في الأصل، لا يوجد كهنوتٌ في الإسلام، فعلوم الدين مجالٌ مفتوحٌ للكل،
ووظيفة عالم الدين هي توضيح وشرح هذه العلوم، لا الوساطة (الحق الإلهي غير
المباشر). لكن حين يتحوّل علماء الدين إلى رجال دينٍ فإنهم يغلقون تلك العلوم
ويجعلون فهمها حصراً عليهم (مجال مغلق)، وهم بذلك يتحوّلون إلى كهنوت، وخطورة هذا
الكهنوت في تحالفاته السياسية التي تبرّر للطغيان والاستبداد كل جرائمه باسم
الدين، وتُقنع العامة -باعتبارهم الأوصياء الحصريين على الدين- بأنّ الخضوع للظلم
والطغيان والمفاسد أمرٌ إلهي لحكمةٍ مخفيّة.
ما يقوم به مشيخات الإسلام (العربي وغير العربي)، التي تحوّلت إلى كهنوت
وفق ما سبق، من تبرير الخضوع للأنظمة المستبدة، وحالياً تبرير الاندفاع نحو
إسرائيل، إنّما هو في ذات السياق الكهنوتي.
والردّ واضحٌ من خلال جملة آياتٍ قرآنية، ليس أمامهم سوى خلق تفاسير جديدةٍ
لها، أو نسخها على مزاجاتهم (إبطال مفعولها وصلاحيتها)، ومن أبرز تلك الآيات:
.......
﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن
تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الممتحنة، 9)
﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة، 82)
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ
أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (المائدة، 51)
﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة، 120)
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم
مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ﴾ (المجادلة، 14)
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ
أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ (الممتحنة، 13)
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا
دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ
وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (المائدة، 57)
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم
مِّنَ الْحَقِّ﴾ (الممتحنة، 1)
﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ
إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ
إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ
عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران، 75)
﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ
الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ
يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾ (البقرة، 105)