أثر قانون قيصر في الإمارات والسعودية وإيران والنظام



بداية، موضوع تحالف العزم، هو تحالف خليجي يخص اليمن وحدها، في حين أن هناك تنسيقاً سعودياً-إماراتياً في ملفات إقليمية، وهناك اختلافات في ملفات أخرى، فمصالح البلدين ليست متطابقة، وتحديداً في الملف السوري. فالسعودية تحاول الحفاظ على شيء من موقفها المبدئي الداعي لإحداث تغيير سياسي في سورية، بهدف إنهاء الحرب، لكن بالطبع تغيرت تطلعات السعودية بعد تعقيد المشهد السوري، وخصوصاً بعد وجود دور تركي فاعل، لذا، يمكن أن نقول إن السعودية تتوافق جزئياً مع الإمارات في سورية لناحية إبعاد تركيا قدر الإمكان، وتختلف معها في موضوع دعم النظام على شاكلته القائمة حالياً.
بالنسبة للإمارات، فقد حاولت الخروج عن النسق العربي المتفق حوله في تجميد/قطع العلاقات مع نظام الأسد، وتوفير حد أدنى من الدعم، على أمل الحصول مبكراً على منافع في السوق السورية من جهة، وفي محاولة لدعم النظام وروسيا في مواجهة تركيا من جهة ثانية، لكن ذلك لا يعني قدرة إماراتية على تحدي قانون أمريكي، وخصوصاً في حال كان هناك تطبيق حقيقي للقانون.
أي بصيغة أخرى، ربما تحاول الإمارات في المرحلة المقبلة إحداث بعض الخروقات في القانون بشكل غير مباشر، على سبيل اختبار القانون، ووفق النتيجة حينها ستقرر موقفها من القانون. وعموماً، ومن خلال تجربة العقوبات الأمريكية "عقوبات ترامب" على إيران، فإن الإمارات لم تستطع أن تستمر في منهج الخروقات الجانبية، واضطرت مجبرة على الالتزام بالعقوبات، تحت ضغط/تهديد أمريكي.
أما موضوع السفارة، فالقانون لا يطاله إلا في حال ارتكبت تلك السفارات خروقات للقانون، وهنا تأتي وظيفة المنظمات السورية المعنية بالأمر، في رصد الخروقات وتوفير الأدلة وتقديمها للولايات المتحدة، في حال وقوع أية خروقات للقانون.
ثانياً، النظام مستمر رغم عشرية سوداء من الحرب على الشعب السوري، وذلك بتوافق دولي، أي ليس بدافع قوة ذاتي، وبالتالي فإن قانون قيصر يطال المنتفعين من دعم النظام (روسيا وإيران)، ويدفعهم إلى إعادة ترتيب أولوياتهم (حساب المكاسب والخسائر) والتي نأمل أن تكون في صالح التوافق على صيغة حل سياسي، على الأقل من جانب الروس.
فيما لا نتوقع تغييراً حقيقياً في سلوك إيران الإقليمي، إلا ضمن تسوية شاملة مع الولايات المتحدة، ويبدو إلى الآن، أن النظام الإيراني مغلق على التفاوض والتنازل، وذاهب إلى مزيد من التأزم الداخلي والخارجي، وهذا بدوره سيؤثر بشكل متصاعد في قدرته على دعم عملياته وحلفائه وميليشياته في المنطقة.
يبقى قانون قيصر غير ملزم أممياً، كما في صيغة القرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، فهو عقوبات أحادية (مفروضة من طرف واحد)، بمعنى أن أولئك الذين يقدمون دعماً/استثماراً للنظام، مُخيّرون بين مكاسبهم في سورية، أو مكاسبهم مع الشركات والحكومة الأمريكية على امتداد العالم.

د. عبد القادر نعناع
باحث وأكاديمي سوري
راديو روزنة