التكية السياسية 7: أدوات المقارنة

 

 


 

أدوات المقارنة:

تعتبر المقارنة لدى بعض المدارس منهاجاً بحثياً بحد ذاته، في حين تراها مدارس أخرى أداة بحثية ضمن منهج أكبر. ويمكن تحديد بعض أساسات المقارنة التي يمكن للباحث الشاب، الاستفادة منها، وهي:

(1) الشكل الأول: مقارنة متغيرات بيئة ما بذاتها، أي المقارنة عبر الزمان. مثال ذلك: مقارنة أداء الاقتصاد السوري في فترة (2000-2010)، مع أداء الاقتصاد السوري في فترة (2011-2020).

(2) الشكل الثاني: مقارنة متغيرات بيئتين أو أكثر في زمان واحد. مثال ذلك، مقارنة مؤشرات الاقتصاد السوري والعراقي في هذا العام أو في نفس الفترة الزمنية. فلا يجوز مثلاً أن نقارن الاقتصاد السوري لعام 2020، بالاقتصاد العراقي لعام 1950.

(3) الشكل الثالث: المقارنة بين متغيرات بيئتين أو أكثر، في أزمنة متعددة. وهو نموذج مركب من النموذجين السابقين. حيث يتم تقسم كل بيئة إلى فترات زمنية، ومقارنة كل فترة بنظيرتها في البيئة الأخرى. ومثال ذلك: مقارنة عدد السكان في سورية عام 1950 بعدد السكان في مصر والعراق في نفس السنة، ثم مقارنة عدد سكان سورية عام 2020 لنفس الدول.

(4) المقارنة تكون كمية أو غير كمية، فكما رأينا أن هناك مقارنة للاقتصاد وعدد السكان، وهي متغيرات قابلة للحساب كمياً، إلا أن هناك متغيرات قابلة للمقارنة وغير قابلة للحساب كمياً من مثيل ثقل الدولة دولياً ومستوى السيادة. وعند المقارنة غير الكمية: نطبق الأفكار الأساسية ذاتها، فمثلاً المقارنة بين روسيا والولايات المتحدة، نتحدث في كلا الطرفين مثلاً عن شكل نظام الحكم، وتأثير المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ودور الفرد، في نفس الفترة الزمنية.

(5) الباحثون المتمكنون سياسياً، ولديهم مهارات رياضية، لديهم القدرة على بناء نماذج كمية للمتغيرات غير القابلة للحساب. ولا ننصح الباحثين الشباب بالانشغال بذلك قبل أن يكونوا متمكنين تماماً.

(6) عندما تتم المقارنة، يجب أن تتم بذات الأدوات في شقي المقارنة. بمعنى: أننا حين نتناول الاقتصاد، نتحدث عن مستوى دخل الفرد، ومستوى الناتج المحلي، ومستوى التضخم، ومستوى الدين الخارجي، ومستوى الاستثمارات الأجنبية في الدولة، وسواها، وذلك في كل شق من معادلة المقارنة. ولا يجوز أن نستخدم متغيراً في طرف ولا نستخدمه في طرف آخر.

(7) كلما استخدمنا متغيرات أكثر (5-10 متغيرات مناسبة للباحثين الشباب)، كلما كانت المقارنة أوضح، وكلما كانت النتائج أكثر دقة. أما المقارنة التي تعتمد على متغير واحد (كثير من المقالات والبحوث تشتغل هكذا)، فإنها مقارنة لا جدوى منها، وتقود إلى نتائج مشوهة. وترتبط بأهداف تعبوية تشوه الصورة الحقيقية. فعندما نقول إن دخل الفرد في سورية قد زاد من 10 آلاف ليرة عام 2010 إلى 50 ألف ليرة، فهذا تشويه للحقيقة، وتغافل عن تدهور القيمة الشرائية للعملة وارتفاع مستوى التضخم.

(8) في المقارنة الكمية (استخدام الأرقام)، غالباً ما نقول إن الأرقام لا تكذب، إذاً المشكلة في اختيار مصدر موثوق للأرقام من جهة، ومنهج مقارنة دقيق من جهة ثانية، وحيادية وموضوعية في الوصول إلى النتائج من جهة ثالثة.

(9) في حال توفر بيانات لأحد المتغيرات وعدم توفرها لمتغير آخر، لا نعتمد عليها، ويمكن ذكرها بشكل منفصل وليس ضمن المقارنة. مثال ذلك: توفر بيانات قيمة العملة عام 2020، وعدم توفرها عام 1950، هنا تسقط المقارنة، ولكن يمكن الحديث عن قيمة العملة اليوم خارج المقارنة.

(10) ننصح الباحثين الشباب، تعمل أساسيات برنامج Excel فهي تساعد على بناء مخططات بيانية، تفيد كثيراً في إيصال الفكرة.