العقوبات الدولية المفروضة على إيران: (قبل وبعد الاتفاق النووي)

 القسم الأول: العقوبات الدولية المفروضة على إيران، قبل الاتفاق النووي

أولاً- العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن:

أصدر مجلس الأمن ستة قرارات ملزمة تفرض عقوبات على إيران، ما بين الأعوام 2006 و2010. متدرجاً في فرض تلك العقوبات، وفقاً للموقف الإيراني من أزمة ملفه النووي، واستهدفت هذه العقوبات قطاعات الصناعة العسكرية التقليدية والنووية، والاقتصاد والتجارة والمصارف، والشخصيات والكيانات الإيرانية المرتبطة بالملف النووي.

أ-القرار رقم 1696، بتاريخ 31/7/2006:

كان هذا القرار فاتحة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فيما يتعلق بأنشطة إيران النووية غير السلمية. إذ إنّ شكوك منظمة الأمم المتحدة حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني من جهة، وعدم تعاون إيران في استيضاح سلمية البرنامج من عسكريته، هي الدافع الأساس في سلسلة قرارات مجلس الأمن.

وصدر تحت المادة 40 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، فارضاً ترتيبات على إيران، أهمها دعوة إيران لاتخاذ إجراءات بناء الثقة عبر الغرض السلمي الخالص لبرنامجها النووي. ودعوتها لتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب، والتأكيد على أن الحل الدبلوماسي عبر التفاوض مرتبط بشكل أساس بتعليق تلك الأنشطة، ومنه يتم البحث في آليات التوصل إلى ترتيب شامل طويل الأجل.

وشكلت العقوبات المفروضة في هذا القرار، عقوبات تقنية عبر منع جميع الدول من نقل أية أصناف أو مواد أو سلع تكنولوجية قد تساهم في أنشطة إيران النووية. دون أن يوسع دائرة العقوبات مباشرة، على أمل استجابة إيران لهذا القرار، مهدداً باللجوء إلى المادة 41 (1) من الفصل السابع في حال عدم امتثالها لمضامينه.

ب-القرار رقم 1737، بتاريخ 23/12/2006:

لم يشكل القرار السابق الصادر عن مجلس الأمن، رادعاً فعلياً للسلطات الإيرانية، كي يدفعها نحو التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مجلس الأمن، ولم يشكل ضاغطاً يؤدي إلى إيقاف البرنامج النووي غير السلمي، في ظل غياب تعاون إيراني يبرهن على سلمية البرنامج.

لذا كان على مجلس الأمن أن يعيد اجتماعه بعد أقل من خمسة أشهر، ليصدر قراراً أكثر حزماً تجاه السلطات الإيرانية، وفقاً للمادة 41 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. فاتحاً المجال هذه المرة لاستخدام وسائل القوة عبر الحصار لإنفاذه. مكرراً بعض ما جاء في القرار السابق من جهة، وفارضاً قيوداً وعقوبات على كل الجهات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

إذ طالب القرار السلطات الإيرانية بتعليق جميع الأنشطة المتصلة بالتخصيب والماء الثقيل. وحظر على جميع الدول توريد أي من أصناف المواد التي تساهم في أنشطة إيران المتصلة بالبرنامج النووي بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم تقديم أي نوع من المساعدة أو التدريب أو الاستثمار وسواها من الخدمات التي تتعلق بالسلع والتكنولوجيا المحظورة في هذا القرار. بل ومنع القرار جميع الدول من تدريس أو تدريب المختصين داخل أراضيها أو من قبل رعاياها لرعايا إيرانيين، في تخصصات ذات صلة بأنشطة إيران النووية. وألزم إيران بإيقاف تصدير جميع الأصناف الواردة في نص هذا القرار والمتعلقة بالنشاط النووي وبالقذائف المتصلة به، وحظر على جميع الدول شراؤها.

وقد لاحظ القرار في كثير من تفاصيله الحالات الإنسانية والحالات السابقة على صدور القرار. وخاصة تلك المتعلقة بالأنشطة المالية. بعد أن دعا جميع الدول إلى تجميد الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى التي يمتلكها أو يتحكم فيها الكيانات والأشخاص المرتبطون بأنشطة إيران النووية. وقد حدد القرار 10 كيانات، و 11 شخصاً مشمولاً بهذا التجميد.

لكن لجوء هذا القرار إلى المادة 41، والتهديد باستخدام القوة، لم يعنِ شن حرب على إيران، بل استخدام القوة في فرض الحصار عليها، إذ انتهى نص القرار بالتأكيد على ضرورة التزام الحل السلمي عبر التفاوض لإنهاء أزمة الملف النووي، بعد أن تمتثل إيران لمقررات الأمم المتحدة في هذا الشأن.

ج-القرار رقم 1747، بتاريخ 24/3/2007:

كعادة القيادة الإيرانية في المناورة والتهرب من مسؤولياتها الدولية، لم تستجب للقرار الثاني الصادر عن مجلس الأمن، مما حدا بالمجلس بعد أشهر قليلة، إصدار قرار آخر تحت المادة 41 من الفصل السابع، يؤكد الترتيبات التي فرضها في قراريه السابقين، ويضيف إليهما ترتيبات جديدة.

حيث حظر هذا القرار على الدول السماح لدخول أو عبور الأفراد المرتبطين في أنشطة إيران النووية، كما حظر عليها الدخول في التزامات جديدة لتقديم منح ومساعدات مالية وقروض إلى حكومة إيران، إلا لأغراض إنسانية أو تنموية.

وقد وسّع القرار دائرة الحظر على إيران لتشمل معظم منظومة الأسلحة التقليدية من دبابات ومركبات وطائرات قتالية وقذائف ومدفعية. ووسع من نطاق المستهدفين بالحظر عبر إضافة 13 كياناً إيرانياً جديداً و15 شخصاً آخرين. ليطال لأول مرة وبشكل مباشرة مؤسسات الحرس الثوري وقياداته.

ووضع القرار إطاراً لمجالات التعاون المستقبلي التي ستشملها المفاوضات بشأن اتفاق طويل الأجل، في حال التزام إيران بجميع تلك الترتيبات المفروضة عليها.

د-القرار رقم 1803، بتاريخ 3/3/2008:

اتسمت السنة الفاصلة بين القرارين الأخيرين، بمماطلة كبيرة من إيران وتعليقها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جانب واحد، وإنكار حق الوكالة في التحقق من المعلومات المتعلقة بالتصاميم والمعلومات التي قدمتها إيران. مما حدا المجلس لتوسيع قائمة الحظر والعقوبات من جديد.

إذ وسّع المجلس الحظر على المعدات والسلع التكنولوجية المتعلقة بالنشاط النووي الإيراني، كما قام بتوسيع قيود التعاملات التجارية، ففرض قيوداً على تعامل المؤسسات المالية مع جميع المصارف التي تتخذ من إيران مقراً، وقد خصّ بالذكر مصرفي "مللي" و "سديرات" وفروعهما وتوابعها خارج إيران.

كما طالب القرار جميع الدول بتفتيش الشحنات المتجهة من إيران أو إليها عبر طائرات أو سفن تمتلكها أو تشغلها شركة إيران للشحن الجوي وشركة جمهورية إيران الإسلامية للملاحة.

وقد أضاف القرار 13 شخصاً إيرانياً إلى قائمة الذين يطالهم الحظر، إضافة إلى 12 كياناً إيرانياً آخرين، ضمهم إلى تلك القائمة.

ه-القرار 1835، بتاريخ 27/9/2008:

لم يضف هذا القرار أي جديد للقرارات السابقة، سوى مطالبة إيران بالتزام ما فرض عليها، والتأكيد على ضرورة التوصل إلى حل مبكر عن طريق التفاوض حول المسألة النووية الإيرانية.

و-القرار 1929، بتاريخ 9/6/2010:

بعد جملة طويلة من التقارير التي رفعها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال خمسة أعوام، تثبت أن إيران لم توقف بشكل كامل ودائم جميع الأنشطة ذات الصلة بتخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، ولم تستأنف تعاونها مع الوكالة، ولم تمتثل لأحكام قرارات مجلس الأمن. بل قامت بتعليق تعاونها عدة مرات، كما قامت بإنشاء مرفق جديد في قم لتخصيب اليورانيوم وبشكل سري. ووصلت مستوى 20% من التخصيب.

وخلال هذه الفترة تقدمت عدة دول من أهمها تركيا والبرازيل بمقترحات عملية لإيجاد حل تفاوضي شامل وسلمي في صالح كافة الأطراف، دون أن يلقى كل ذلك أية استجابة من القيادة الإيرانية.

لذا جاء هذا القرار الأخير، موسعاً عن كل ما سبقه، تحت المادة 41 من الفصل السابع، موسعاً بشكل كبير جملة العقوبات المفروضة على إيران. حيث حظر هذا القرار على إيران المشاركة في أي نشاط تجاري في دولة أخرى ينطوي على استخراج اليورانيوم أو إنتاج أو استخدام المواد التكنولوجية النووية، كما حظر على الدول قبول مثل تلك الاستثمارات على أراضيها.

ووسع القرار الحظر على الأسلحة التقليدية ليشمل قطع الغيار وكل أشكال التدريب عليها، كما وحدّث قوائم المواد المحظورة ذات العلاقة بالنشاط النووي (3).

كما سمح القرار لكافة الدولة بتفتيش السفن الإيرانية أو المرتبطة بجهات إيرانية خارج مياهها الإقليمية وفي أعالي البحار، بموافقة دول العلم، في حال الشك بنقلها مواد محظورة، ومصادرة تلك المواد والتخلص منها.

كما فرض حظراً على تقديم الخدمات المتصلة بوقود السفن إلى الجهات الإيرانية التي تحمل مواداً محظورة. كما حظر تقديم خدمات التأمين أو تمويل أية أصول أو موارد مالية إلى أراضيها أو عبرها أو منها، إذا كانت تسهم في أنشطة إيران النووية.

كما حظر القرار افتتاح فروع أو مكاتب تابعة للمصارف الإيرانية، وحظر على المصارف الإيرانية إنشاء أية مشاريع مشتركة جديدة خارج إيران، ومنع تزودها بالخدمات المالية، كما حظر على الدول القيام بأنشطة مصرفية في إيران.

وقد أضاف القرار إلى قائمة الحظر 40 كياناً جديداً، كثير منها مرتبط بالحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى فرد واحد.

 

ثانياً- العقوبات الأوروبية:

انضم الاتحاد الأوروبي ككيان سياسي وكدول منفردة، إلى منظومة الدول التي تفرض عقوبات على إيران منذ عام 2010، متخذاً نفس النهج التدريجي في فرض تلك العقوبات، مع تقديم طروحات لحل الأزمة بين الفينة والأخرى، دون أن تلقى استجابة حقيقية من إيران.

إذ منع الاتحاد الأوروبي في يوليو 2010، تقديم المساعدات الفنية أو نقل تكنولوجيا نفطية إلى إيران، وجمد أنشطة بعض المصارف الإيرانية، كما وسع نطاق لائحة الأمم المتحدة للشخصيات المحظورة من السفر، مع تركيز الإجراءات على الحرس الثوري الإيراني. وفي مايو وديسمبر من عام 2011، جمد الاتحاد الأوروبي أرصدة 433 كياناً إيرانياً و113 شخصاً إضافياً منعوا من الحصول على تأشيرات دخول.

وأبرم الاتحاد الأوروبي في يناير 2012 اتفاقاً مبدئياً يمنع قسماً من التعاملات المالية مع البنك المركزي الإيراني. ليبدأ في فرض حظر نفطي في ذات الشهر بشكل تدريجي، تبعه حظر كامل منذ بداية يوليو 2012. كما يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض حزم جديدة من العقوبات على إيران، في إطار جهوده لزيادة الضغط عليها بغية إلزامها بالتعاون في ملفها النووي، وفي مقدمة تلك الحزم الجديدة من العقوبات، حظر استيراد الغاز الإيراني. (أكتوبر 2013، القدس)

حيث شملت اللوائح الأوروبية للعقوبات، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ ديسمبر 2012، كلاً من المواد التالية، سواء على الكيانات أو الأفراد: (يناير 2013، HFW)

·       التجارة في الجرافيت الخام أو نصف الخام.

·       التجارة في النفط والمنتجات البتروكيماوية والغاز الطبيعي.

·       التجارة في أنظمة أمن المعلومات.

·       توفير ناقلات النفط وسفن التخزين.

·       التجارة في المعدات اللازمة لصناعة النفط والغاز والبتروكيماويات.

·       بناء الناقلات.

·       التجارة في المعدات أو التكنولوجيا البحرية.

·       التجارة في البرمجيات الحاسوبية الخاصة بالعمليات الصناعية.

·       تصميم وبناء وإصلاح السفن أو أجزائها.

·       إضافة إلى العقوبات المالية والمصرفية وتجميد الأصول.

 

ثالثاً-العقوبات الأمريكية:

تعود جذور القائمة الطويلة من العقوبات السياسية والاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران إلى عام 1979 إبان أزمة الرهائن واحتلال السفارة الأمريكية في طهران. ليعلن الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر في نوفمبر1979 حالة طوارئ تقتضي تجميد كل الأصول الإيرانية الخاضعة للولاية القضائية الأمريكية (12 مليار دولار).

كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على إيران في يناير 1984 بعد تورطها في تفجير مقر المارينز في بيروت، حيث أضيفت إيران إلى قائمة الدول التي تساند الإرهاب (حزب الله). فحظرت الولايات المتحدة حينها المساعدات الخارجية لطهران، وفرضت ضوابط قاسية على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج العسكري-المدني. لتشمل العقوبات في السنوات اللاحقة جملة من المجالات، أهمها: (أكتوبر 2013، CFR)

·       تطوير الأسلحة التقليدية.

·       المواد النووية

·       التجارة والاستثمار والمعاملات المالية والممتلكات.

·       النفط الخام والمشتقات النفطية.

حيث شددت الولايات المتحدة عقوباتها على إيران عام 1992 عبر قرار معاقبة من يساعد طهران من أشخاص وشركات في تطوير برنامجها التسلحي. (أكتوبر 2013، الحياة اللندنية)

وفي عام 1996 أصدر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أوامر تنفيذية تمنع الشركات الأمريكية من الاستثمار في النفط والغاز الإيرانيين أو الإتجار مع إيران، وفي العام نفسه أقر الكونغرس قانوناً يوجب على الإدارة الأمريكية أن تفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاع الطاقة الإيراني بأكثر من 20 مليون دولار في السنة، ولم يتم تطبيق ذلك حتى عام 2010، بسبب الاحتجاجات الأوروبية حينها.

وفي عامي 1996-1997، أصدر بيل كلينتون، أوامر تنفيذية، بحظر تصدير جميع السع والخدمات من الولايات المتحدة إلى إيران، والعكس. (مايو 2018، Atlantic Council)

وقد منعت الولايات المتحدة عام 2008 المصارف الأمريكية من أن تكون وسيطاً في تحويل أموال من أو إلى إيران.

وتبنى الكونغرس الأمريكي في يونيو من عام 2010، قانون العقوبات الشامل ومساءلة إيران، ويشمل إمدادات الوقود الإيراني التي تعتمد على المنتجات المكررة، ونصّ على اتخاذ إجراءات ردٍ على المجموعات الأجنبية التي تستثمر في قطاع النفط الإيراني، أو تبيع النفط المكرر لإيران، وتشمل البنوك الأجنبية التي تتعامل مع البنوك الإيرانية المعنية بالحظر.

وقد شددت واشنطن عام 2011 عقوباتها على الأشخاص الذين يقدمون دعماً لتطوير القطاع النفطي الإيراني.  وأقر الكونغرس الأمريكي تشريعات تسمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على البنك المركزي الإيراني ومعاقبة بنوك الدول الثالثة إذا لم تخفض الدول المستوردة للنفط الإيراني هذه الواردات في غضون ستة أشهر. (مايو 2018، Atlantic Council)

فيما جمدت الولايات المتحدة أرصدة مؤسسات مالية أجنبية تقيم علاقات تجارية مع البنك المركزي الإيراني في ديسمبر 2012، وأعفت الولايات المتحدة 20 بلداً بينها 11 أوروبية من هذه العقوبات. (أكتوبر 2013، القدس)

إضافة إلى كوريا الجنوبية وتركيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويتم تعويض الدول من إنتاج نفط دول الخليج العربي ومن زيادة إنتاج النفط الأمريكي.

لكن شركات أوروبية وآسيوية تحدت هذا القرار، بحجة خضوعها لقوانين بلادها وليس قوانين الولايات المتحدة. لذلك استطاعت إيران تجاوز هذا القانون، قبل أن تطرح الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات الجديدة.

وتريثت الإدارة الأمريكية في تطبيق سلسلة عقوبات جديدة أقرها مجلس النواب الأمريكي عام 2013 على أمل إعطاء مجال للقيادة الإيرانية الجديدة لإبداء تعاون في أزمة ملفها النووي.

إذ كان الهدف من هذه العقوبات الجديدة شل الاقتصاد الإيراني بمنع طهران من حيازة سلاح نووي، عبر فرض قيود إضافية صارمة على قطاع النفط الإيراني، وعلى قطاعات اقتصادية أخرى بينها المناجم وصناعة السيارات، وتقليص واردات الدول من هذا النفط بمقدار مليون برميل يومياً على مدى عام مقبل، أي بصيغة أخرى تصفير الصادرات الإيرانية من النفط الخام.

إضافة لمنع تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة للمديرين التنفيذيين في الشركات التي تنتهك قوانين الحظر على إيران.

 

القسم الثاني: العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بعد الاتفاق النووي

 

رغم توقيع الاتفاق النووي، إلا أن جزءاً من العقوبات الأمريكية، استمر فترة حكم أوباما، قبل أن يعود ترامب إلى نقض الاتفاق، وإعادة فرض تلك العقوبات، بل وفرض عقوبات تعتبر أكثر شدة، تهدف إلى التضييق الاقتصادي الشديد على غيران والمتعاملين الاقتصاديين معها، وصولاً إلى إجبار النظام الإيراني على توقيع اتفاق نووي جديد، يلبي تطلعات إدارة ترامب.

أولاً-عقوبات عام 2016:

تأتي هذه العقوبات استمراراً للنهج السابق، رغم توقيع الاتفاق النووي، وهي آخر ما فرض في فترة رئاسة أوباما، حيث وبعد رفع العقوبات وإلغاء الحظر الذي منع التعامل مع الإيرانيين في قطاعات اقتصادية مختلفة بينها البنوك والتأمين والنفط والغاز والبتروكيماويات والنقل البحري والموانئ وتجارة الذهب والسيارات، عاد الكونغرس الأمريكي لإقرار تمديد قانون العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات وذلك بعد التصويت على مشروع قانون سيفرض عقوبات على النظام السوري ومؤيديه ومن بينهم إيران لارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. (يونيو 2019، نون بوست)

 

ثانياً-عقوبات عام 2017:

فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقوبات جديدة، ردًا على إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى.

وأقر مجلس النواب الأمريكي، الرقم 3364 من قانون الأمم المتحدة المناهض للعقوبات من خلال العقوبات، والذي يفرض عقوبات جديدة على إيران وكوريا الشمالية وروسيا.

وشملت العقوبات الذهب والمعادن الثمينة والمشتريات والاشتراكات أو تسهيلات الديون لإيران وشراء أو تخزين أو نقل الجرافيت المباشر أو غير المباشر أو المواد الخام أو المعادن شبه المكتملة، بما في ذلك الألومنيوم والحديد والفحم والبرمجيات لإدماج العمليات الصناعية، وشملت أيضًا صناعة السيارات وعقوبات على شراء وبيع الدولار الأمريكي من حكومة إيران. (يونيو 2019، نون بوست)

 

ثالثاً-عقوبات عام 2018:

في يناير 2018 أعلنت الإدارة الأميركية فرض عقوبات مالية على خمس شركات إيرانية بعد اتهامها بالمشاركة في برنامج صناعة الصواريخ البالستية الإيرانية.

وفي مايو 2018، أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وأعاد فرض عقوبات دخلت حيز التنفيذ في أغسطس ونوفمبر 2018، طالت صناعة النفط، وعقوبات مالية ومصرفية، وتجارية.

كما أعلنت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات مالية على خمس شركات إيرانية بعد اتهامها بالمشاركة في برنامج صناعة الصواريخ البالستية الإيرانية.

تبع قرار ترامب فرض واشنطن عقوبات جديدة على شخصيات وكيانات على صلة بإيران، واستهدفت العقوبات الجديدة وفق بيان لوزارة الخزانة الأميركية، ستة إيرانيين وثلاثة كيانات مقرها في إيران، منها سجن إيفين في طهران.

واستهدفت العقوبات التي أعلنتها الخزانة الأميركية جماعة أنصار حزب الله ومجموعة هانيستا للبرمجة لارتكابهما انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان نيابة عن الحكومة الإيرانية.

واستهدفت العقوبات التي أعلنتها الخزانة الأمريكية جماعة أنصار حزب الله ومجموعة هانيستا للبرمجة لارتكابهما انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان نيابة عن الحكومة الإيرانية. (يونيو 2019، نون بوست)

وفي يونيو دعا مسؤول أمريكي رفيع دول العالم والشركات للتوقف عن شراء النفط الإيراني بحلول الرابع من نوفمبر. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة ستعيد اعتبارًا من 6 أغسطس، فرض العقوبات التي تم تعليقها بسبب الاتفاق النووي الإيراني. (يونيو 2018، Daily Sabah)

وشملت المرحلة الأولى من العقوبات (أغسطس 2018):

-       حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولاسيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية.

-       حظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران.

-       حظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.

فيما شملت المرحلة الثانية من العقوبات (نوفمبر 2018):

-       فرض عقوبات ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن.

-        فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط.

-       فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية. (أغسطس 2018، روسيا اليوم)

وتشمل العقوبات الأمريكية، التي انطلقت في نوفمبر 2018، مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية وعلى رأسها قطاع النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الأساسي للعملات الصعبة التي تحتاجها إيران، إلى جانب:

-       مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأمريكي (الدولار).

-       تجارة إيران في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.

-       معادن الغرافيت والألمنيوم والحديد والفحم.

-       برامج كمبيوتر تستخدم في الصناعة.

-       التحويلات المالية بالريال الإيراني.

-       نشاطات تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني.

-       قطاع السيارات في إيران.

-       مشغلو الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن.

-       التحويلات المالية المتعلقة بالنفط الإيراني.

-       التحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني.

وتم ادراج أسماء أكثر من 700 فرد وكيان وسفن وطائرات على قائمة العقوبات، بما في ذلك البنوك الكبرى، ومصدري النفط وشركات الشحن. وبحسب قول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فإن أكثر من 100 شركة عالمية كبر انسحبت من إيران، بسبب العقوبات الأمريكية. (نوفمبر 2018، BBC)

 

رابعاً-عقوبات عام 2019:

بداية العقوبات الأمريكية هذا العام كانت في مارس، حيث فرضت عقوبات على 14 باحثا في الطاقة النووية الإيرانية، في تحذير للعلماء الشبان الإيرانيين من مغبة الاقتراب من هذا القطاع.

كما فرضت عقوبات جديدة، على 25 فردا ومؤسسة، تقول الولايات المتحدة إنهم شكلوا شبكة دولية للمساعدة في جمع ملايين الدولارات لتمويل عمليات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

وفي أبريل تم وضع الحرس الثوري الإيراني على اللائحة الأميركية السوداء "للمنظمات الإرهابية الأجنبية". كما وضع فيلق القدس كذلك على هذه اللائحة السوداء، وأضافت واشنطن ثمانية من قادة الحرس إلى لائحتها السوداء. (يونيو 2019، الحرة)

وفي مايو من هذا العام، وقع الرئيس الأميركي قرارا رئاسيا يقضي بفرض عقوبات إضافية على إيران تستهدف قطاع المعادن، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن أمله في لقاء القادة الإيرانيين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد معهم.

وبحسب نص القرار، فإن وزيري الخارجية والخزانة يقرران لائحة أسماء الذين سيخضعون لهذه العقوبات التي تشمل حجز الممتلكات الخاصة للفئات التالية:

-       الأشخاص الذين يعملون في قطاع الحديد والصلب والنحاس والألمنيوم الإيراني، أو يمتلكون أو على علاقة بمجالات متقاطعة في هذا القطاع.

-       الأشخاص الذين يشاركون يوم صدور هذا القرار أو بعده بعمليات شراء أو بيع أو نقل أو تسويق منتجات الحديد أو الحديد أو الألمنيوم أو منتجات الصلب أو الألمنيوم من إيران.

-       الأشخاص الذين يقدمون مساعدة ملموسة أو تمويلا ماديا أو تقنيا لأي شخص يخضع هو وممتلكاته للعقوبات الأميركية. (مايو 2019، الجزيرة نت)

وفي يونيو، ورداً على إسقاط إيران طائرة مسيرة أمريكية، فرضت الولايات المتحدة، عقوبات اقتصادية جديدة استهدفت بها علي خامنئي ومسؤولين إيرانيين كبار آخرين متطلعة إلى ضربة جديدة للاقتصاد الإيراني.

وأوضح ترامب أن "العقوبات المفروضة عبر الأمر التنفيذي... ستحرم الزعيم الأعلى ومكتبه والمقربين منه ومن مكتبه من الوصول إلى موارد مالية أساسية". (يونيو 2019، France 24)

حيث وصلت العقوبات الأمريكية على إيران إلى المرشد الأعلى خامنئي و8 قادة في الحرس الثوري الإيراني، منهم قائد سلاح البحرية وقائد القوة الجوفضائية وقائد القوة البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، كمرحلة ثانية لحزمة العقوبات الأمريكية على طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي 5+1.

وفي شهر يوليو الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران، شملت الصادرات النفطية الإيرانية وحظر شراء الدولار وحظر التعاملات بين المؤسسات المالية الأجنبية والمصرف المركزي الإيراني، وإدراج فيلق القدس والحرس الثوري على لائحة الإرهاب، وفرض عقوبات على 14 عالما في البرنامج النووي الإيراني. (سبتمبر 2019، الوطن البحرينية)

حيث أقرت واشنطن عقوبات جديدة على إيران استهدفت المرشد الأعلى وقادة في الحرس الثوري، وتستهدف العقوبات قطاعات النفط وقطاع البتروكيماويات والتعاملات المالية والحرس الثوري.

وأعلن وزير الخزانة الأمريكي أن واشنطن ستدرج وزير خارجية إيران على القائمة السوداء وستجمد مزيدا من الأصول الإيرانية بـ "مليارات الدولارات".

وإضافة إلى النفط الخام تستهدف العقوبات أيضا نوعا من النفط الخفيف، والقطاع الثاني المهم هو البتروكيماويات. ففي السابع من يونيو فرضت واشنطن عقوبات على شركة "الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية" الضخمة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

وهذه الشركة مع فروعها تمثل نحو 40 بالمئة من الانتاج البتروكيماوي الإيراني و50 بالمئة من صادرات هذا القطاع.

وتعتبر واشنطن أن هذه المجموعة تقدم دعما ماليا لمجموعة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري وتنشط في غالبية مشاريع البنى التحتية الضخمة الإيرانية.

وكانت واشنطن منعت في أغسطس 2018 الحكومة الإيرانية من شراء الدولار، ما أدى إلى صعوبات جمة بوجه السكان والشركات للحصول على الدولار. كما تم حظر التعاملات بين المؤسسات المالية الأجنبية والمصرف المركزي الإيراني وكامل المصارف الإيرانية، ولم يعد بإمكان هذه المصارف الوصول إلى النظام المالي العالمي.

كما سعت إدارة ترامب إلى منع المصارف الإيرانية من استخدام الشبكة المصرفية العالمية "سويفت" التي تمر عبرها كل التحويلات في العالم. كما حظرت واشنطن تبادل الذهب والمعادن الثمينة مع إيران.

وتستهدف العقوبات قطاعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس والفحم، أما قطاعا السيارات والطيران التجاري اللذان استفادا من فترة انفتاح مع رفع العقوبات إثر التوصل إلى الاتفاق النووي، فقد فرضت عليهما العقوبات، وتخلت غالبية شركات تصنيع السيارات الأوروبية عن استثماراتها في إيران. وفرضت أيضا عقوبات على بناء السفن والنقل البحري.

كما منعت الولايات المتحدة استيراد السجاد أو المواد الغذائية التي مصدرها إيران. (يونيو 2019، الحرة)

وفي أغسطس الفائت، قالت مسؤولة أمريكية إن الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على كل من يشتري النفط الإيراني أو يتعامل مع الحرس الثوري، مضيفة أن واشنطن لن تمنح مجددا أي إعفاءات تتعلق بمشتريات النفط الإيراني. (أغسطس 2019، رويترز)

ويبدو أن شهر سبتمبر الحالي، يشه تصعيداً أمريكياً جديداً، مع حديث عن إمكانية الوصول إلى حل مشترك مع إيران.

فقد خصصت الولايات المتحدة مكافأة مالية بقيمة 15 مليون دولار للحصول على معلومات بهدف تعطيل أنشطة الحرس الثوري الإيراني المالية. (سبتمبر 2019، الخليج أونلاين)

كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات واسعة شملت ستة عشر كيانا وعشرة أشخاص وإحدى عشرة سفينة وهو ما تزامن مع إعلان إيران تقليص التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق النووي ما لم تخفف واشنطن من ضغوطها.

وكانت الخزانة الأميركية قد حذرت من أن أي جهة في العالم تساعد في تزويد سفن إيرانية مدرجة على القائمة السوداء الأميركية بالوقود، تخاطر بإدراجها هي نفسها في تلك القائمة.

وكانت الوزارة قد أدرجت ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا 1، وهي محور مواجهة بين واشنطن وطهران، في القائمة في 30 أغسطس.

واستهدفت العقوبات الأميركية الموجهة ضد إيران شبكة نقل بحري موسعة يستخدمها الحرس الثوري الإيراني لبيع النفط، واستخدام عائداته في تمويل أنشطته المزعزعة للاستقرار حول العالم.

وتضم الشبكة ما لا يقل عن 16 كيانا و10 أفراد و11 سفينة. ويشرف كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني على تصدير النفط الإيراني منذ فترة طويلة، بطرق ملتوية، ويرسلونه إلى النظام السوري أو وكلائه في المنطقة، وفق بيان الخزانة الأميركية.

ففي ربيع عام 2019 وحده، استخدمت هذه الشبكة أكثر من 10 سفن لنقل ما يقرب من 10 ملايين برميل من النفط الخام. وهذه الشحنات مجتمعة درت عائدا يقدر بأكثر من نصف مليار دولار.

ويقود الشبكة المسؤول بالحرس الثوري الإيراني رستم قاسمي الذي استفاد من اتصالاته المحلية والدولية في صناعة الطاقة منذ توليه منصب وزير النفط الإيرانية في الفترة بين 2011-2013.

ويرأس أيضا لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية، يعتمد على مسؤولين موثوقين في الحرس الثوري الإيراني لإدارة الشبكة، بما في ذلك ابنه مرتضى قاسمي. وقد تم إدراج قاسمي في القائمة الجديدة وابنه مرتضى لدورهما في الشبكة نيابة عن الحرس الثوري الإيراني وقائده قاسم سليماني.

وسبق أن أدرج قاسمي في قائمة عقوبات سابقة في فبراير 2010 من خلال دوره كجنرال في الحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت. (سبتمبر 2019، الحرة)

وفُرضت العقوبات لتشمل مواطنين إيرانيين وإماراتيين وهنود ولبنانيين على صلة بشركات النقل والطاقة. كما تشمل قائمة العقوبات أسماء 6 ناقلات نفط على علاقة بالشركات المفروض ضدها عقوبات وإيران. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الشركات المستهدفة تشمل شركة هندية تملك حصة في الناقلة الإيرانية أدريان داريا التي تجوب مياه البحر المتوسط منذ أن أفرجت سلطات جبل طارق عنها في يوليو تموز. (سبتمبر 2019، XEBER 24)

وشملت العقوبات، وكالة الفضاء الإيرانية ومركز إيران للأبحاث الفضائية ومركز أبحاث للملاحة الفضائية، فيما وصفت إيران، العقوبات الأمريكية على وكالة الفضاء المدنية الإيرانية ومنظمتين للأبحاث، بزعم استخدامها في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، بأنها "غير مؤثرة". (سبتمبر 2019، سبوتنيك)

في هذه الأثناء، أكدت واشنطن على أن العقوبات الاقتصادية لا تتضمن الأدوية. إلا أن هذه العقوبات تجعل العديد من المصارف والشركات مترددة بالتعامل مع إيران خوفاً من تدابير عقابية أميركية.

 

خامساً-الموقف الدولي من العقوبات الأمريكية الجديدة:

اعترضت كل من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا على العقوبات، وتعهدت بدعم الشركات الأوربية التي لديها علاقات تجارية مع إيران، وأسست آلية بديلة لدفع الأموال، لتساعد تلك الشركات على التجارة، دون مواجهة العقوبات.

فقد أعلن الأوروبيون عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارتهم مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية، وتهدف هذه المبادرة إلى إنقاذ الاتفاق النووي، وفي إعلان تلته بالاشتراك مع وزير الخارجية الإيراني ، قالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديركا موغيريني، في أغسطس 2018: "عمليا، ستنشئ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كياناً قانونياً لتسهيل المعاملات المالية المشروعة مع إيران"، وأضافت أن "هذا النظام سيتيح للشركات الأوروبية مواصلة التجارة مع إيران وفقا للقانون الأوروبي، ومن الممكن أن ينضم إليه شركاء آخرون في العالم". (أغسطس 2018، ميدل إيست أونلاين)

فيما عبر الاتحاد الأوروبي عام 2018، عن أسفه الشديد لإعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران وقال إنه والأطراف الأخرى الموقّعة على الاتفاق النووي سيعملون على إبقاء القنوات المالية مفتوحة معها. وقال جهاز العمل الخارجي في الاتحاد في بيان "الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي التزمت بالعمل، ضمن أشياء أخرى، على الحفاظ على قنوات مالية فعالة مع إيران واستمرار تصدير إيران للنفط والغاز".

بدورها، أكّدت روسيا والصين رفضهما العقوبات الأميركية الأحادية الجانب المفروضة على إيران، ودعتا جميع الأطراف إلى الالتزام بالاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015. كذلك دعا الجانبان إيران إلى "الامتناع عن خطوات لاحقة متعلقة بالتخلي عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي"، وبقية أطراف الاتفاق إلى "الالتزام بتعهداتهم".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين: "نعتبر أن هذه العقوبات غير قانونية. هذا كلّ ما يمكننا قوله"، في وقت تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. (يونيو 2019، عرب 48)

كما انتقدت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة الولايات المتحدة، إعادة فرض العقوبات على إيران، وأمرت واشنطن برفع الإجراءات التقييدية المرتبطة بالتجارة الإنسانية والغذاء والدواء والطيران المدني.

بدوهر، رد بومبيو بأن حكومة طهران "حاولت التدخل في الحقوق السيادية للولايات المتحدة في اتخاذ إجراء قانوني ضروري لحماية أمننا القومي". وأن "إيران تنتهك محكمة العدل الدولية لأغراض سياسية ودعاية".

في المقابل، قالت إيران إن الولايات المتحدة قد انتهكت شروط الاتفاقية النووية، التي أيدها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال سحب نفسها من جانب واحد من هذا الاتفاق، وقد تحققت الوكالة الدولية للطاقة الذرية 12 مرة من أن إيران قد التزمت بشروط ذلك الاتفاق.

وقال محامو إيران في جلسة المحكمة في أغسطس 2018، إن العقوبات الأمريكية كانت إجراءات شاملة لخنق الاقتصاد الإيراني، وأثرت في المواطنين العاديين في جميع جوانب حياتهم.

غير أن حكم المحكمة وصف بأنه "تدبير مؤقت" قبل صدور حكم نهائي قد يستغرق سنوات ليتم إصداره، وقد صدر بالإجماع، وهو حكم ملزم لا يمكن الطعن فيه، ولكن محكمة العدل الدولية لا تملك وسائل لإنفاذه، بينما تجادل واشنطن بأن القضية هي مسألة أمن قومي للولايات المتحدة. (أكتوبر 2018، The Guardian)

 

د. عبد القادر نعناع

باحث وأكاديمي سوري