بتآكل شرعية النظام الإيراني، عدا عن الانهاك العسكري (حتى الرمق الأخير)، الذي تعاني منه إيران على امتداد الشرق الأوسط.

ويصيغ Omer Cami، في دراسته، مجموعة من ردود الفعل العسكرية المتوقعة من قبل إيران، رغم تحفظنا على بعض منها، أو أننا لا نرى أن إيران ستلجأ إليها مباشرة وبشكل استباقي، بل غالباً كرد فعل، وبشكل متفرق. وهي:

-       إطلاق صواريخ، وتنفيذ مناورات، لإبراز قدرة الحرس الثوري (أي تدريبات وليس مواجهات).

-       رفع وتيرة مضايقة القوات البحرية الأمريكية في الخليج العربي.

-       احتجاز مواطنين أجانب بتهمة التجسس، لمساومة الولايات المتحدة عليهم، وبشكل أخص، أولئك الأفراد ذوو الصلة بالجيش الأمريكي (الإرهابي وفق التعبير الإيراني).

ونلحظ أن Omer Cami يعود ويؤكد أنه على الرغم من أن أي تصعيد إيراني أوسع نطاقاً يبدو أقل ترجيحاً في الوقت الراهن، إلا أن النظام يملك أدوات وكالة متنوعة تحت تصرفه للانتقام من القوات والقواعد الأمريكية في المنطقة. ويُعتبر بعض عناصر الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا مرشحين محتملين لتنفيذ هجمات بواسطة قذائف هاون أو عبوات ناسفة، في حين يمكن تكليف الحوثيين في اليمن بتوجيه ضربات صاروخية. وسيتيح هذا النوع من الانتقام لطهران تنفيذ تهديداتها مع الحفاظ في الوقت نفسه على قدر من الإنكار، لكنه قد يزيد من احتمال التصعيد مع الولايات المتحدة.

وهو ما يتفق مع رؤية المعارض الأحوازي يعقوب سعيد، فقد حذر من رد الحرس الثوري "الذي قد يكون أكثر جرأة، عبر محاولات خلق أزمات وتصعيد عسكري يقوم به وكلائه في العراق ولبنان وسوريا، والذي سيستهدف في المقام الأول عرقلة جهود العراق في عملية إعادة بناء مؤسسات الدولة ([5])".

أما Colin P. Clarke and Ariane Tabtabai فيريان أن إيران تسعى الآن للرد بتصعيد التوترات ضد الجيش الأمريكي، وأن لديها عدة خيارات. هي ([6]):

-       التركيز إما على المناطق التي يوجد فيها الحرس الثوري الإيراني بالفعل وجوداً مباشراً، أو في الأماكن التي يكون فيها لعملائه نفوذ فيها، وخصوصاً في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

-       استهداف المدنيين الأميركيين في الخارج، إما بشكل مباشر أو من خلال العمل بالوكالة. ويرشحان حزب الله تحديداً للقيام بهذه المهام.

-       ويريان أيضاً أنه يمكن لإيران أن تشن هجوماً باستخدام وحدات الحرب الإلكترونية في الحرس الثوري الإيراني، أو التجسس

-       كما يضيفان أن الولايات المتحدة قد تعاني من تداعيات دبلوماسية بسبب تصنيف إيران للقيادة المركزية الأمريكية كمجموعة إرهابية، وبالتالي فإن ما قد يكون سوء تفاهم بسيط بين الخصمين يمكن أن تصبح سبباً لزيادة الاحتكاك بينهما.

أما Maysam Behravech، فيخلص إلى ما سبق وأن أكدناه، بل يبدو واثقاً من غياب قدرة الحرس على الرد. حيث يرى أنه رغم التوترات المتصاعدة بالفعل بين واشنطن وطهران، إلا أن فرص استهداف الحرس الثوري الإيراني مباشرة للقوات الأمريكية بالانتقام هي "صفر تقريباً"، وذلك نقلاً عن سجاد عابدي، المحلل البارز في مركز الأبحاث للدفاع والأمن القومي الإيراني، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمركز الأعلى مكتب القائد آية الله علي خامنئي. لكنه يضيف أنه في الوقت نفسه، قد يعتمد الحرس الثوري على "قوى رمادية"، وهم المعارضون لما يسمى "أعداء إيران"، وليس بالضرورة حلفاء طهران، لتخريب الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة ([7]).

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري

 

للمزيد حول موضوع الدراسة هذه، يمكن قراءة مزيد من التحليلات في الدراسات التالية:

 

Colin P. Clarke and Ariane Tabtabai, “The Revolutionary Guards Are Ready to Strike Back”, Foreign Policy, 11 April 2019:

https://foreignpolicy.com/2019/04/11/the-revolutionary-guards-are-ready-to-strike-back/

 

Natasha Turak, “How Trump’s Terrorist Designation of Iran’s Revolutionary Guard Impact Its Economy”, CNBC, 12 April 2019:

https://www.cnbc.com/2019/04/12/trump-terrorist-designation-of-irans-irgc-the-economic-impact.html

 

Maysam Behravech, “How Will ‘Terrorist’ Designation For The Revolutionary Guard Affect Iran?”, Middle East Eye, 12 April 2019:

https://www.middleeasteye.net/opinion/how-will-irgc-terrorist-designation-affect-iran

 

Omer Cami, “The IRGC” Designation Couldn’t Come at a Worse Time for Iran”, The Washington Institute, 9 April 2019:

https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-irgc-designation-couldnt-come-at-a-worse-time-for-iran



([1]) للاطلاع بشكل أوسع حول ذلك، انظر مثلاً: _____، "استثمارات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ومصيرها عقب العقوبات الأمريكية"، زمان الوصل، 13 إبريل 2019.

([2]) _____، "بومبيو عن قاسم سليماني: إرهابي وسنلاحقه هو وجماعته"، العربية نت، 9 إبريل 2019.

([3]) كريم مجدي، "تصنيف الحرس الثوري: إيرانيون يباركون"، الحرة، 9 إبريل 2019.

([4]) Omer Cami, “The IRGC” Designation Couldn’t Come at a Worse Time for Iran”, The Washington Institute, 9 April 2019:

([5]) كريم مجدي، "تصنيف الحرس الثوري: إيرانيون يباركون"، الحرة، 9 إبريل 2019.

([6]) Colin P. Clarke and Ariane Tabtabai, “The Revolutionary Guards Are Ready to Strike Back”, Foreign Policy, 11 April 2019.

[7] Maysam Behravech, “How Will ‘Terrorist’ Designation For The Revolutionary Guard Affect Iran?”, Middle East Eye, 12 April 2019.