السنغال: محددات أساسية وعلاقات خارجية

 



أولاً-المستجدات السياسية والأمنية:

تعد السنغال واحدة من أكثر الديمقراطيات الانتخابية استقرارًا في أفريقيا، وقد خضعت لعملية انتقال سلمي للسلطة بين الأحزاب المتنافسة منذ عام 2000. ومع ذلك، فقد أدت المقاضاة ذات الدوافع السياسية لزعماء المعارضة والتغييرات في القوانين الانتخابية إلى الحد من القدرة التنافسية للمعارضة في السنوات الأخيرة.

تشتهر البلاد بوسائل الإعلام المستقلة نسبيًا وحرية التعبير، على الرغم من أن قوانين التشهير تستمر في تقييد حرية الصحافة.

فيما تشمل التحديات المستمرة الأخرى الفساد في الحكومة، وضعف سيادة القانون، والحماية غير الكافية لحقوق المرأة ومثليي الجنس.

وتحتل البلاد مرتبة مرتفعة على مؤشر الحرية، الصادر عن Freedom House، حيث تصنف دولة حرة، مع مجمل نقاط بلغ 72 نقطة، وقيمة مؤشر عند 2.5 نقطة، مع نقطتين للحقوق السياسية، وثلاث للحريات المدنية، وهي بذلك تأتي في ذات التصنيف مع كثير من الدول الديموقراطية.

شكل رقم (1)


غير أن هذه الديموقراطية الإفريقية، ما تزال تشهد عدة عثرات، تؤثر سلباً في أداء النظام السياسي، ففي مارس 2018، أُدين أحد أبرز المعارضين السياسيين للرئيس سال، رئيس بلدية داكار وخليفة سال السابق، بالاختلاس، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. ووفقًا لجماعات حقوق الإنسان، انتهكت المحاكمة حقوق المدعى عليه في المحاكمة وفق الأصول القانونية.

وعلى مدار العام الماضي، شنت الحكومة حملة صارمة على حقوق التجمع من خلال حظر الاحتجاجات في لحظات سياسية متوترة، ورفضت التصريح لعدد من المظاهرات، في حين قامت بتفريق التجمعات السلمية بعنف.

من جهة ثانية، ما زال مرشحو المعارضة يواجهون تباينات مالية كبيرة عند التنافس مع أصحاب المناصب. فلا يوجد تمويل عام للأحزاب السياسية، في حين أن الجماعة الحاكمة توزّع مجموعة كبيرة من موارد الدولة للحصول على الدعم، في حين يضطر قادة المعارضة في كثير من الأحيان إلى الاعتماد على الثروة الشخصية لتمويل عمليات الحزب.

وقد أدى القانون الانتخابي جديد، إلى عرقلة وصول مرشحي المعارضة إلى صناديق الاقتراع، كما أدت الملاحقات السياسية ضد المعارضين البارزين للرئيس إلى خفض القدرة التنافسية لأحزاب المعارضة.

من جهة ثانية، زاد قانون الصحافة السنغالي المثير للجدل لعام 2017، من العقوبات على جرائم التشهير، ويسمح القانون للسلطات بإغلاق وسائل الإعلام دون موافقة قضائية، ويمكّن الحكومة من حظر محتوى الإنترنت الذي تراه "مخالفًا للأخلاق".

ورغم أن السلطة القضائية مستقلة رسمياً، لكن الرئيس يسيطر على التعيينات في المجلس الدستوري ومحكمة الاستئناف ومجلس الدولة. بينما يكون القضاة عرضة لضغوط من الحكومة بشأن المسائل التي تنطوي على مسؤولين رفيعي المستوى.

وطوال عام 2018، دعا اتحاد القضاة السنغالي إلى إصلاح المجلس الأعلى للقضاء، الذي يوصي بتعيينات قضائية في السلطة التنفيذية. حيث يرأس المجلس الرئيس ووزير العدل، ويزعم النقاد أنه يعرض استقلال القضاء للخطر.

وفي هذا السياق، مُنع عدد من الأشخاص المتهمين بالإرهاب من الاتصال بمحامين واحتُجزوا لأكثر من 48 ساعة قبل مقابلة القاضي خلال عام 2018، وما زال الاحتجاز المطول قبل المحاكمة يمثل مشكلة أيضًا.

وواجه زعماء المعارضة أيضًا محاكمات جائرة في السنوات الأخيرة. وفي يونيو 2018، وعليه فقد قررت محكمة العدل التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) أن الاحتجاز الوقائي لخليفة سل كان تعسفياً، وأن حقوقه في الاستعانة بمحام وافتراض البراءة قد انتهكت.

وفي نفس السياق أيضاً، يتم حماية الأفراد بشكل عام من الاستخدام غير المشروع للقوة البدنية، ومع ذلك، فإن السجون السنغالية مكتظة، وقد وثقت مجموعات حقوق الإنسان حوادث الإفراط في القوة والمعاملة القاسية من قبل سلطات السجن.

وقد جاءت السنغال في مواقع متوسطة، وفوق المتوسطة، في مؤشرات العدالة الصادرة عن منظمة World Justice Project، فكانت في:

-       المرتبة 51 عالمياً، في القيود المفروضة على الحكومة، وأفضل سابع دولة في إقيليمها (إفريقيا جنوب الصحراء).

-       المرتبة 50 عالمياً، في غياب الفساد، والرابعة إقليمياً.

-       المرتبة 85 عالمياً، في انفتاح الحكومة، والحادية عشرة إقليمياً.

-       المرتبة 52 عالمياً في الحقوق الأساسية، والخامسة إقليمياً.

-       المرتبة 76 عالمياً في النظام والأمن، والعاشرة إقليمياً.

-       المرتبة 46 عالمياً، في القوة النظامية، والسادسة إقليمياً.

-       المرتبة 53 عالمياً، في العدالة المدنية، والسابعة إقليميا.

-       المرتبة 65 عالمياً، في العدالة الجنائية، والتاسعة إقليمياً.

شكل رقم (2)


ويتفق ذلك مع موقعها على مؤشر الجريمة والأمان الصادر عن منظمة NUMBEO، حيث تأتي أيضاً في مرتبة متوسطة تقريباً، مع أن مؤشر الجريمة ما زال متراجعاً قليلاً.

شكل رقم (3) 


ولا تخلو البلاد من اضطرابات أمنية، حيث كانت اشتباكات بين موالين ومعارضين للرئيس الحالي قد أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة 8 أخرين، خلال هجوم تعرض له صحفيون في الحملات الدعائية السنغالية في مدينة تامباكوندا على بعد 400 كم شرقي السنغال، في فبراير الماضي.

وأعلن وزير الخارجية السنغالي، أن حكومة بلاده ستجري تحقيقا حول أحداث العنف التي شهدتها الحملات الدعائية الممهدة للانتخابات في مدينة تامباكوندا شرقي السنغال والتي أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين.  (اليوم السابع، فبراير 2019)

وقد أسفرت تلك الانتخابات، عن فوز الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال (تحالف بينو بوك ياكار) بولاية ثانية مدتها خمس سنوات، بنسبة 58.27 في المائة من الأصوات المعبر عنها، وجاء في المرتبة الثانية إدريسا سيك (تحالف رومي المعارض)، الذي حصل على 20.50 ٪؜ من الأصوات، بينما حصل على المرتبة الثالثة عصمان سونكو (تحالف باستيف) بنسبة 15.67 في المائة. أما عيسى سال (حزب الوحدة والتجمع) وماديكي نيانغ، وزير الخارجية الأسبق المنشق عن الحزب الديمقراطي السنغالي، فحصلا على التوالي 4.07 في المائة و1.48 في المائة. (مارس 2019، أخبار الآن)

فيما لا يزال الفساد يمثل مشكلة خطيرة، وغالباً ما يتصرف المسؤولون رفيعو المستوى دون عقاب. كما تطبق هيئات مكافحة الفساد القانون بشكل غير متساوٍ، ويُنظر إليها أحيانًا على أنها ذات دوافع سياسية. على سبيل المثال، نظر العديد من المراقبين إلى قضية الفساد ضد خليفة سل على أنها محاولة لتحييد أحد أقوى المعارضين للرئيس.

وتعمل الحكومة عمومًا بانفتاح، على الرغم من وجود مشكلات تتعلق بالمنافسة والشفافية في منح العقود الحكومية. وتقوم الحكومة في كثير من الأحيان بمنح العقود دون أي عملية مناقصة رسمية ولا تقوم دائمًا بإعلان عقودها أو الاتفاقيات الثنائية علنًا قبل التوقيع عليها.

وقد سجلت السنغال قيمة متوسطة على مؤشر إدراك الفساد الصادر عن منظمة Transparency International، وأتت في المرتبة 67 لناحية الأكثر فساداً.

شكل رقم (4)


ويمتد الفساد إلى أعلى المستويات، وعلى سبيل المثال، أعلن على سال شقيق الرئيس السنغالي ماكى سال، استقالته من منصبه بالحكومة، وذلك بعد اتهامه بالتحايل بشأن عقود للغاز الطبيعي. حيث تلقت شركة يديرها سال 250 ألف دولار سراً عام 2014 من فرانك تيميش وهو رجل أعمال فازت شركته تيميش كوربوريشن في ذلك العام بترخيص استغلال حقلي غاز بحريين كبيرين.

وكان للقضية تداعيات دولية أيضا، حيث وافق شركة BP البريطانية للطاقة وافقت في عام 2017 على دفع 250 مليون دولار لتيميش مقابل حصة في الترخيصين علاوة على مدفوعات امتياز بنحو عشرة مليارات دولار على مدار عقود. (اليوم السابع)

أما على المستوى الاجتماعي، فيبلغ تعداد السكان فيها، قرابة 15 مليون نسمة، يشكل المسلمون 96 في المائة من السكان، ولغتها الرسمية هي الفرنسية، في حين لا يوجد دين للدولة، وحرية العبادة وممارستها محمية دستوريا.

بينما لا يزال نظام الطبقات سائدا بين العديد من الجماعات العرقية في السنغال، ويتعرض أفراد الطبقات الدنيا للتمييز في التوظيف. وتواجه النساء اللامساواة المستمرة في التوظيف والرعاية الصحية والتعليم.

وتشير إحصائيات عام 2017، إلى أن:

-       هناك قرابة 270 ألف أجنبي في السنغال، معظمهم من: غوايانا (50 ألف)، موريتانيا (50 ألف)، مالي (30 ألف)، غوينيا باسو (30 ألف)، فرنسا (10آلاف)، سيراليون (10 آلاف).

-       في مقابل 560 ألف سنغالي على امتداد العالم، معظمهم في: غامبيا (130 ألف)، فرنسا (120 ألف)، إيطاليا (90 ألف)، إسبانيا (50 ألف)، الولايات المتحدة (40 ألف).

حيث يتمتع المواطنون عمومًا بحرية الحركة ويمكنهم تغيير أماكن إقامتهم وعملهم ومؤسستهم التعليمية دون قيود شديدة، على الرغم من أن تهديد الألغام الأرضية ونشاط المتمردين قد أعاق السفر عبر أجزاء من منطقة كازامانس.

فيما انخفضت معدلات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بسبب حملات تثبيط هذه الممارسة، لكنها لا تزال تمثل مشكلة. وقد أطلقت الحكومة خطة للحد من الزواج المبكر في عام 2016، بالنظر إلى أن واحدة من كل ثلاث فتيات سنغاليات يتزوجن قبل سن 18 عامًا.

في حين أن الاغتصاب والإيذاء المنزلي شائعان ونادراً ما يعاقب عليهما. بينما لا يسمح القانون بالإجهاض إلا لإنقاذ حياة المرأة، ويصعب إجراء عمليات الإجهاض لأسباب طبية.

ولا يزال الاتجار بالجنس مصدر قلق، على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية قد زادت من جهودها لمحاكمة الجناة. ومع ذلك، فإنه من الصعب تمييز متانة إنفاذ القانون، لأن الحكومة لا تنشر السجلات المتعلقة بالقبض على الاتجار بالجنس والمحاكمات.

كما كان النزاع الانفصالي منخفض المستوى في منطقة كازامانس مستمرًا في نهاية العام الماضي، وبعد عدة سنوات من العنف المنخفض الذي أعقب وقف إطلاق النار بحكم الأمر الواقع، وقتل الانفصاليون 14 شخصًا في هجوم بالقرب من مدينة زيغينشور في يناير عام 2018. ولم تبدأ بعد المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام دائم.

وعموماً، تشهد الدولة تحسناً في مستوى استقرارها، وفقاً لمؤشر The Fund for Peace، حيث تراجعت من مستوى دولة ذات تحذير عالي جداً، عام 2016، إلى دولة ذات تحذير عالي، ويبدو أن مسارها إلى مزيد من التحسن، حيث باتت في المرتبة السادسة والستين عالمياً، بين الدول المهددة بالفشل.

شكل رقم (5)


ثانياً-المستجدات الاقتصادية:

تعتمد السنغال بشكل كبير على مساعدات المانحين والاستثمار الاجنبي وتتمثل صادرات البلاد الصناعية الرئيسة في: تعدين الفوسفات وإنتاج الاسمدة والصيد البحري. ولا يزال الاقتصاد السنغالي يعاني من نقص إمدادات الطاقة وارتفاع معدلات البطالة. وقد صنف صندوق النقد الدولي السنغال في فئة الدول الـ 25 الأشد فقرا في العالم.

وفيما يلي أبرز المؤشرات الاقتصادية الخاصة بالسنغال، والصادرة عن البنك الدولي:

شكل رقم (6)


وقد تم مؤخرا اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز ستجعل من السنغال في المستقبل قوة اقتصادية كبيرة في المنطقة.

حيث أشرف الرئيسان الموريتاني والسنغالي، في نوفمبر الماضي بنواكشوط، على توقيع الاتفاقيات النهائية لتقاسم إنتاج حقل الغاز (السلحفاة-آحميميم) الواقع في الحدود البحرية بين البلدين، إيذانًا بدخول البلدين نادي مصدري الغاز في العالم، وإن كان الإنتاج لن يبدأ فعليًا إلا في 2022، وفق الشركتين المستغلتين للحقل: بريتش بتروليوم البريطانية، وكوسموس أنيرجي الأمريكية.

وتقضي اتفاقيات الاستغلال بحصول الشركتين المستغلتين على حدود 60% من عقود الشراكة مع كل بلد. وقدرت دراسات غربية مخزون منطقة الحدود البحرية بين البلدين بـ 250 ترليون قدم، وهي مخزونات هائلة يعول البلدان كثيرًا عليها في دفع اقتصاديهما.

شكل رقم (7)


ويعتمد الاقتصاد السنغالي أساسًا على الزراعة في منطقة نهر السنغال ومنطقة كولدا المتاخمة لغينيا وإقليم كازامانس في أقصى الجنوب، لكن اضطراب التساقطات المطرية وتأثير التغيرات المناخية القوي في منطقة الساحل الأفريقي والاضطرابات في منطقة كازامانس التي توجد بها حركة انفصالية، كلها عوامل ترهن الاقتصاد السنغالي لتقلبات شديدة وضارة. (إبريل 2019، إرم نيوز)

في ظل هذه المعطيات، تأتي السنغال في مرتبة متأخرة للغاية (106 عالمياً)، على مؤشر الازدهار، الصادر عن Legatum Institute Foundation، ويبدو أنها بحاجة إلى كثير من الجهد خلال السنوات القادمة لتحسين موقعها.

يترافق ذلك، مع مستوى متقدم، على مؤشر BASEL لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث أتت هذا العام في المرتبة 35 عالمياً بين أسوء الدول، في ظل تحسن محدود للغاية عن العام الماضي.

شكل رقم (8)


أما على مستوى التجارة الخارجية، فقد تحول ميزانها من الفائض إلى العجز الذي بلغ العام الماضي حدود 8 مليار دولار، وفقاً لبيانات Trade Map.

شكل رقم (9)


وتتمثل أبرز دول التصدير والاستيراد في الشكلين التاليين:

شكل رقم (10)


شكل رقم (11)


ثالثاً-العلاقات مع قطر:

يمكن وصف العلاقات بين الدولتين، بأنها علاقات باردة، حاولت قطر من خلالها، وعبر عدة أدوات، مد نفوذها إلى السنغال، لكنها لم تفلح في ذلك، رغم حجم الجهود المبذولة، وشهدت العلاقات سحب السفراء في أكثر من مناسبة، ولعل أحدث التدخلات القطرية كانت محاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفرض مرشح موالٍ لقطر.

الدور القطري الخفي في انتخابات السنغال ربطه البعض بدعوة رئيس السنغال السابق عبد الله واد التي وجهها إلى الناخبين لإشعال بطاقات الانتخاب الخاصة بهم خلال انتخابات الرئاسة، وهي الدعوة التي أثارت انقساما وجدلا واسعا في داكار، فبعد وصوله إلى البلاد لأول مرة منذ عامين قادما من فرنسا طالب واد الرئيس الحالي ماكي صال المرشح لولاية ثانية بتأجيل الانتخابات.

دعوات الرئيس السابق للسنغال جاءت بعد فشل نجله كريم واد –المقيم في قطر والذي أثار سفره إليها غضب السلطات في البلاد– في الترشح للانتخابات بعدما رفض المجلس الدستوري السنغالي ملف ترشح واد الصغير، وبذلك لم يشارك الحزب الديمقراطي السنغالي في الانتخابات.

وزادت تصريحات الرئيس السابق للبلاد حول علاقة نجله المشبوهة بقطر ومدى ارتباطه بها خاصة وأنه أصر على أن يكون نجله هو المرشح الأوحد لحزبه واعتبر ترشيح أي شخص آخر بمثابة خيانة، إلا أن السلطات السنغالية رفضت الأمر مما يعد صفعة قوية لواد ونجله الذي أعلن اعتزامه الترشح للانتخابات من الدوحة.

وتحدثت تقارير إعلامية في وقت سابق، عن أن كريم واد هو الأداة الذي كان يحاول النظام القطري فرضها في انتخابات السنغال. (الراصد، فبراير 2019)

ورغم ذلك، لم تدع قطر هذه المناسبة دون أن تسجل حضورها، حيث شارك وزير الدولة، ممثلاً عن دولة قطر في حفل تنصيب الرئيس.

وكانت السنغال قد عبرت عن انزعاجها من التدخل القطري في شؤونها الداخلية، متهمة قطر بجر بلاده إلى بحر من الدماء، وذلك بعد أن وجهت اتهامات إلى الدوحة بالتواطؤ مع كريم واد بخداع الشعب والتخطيط لعودته إلى البلاد من أجل تولي الحكم.

ووصف موقع “leral” السنغالي ادعاءات “كريم واد” الأخيرة بأنه في منفى قسري بقطر بالكاذبة، مؤكداً أنها لعبة متفق عليها بين واد والنظام القطري من أجل عودة الأول إلى السنغال وترشحه للانتخابات الرئاسية رغم الحكم عليه بالسجن 6 سنوات؛ جراء تورطه في قضايا فساد، حيث تم الإفراج عنه بوساطة من تميم.

ونشرت وكالة AFP في شهر مايو 2017 رسالة شكر من كريم واد موجهة إلى تميم، مؤكداً فيها أنه لم يتوقف عن التدخل لإطلاق سراحه بحكم الصداقة التي تجمعهما، مدعياً أنه تعرض للسجن بشكل ظالم. وقالت الوكالة، نقلاً عن مسؤول في الحزب الديمقراطي السنغالي حزب نجل الرئيس السابق، إن كريم واد توجه إلى قطر بعد ساعات قليلة من إطلاق سراحه.

وفي يوليو 2017 هدد المسؤول الوزاري للاتصالات في السنغال حجي كاسي بعد سلسلة ادعاءات وتصريحات للسجين السابق، أنه إن لم يتوقف عبد الله واد عن نشر الأكاذيب، سنضطر لنشر مضمون الرسالة التي وقعها تميم بالنسخة العربية والنسخة المترجمة إلى اللغة الفرنسية، ليعلم الرأي العام حقيقة إطلاق سراح كريم واد وتمسك قطر به.

وفي شهر ديسمبر 2017، وخلال زيارته إلى السنغال قالت صحيفة “سان ليميت.سن” السنغالية: إن تميم بن حمد يبدو أنه كان غير مرحّبٍ به خلال زيارته للبلاد التي غادرها سرًا قبل الميعاد المحدد لإنهائها، مرجحة عدة أسباب أبرزها أزمة كريم واد نجل الرئيس السابق. وأضافت أن تميم غادر داكار بعد زيارة أقصر مما كان متوقعا لها، وذلك بعد لقائه رئيس البلاد. (يناير 2018، تواصل)

أما القطريون فقد قالوا إن الزيارة شهدت مباحثات رسمية بالقصر الرئاسي، وتناولت "سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية لا سيما في مجالات التعاون المشتركة". وأشار أمير قطر إلى أن "هذه الزيارة تأتي في إطار تعميق علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات".

وعقب المباحثات تم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الرياضة، ومذكرة تفاهم في مجال دعم التعليم بين صندوق قطر للتنمية وحكومة مالي. وقال تميم إن "قطر ستطور شراكتها مع جمهورية السنغال في مجالات التعاون المشترك، ومن ضمنها النفط والغاز والرياضة. (ديسمبر 2017، الخليج أونلاين)

وكانت الدولتان قد شهدتا أزمة دبلوماسية عام 2017، ففي يونيو 2017، استدعت السنغال سفيرها من الدوحة تضامناً مع السعودية ودول الخليج العربي، غير أنها أعادته في أغسطس، بعد مكالمة هاتفية بين أجراها الرئيس السنغالي مع تميم.

ولم تسجل Trade Map، أي تبادل تجاري بين البلدين عام 2018، وربما ذلك عائد لنقص في المعلومات، وليس في التجارة.


رابعاً-العلاقات مع إيران:

تعتبر العلاقات بين الدولتين، علاقات متذبذبة، شهدت كثيراً من الحركة، بين القطيعة والتقارب الواضح، وخصوصاً في العقد الماضي.

فرغم زيارة نجاد إلى السنغال عام 2009، إلا أنه وفي ديسمبر 2010، استدعت السنغال سفيرها لدى إيران [1]، على خلفية ضبط شحنة أسلحة إيرانية يشتبه في أنها كانت متوجهة إلى غامبيا المجاورة. وأفاد بيان صادر عن الخارجية السنغالية بأن الشرح الذي قدمته طهران حيال المسألة لم يكن مرضياً. وفي ذات الوقت، تمت تنحية وزير الخارجية الأسبق متكي، وهو في زيارته آنذاك للسنغال.  (ديسمبر 2010، BBC)

وربط البيان الأسلحة الإيرانية بهجوم وقع في كازامانس في سلسلة هجمات للمتمردين، وقال البيان "استخدم متمردو القوى الديمقراطية لكازامانس أسلحة متطورة تسببت في مقتل الجنود السنغاليين". (فبراير 2011، رويترز)

وقررت السنغال بعد شهر واحد من ذاك التاريخ، بشكل رسمي، إعادة سفيرها إلى إيران، بعد مساعي وساطة قام بها الرئيس التركي عبد الله غل. واستقبل الرئيس الموريتاني وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي. (يناير 2011، الجزيرة)

وفي عام 2015، قامت السنغال بوفد سفير جديد لها في طهران، وحين التقاه روحاني، أعرب له عن رغبته في تعزيز العلاقات مع البلدان الأفريقية وقال: "تحظو إيران بالغ الأهمية بالسنغال کدولة أفريقية هامة ونرحّب بتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية مع هذا البلد".

وبعدها بأسابيع، انتقدت وسائل الإعلام الإيرانية قرار السنغال إرسال قوات إلى السعودية من أجل "حماية المقدسات الإسلامية"، ضمن التحالف الدولي ضد الحوثيين.

وتحت عنوان "استجابة لطلب البترودولار السعودي.. السنغال ترسل 2100 جندي الى السعودية" قالت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية إن وزير خارجية السنغال أعلن الاثنين أن بلاده "سترسل 2100 جندي إلى السعودية". (مايو 2015، CNN بالعربية)

ويبدو أن العلاقات بدأت تتحسن تدريجياً بين الطرفين، منذ خريف عام 2017، حيث دعا سفير السنغال في طهران الى إعداد استراتيجية للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا واستخدام الامكانيات والطاقات الايرانية لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية. وأشار في الملتقى الاقتصادي والاستثماري بين إيران وأفريقيا الى العلاقات السياسية الطيبة بين إيران وأفريقيا، خاصة في قطاعات النفط والغاز والصحة والعلاج والأدوية وأيضاً المساعدات التكنولوجية.

وقال: "إننا نحرص أيضاً على تحقيق هذا التعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. كما أشار الى العقوبات والضغوط الاقتصادية ضد إيران في السنوات الماضية والمشاكل التي كانت قائمة في إقرار وارتقاء العلاقات الاقتصادية، أما اليوم فان الاتحاد الأفريقي الذي يضم في عضويته 20 بلداً مستعد لتطوير التعاون الاقتصادي الشامل مع ايران. (أكتوبر 2017، الوفاق أونلاين)

فيما هنأ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، بنجاح الانتخابات الرئاسية في السنغال، في مارس الماضي.

 

البوابة الاقتصادية [2]:

وفي إبريل 2018، وقع وزير الخارجية الإيراني والرئيس السنغالي في العاصمة داكار على مشروع بناء مدينة سكنية بالسنغال، بالتعاون بين مجموعتي "كيتي بسند الإيرانية، ومجموعة صالح السنغالية". واتفق الطرفان خلال مباحثات جمعت بينهما على عقد "اجتماع اللجنة المشتركة الاقتصادية للبلدين، لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات ومنها النفط والغاز ". (إبريل 2018، الأخبار الموريتانية)

كما أعرب وزير الخارجية الايرانية أن إيران مستعدة من خلال التعاون مع الحكومة السنغالية والقطاع الخاص في هذا البلد لتحويل السنغال الى قطب لصناعة السيارات في منطقة غرب إفريقيا. وفي كلمته أمام المنتدى الاقتصادي الإيراني-السنغالي في داكار، قال ظريف ان عقد هذا المنتدى يكشف عن وجود إرادة سياسية مشتركة لتمهيد الارضية لمشاركة القطاع الخاص للبلدين ولعبه دورا أكبر في العلاقات الاقتصادية والتجارية الايرانية السنغالية".

وأفاد ظريف بان الجانبين يؤكدان على رفع التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي وقال ‘ن رفع التبادل الاقتصادي رهن بالتعاون المصرفي وهذا الامر يستلزم نشاط أكبر للقطاع الخاص ودعم حكومتي البلدين.

(إبريل 2018، وكالة أنباء فارس)

وفي مارس الماضي، قامت مجموعة "إيران خودرو" الصناعية بتسليم 50 سيارة أجرة من نوع (سمند LX) إلى سائقي شبكة النقل في مطار داكار الدولي في السنغال في حفل حضره الرئيس السنغالي ورئيس الوزراء ووزراء النقل والتجارة السنغاليون وسفراء كل من الهند وتركيا. وبذلك يكون إجمالي السيارات الإيرانية التي وصلت السنغال للعام الايراني الجاري 1397 (انتهى في 20 مارس 2019) ما مجموعه 206 مركبة تاكسي، حيث كانت الشركة الايرانية قد سلمت 156 سيارة من نوع "سمند" و"رنا" في النصف الاول من هذا العام.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تصدير أكثر من 170 سيارة ايرانية من أنوع "دنا بلاص Dena Plus" و"سورين Soren TU5" و"سمند Samand LX" الى السنغال في العام الايراني الماضي 1396، ثم تم بعد ذلك الاتفاق على تجهيز مطار دكار الدولي بسيارات "سمند LX" الأمر الذي بتت فيه حكومة السنغال وبإقبال ملحوظ من قبل سائقي سيارات التاكسي. (مارس 2019، قناة العالم)

ولم تسجل Trade Map، أي تبادل تجاري بين البلدين عام 2018، وربما ذلك عائد لنقص في المعلومات، وليس في التجارة.

 

بوابة التشيع:

نشأ في السنغال حزب سياسي يسمى "حزب الله السنغالي" على يد أحمد خليفة إنياس؛ وهو حزب يستلهم من الثورة الإيرانية برنامجه وأيديولوجيته لكن ما لبث أن تبخرت أيديولوجية الحزب، وخفتت نزعته الإسلامية، وأصبح مؤسسه يساير الحكومات المتعاقبة في ظل رئاسة عبدو ضيوف ثم الرئيس عبد الله واد. كما تولي علي حيدر، اللبناني الشيعي الأصل، منصب وزير الصيد والاقتصاد البحري في حكومة الرئيس مكي سال.

كما قام إبراهيم باجان، في شهر سبتمبر 2009 بإثارة ضجة كبيرة في المجتمع السنغالي حين دعا عبر القنوات التلفزيونية المحلية الشباب إلى التشيع عن طريق تزيين زواج المتعة لهم، وإمكانية الزواج بعقد مؤقت لبضع ساعات. في وقت كانت فيه السلطات السنغالية آنذاك، تتخذ موقفاً رادعاً ضد قوى التشيع في المجتمع السنغالي إذا استشعرت بخطر ما يمكن أن يهدد السلم والتجانس المجتمعي، أو يتناقض مع مرتكزات استقرار المجتمع. (أكتوبر 2014، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة)

وفي ضاحية راقية من ضواحي العاصمة السنغالية دكار، يدرس فرع من فروع جامعة المصطفى الإيرانية المذهب الشيعي للطلبة ضمن مواد أخرى. وتتضمن المناهج تدريس الثقافة والتاريخ الإيرانيين والعلوم الإسلامية، بالإضافة إلى اللغة الفارسية. ويحصل الطلاب على طعام مجاني ومساعدات مالية.

وقال مدير الدراسات بجامعة المصطفى الشيخ أدرامي واني إن الجامعة في دكار تستقبل 150 طالبا سنويا وتقدّم لهم تعليما مجانيا ومنح مالية ووجبات إفطار. وقال أستاذ في قم إن الطلاب يردون هذا السخاء بالدعاية لإيران على الإنترنت أو في صورة كتب.

ويقول الإمام شريف مبالو، الأمين العام لرابطة أهل البيت وهي حركة شيعية أفريقية تأسست في أغسطس الماضي، إن هناك ما بين 30 و50 ألف شيعي في السنغال التي يسكنها 15 مليون نسمة. وسبق وأن تحوّل مبالو إلى المذهب الشيعي بعد مشاهدة الثورة الإيرانية على التلفزيون، ثم عمل مع السفارة الإيرانية لمدة 25 عاما وزار إيران عدة مرات. لكن عندما عاد عمل على تأسيس جماعة شيعية موالية لإيران بعد تلقيه دفعة مبدئية من رجال أعمال إيرانيين. وقال إنه لم يحصل على أموال أخرى. ورفض تحديد قيمة الدفعة. (العرب اللندنية، مايو 2017)

شكل رقم (12)


ومؤخرًا تواصلت طهران- بشكل غير رسمي- مع عدة طرق صوفية ذات ميول شيعية في السنغال، بغرض نشر المذهب الشيعي، وافتتحت إيران مؤسستين صوفيتين وهما «"لطارق" و"المصطفى" وفقاً لوكالة أنباء الأخبار الموريتانية المستقلة.

وكانت إيران خلال العامين السابقين قد افتتحت أكبر مؤسستين صوفيتين لنشر المذهب الشيعي في السنغال وهما "الفجر" و"مزدهر"، وذلك وفقًا لوكالة أنباء "شيعة ويفز". وبحسب تقرير نشر مؤخرًا في "مركز مقديشو للدراسات السياسية والإستراتيجية"، فإن النشاط الإيراني السنغالي يتركز في مدن: "داكار (عاصمة السنغال)، وكازاماس، وكولدا، وانجاسان، وغوناس، وكولاخ، وكار مدارو، وإقليم تياس دارا جلوف". وكلها مناطق بها عدد كبير من السنة، وتشهد صراعات طائفية مع الشيعة. (أكتوبر 2018، المرجع)


خامساً-العلاقات مع تركيا:

قامت تركيا بتوسيع علاقاتها مع السنغال، عبر أدوات متنوعة، سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، تضمن حضوراً واسعاً لها في السنغال.

التشبيك المعاصر بين الدولتين:

تبادل رؤساء الدولتين عدة زيارات، ففي فبراير 2008، زار الرئيس السنغالي عبد الله واد تركيا بدعوة من رئيسها عبد الله غول، تبعت ذلك زيارة الأخير للسنغال في مارس 2008م.

وفي نوفمبر 2012م، زار وفد رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء السنغالي، بمرافقة عدد من رجال الأعمال السنغاليين؛ لفتح سبل التعاون التجاري بين البلدين واستغرقت الزيارة يومين.  وجاءت الجولة الإفريقية التي قام بها أردوغان عام 2013، حينما كان رئيسا للوزراء، كخطوة مهمة لتكريس هذه العلاقات، حيث كانت السنغال إحدى أهم الدول المستهدفة في هذه الجولة، فخصص لها في يناير 2013م زيارة رسمية ونوعية، شارك فيها نائب رئيس الوزراء، والوزير الاقتصادي، ونوابا أتراك، و300 مستثمر تركي.

وتلبية لدعوة رسمية، زار الرئيس السنغالي تركيا في أبريل 2015، وعقد اجتماع في إسطنبول برئاسة الرئيس السنغالي في منتدى إسطنبول للأعمال وفرص الاستثمار في السنغال، حضر الاجتماع بعض المستثمرين الأتراك، لبحث سبل تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

وفي فبراير 2016، في زيارة للرئيس أردوغان للسنغال، أكد خلالها الرئيسان السنغالي والتركي، رغبة البلدين لتوسيع تعاونهما الاقتصادي والسياسي والثقافي والتجاري، وحرص على تحقيق هذه الرغبة، تم تشكيل مجلس أعلى لتقييم وتطوير العلاقات بين البلدين.

وفي الآونة الأخيرة، مثّلت الشركات التركية حضورا واضحا في السوق السنغالي، فتوجد 10 شركات تجارية تابعة لمواطنين أتراك، وتعمل أغلبها في المنسوجات، وقطع غيار السيارات، والأجهزة، والمواد الكهربائية، والمنتجات الغذائية، وبعضها ما زالت قيد الإنشاء.

وعلى المستوى الدبلوماسي، نجح الطرفان في توقيع العديد من الاتفاقيات، ففي اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في أبريل 2014، الذي جمع بين وزير الداخلية التركي ووزير الخارجية السنغالي في أنقرة، وقع الطرفان على اتفاق التعاون المشترك بين الدولتين، شمل اتفاقيات في شأن التجارة بين اتحاد الغرف التجارية التركي 2016، وغرفة التجارة والصناعة والزراعة السنغالية.

كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون الأمني بين البلدين، وعلى صعيد الاتصالات، وقعت وكالة الأنباء السنغالية مع نظيرتها وكالة الأناضول على بروتوكول تعاون بينهما.

كما أنه من ضمن الاتفاقيات التي وقّعت عليها الدولتين، اتفاقيات في مجالات المياه والأرصاد الجوية وإدارة الغابات، والتي وقع عليها الوزير السنغالي للمياه والصرف الصحي والبيئة والتنمية المستدامة والسياحة والنقل الجوي، مع الوزير التركي للمياه والغابات في أبريل 2016.

وعلى الصعيد الإنساني، ففي أبريل 2007، افتتحت تركيا في السنغال المقر الرئيس للوكالة التركية للتنمية والتعاون الدولي (TIKA) لدول غرب أفريقيا، هذا المكتب يقوم بدعم العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المختلفة، التي تستفيد منها دول مجموعة غرب أفريقيا ككل، وبلغ حجم المساعدات التي قدّمت في دول غرب أفريقيا بواسطة هذا المكتب 6 مليون دولار في أكثر من 90 مشروعا مختلفا. (تركيا بوست، سبتمبر 2016)

 

زيارة أردوغان الأخيرة:

قام الرئيس التركي في مارس 2018، بجولة إفريقية، شملت زيارة السنغال، وقام ونظيره السنغالي، بزيارة تفقدية لمواقع مشاريع تشرف على إنشائها شركات تركية في العاصمة دكار. وعقب انتهاء منتدى العمل التركي السنغالي، توجه الرئيسان إلى مواقع بناء ملعب، ومرآب شاحنات، ومبنى سوق لبيع الجملة تتولى شركات تركية بناءها. (مارس 2018، TRT العربية)

وفي إطار زيارة الرئيس التركي إلى السنغال، وقّعت الدولتان 3 اتفاقيات تجارية بقيمة 474 مليون يورو، وقعها عدد من رجال الأعمال المرافقين لأردوغان في جولته الأفريقية.

فقد وقعت شركة "كولين" للبناء اتفاقًا لإنشاء طرق مع المديرية العامة للطرق في السنغال بقيمة حوالي 400 مليون يورو، كما وقعت شركة "ألبير" للآلات الزراعية اتفاقًا مع اتحاد الصناعة والتجارة السنغالي الوطني بقيمة 60 مليون يورو، أما شركة "فورس غروبس" فوقعت اتفاقًا لإنشاء محطات المترو بقيمة 14 مليون يورو. (مارس 2018، Daily Sabah)

ولفت الرئيسالسنغالي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره التركي، ​إلى أن "السنغال ستكثّف جهودها لتعزيز التعاون معتركيا​"، موضحاً أن "زيارة أردوغان إلى بلاده من شأنها تعزيز العلاقات الثنائية".

وأكد أن "حجم الوفد المرافق للرئيس التركي مؤشر على تطور العلاقات"، لافتاً إلى ان "البلدين يسعيان إلى رفع حجم التجارة البينية إلى أكثر من 250 مليوندولارسنويًا"، معرباً عن شكره لأردوغان على "دعم تركيا لمشاريعالبنى التحتيةفي السنغال، مشيرًا إلى عقد الجانبين اتفاقيات في مجالاتالبناءوالسياحة والمعادن". (مارس 2018، النشرة)

وتوقع السفير التركي في دكار، أن تشهد العلاقات مع السنغال "قفزة نوعية"، بفضل زيارة أردوغان، وقال إن "المؤسسات التركية تنشط في السنغال منذ سنوات طويلة، وأبرزها الوكالة التركية التعاون والتنسيق تيكا (حكومية)، التي تنفذ أنشطة فعالة في السنغال، اعتبارا من عام 2007، حيث أنجزت مشاريع بقيمة 12 مليون دولار خلال هذه المدة".

ومدللا على متانة العلاقات بين البلدين، قال السفير التركي إن "السنغال أعلنت تضامنها الوثيق مع تركيا، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، وأغلقت كافة مدارس الإرهابي فتح الله غولن على أراضيها".

وشدّد على أن "المدارس قيد الإنشاء التابعة لوقف المعارف ستتوسع أكثر فأكثر، لتصبح مؤسسات تعليمية ضخمة في السنغال".

ومضى قائلا إن "معهد (يونس إمره) أيضا يؤدي مهاما فعالة للغاية في السنغال، حيث بدأ مؤخرا بأنشطة تعليمية في الجامعات". وأردف أن "المعهد سيلعب دورا كبيرا في تعليم اللغة التركية والتعريف بالثقافة التركية للمواطنين السنغاليين ومواطني الدول الأخرى في السنغال".

وأعرب عن أمل بلاده في "تعزيز علاقات التعاون مع السنغال في مجال الدفاع، والمساهمة في تحقيق اكتفائها الذاتي في المجال الزراعي". وشدد على أن "رؤية الرئيس سال ساهمت في تحقيق السنغال تطورا ونموا سريعين".

ونوّه إلى أن ذراع مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية في السنغال "يواصل العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذلك الجانب السنغالي أيضا، من خلال وكالة تحفيز الاستثمارات السنغالية". (مارس 2018، وكالة الأناضول)

 

التبادل التجاري:

بلغ حجم الصادرات السنغالية إلى تركيا عام 2018، حدود، 12 مليون دولار، مقابل واردات بلغت 389 مليون دولار، مسجلة عجزاً تجارياً لصالح تركيا، بحدود 377 مليون دولار. ويوضح الشكلان التاليان أبرز الصادرات والواردات السنغالية مع تركيا:

شكل رقم (13)



شكل رقم (14)


كما أعلن رئيس مجلس إدارة شركة "توسيالي" القابضة للصلب، فؤاد توسيالي، أن الشركة ستقوم باستثمار في السنغال لتقليل اعتماد البلاد على واردات الصلب. (أكتوبر 2018، ترك برس)

في حين افتتح الرئيس السنغالي، أكبر مجمع مركزي لبيع الخضار والفواكه في إفريقيا، بالعاصمة داكار، شيدته شركة تركية، بقيمة 106 ملايين دولار. (يناير 2019، APA News)

 

البعد الاجتماعي والإنساني والثقافي:

أغلقت السلطات السنغالية 7 مدارس تابعة للمجموعة التركية يافوز سليم، وهي مدارس خاصة لها صلة بفتح الله غولن. (أكتوبر 2017، الأخبار الموريتانية)

وقد تم تسليم إدارة 12 مدرسة تابعة لمنظمة "فتح الله غولن"، لصالح "وقف معارف" التابع لوزارة التربية التركية. (مايو 2017، الشرق القطرية)

وفي شأن ديني، قال رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في السنغال، إنّه "يتعيّن على تركيا مواصلة دورها القيادي للأمّة الإسلامية"، مشيرا إلى أنّ الدور الريادي الذي تلعبه يتجلى من خلال "مساعدتها للإسلام وللأمة الإسلامية دون طلب من أحد".

وأشار إلى أنّ "موقع القيادة الذي تضطلع به تركيا يبرز جليا من خلال دعمها للإسلام، ومساعدتها للأمة الإسلامية بشكل تلقائي، فهذا البلد يبذل جهودا في سبيل نجدة وإغاثة المضطهدين والفقراء والمحتاجين في البلدان الإسلامية"، معربا عن شكره لـتركيا على "كلّ ما تحقّق للعالم الإسلامي، وللعلم والمعرفة الإسلامية وللفقراء". (يونيو 2015، TRTالعربية)

بدورهم، دعا أهالي جزيرة غوريه أو كما تُعرف بـ "جزيرة العبيد"، القريبة من العاصمة السنغالية داكار، تركيا لترميم وتوسيع المسجد التاريخي الوحيد بالمنطقة.  وقال السفير التركي في دكا، إن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تقوم بنحر أضاحي خلال العيد في السنغال، ما أسفر عن قناعة لدى أبناء الشعب مفادها أن تركيا هي الوحيدة القادرة على مساعدتهم. (مارس 2018، وكالة رم للأنباء)

ثقافياً، قامت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"، انتهاء أعمالها بترميم "مركز تعليم اللغة التركية" في العاصمة السنغالية داكار، في إطار بروتوكول مبرم بين رئاسة الأركان التركية ونظيرتها السنغالية. (فبراير 2017، وكالة الأناضول)

وإنسانيا، قدمت جمعية الهلال الأحمر التركية، مساعدات إنسانية إلى 700 شخص بينهم أيتام ومن ذوي الاحتياجات الخاصة في السنغال. (يونيو 2019، Yeni Safak)


د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري 



[1] سبق وأن قطعت السنغال رسمياً علاقاتها بإيران مرتين، أولاهما عقب الثورة الإيرانية مباشرة؛ والثانية في أواخر عام 2009. (أكتوبر 2014، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة)

[2] في علاقة سابقة، تعود إلى عام 2007، قالت وزارة الطاقة السنغالية إن شركة النفط الوطنية الإيرانية ستأخذ حصة في مصفاة التكرير المملوكة للدولة في السنغال وتبيع البلد الواقع في غرب إفريقيا إمدادات سنة من النفط الخام بشروط سداد ميسرة.

ويأتي الإعلان الوارد في بيان في أعقاب زيارة قام بها وزير الطاقة السنغالي صمويل سار إلى طهران منتصف أغسطس 2007، للتباحث بشأن مشاريع نفطية قالت الوزارة إنها تشمل زيادة الطاقة الانتاجية لشركة التكرير الوطنية السنغالية إلى ثلاثة ملايين طن سنوياً من 2. 1 مليون طن.

وأضافت الوزارة أنه بموجب اتفاق تم توقيعه في طهران تستحوذ شركة تكرير وتوزيع النفط الوطنية الإيرانية على حصة لم يكشف عنها في شركة تكرير النفط الحكومية بالسنغال الشركة الإفريقية للتكرير «سار». وقالت «كما تغطي نفس مسودة الاتفاق إمدادات عام واحد من الجانب الإيراني من النفط الخام إلى «سار» مع حق تأخير السداد لثلاثة أشهر».

وكانت الحكومة السنغالية قالت أوائل أغسطس إن إيران ستبني مصفاة لتكرير النفط ومجمعا للبتروكيماويات في السنغال. (أغسطس 2007، البيان الإماراتية)